الرسالة فن من فنون الكتابة الأصيلة عبر الأجيال والعصور تناولنه الأقلام من سائر الأمم والشعوب ولاتزال حتى الأن الوسيلة الوثيقة الصلة التى تربط ما بين الأفراد والأقارب والأصدقاء ، وحتى الأعداء ، تعبر عن آرأئهم تجاه بعضهم بعضا ، وتفصح عن مكنونات صدور كل منهم . هنا أتذكر كيف كنا نجلس ممسكين بالقلم لنكتب للوالدين - للاخ - للصديق - للمعلم ... كلا له عبارات خاصة ننتقيها لتعبر عن مشاعرنا لمن نكتب - كنا نتفنن في اختيار الكلمات والعبارات التى تعبر عما في قلوبنا وبمحبة صادقة - لم نكن ونحن صغار وفي مراحل تعليمنا خاصة المتوسط والثانوى قد عشنا هذا التطور الرهيب في وسائل الأتصالات التى أصبحت تجمعنا بمن نحب في نفس اللحظة وتقرب المسافات بين الأحبة ... أتذكر كيف كنا ننتظر رجل البريد بفارغ الصبر لعله يحمل إلينا رسالة من قريب او صديق او حبيب - ننتظر ان يطل علينا من خلال سطور رسالته تبرد نار الشوق بقلوبنا .
لقد كانت الرسالة لها صدى عميق في نفوسنا وتكون أشد لصوقا بقلب الأنسان لما تزخر به من مشاعر وجدانية وعواطف صادقة طالما صب فيها كاتبها عصارة أفكاره وهو يتوجه فيما يكتب إلى حبيب أو قريب أو يستحضر فيها صورة غائب عزيز على قلبه أثير على نفسه ، أو ينعى فيها فقيدا أو يرثى صديقا .
ونحن إذا مانظرنا إلى فن الرسالة بأدبنا العربى وجدناه يتفاوت تفاوتا كبيرا بين التحليقات الرائعة والأسفاف السخيف واحيانا يبلغ وللأسف حد الأنحلال ... ومع التطور الرهيب الذى نعيشه أصابنا ( الكسل) حيث أصبحنا نكتب بالنظام البرقي - كل شيء أصبح في حياتنا سريع .. والله رائعة أيام زمان . رائعة باهلها العظام .. رائعة ببركتها .. بصدقها .. بوفائها ..... بالأحترام الذى فقدناه !! فهل نعيد لأيام زمان وللزمن الجميل وضعها الطبيعي ورونقها البديع؟