السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بسم الله الرحمن الرحيم

فتح القسطنطينية:-

من جمادى الأولى 857هـ (20)
محمد الفاتح
انتظر المسلمون أكثر من ثمانية قرون حتىتحققت البشارة النبوية بفتح القسطنطينية، وكان حلمًا غاليا وأملا عزيزا راود القادةوالفاتحين لم يُخب جذوته مر الأيام وكر السنين، وظل هدفا مشبوبا يثير في النفوسرغبة عارمة في تحقيقه حتى يكون صاحب الفتح هو محل ثناء النبي (صلى الله عليه وسلم) في قوله: "لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلكالجيش".

محمد الفاتح

ولد السلطان محمد الفاتح في (27 من رجب 835 هـ= 30 من مارس 1432م)، ونشأ في كنف أبيه السلطان مراد الثاني سابع سلاطين الدولةالعثمانية، الذي تعهده بالرعاية والتعليم؛ ليكون جديرا بالسلطنة والنهوض بتبعاتها؛فحفظ القرآن وقرأ الحديث وتعلم الفقه ودرس الرياضيات والفلك، وأتقن فنون الحربوالقتال، وأجاد العربية والفارسية واللاتينية واليونانية، واشترك في الحروبوالغزوات، وبعد وفاة أبيه في 5 من المحرم 855هـ = 7 من فبراير 1451م تولى الفاتحالسلطنة فتى في الثانية والعشرين من عمره وافر العزم شديد الطموح.

بناءقلعة رومللي حصار

قلعة رومللي حصار

كان السلطان بايزيد الأول قدأنشأ على ضفة البوسفور الآسيوية في أثناء حصاره للقسطنطينية حصنا تجاه أسوارها عُرفباسم قلعة الأناضول، وكانت تقوم على أضيق نقطة من مضيق البوسفور، وعزم محمد الفاتحأن يبني قلعة على الجانب الأوروبي من البوسفور في مواجهة الأسوار القسطنطينية، وقدجلب لها مواد البناء وآلاف العمال، واشترك هو بنفسه مع رجال دولته في أعمال البناء،وهو ما ألهب القلوب وأشعل الحمية في النفوس، وبدأ البناء في الارتفاع شامخ الرأس فيالوقت الذي كان فيه الإمبراطور قسطنطين لا يملك وقف هذا البناء، واكتفى بالنظر حزناوهو يرى أن الخطر الداهم سيحدق به دون أن يملك مندفعه شيئا.

ولم تمض ثلاثةشهور حتى تم بناء القلعة على هيئة مثلث سميك الجدران، في كل زاوية منها برج ضخممغطى بالرصاص، وأمر السلطان بأن ينصب على الشاطئ مجانيق ومدافع ضخمة، وأن تصوبأفواهها إلى الشاطئ، لكي تمنع السفن الرومية والأوروبية من المرور في بوغازالبوسفور، وقد عرفت هذه القلعة باسم "رومللي حصار"، أي قلعةالروم.

بوادر الحرب

توسل الإمبراطور قسطنطين إلى محمد الفاتحبالعدول عن إتمام القلعة التي تشكل خطرًا عليه، لكنه أبي ومضى في بنائه، وبدأالبيزنطيون يحاولون هدم القلعة والإغارة على عمال البناء، وتطورت الأحداث فيمناوشات، ثم لم يلبث أن أعلن السلطان العثماني الحرب رسميا على الدولة البيزنطية،وما كان من الإمبراطور الرومي إلا أن أغلق أبواب مدينته الحصينة، واعتقل جميعالعثمانيين الموجودين داخل المدينة، وبعث إلى السلطان محمد رسالة يخبره أنه سيدافععن المدينة لآخر قطرة من دمه.