-
وسائل لإنعاش المسؤولية الفردية
الصلاة في أول وقتها ، بل و الاستعداد قبلها مهما كان حجم المشاغل التي نلقاها و التي تتزاحم بصورة عجيبة في هذا التوقيت من أكثر ما يعين على الانضباط و التزام المسؤولية الفردية .
التأمل العميق في المعاني التي تجول بالقلب و ترد على الذهن عند ترديد سيد الاستغفار صباحاًُ و مساءاً ثلاث مرات ، حيث الاعتراف المطلق و الذي هو سيد الأدلة ! و هو طلب المغفرة بصورة فردية ، لا تنصل و لا مواربة ، و كلما كانت النفس اكثر رشاقة ! و أخف وزناً من الذنوب ، كلما كانت أسرع حركة ، و أعلى قدرة على الإنتاج لهذه الحياة ، ولعل إرادة الله تعالى لنا بتشرب هذا المعنى تتجلى في بسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل و بسطها بالليل ليتوب مسيء النهار ، و كم في هذا من إنعاش للمسؤولية الفردية .
عدم الوقوف طويلاً عند الأسباب و التي قد تنأى بالمرء بعيداً عن دائرة الحساب و التقييم المعتدل للذات حيث يسهُل إلقاء العبء على الآخرين ،
( هم السبب ، هم من قصر ، لم يفهمني أحد ...الخ ) ،
و الانتقال إلى ما يُراد تحقيقه من نتائج ، و لعل هذا ما فعله الحبيب صلى الله عليه و سلم مع من أستأذنه في الزنا ، فلم يتوقف طويلاً عند الأسباب التي أدت به إلى هذه المرحلة ، هل شاهد صور مثيرة ، هل له صحبة سيئة ، لماذا لم يتزوج ، ...الخ ، و إنما شرع مباشرة بإدارة حوار عقلي بعيداً عن الموعظة و التخويف - فكل شخصية لها ما يناسبها - ليصل إلى النتيجة التي يريد تحقيقها باستقرار العفة و الطهر كقيم يلتزمها هو و المجتمع كله .
( أصلح نفسي و أدعو غيري ) ، فالمسؤولية الفردية تبدأ من إصلاح النفس نعم ، و لكن لا بد من توازي ذلك مع دعوة الغير و التي هي صمام الأمان لاستمرارية إصلاح النفس ،
لا بد من ارتفاع البناء رأسياًَ ، مع تفقد الأساس ، و تعهد كليهما بالرعاية و المتابعة .
و عليه ، فإنكار المنكر بضوابطه الشرعية هو عين ، و اكثر ما ينعش المسؤولية الفردية ، و يجدد الأمل في نفس من لا يجد فكاكاً من معصية يقارفها ، فلعل حياؤه أن يستيقظ و هو ينكر على آخر ما يرتكبه هو ، حيث لا تعفيه الشريعة مما تَوَجب في حقه من
أن يأتمر و ينتهي لما جاء في الكتاب و السنة .
أن يأمر و ينهى على وفق قاعدة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، فالأمر بالتغيير في الحديث ( من رأى منكم منكراً ...) ، لم يرد فيه إذا كان فاعلاً للمنكر أم لا ،
فإن لم يقم بالواجب الأول عليه ، فإن ذمته منشغلة بتحقيق الواجب الثاني ، فهما أمران في ذمته لا بد أن يوقعهما ، فلا يتأخر الثاني بتأخر الأول ، بل الواجب عليه أن يأتي بالاثنين ، و يبقى قوله تعالى ( ياأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ) تثريب و عتاب من المولى سبحانه و تعالى يؤرق المؤمن و يحضه دوماً على السعي و بذل الجهد نحو استواء الظاهر و الباطن .
فقه الاستعصاء على الذوبان و عدم فقد التميز و الخصوصية من أكثر ما يدعم المسؤولية الفردية و يثبتها عند الانخراط في العمل الجماعي من دون الاصطدام و التغريد خارج السرب لإثباتها و الإعلان عنها ، بل التكامل و التناغم و الاحتواء .
الاستماع لأراء الآخرين ينعش الإحساس بالمسؤولية الفردية ، ولكن المبالغة في الإنصات قد تشوش عليها .
الحرص على المشاركة في ما يُطرح من تصويت على المواقع الألكترونية و البرامج ، و الانتخابات .
إذا تكاسل أحد أولادك عن القيام بواجباته المدرسية ، فلا تتطوع أنت ، إشفاقاً عليه ، بحلها أو الذهاب للمعلم للاعتذار عنه ، و دعه يواجه اختياراته ، و كن اكثر إشفاقاُ على أمتك !
لا اعتماد للمسؤولية الفردية من دون اعتبار للأحصائيات و احترام للغة الأرقام و التي تُرشد و تحد من الاندفاع العاطفي عند معالجة الأزمات التي تواجهنا ، فعندما يتضمن آخر تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية بتاريخ 24-2-2006 أن عدد الوفيات التي نتجت عن أنفلونزا الطيور منذ عام 1997 إلى عام 2006 هي مائة حالة على مستوى العالم كله ، بحسب ما صرح د. حسام وافي أستاذ طب الحالات الحرجة بمستشفى القصر العيني بالقاهرة لقناة ال mbc ، ثم يتم التعامل مع هذه الثروة الداجنة بالقتل و الحرق و إشاعة الرعب و الفزع بين الناس و الذي كان يجب أن يتبلور في شكل حذر و إتباع لمنهجية علمية مدروسة من قبل الحكومات و الأطباء ، فأين الإحساس بالمسؤولية الفردية و آلاف من الأيدي العاملة تًشرد و بيوت تًغلق و مليارات تًهدر ؟
و في سياق مشابه ، نلمح ممن امتلأت قلوبهم غيرة على هذا الدين و حباً لكل عملٍ يساهم في نشر الخير و حرصاً على إنجاحه ، قلقاً حول غلبة المقالات التي تتحدث عن الحب و العواطف و تؤجج المشاعر في منتدى إبداعاتكم ، بدلاً من معالجة قضايانا التربوية و الإصلاحية و الاجتماعية .
و عودة للغة الأرقام و التي لا تجامل أحداً
نجد في الصفحات العشر الأول إلى ليلة أمس 3-2-1427
الصفحة الأولى ثماني مقالات مثبتة ، منها ثلاث تربوية و أخلاقية ، و هي ( منكم – الزهد – الطباع و الاتباع ) .
مقالة اجتماعية ( اِمرأة صغيرة ) ، مقال عن الإبداع ( متى يحصل الإبداع عند الإنسان ) ، مقالة و قصيدة عن الجهاد و أحوال الأمة ( الجهاد بين الواقع و التاريخ – الدمع يُسقى بالدمع ) .
و أخيراً ( ذرات ضوء في الإيجابية ) و سنفترض أنها رومانسية مائة بالمائة و هذا غير صحيح ، فتكون نسبة المقالات التي تتحدث عن الحب ...الخ في المقالات المثبتة 0.1% .
كل صفحة تحتوي على عشرين مقال
الأولى : ( دعونا نتزوج ) و من المفترض أن تصنف كمقالة اجتماعية ، فليس فيها ما يؤجج المشاعر و ما شابه ذلك ، و لكن لا بأس ، و تكون النسبة لباقي المواضيع المطروحة 0.05% .
الثانية : ( إليك مع التحية ) ، 0.05% .
الثالثة : ( لقاء و لكن من نوع آخر _ قحط المشاعر – استشارة – زوجي لا توصد الأبواب بوجهي – حتى يتجدد الحب ) ، 0.25% .
الرابعة : ( الشبكة و غزل الأشباح ) 0.05% .
الخامسة : ( هذيان – و عاد شهريار ) 0.1% .
السادسة : ( إنني أعيش الحب و أتنفس هواه ) 0.05% .
السابعة : لا يوجد
الثامنة : ( قتلوا حبي) 0.05% . .
التاسعة : ( من أنت أيها الغريب ) 0.05% .
العاشرة : ( طعم الحب ) 0.05% .
فتكون عدد المقالات التي أثارت القلق في العشر صفحات الأول 15 مقال من 208 مقال أي بنسبة 0.07% ، و هذا على سبيل المثال لا الحصر و إلا فالمنتدى شارف على مائة صفحة .
فأيهما أكثر إنعاشاً للمسؤولية الفردية و الدقة و الإتقان و أداء الأمانة
اعتماد لغة الأرقام و الاهتمام بمراكز البحث و الاستطلاع و الإحصائيات عند مناقشة قضايا الأمة عموماً حتى لا نقع بين طرفي نقيض ، بين تهويل و تهوين ،
أم نؤثر الراحة و ( يبدو – يغلب – يظهر ...الخ ) ؟
http://muntada.islamtoday.net/t4534.html
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى