( غياب القدوة )

الكل قادر على أن يقف وينتقد ويتحدث في المثل والمبادئ والقيم والأخلاق ويتكلم في الواجب والمفروض والصح والخطأ , الكل يملك ثقافة عالية من الحجة والاقناع لايصال وجهة نظره إلى الطرف الآخر وخاصة الطلاب , ولكن ليس الكل قادر على تكون أفعاله كأقواله , ما يواجهه الطلاب والطالبات هو غياب القدوة الحقيقية في المدارس , سواء في بعض الإدارات التي تنادي بالضبط والالتزام واحترام القوانين وتعاقب الطلاب عن المخالفة ليرى الطالب بنفسه كيف تتجاوز عن بعض المخالفين لها فقط لأنها لا تستطيع أن تطبق قوانينها على الكل , ولا تطبقها على نفسها , فحين تجد الطالبة من يلزمها بالحجاب المدرسي وقص الأضافر واحترام المعلم والتأدب في الحديث لتجد نفس المعلمة أو المديرة أو الإدارة التي عاقبتها لا تمثل ما قالت , وتفعل ما نهت عنه ولا تلتزم الحجاب وأضافرها طويلة ( ألا تضيع هنا القدوة )
إن غياب القدوات في المدارس وعدم وجودها أدى إلى أن يبحث الطالب عن القدوة بمفرده خاصة إذا فقد هذا الطالب القدوة حتى البيت , يبحث عنها في زميله أو الفنانين والمطربين والأجانب ,وأن يتخبط في عشوائية , أصبح المعلم آلة تسجيل تشغل لتبث درس مادتها بعيدا عن المشاعر , أو مخاطبة العقول والحوار , في زمن الإنترنت والفضائيات أصبح الطالب أكثر اطلاعا لكنه أكثر بعدا عن قيمه ومبادئه وأخلاقياته , وأصبح المعلم والإداري أكثر مادية ومطحونا من أعباء الحياة , فلم يعد يعبأ بأن يغرس القيم ولا يبالي بأن يعيش التناقضات , وأصبحت الحجج واهية بأن المعلم ليس مسئولا عن أن يربي من يربه أهله أو أن يمثل قدوة فقط عليه أن يلقي مادته ويصحح الإمتحان ويرصد الدرجات , وأصبح المدير جالسا في صومعته الإدارية يصدر القوانين ويكتب التعاميم للمعلمين ويطالبهم بالإلتزام دون أن يلتزم هو , إننا نعيش ضياع القدوة مع طلابنا الذين يرون منا كل سكناتنا ويسمعون لأقوالنا وكلماتنا , يريدون الإنتقاد لكننا نقمعهم بإنقاصهم الدرجات ,
غابت الإمانة وضُيع الإخلاص وفقدت القدوة فكيف سيكون حال الجيل القادم , جيل مغيب عن نفسه وعن وطنه , يعيش النقيض , والكذب وتغييب العقل والفكر مهمش تافه باحثا عن أسهل الطرق للوصول , باحثا عن ملذاته وشهواته محبا لإختراق القوانين وتجاوزها , ,