[ علم العروض ]

( المقدمة )

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إني أحمدك حمد الشاكرين ، و أشكرك شكر الحامدين ، و أصلي و أسلم على خير خلقك ، و حامل هديك ، و قبس نورك ، محمد بن عبد الله و آله و صحبه ، و من سلك نهجه و سار على دربه .
اللغة العربية التي تميزت باسم ( لغة الضاد ) احتوت على الكثير من العلوم و البحور و الأفرع ، و إن تغلغلنا عبر كل علم نجد مكانة هذه اللغة و أهميتها بالإضافة إلى روعتها و رقيها و تميزها عن بقية لغات العالم ، فقد كُتب القرآن بلغتنا ، و نشر الإسلام بلغتنا ، و يكفينا أننا عرب و نتتلمذ أصول هذه اللغة الرائعة .
كما ذكرت أن علوم اللغة العربية كثيرة ، منها علم البلاغة ، علم العروض ، علم الصرف ، علم مفردات اللغة العربية ، علم الإنشاء ، علم الشعر ، و علم النحو .
اخترت علم العروض لأكتب عنه في تقريري ، سأذكر نبذة عن علم العروض و عن مُنشئه ، حاجتنا إلى علم العروض ، الصلة بين العروض و الموسيقى ، أساس الكتابة العروضية ، أوزان الشعر الفارسي وعلاقتها بالشعر العربي ، و بحور الشعر .
و عسى أن يجد القارئ في هذا الجهد البسيط و المتواضع عوناً له على إدراك الشيء القليل من علم العروض .

( الموضوع )

العروض هو علم يُبحث فيه عن أحوال الأوزان المعتبرة ، أو هو ميزان الشعر به يعرف مكسوره عن موزونه ، ويُرجع رجال التراجم الفضل في نشأة علم العروض إلى الخليل بن أحمد ، و هو أحد أئمة اللغة و الأدب في القرن الثاني الهجري ، و ذكر ابن خلكان أن الخليل كان إماما في علم النحو ، و أنه هو الذي استنبط علم العروض و أخرجه إلى الوجود و حصره في خمسة عشر بحراً ، ثم زاد الأخفش بحراً واحد فأصبح بذلك عدد بحور الشعر ستة عشر بحرا . و يحدثنا ياقوت أن الخليل بن أحمد هو أول من استخرج العروض و حصر أشعار العرب و أن معرفته بالإيقاع هي التي أحدثت له علم العروض . و الرواة مختلفون بشأن الباعث الذي دعا الخليل إلى التفكير في علم العروض فبعضهم يقول أن الخليل دعا بمكة أن يرزقه الله علما لم يسبقه إليه أحد و لا يؤخذ إلا عنه ، فرجع من حجه ، ففتح عليه بعلم العروض .
قد يستطيع الشاعر الموهوب بما له من أذن موسيقية و حس مرهف أن يقول الشعر دون علم بالعروض ، و لكنه مع ذلك يظل بحاجة إلى دراسة علم العروض ، فأذن الشاعر الموسيقية مهما كانت درجة رهافتها قد تخذل صاحبها في التمييز بين الأوزان المتقاربة أو بين قافية سليمة و أخرى معيبة ، و جهل الشاعر الموهوب بأوزان الشعر و بحوره المختلفة قد يحصر شعره في بعض أوزان خاصة ، وبذلك يحرم نفسه من العزف على أوتار شتى تجعل شعره منوع الأنغام و الألحان ، و هنا تتجلى أهمية دراسة الشاعر للعروض و معروفة أصوله .
هناك صلة تجمع بين العروض و الموسيقى ، و هذه الصلة تتمثل في الجانب الصوتي ، فالموسيقى تقوم على تقسيم الجمل إلى مقاطع صوتية أو وحدات صوتية ، وكذلك العروض فالبيت من الشعر يقسم إلى وحدات صوتية معينة أو إلى مقاطع صوتية تعرف بالتفاعيل . إن كان للموسيقى عند كتاباتها رموز خاصة تدل على الأنغام المختلفة ، فإن للعروض كذلك رموزا خاصة تخالف الكتابة الإملائية و هي تقوم على أمرين أساسين : ما يُنطق يُكتب ، و ما لا يُنطق لا يُكتب .
إن اللغة العربية و الفارسية تشتركان في بحور الشعر ، لكنهما تختلفان في الأغلب في تراكيب الأوزان و نمط استخدامها ، فبعض بحور الشعر العربي لم تستخدم في اللغة الفارسية ، أما البحور المشتركة فلكل منهما نمطه الخاص به في لغته .
ذكرت في البداية أن عدد بحور الشعر ستة عشر بحرا ، و هم البحر الطويل ، المديد ، البسيط ، الوافر ، الكامل ، الهزج ، الرمل ، الرجز ، السريع ، المنسرح ، الخفيف ، المضارع ، المقتضب ، المجتث ، المتقارب ، و المحدث ، و قد جُمعت البحور في بيتين .

طويل يمد البسط بالوفر كاملُ ///// ويهزج في رجز ويرمل مسرعا
فسرح خفيفا ضارعا يقتضب لنا ///// من اجتث من قرب لندرك مطمعا

( الخاتمة )

أود أن أخبركم أن الجانب النظري من هذا العلم لا يتم إلا إذا كان معززا بالجانب التطبيقي ، و علم العروض بالنسبة لي من العلوم التي أود معرفة المزيد عنها ، و قد استفدت كثيرا بعد أن قمت بكتابة تقريري ، و الكاتب أو الشاعر لا يستطيع أن يرتقي بشعره إلا إذا تعلم أصول علم العروض و القافية ، و إن أراد الشاعر معرفة سلامة شعره و إتقانه لعلم العروض عليه أن يعرض شعره على كبار الشعراء و النقاد الذين سيستفيد منهم و سيرتقي بنصائحهم ، و في ختام تقريري لا يسعني سوى أن أذكر لكم قول الشاعر ابن الحداد الأندلسي :
يا سَائِلِي عمَّا زَكِنْتُ من الوَر والسِّرُّ قد يُفْضِي إلى الإِعْلانِ
إيْها سَقَطْتَ على الخَبِيْرِ بِحَالِهِمْ عند العَرُوْضِ حَقَائِقُ الأَوْزَانِ
هُمْ كالقَرِيْضِ وَكَسْرُهُ من وَزْنِهِ يَبْدو من التَّحْرِيْـكِ والإِسْكـانِ

و قول المعري :

تَوَلّى الخَليلُ إِلى رَبِّـهِ وَخَلّى العَروضَ لِأَربابِها

( المصادر و المراجع )

1- كتاب علم العروض و القافية للدكتور عبد العزيز عتيق .
2- عروض الخليل بن أحمد للدكتور يوسف بكار .
3- شبكة الفصيح لعلوم اللغة العربية .
4- موسوعة ويكيبيديا .