دعوة لاعتماد «الكوتة» في توظيف ذوي الإعاقة
أكدت آن هوكر، رئيسة منظمة التأهيل الدولي، أن الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة تعتبر واحدة من الوثائق الأكثر أهمية في تحقيق المساواة والإدماج لذوي الإعاقة، لاسيما أنها أول معاهدة لحقوق الإنسان في القرن 21، وأيضاً المعاهدة الوحيدة لحقوق إشراك المجتمع المدني، كما أنها تعتبر أداة هامة في التنمية، إضافة لكونها المسؤولة عن تغيير كبير في توقعات الأشخاص ذوي الإعاقة في المشاركة في صنع القرارات التي تؤثر على حياتهم.
جاء ذلك خلال الجلسة الأولى للمؤتمر الدولي الخامس للتأهيل الدولي- الإقليم العربي صباح أمس، والتي لفتت فيها هوكر إلى أن منظمة التأهيل الدولي لها تاريخ ٌطويلٌ في الدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة انطلاقاً من عام 1931 بطلبها من الأمم المتحدة الاعتراف بحقوق الأطفال ذوي الإعاقة واستمرت حتى الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، مشيرة إلى أن المنظمة لا تزال تلعب دوراً هاماً مع الحكومات لتطبيقها، مسلطة الضوء على بعض بنود الاتفاقية ومبادئها العامة أهمها، احترام كرامة الأشخاص المتأصلة واستقلالهم الذاتي بما في ذلك حرية تقرير خياراتهم بأنفسهم واستقلاليتهم، وعدم التمييز والمشاركة الكاملة والفعالة في المجتمع والاندماج، فضلاً عن احترام الفوارق وقبول الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء من التنوع البشري والطبيعة البشرية، إلى جانب تكافؤ الفرص، وكذا المساواة بين الرجل والمرأة، إلى جانب احترام القدرات المتطورة للأطفال ذوي الإعاقة واحترام حقهم في الحفاظ على هويتهم.
وأشارت هوكر إلى أن منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي يعتبران جزءاً من استراتيجية تنفيذ الاتفاقية، لافتة إلى أن إنجازهما للتقرير العالمي حول الإعاقة قد ساعد في الاطلاع على مؤشر للحالة الراهنة وإيجاد أدوات مساعدة في صياغة استراتيجية للتنفيذ، منوهة إلى نتائج ذلك التقرير وهي اعتماد الاستراتيجية الوطنية للإعاقة وخطة العمل، وإشراك الأشخاص ذوي الإعاقة، وتحسين جمع البيانات حول الإعاقة، فضلاً عن تحسين قدرات الموارد البشرية، وتوفير التمويل الكافي والقدرة على تحمل التكاليف، إلى جانب زيادة الوعي العام وتعزيز ودعم البحوث المتعلقة بالإعاقة.
ودعت هوكر إلى التركيز في العمل على تطبيق الاتفاقية على محاور بعينها أبرزها التعليم والتوظيف وتوفير الخبرات للعمل وإعادة التأهيل ووضع خطة لتشجيع فرص العمل للأشخاص ذوي الإعاقة، مشيرة إلى تجرية إيرلندا وبعض المنشورات للمساعدة في فهم موضوع عمل ذوي الإعاقة أكثر، وختمت مداخلتها بالتأكيد على أهمية الالتزام بالتغيير والدفاع لصالح ذوي الإعاقة.
من جهتها أكدت الدكتورة سوزان باركر، كبيرة المستشارين في حقوق المعاقين بالأمم المتحدة، في كلمتها على مسألة عمل ذوي الإعاقة وتوظيفهم بين السياسة والتطبيق، قائلة: «إن التصديق على الاتفاقية الدولية لحقوق ذوي الإعاقة قرارٌ مهمٌ يجب اتخاذه لبناء سياسة جديدة، يساهم فيها ذوو الخبرة العملية لجعلها صالحة للفئة المستهدفة»، مؤكدة أن الطرق المناسبة للاستخدام الفعلي للوصول إلى الأهداف والغايات هو فهم أفضل من قبل الخبراء الفنيين الذين يعملون في الوزارات الحكومية المختلفة والمنظمات غير الحكومية»، مؤكدة أن الخبراء التقنيين مطالبون بإنشاء أنواع للتدريب على العمل تناسب أصحاب العمل.
وركزت باركر على المادة 27 من الاتفاقية المتعلقة بالعمل والعمالة، منوهاً إلى انه على الدول أن تستحضر ذوي الإعاقة في وضع خطط التنمية لأنها جهدٌ مشتركٌ.
وقالت: «يجب أن تتضمن ممارسات التوظيف زيادة نسبة فرص العمل لذوي الإعاقة تكون قادرة على الاعتماد على دعم من صناع القرار»، مشيرة إلى أن نجاح هذا الأمر يعتمد على وجود مركز تنسيق داخل الحكومة الذين تتلخص وظيفتهم الوحيدة لزيادة معدل فرص العمل.
وأشارت باركر إلى أهمية محاربة الفقر، مطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتضمين ذوي الإعاقة داخل خطط التنمية، منوهة إلى أهمية بناء قوة العمل من خلال التنمية الصحية أيضاً.
وقالت: «إنه يجب على الدول الأعضاء في الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة حماية وتعزيز إعمال الحق في العمل باتخاذ الخطوات المناسبة، بما في ذلك التشريع ومحاربة التمييز لتنفيذ المادة 27 من الاتفاقية»، مشيرة إلى اتخاذ بعض الدول مبدأ تخصيص «كوتة» نسبة لتشغيل ذوي الإعاقة، مقترحة في الوقت نفسه خلق هيئة للإشراف على موضوع توظيف الفئة المذكورة داخل الحكومات لتطوير السياسات اللازمة مدعومة الممارسات الفعالة التي مرت الاختبارات بحوث العلوم الاجتماعية، فضلاً عن إيجاد حوافز للشركات الصغيرة والمتوسطة، والكبيرة لتحفيز التوظيف من بين العمالة الماهرة والعمال ذوي الإعاقة، وتوفير المعلومات لأصحاب العمل عن العمال ذوي الإعاقة.
من جهته قدَّم الدكتور أحمد الحلو، المدير التنفيذي لجمعية «الحق في الحياة» من فلسطين ورقة عن أثر التخطيط الاستراتيجي لعمليات التأهيل لزيادة مستويات التمكين الاجتماعي لذوي متلازمة داون، مسلطاً الضوء على تجربة جمعيته بقطاع غزة وركزت الورقة على الانعكاسات الإيجابية للتخطيط الاستراتيجي لعمليات التأهيل، ومفهوم التنمية المستدامة وعلاقتها بالتمكين الاجتماعي لذوي متلازمة داون، وبعض الاتجاهات العالمية المعاصرة.
ونوه المتحدث بالتجربة القطرية واهتمام الدولة بدمج المسائل المتعلقة بالإعاقة مع مساعي التنمية العامة لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، مضيفاً: «إن هذا الكم الهائل من الإنجازات والخدمات يعكس هذا الاهتمام والموازي لجملة الاهتمام الدولية بهذا المجال، وهو يجسد بصورة واضحة عندما نأخذ في عين الاعتبار الفترة الزمنية القياسية والجهود المبذولة في الدولة بكافة قطاعاتها لدعم وتشجيع مجمل الأنشطة المتعلقة بالإعاقة بشكل عام».
وتابع قائلاً: «لقد أولت الدولة فئة الأشخاص ذوى الإعاقة اهتماماً آخر من اهتماماتها بهذه الفئة، وأصدرت مجموعة من التشريعات والقوانين التي تكفل لهم الحياة الكريمة أسوة ببقية الفئات، وذلك من خلال مجالات التعليم والرياضة والمجال الاجتماعي والمجال الصحي، حيث تضمنت قرارات عالية المستوى ساهمت في زيادة فرص التمكين الاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة، وعكست توجهات القيادة القطرية في إشراك ذوي الاحتياجات الخاصة في خطط التنمية».
ودعا المتحدث لتفعيل الأطر والهياكل والمنظمات العربية الجامعة لمؤسسات التأهيل لوضع سياسات عامة يتم على إثرها إعداد خطط استراتيجية فردية خاصة بكل مؤسسة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة لدولتها وتحقق الأهداف العامة لهذه المنظمات، والعمل على تنفيذ مشاريع إقليمية مشتركة بين عدد من المؤسسات ذات العلاقة والعاملة في مجال تأهيل المعاقين مما يسهم في نقل الخبرات والثقافات وتعزيز مفاهيم التمكين الاجتماعي والتنمية المستدامة.
كما دعا لمتابعة تنفيذ الاتفاقات الدولية الخاصة بحقوق المعاقين على أرض الواقع، مما يسهم في زيادة فرص دمج المعاقين في المجتمعات وبالتالي مساهمتهم في تحقيق التنمية المستدامة، والعمل على تعزيز مفهوم المسؤولية الاجتماعية لدى القطاع الخاص في المجتمعات العربية وتأسيس صندوق دعم خاص لتمويل المشاريع الإنسانية للمؤسسات الأعضاء والتي تهدف إلى زيادة فرص الدمج الاجتماعي للمعاقين، بعيداً عن سياسات المانحين التي قد تعيق تنفيذ الأولويات، بالإضافة إلى التركيز على أهمية البحوث العلمية من خلال مركز أبحاث عربي مشترك لبحث القضايا والمشاكل المتعلقة بالمعاقين.
http://www.al-watan.com/viewnews.asp...D92&d=20120926