تعتبر ظاهرة زواج الشباب العربي من أجنبيات من بين الظواهر الآخذة في الصعود علي مستوي الوطن العربي كله بعدما تجاوزت أرقام هذه الزيجات كل ماهو مقبول وفقاً لاحصاءات المراكز البحثية المختلفة ومع ارتباطها بحدوث تغيرات اجتماعية واقتصادية بالغة منها ما يتعلق بالبطالة وما يتعلق بظاهرة العنوسة ومع تضارب فتاوي الزواج واختلافها ما بين حلال وحرام أصبح الزواج من أجنبيات ظاهرة تستحق الدراسة وبخاصة بعدما حذر بعض الباحثين من مغبة الزواج السريع من الأجنبيات والسائحات وخطورة ذلك علي الأمن القومي العربي بعدما كشفت أحدث الدراسات عن وجود اكثر من 14 ألف حالة زواج من اسرائيليات في مصر فقط علاوة علي 17 ألف حالة زواج أخري من أجنبيات وخصوصاً من الروسيات والأوروبيات في غضون ثمانية أشهر فقط علاوة علي العلاقات العابرة مع السائحات وهو ما يضع علامات استفهام عديدة حول جدوي الزواج العابر من الأجنبيات في مصر وثمنه وخطورته علي الشباب والأمن القومي فأشار د. عبد العظيم المغربي نائب الأمين العام لاتحاد المحامين العرب الي ان ظاهرة زواج المصريين والعرب من أجنبيات تعد إحدي الظواهر الاجتماعية التي تعبر عن التفسخ الذي لحق بالوطن العربي نتيجة تراكم مشاكل كثيرة لسنوات طويلة دون حل ونتيجة هيمنة سياسات وسلوكيات تتنافي تماماً مع القيم التي تحفظ المجتمع .

وأضاف ان البطالة والفقر والجوع من أهم المشاكل التي دفعت المواطن المصري ان يلجأ الي أي وسيلة في سبيل الحفاظ علي استمرار احتياجاته مشيراً إلي ان كل هذه المشاكل التي يعيشها شباب المجتمع المصري وافتقاده للقيم الوطنية تسببت في البحث عن أسلوب جديد يخرجه من هذه الأزمة ولم يجد وسيلة أسهل من الزواج من أجنبيات سواء من الفتيات الصغيرات أو من كبار السن وذلك بهدف التغلب علي البطالة واعتباره حلاً بديلاً ومربحاً ومضموناً في الوقت ذاته.

مشيراً ان هذه الزيجات كثيراً ما يترتب عليها نزاعات قضائية وغير قضائية بين أزواج مصريين وزوجات أجنبيات وخاصة اليهوديات فالمعروف ان الابناء ينسبون الي الأم اليهودية وهذا يعد اختراقاً خطيراً قد يهدد الأمن المصري بالكامل وعن كيفية مواجهة هذه الظاهرة قال المغربي ان الظاهرة تحتاج الي إعادة نظر في السياسات والخيارات السائدة في المجتمع وضرورة مواجهة دائرة البطالة وتحديد المفاهيم التي تساعد المواطن المصري علي الانتماء للوطن والحذر من أعداء الامة العربية

من جانبه أكد المستشار أحمد صبحي السعيد ان هناك أسباباً عديدة تؤدي الي هذا النوع من الزواج العشوائي منها ارتفاع تكاليف الزواج مما يجعل البعض يلجأ الي الزواج من أجنبية مضيفاً ان الجهات المختصة تتشدد في الشروط اللازمة لمنح تصاريح الزواج من أجنبية وذلك لاسباب عديدة منها ما يتعلق بضرورة المحافظة علي النسل وعدم اختلاط الانساب والمحافظة علي الأمن القومي المصري والحد من تزايد أعداد الفتيات المصريات اللاتي لم يتزوجن بسبب غلاء المهور

وعن الحلول المقترحة للحد من هذه الظاهرة قال السعيد لابد من توعية الشباب بمخاطر هذا الزواج من خلال وسائل الإعلام المختلفة ومن الضروري أيضاً التيسير علي الشباب لاكمال نصف دينهم وحثهم علي الزواج

وأشارت الداعية الاسلامية د. ملكة زرار ان زواج الشاب المصري أو العربي من فتاة أجنبية لا تحمل نفس العادات والتقاليد يعد محرماً شرعاً حتي ولو حمل مسمي زواج ويعتبر أسوأ من زواج المتعة المحرم شرعاً عند المسلمين السنة.

وحذرت د. ملكة زرار من خطورة تحول بعض المدن الساحلية الي مدن للجنس واللذة من جانب السياح وأكدت ان كل شاب يلجأ الي هذه الوسيلة يكون آثماً

من جانبه أكد د. محمد المسير أستاذ الفقه بجامعة الازهر ان الزواج مودة ورحمة وضرورة من ضرورات الحياة ولكن عندما يراد به شهوة عابرة فهو يخالف قواعد الدين مشيراً الي ان الدين الإسلامي يوصي بالزواج من المسلمات

وحذر د. المسير من ان زواج الشاب المصري من أجنبية يخلف مشاكل اجتماعية وقانونية خطيرة وأهمها إثبات نسب الأطفال ثمرة هذا الزواج بالاضافة الي انتشار العنوسة في البلدان العربية وغيرها من المشاكل التي تؤثر سلباً علي المجتمع العربي

وأضافت د. هناء عبد العزيز أستاذ الشريعة بجامعة الزقازيق ان الزواج من أجنبية نوع من أنواع السعي للرزق أحياناً والحصول علي متعة جنسية في أحيان أخري ولكنه طالما زواج مستوفي شروطه الشرعية فهو زواج صحيح وان كانت هناك اختلافات جذرية حوله حيث تتزوج الفتاة الأجنبية من الشاب بدون ولي يكون هدفها الحصول علي متعة جنسية لفترة معينة وكثيراً ما ترفض الأسر المصرية هذا الزواج لعدم انتماء الزوجات الأجنبيات للشريعة الإسلامية وأخلاق الإسلام وصفات المسلمين كما تبتعد عن أساليب التربية الإسلامية للأطفال .

بينما قالت د. نادية رضوان أستاذ الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية ان الزواج من أجنبيات تعد ظاهرة صحية فإذا توافر الحد الادني من التقارب الفكري والتفاهم بين الشريكين حول أسس الحياة الزوجية فليس هناك مانع في إتمام هذه الزيجة خاصة إذا ابتعدت عن المصالح الشخصية حيث يسعي بعض الشباب المصري الي هذا الزواج لتحقيق طموحات منها العيش في الغرب والثراء وإقامة مشروعات مربحة والحصول علي جنسية

وأكدت ان معظم الابحاث الاجتماعية التي أجريت لتحليل هذه الظاهرة أفادت ان الظروف الاقتصادية الصعبة وأزمة الاسكان وارتفاع المهور أهم أسباب انتشار هذه الظاهرة ونتج عنها ارتفاع نسبة العنوسة وبالتالي أصبح الزواج من أجنبية هو فرصة كبيرة للهروب من المشاكل الاقتصادية التي تواجه الشباب حالياً

من جانبها أشارت د. درية عبد الرازق استاذ علم النفس بجامعة عين شمس ان الدوافع النفسية الكامنة وراء ارتباط المصري بالاجنبية تتركز في عدة نقاط أهمها ضعف الوازع الديني يقول تعالي ولأمة مسلمة خير من مشركة ولو أعجبتكم وضعف المقررات الدينية في المدارس والتي تغرس في النشء حب الجهاد في سبيل الله تعالي وحب الوطن والدفاع عنه وأضافت ان ظاهرة الزواج من أجنبية تجرد الشباب من قدرتهم علي التفكير لمعرفة الصواب من الخطأ مع توافر الاغراءات المادية والجنسية

أما عن الآثار المترتبة علي هذه الظاهرة فتري د. درية انها تدفع الشباب لهجرة وطنه جسدياً ومعنوياً وانتماء الشاب لموطن زوجته الاجنبية وقد يغير من ديانته وهذه تعد كارثة مؤكدة ان الحل يكمن في الاسرة فعليها ان تضع ابناءها نصب عينيها ويعود الاب ليصحب ابناءه للصلاة في المساجد كما ان لرجال الدين دوراً هاماً عبر الخطب والمواعظ في توجيه الشباب

وأوضح د. صفوت العالم استاذ الاعلام بجامعة القاهرة أن أغلب المتزوجين هم من العاملين في مجال السياحة وعموماً الموجودين في المدن الساحلية وتكون دوافعهم هي الهروب من شبح البطالة وتدني مستوي المعيشة وعدم القدرة المالية علي الزواج من مصريات وصعوبة السفر الي الخارج وحلم الثراء السريع وايضاً الرغبة الجنسية في حين ترغب الاجنبيات في الزواج من المصريين الي الارتباط برجل شرقي به صفات الرجولة والشهامة كما أنهن يبحثن عن المتعة الجنسية وأخريات يبحثن عن فرصة للعمل في القاهرة

وأضاف ان الزواج من أجنبية مكتمل الاركان من الناحيتين القانونية والشرعية الا انه يفتقد للتماسك الاجتماعي ويحمل في طياته العديد من الآثار السلبية سواء الدينية او الاجتماعية او التربوية ولعل علي رأسها خروج نشء جديد ضعيف من حيث الانتماء الي الوطن وما يتبع ذلك من مشاكل قانونية عديدة .