المقدمـة

علم العروض أحد علوم العربية الإثني عشر وهي التي أحصاها الشيخ العطار رحمه الله تعالى بقول:
نحو وصرف عروض بعده لغة ثم اشتقاق قريض الشعر انشاء
كذا المعاني بيان الخط قافيـــــة تاريخ هذا لعلمالعرب احصــاء
وقد استنبطه الخليل بن أحمد الفراهيدي رحمهالله تعالى، الشعر في العربية يتكون من أبيات، تخضع هذه الأبيات لقواعد معينة ، تحتم قافية وإيقاعاوانقسام كل بيت إلي شطرين يسمي كل منهمامصراعا،لاتخرج عن عدد منالتفعيلات، وهو المسمي بعلمالعروض، وقد وضع الخليل الفراهيديكتابه"العروض"، على دوائر خمس ، تتجزأ منها الأبحر الخمسة عشر، و علم العروضيحدد أنماط ومقاييس الشعر العربي وهيفي وقتنا الحالي16 نمطا أو مقياسا، ويسمي كل منها بحرا.


تعريف علم العروض
اختلفت الاراء بالنسبة الى الباعث الذى دعا الخليل الى سبب تسمية هذا العلم بالعروض . فلقد قيل :إن من معانى العروض "مكة "لاعتراضها وسط البلاد .فمن قائل : إنه سمى عروضا باسم عمان التى كان يقيم فيها واضعة ومخترعة الخليل بن أحمد ويذكر صاحب لسان العرب أنه سمى عروضا لان الشعر يعرض عليه _أي يوزن بواستطه.
و إذا كان العلماء قد اختلفوا في وضع تعريف لعلم العروض باللفظ فقد اتفقوابالمعنى ، ومن هذه التعريفات أنه علم يبحث فيه عن أحوال الأوزان المعتبرة أو هو ميزان الشعر به يعرف مكسوره من موزونه ،كما أن النحو معيار الكلام به يعرف معربه من منونه .ويرجع رجال التراجم الفضل في نشأة علم العروض الى الخليل بن أحمد ، الذي استنبط علم العروض وأخرجه الى الوجود وحصر أقسامه في خمس دوائر يستخرج منها خمسة عشر بحرا ،ثم زاد الأخفش بحرا واحدا وسماه الخبب أو المتدارك.

السبب فــي وضع علم العروض

لقدأجمع العلماء والمؤرخون على أن ّواضع العروض هو الخليل بن أحمد الفراهيدي، ولكنهماختلفوا في السبب الذي من أجله وضع علم العروض،
بالإضافة إلى سبب تسميته بالعروضسنحاول عرض بعض هذه الآراء:

1
ــ قيل ان الخليل دعا بمكة أن يرزق علما لميسبقه إليه أحد، فلما رجع
من حجّـة فتح الله عليه بعلم العروض، وله معرفة واسعةبالإيقاع والنغم، وتلك المعرفة أحدثت له علم العروض، فإنهما متقاربان في المأخذ. وتضيف بعض المصادر أنه قد شقّ على الخليل ما أصاب تلميذه "سيبويه" من توفيق فيمباحث النحو وما حاز من شهرة عظيمة طبِّقة في الآفاق، فخر حاجاََ يريد الله أنينْبُه به فتَقبل عليه الناس فكان أن فتح الله عليه بهذا العلم وهو في مكة المكرمة. ولا نعتقد بصحة هذا، من ناحية أن الخليل يكون شديد الحسد لتلميذه. أما أن يبتهل إلىالله أن يرزقه هذا العلم، فلا غبار على ذلك، ولكنها بعيدة عن المنطق العلمـي.

2-أن الخليل كان له معرفة بالايقاع والنغم وتلك المعرفة أحديث له علم العروض ،فإنهما متقاربان في المأخذ ويحدثنا ياقوت عن الخليل بن أحمد بأنه أول من استخرج العروض وضبط اللغة وحصر أشعار العرب وأن معرفته بالايقاع هي التي أحدثت له علم العروض .ولكن لا ينبغى أن يفهم من وضع الخليل لعلم العروض أن العرب لم تكن تعرف أوزان الشعر من قبل ،فالواقع أنهم كانوا قبل وضع علم العروض على علم بأوزان الشعر العربي وبحوره وإن لم تكن تعرفها بالأسماء التي وضعها الخليل لها فيما بعد .وإذا كان الخليل بن أحمد غير مسبوق في وضع علم العروض فإن أبا عمرو بن العلاء قد سبقه في الكلام عن القوافي وقواعدها ووضع لها أسماء ومصطلحات خاصة والرواة مختلفون بشأن الباعث الذى دعا الخليل الى التفكير في علم العروض ووضع قواعدها .فمن قائل :إنه دعا بمكة أن يرزقه الله علما لم يسبقه اليه أحد ولا يؤخذ الا عنه فرجع من حجه ففتح عليه بعلم العروض .ومن قائل أن الدافع هو إشقاقه من اتجاه بعض شعراء عصره الى نظم الشعر على أوزان ام يعرفها العرب ولم تسمع عنهم ،ولهذا راح يقضى الساعات والأيام يوقع بأصابعه ويحركها حتى حصر أوزان الشعر العربي وضبط أحوال قوافيه .
الحاجة الى علم العروض
إن العروض هو علم ميزان الشعر او موسيقي الشعر، وهو علم له قواعده وأصوله ونظرياته التى تحصل ونكتسب بالتعليم ،وإذا كان الشعر من الناحية العلمية هو الجانب التطبيقي لقواعد للعروض وأصوله ونظرياته فإنه قبل ذلك فن كسائر الفنون مصدره الموهبة والاستعداد .وقد يستطيع الشاعر الموهوب بما له من أذن موسيقية وحس وذوق مرهفين أن يقول الشعر دون علم بالعروض وحاجة الى قوانينه ولكنه مع ذلك يظل بحاجة الى دراسةعلم العروض وإلمام بأصوله.وجهل الشاعرالموهوب بأوزان الشعر وبحوره المختلفة من تامة ومجزوءة ومشطورة ومنهوكة قد يحصر شعره فى بعض أوزان خاصة وبذلك يحرم نفسه من العزف على أوتار شتى تجعل شعره منوع الأنغام. من ذلك تتجلى أهميته دراسة الشاعر للعروض والألمام بقوانينه وأصوله فهو أشد لزوما لطلاب اللغة والتخصص فيها لأنه يعنيهم على فهم الشعر العربي وهو كذلك أشد لزوما للدراسين والمتحصصين في فروع الثقافة العربية من تاريخ واجتماع وأدب وبلاغة ومذاهب دينية أوعقلية .

البحور الشعريـة
إن وزن البيت وما يقع فيه من زحافٍ في حشوه أو علة في عروضه وضربه يؤلف ما يعرف بـ(بحرالشعر) . وقد سمي بذلك لاستيعابه جميع أبيات القصيدة ، مهما بلغ عدد أبياتها.
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي خمسة عشر بحراً، حينما وضع هذا العلم أول مرة في تاريخ الشعر العربي. ثم جاء تلميذه الأخفش الأوسط فتدارك الأمر، وأضاف إليها بحراً آخراً، سمي المتدارك، وأطلق عليه المحدث والخبب.
ويلاحظ أن المتتبع لبحور الشعر العربي - قديمه وحديثه - أن البحور : الطويل، والكامل، والوافر، والمديد، تستخدم - غالباً - للقصائد الرصينة ذات الموضوعات الهامة والمواقف الجادة، بينما البحور: السريع، والمنسرح، والهزج، والمتقارب، والمتدارك، وأضرابها، يُلجأ إليها - عادةً - للمعاني الخفيفة. أما الرجز فأكثر ما يُستخدمُ في اراجيز الحروب، وكذلك في الشعر التعليمي. وإذا ما طالت الأرجوزة الواحدة فبلغت ألف بيت سميت ( ألفية )، مثل ألفية ابن مالك في النحو.
و لقد اختٌلف في تسميته بالبحر و من هذه الاختلافات:
قيل إنما سمي بحرا لانه يوزن به مالا يتناهى من الشعر فأشبهالبحر الذي لا يتناهى بما يغترف منه، وقيل سمي بهذا الاسم تشبيها لشطريهبالشاطئين، وقيل ان العروضيين سموه بهذا الاسم تشبيها بالبحر لسعتهوكثرته،إذ ما من بحر إلا وقد بنيت عليه قصائد جمة.


واضع علم العــروض

هو الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي الأزدي اليحمدي أبو عبد الرحمن ولد في عمان عام 718م، والتي تركها متوجهاً إلى البصرة فبها نشأ وتلقى العلم على يد علماءها مثل أبو عمرو بن العلاء، وعيسى بن عمر وغيرهم، وحرص الخليل على النهل من اكبر قدر من العلوم، الأمر الذي أهله لأن يصبح أستاذ عصره في البصرة، وتلقى العلم على يديه العديد من الطلاب الذين أصبح لهم شأن عظيم في اللغة مثل سيبويه، والكسائي، والنضر بن شميل، والأصمعي وغيرهم.
أنكب الفراهيدي على القراءة والدراسة فجمع أشعار العرب وقرأها ورتبها حسب أنغامها وجمع كل مجموعة متشابهة ووضعها معاً، وقام باستغلال علمه الغزير في وضع علم العروض هذا العلم الذي يرجع الفضل له في وضع أسسه، فكان يقضي الساعات في ضبط أوزان ما ينطق به من الشعر وتنسيقها، وتمكن من ضبط أوزان خمسة عشر بحراً يقوم عليها النظم حتى الآن، وقد قام الأخفش الأوسط بزيادة بحر الخبب فصارت ستة عشر بحراً.
وبالإضافة لعلم العروض الذي أسسه الفراهيدي قدم أيضاًَ معجم "العين" والذي يعد أول معجم أعترف به القدماء والمحدثون، والذي هدف من خلاله من اجل ضبط اللغة وحصرها، وقام في سبيل ذلك بإتباع الخطوات العلمية المدروسة، فبدأها بترتيب الحروف ثم قسم الأبنية وتقليب اللفظة على أحد أوجهها.
وفي ترتيب الحروف نظر الفراهيدي إلى الحروف على أنها أصوات تخرج من جهاز النطق، ووجد العين أدخل الحروف في الحلق فقام بترتيبها في مجموعات بدأها بالعين وسماها على التوالي "حلقية، لهوية، شجرية، اسلية، نطعية، لثوية، ذلقية، شفوية، هوائية"، وسمي معجمه بأول حرف فيه " العين".
عقب قيام الخليل بالانتهاء من بحوثه اللغوية قام بتطبيق منهجه وأشار في شروحه إلى القلب والنحت، والأضداد والمعرب، كما عالج بعض المسائل النحوية، واعتمد شواهد نثرية وشعرية وقرآنية وعني باللهجات واللغات، طبع كتابه العديد من المرات مطبوعاً ومشروحاً ومختصراً.
جاءت وفاته في البصرة عام 786م، ويقال أن سبب وفاته هو استغراقه في التفكير في طريقة تيسر استخدام الحساب على العامة، فدخل إلى المسجد وهو شاغل فكره في التفكير فاصطدم بسارية وهو غافل فكانت السبب في موته.

الخاتمـة

تحدثت في تقرير حول علم العروض و الذي يعرف بأنه العلم الذي يعرف به صحيح الشعر من فاسده، و سبب تسميته بالعروض، و كذلك فائدته حيث إن علم العروض تصقلُ موهبة الشاعر، وتهذبها، وتجنبها الخطأَ والانحرافَ في قول الشِّعر، و تمكنه من قراء الشعر قراءة سليمة، و تجنبه الوقوع في الأخطاء الشعرية، و تطرقت إلى البحور الشعرية و التي تتكون من 16 بحرا، و أخيرا حول واضع و مؤسس علم العروض و هو الخليل بن أحمد الفراهيدي و أسباب وضعه لعلم العروض، و في الختام أتمنى أن ينال هذا التقرير حسن رضاكم.


المصادر و المراجع

الدكتور هاشم صالح مناع، الشافي فيالعروض والقوافي، الطبعة الرابعة، دار الفكر العربي، بيروت، 2003

العروض القديم، د. محمود علي السمان، الطبعة الثانية، دار المعارف، القاهرة، 1986



http://www.moheet.com/show_news.aspx?nid=171012&pg=68