وكانت المدافع العثمانية تواصل قذائفها حتى تشغلالبيزنطيين عن عملية نقل السفن، وما كاد الصبح يسفر حتى نشرت السفن العثمانيةقلوعها ودقت الطبول وكانت مفاجأة مروعة لأهل المدينة المحاصرة.
وبعد نقلالسفن أمر السلطان محمد بإنشاء جسر ضخم داخل الميناء، عرضه خمسون قدما، وطوله مائة،وصُفَّت عليه المدافع، وزودت السفن المنقولة بالمقاتلين والسلالم، وتقدمت إلى أقربمكان من الأسوار، وحاول البيزنطيون إحراق السفن العثمانية في الليل، ولكنالعثمانيين علموا بهذه الخطة فأحبطوها، وتكررت المحاولة وفي كل مرة يكون نصيبهاالفشل والإخفاق.
الهجوم الكاسح وسقوط المدينة

وفي فجر يوم الثلاثاء (20 من جمادى الأولى 857هـ= 29 من مايو 1453م)، وكان السلطان العثماني قد أعد أهبتهالأخيرة، ووزَّع قواته وحشد زهاء 100 ألف مقاتل أمام الباب الذهبي، وحشدفي الميسرة 50 ألفًا، ورابط السلطان في القلب مع الجند الإنكشارية، واحتشدت في الميناء 70سفينة _بدأ الهجوم برًا وبحرًا، واشتد لهيب المعركة وقذائف المدافع يشق دويها عنانالسماء ويثير الفزع في النفوس، وتكبيرات الجند ترج المكان فيُسمع صداها من أميالبعيدة، والمدافعون عن المدينة يبذلون كل ما يملكون دفاعا عن المدينة، وما هي إلاساعة حتى امتلأ الخندق الكبير الذي يقع أمام السور الخارجي بآلافالقتلى.

وفي أثناء هذا الهجوم المحموم جرح "جستنيان" في ذراعه وفخذه، وسالتدماؤه بغزارة فانسحب للعلاج رغم توسلات الإمبراطور له بالبقاء لشجاعته ومهارتهالفائقة في الدفاع عن المدينة، وضاعف العثمانيون جهدهم واندفعوا بسلالمهم نحوالأسوار غير مبالين بالموت الذي يحصدهم حصدا، حتى وثب جماعة من الانكشارية إلى أعلىالسور، وتبعهم المقاتلون وسهام العدو تنفذ إليهم، ولكن ذلك كان دون جدوى، فقداستطاع العثمانيون أن يتدفقوا نحو المدينة، ونجح الأسطول العثماني في رفع السلاسلالحديدية التي وُضعت في مدخل الخليج، وتدفق العثمانيون إلى المدينة التي سادهاالذعر، وفر المدافعون عنها من كل ناحية، وما هي إلا ثلاث ساعات من بدء الهجوم حتىكانت المدينة العتيدة تحت أقدام الفاتحين.
وصدق الرسول الكريم عندما قال :
لتفتحن قسطنطينية لنعم الامير اميرها ولنعم الجيش ذالك الجيش صدق رسول الله صلى الله علية وسلم