-
طلب بحث عن التقانه والبيئة
بليييييييييييييييييييييييييييز
بسرعة لو سمحتو
-
عضو جديد
المخاطر البيئية المتصلة بالزراعة التقليدية
تؤثر الزراعة والطبيعة تأثيراً عميقاً على بعضهما البعض. وقد ساهمت الزراعة على مرّ العصور في خلق مجموعة منوّعة من الموائل شبه الطبيعية القيّمة وفي المحافظة عليها. وهي حددت ملامح قسم هام من المناظر الطبيعية حول العالم وتأوي العديد من أغنى أشكال الحياة البريّة في العالم. كما تساند الزراعة قيام مجتمع ريفي متنوّع لا يعتبر فقط من الركائز الأساسية للثقافة الدولية بل يلعب أيضاً دوراً محورياً في المحافظة على البيئة في أي دولة تنعم بمناخ سليم.
وإنّ أهمية الزراعة تتعدى إنتاج الأغذية وحسب. إذ تتخلل سلسلة الإنتاج عمليات قد يكون لها وقع على البيئة الطبيعية ومن شانها أن تؤثر بالتالي، بشكل مباشر أو غير مباشر، على صحة الإنسان وعلى التنمية. فتدهور البيئة مثلاً قد يأتي نتيجة الإفراط في استخدام مبيدات الآفات وعدم استخدام طرق تصريف أو ريّ جيّدة وارتفاع درجة المكننة أو عدم استخدام الأراضي بالشكل المناسب. إلا أنّ التخلي عن الأنشطة الزراعية قد يهدد أيضاً الإرث البيئي من خلال خسارة الموائل شبه الطبيعية والتنوع الحيوي والمناظر الطبيعية المتصلة بها. كذلك، هناك اعتراف متزايد بتأثير نظم الإنتاج الزراعي على صحة الإنسان بصورة مباشرة (الصحة التشغيلية للمزارع) أو بصورة غير مباشرة (صحة المستهلك من خلال الأغذية) باعتبار أنها عنصر ملازم للتقييم الأشمل للمخاطر على البيئة المتصلة بالزراعة.
وتربط علاقات معقّدة بين غنى البيئة الطبيعية وأساليب الزراعة. ففي حين أنّ العديد من الموائل القيّمة تشهد زراعة مكثّفة وفي حين أنّ مجموعة واسعة من الحيوانات البرية تعتمد عليها للبقاء على قيد الحياة، قد تأتي خسارة الحياة البرية من الناحية الزراعية نتيجة تطبيق أساليب زراعة غير مناسبة واستخدام الأراضي بصورة غير لائقة.
ولا بد للمناقشات بشأن التأثيرات المحتملة على البيئة في المستقبل نتيجة استخدام التقانات الحديثة في إنتاج الأغذية أن تنطلق من الوضع الحالي لتأثيرات الزراعة على البيئة، بما في ذلك ما يلحق عنها من تأثيرات على صحة الإنسان، مع الاعتراف بأنّ الاتجاهات الحالية في الزراعة التقليدية ستبرز على الأرجح في أهداف الإنتاج الحديث للأغذية.
1-1 الجوانب الرئيسية لتلوث البيئة واستنزاف الموارد1
تساهم الزراعة في تفاقم المشاكل الناتجة عن غازات الاحتباس الحراري. وهناك ثلاثة مصادر رئيسية لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الزراعة: انبعاثات N2O (ثاني أكسيد النترات) من التربة لا سيما نتيجة التخصيب بواسطة الآزوت؛ انبعاثات CH4 (الميتان) من التخمير الداخلي وانبعاثات CH4 وN2O نتيجة إدارة السماد الطبيعي. ومن الإجراءات التي يمكن اتخاذها: التشجيع على استخدام أسمدة فعالة أكثر للحد من الاستخدام الإجمالي والسماد الخليط وتحسين نظم الامتصاص اللاهوائي (لإنتاج الغاز الحيوي مثلاً) وللتعاطي مع المشتقات والنفايات المتحللة في الطبيعة؛ والتركيز مجدداً على إنتاج الكتلة الحيوية والحراثة المحافظة على الموارد والزراعة العضوية. ومن شأن التوسع أكثر في تطوير الكتلة الحيوية الزراعية القابلة للتجدد أن يساهم في تخفيض الانبعاثات نتيجة استخدام الطاقة والنقل في ظل استفادة القطاع الزراعي منه.
تلوّث المياه بالنترات من مصادر زراعية حيث يعتقد أنّ أساليب الزراعة المحسّنة تساهم في زيادة التلوث.
وقد ثبت أنّ مبيدات الآفات تؤثر على البيئة وعلى النظم الأيكولوجية من خلال الحد من التنوع الحيوي، لا سيما عن طريق الحد من الأعشاب الضارة ومن الحشرات التي تشكل في معظم الأحيان عناصر هامة في السلسلة الغذائية للطيور مثلاً. كما أنّ صحة الإنسان قد تتأثر سلباً في حال تعرضها المباشر أو غير المباشر مثلاً لمخلفات المبيدات في المنتجات الزراعية وفي مياه الشرب. والعمل جارٍ على المستويين القطري والدولي لإيجاد نظم كفيلة بخفض الحاجة إلى المبيدات، لا سيما عن طريق الإدارة المتكاملة للآفات والزراعة العضوية أو في بعض الحالات المحاصيل المحورة وراثياً.2
من شأن العمليات المسببة لتدهور التربة كالتصحر وتعرية التربة وانخفاض المادة العضوية في التربة وتلوث التربة (بالمعادن الثقيلة مثلاً) والتربة الصمّاء وتكدّس التربة وانخفاض التنوع الحيوي للتربة وملوحتها، أن تؤدي جميعاً إلى فقدان التربة قدرتها على تأدية وظائفها الرئيسية. وقد تؤدي عمليات التدهور هذه إلى اتباع أساليب زراعية غير مناسبة كالاستخدام غير المتوازن للأسمدة والإفراط في جلب المياه الجوفية للري وعدم استخدام مبيدات الآفات بالشكل الصحيح واستخدام آليات ثقيلة أو الرعي المفرط. ومن الإجراءات الممكنة للوقاية من تدهور التربة: دعم الزراعة العضوية، الحراثة المحافظة على الموارد، حماية المصاطب وصيانتها، استخدام مبيدات آفات أكثر أماناً، الإدارة المتكاملة للآفات، إدارة نظم رعي متدنية الكثافة، خفض كثافة المخزونات، واستخدام سماد خليط مرخّص به.
وقد يؤدي الري أيضاً إلى مخاوف بيئية مثلاً نتيجة الإفراط في استخراج المياه من الطبقات الجوفية الحاملة للمياه، تعرية التربة نتيجة الري، ملوحة التربة، تغيير ملامح الموائل شبه الطبيعية الموجودة، والتأثيرات الثانوية نتيجة تكثيف الإنتاج الزراعي بواسطة الري.
صيانة التنوع الحيوي: في العقود الأخيرة، ازدادت وتيرة تراجع وحتى انقراض أنواع من الحيوانات وموائلها ونظم أيكولوجية وجينات (أي التنوع الحيوي) في مختلف أرجاء العالم. ويؤثر تراجع التنوع الحيوي بشكل مباشر على الأمن الغذائي إذا كان يطال كائنات حية متصلة بالأغذية والأنواع القريبة منها التي تعني التربية. كما أنّ الزراعة المكثّفة، بما في ذلك نظم التربية الحديثة، تسببت بانخفاض ملحوظ في السلالات المحلية، تبعاً للخصائص المحلية وللمعارف التقليدية.
ويحتاج تقييم تأثيرات الزراعة على البيئة إلى استخدام نماذج شاملة تجمع بين مختلف مصادر المعلومات3. وكانت المناقشات العلمية السابقة قد خلصت إلى أنّ الحلول المطبّقة على مستوى المزرعة ساهمت في المشاكل البيئية إلا أنها لا تناسب المهمة المتمثلة بتحقيق الأهداف البيئية على المدى البعيد. فذلك يحتاج إلى نظم مبتكرة على أعلى المستويات، بما يشمل مثلاً إيجاد فرص للتفاوض بشأن نظم إعادة التدوير من خلال ربط القطاعات في الزراعة وغيرها من المجالات التي تؤثر على البيئة على غرار نظم النقل مثلاً.4
وبعد المناقشة العامة، تم التوصل إلى مفاهيم جديدة للسياسات الزراعية والتفاعلات البيئية في الكثير من البلدان، بما يشمل تحسين الرصد العام وتحمّل المسؤوليات لضمان الاستدامة.56
تقييم النظام الأيكولوجي للألفية، الذي أطلقه Kofi Annan الأمين العام للأمم المتحدة في يونيو/حزيران 2001، هو برنامج عمل دولي الغرض منه تلبية احتياجات متخذي القرارات والجمهور العريض للحصول على معلومات فنية عن انعكاسات تغير النظام الأيكولوجي على رفاهية الإنسان والخيارات المتاحة للاستجابة لتلك التغيرات. ويركز التقييم على الخدمات المتصلة بالنظام الأيكولوجي (منافع الإنسان من النظم الأيكولوجية) وكيف يمكن للتغيرات في الخدمات المتصلة بالنظم الأيكولوجية أن تؤثر على الإنسان في العقود المقبلة والخيارات التي يمكن اتباعها على المستويات المحلية أو القطرية أو العالمية لتحسين إدارة النظم الأيكولوجية وبالتالي المساهمة في رفاهية الإنسان والتخفيف من وطأة الفقر.7
وأعطت المؤشرات عن العمل في مجالي الزراعة والبيئة معلومات عن الحالة الراهنة والتغيرات التي طرأت على الظروف البيئة في الزراعة. كما أدّت إلى فهم أفضل للروابط بين أسباب وتأثيرات الزراعة على البيئة، بالنظر إلى إصلاح السياسات الزراعية وتحرير التجارة والإجراءات البيئية. ويساهم كل ذلك في رصد وتقييم مدى فعالية السياسات الرامية إلى إيجاد حل للمشاغل الزراعية والبيئية8. وتتيح منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية استعراضاً لعملها التجريبي في البلدان الأعضاء فيها لمعرفة تأثيرات السياسات والأساليب الزراعية على البيئة9. ويشير العمل على مؤشرات صحة البيئة أن مختلف أساليب الزراعة تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على صحة الإنسان من خلال تأثيراتها على البيئة. وقد تتخذ المشاكل أشكالاً متعددة، فتكون طبيعية المصدر بالكامل أو ناجمة عن أنشطة الإنسان وتدخلاته.10
1-2 مناهج حماية البيئية والقيم الواجب حمايتها
في عام 1992، أشارت اتفاقية التنوع البيولوجي (التي صادق عليها 188 بلداً) إلى صك ملزِم بيئياً لحماية التنوع الحيوي والاستخدام المستدام للموارد الحيوية11. وطبقاً للاتفاقية، التنوع الحيوي هو "تباين الكائنات العضوية الحية المستمدة من كافة المصادر بما فيها، ضمن أمور أخرى، النظم الايكولوجية الأرضية والبحرية والأحياء المائية والمركبات الأيكولوجية التي تعد جزءاً منها" (اتفاقية التنوع البيولوجي، 199212). وتسعى اتفاقية التنوع البيولوجي إلى "صيانة التنوع البيولوجي واستخدام عناصره على نحو قابل للاستمرار والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية". وتعترف الاتفاقية بأهمية التنوع الوراثي والحيوي.
ويرتبط التنوع الحيوي ارتباطاً وثيقاً بالمصالح البشرية. وهو يكتسب أهمية بالغة لأسباب متعددة: قيمة أنواع الحيوانات في البرية، تعدد أنواع النباتات والحيوانات والكائنات الحية الدقيقة المستخدمة في الزراعة وغيرها من أنشطة الإنسان حول العالم، على اعتبارها مورداً وراثياً للرعاية الصحية والزراعة وإنتاج الأغذية. كما أنّ التنوع الحيوي مصدر هام للمنافع الاقتصادية والجمالية والثقافية. وإنّ رفاهية وازدهار التوازن الأيكولوجي على الأرض وبالنسبة أيضاً إلى المجتمع البشري يعتمد بشكل مباشر على مدى التنوع الحيوي وحالته.13
حبّ الطبيعة وحماية الطبيعة: تتأتّى بعض الصعوبات على صعيد حماية البيئة من وجود تفسيرات مختلفة وفهم مختلف لفكرة الطبيعة. وتحديداً في الحوار القائم بين المستهلكين حول خلق كائنات حية محورة وراثياً، قلما كانت فكرة الحاجة إلى حماية الطبيعة واضحة لا سيما بسبب وجود اختلافات في فهم مفهوم الطبيعة، انطلاقاً من مفاهيم البرية، محيط الإنسان، مرونة النظم الطبيعية14 والأفكار الخاصة بحب الطبيعة15. ويحاول واضعو القواعد الأخلاقية تحسين هذا الوضع من خلال استخدام تعاريف واضحة أياً تكن المدرسة التابعين لها (تقرير Nuffield).16
وقد تختلف مستويات الحماية تبعاً للأهداف التي تمتد من استدامة الخدمات المتصلة بالنظم الأيكولوجية إلى المحافظة على الأنواع المهددة أو المناطق المحمية الأشد عرضة للمخاطر. ومن شأن التنسيق الأحيائي الذي يحدّ من مجموعة الحيوانات والنباتات في الإقليم أن يقلل من القدرة على التكيّف بسبب انخفاض مجموعة الاستجابات المتاحة لكل نوع من الأنواع في مواجهة التغيرات البيئية كالجفاف أو الملوثات أو الأنواع الغازية.17 لذا، فلا بد من اعتماد معايير مختلفة للحماية تبعاً لتنوّع أهداف الإدارة والسياقات الاجتماعية والأيكولوجية. ويجب أن تراعى في هذه المعادلات العلاقات بين حماية البيئة وصحة الإنسان من خلال التحكم بتأثيرات تدهور البيئة المباشرة وغير المباشرة على الصحة، لا سيما على اعتبار أنّ سلامة الأغذية هي إحدى المؤشرات المباشرة.
2 - التقانات الحديثة الناشئة لإنتاج الأغذية
بعد اعتماد تقانات تربية الأنواع الهجينة، شملت أهداف التربية الأخرى التوصل إلى طرق جديدة للمزيد من التنوع الجيني باستخدام عدة طرق لطفرات الجينات ومنها مثلاً طفرات الجينات الكيمائية أو المعاملة بالإشعاع، فضلاً عن طرق مختلفة لزراعة الأنسجة. وأدى هذا التطور إلى بروز أحدث الطرق المتطورة المستخدمة حالياً في التقانات الحيوية وإلى إنتاج كائنات حية من خلال التحوير الوراثي عبر إدخال مواد جينية جديدة أو مترابطة باستخدام ناقلات وطرق تحويل. وتعرف هذه الكائنات عادة باسم الكائنات الحية المحورة وراثياً. ومن شأن تحسّن المنهجية المستخدمة لتطوير كائنات حية محورة وراثياً من خلال إعادة الترابط المتشابه أن يؤدي في نهاية المطاف إلى خفض إمكانية حدوث تأثيرات غير مرغوبة، بما في ذلك على الصحة، نتيجة إدخال جينات جديدة بشكل عشوائي في الخريطة الجينية وذلك من خلال استخدام التقانة المتوافرة حالياً. كما أنّ تحسّن طرق احتواء جزيئات الجينات المترابطة قد يحد من مشاكل التشتت غير المتعمّد للجينات.
وإنّ تضارب عمليات التقييم وعدم استكمال تقدير المنافع والمخاطر والقيود في الأغذية المحورة وراثياً من جانب منظمات علمية وتجارية ومنظمات مستهلكين ورأي عام مختلفة أدّى إلى جدل قطري ودولي بشأن استخدامها الآمن كأغذية والإفراج عنها في البيئة. ومن الأمثلة على ذلك النقاش الذي تناول مؤخراً المعونة الغذائية التي تضمّنت مواد محورة وراثياً جرى التبرّع بها لبلدان أفريقيا الجنوبية في عام 2002. وتركز هذا النقاش الدولي في معظم الأحيان على صحة الإنسان وعلى سلامة البيئة نتيجة استخدام تلك المنتجات الجديدة.
ولا يسمح في الوقت الراهن إلا باستخدام عدد قليل من المحاصيل الغذائية للاستخدام الغذائي وللإتجار بها في الأسواق الدولية للأغذية والأعلاف. وهي تشمل الذرة المقاومة لمبيدات الأعشاب والحشرات (الذرة من نوع Bt) وفول الصويا المقاوم لمبيدات الأعشاب وزيت بذور اللفت (الكانولا) والقطن المقاوم لمبيدات الحشرات والأعشاب (وهو يستخدم بشكل أساسي في النسيج مع أنّ زيت بذور القطن المكرر يستخدم أيضا كغذاء). كما وافقت بعض السلطات الحكومية على أنواع من الببايا والبطاطس والأرزّ والقريع والشمندر السكري والطماطم للاستخدام الغذائي وللإفراج عنها في البيئة. ومن شأن التوسع أكثر في تطوير المحاصيل المحورة وراثياً أن يؤدي إلى مجموعة محاصيل محورة وراثياً ذات ملامح تغذوية محسّنة.18ويجري حالياً اختبار عدد من الخصائص الجديدة في المختبرات وفي الميدان في عدد من البلدان لكن من غير المحتمل طرحها في الأسواق قبل عدة سنوات من الآن. وتتصل نسبة لا بأس بها من هذه الخصائص بصحة الإنسان بشكل مباشر ومن أشهر الأمثلة على ذلك "الأرزّ الذهبي" الغني بمادة البيتا كاروتين (التي تساعد على امتصاص الفيتامين A). ومن الأمثلة الأخرى التي لها انعكاساتها على الصحة، التخلص من العوامل المسببة للحساسية ومضادات المغذيات التي تغير ملامح الأحماض الدهنية وتزيد محتوى المواد المضادة للتأكسد. وتحتاج بالطبع جميع هذه المنتجات الجديدة التي قد تكون لها منافع على الصحة إلى فحص مدقق عن طريق عمليات تقييم لمخاطرها على البيئة وعلى سلامة الأغذية.
وثمة حاجة إلى أن يشمل تحليل المخاطر والآثار المترتبة عن الممارسات في ميدان إنتاج الأغذية باستخدام الطرائق الحديثة القائمة على التقانة الحيوية جميع التطورات في هذا المجال، بالاستناد إلى المعارف المتيسرة عن البيولوجيا الحديثة ومع الأخذ في الاعتبار لحقيقة أن تعريف التقانة الحيوية الحديثة لا يخضع لأية معايير في الغالب.
كما يتعين النظر في الإدارة المتكاملة للآفات في ضوء التقانة الحيوية الحديثة نظرا لاستخدام طرائق التقانة الحيوية الحديثة، إذ تشمل تعاريف الإدارة المتكاملة للآفات مجموعة من النهج، بدءا بالاستخدام المأمون للمبيدات الحشرية وحتى التوقف توقفا كاملا عن استخدامها. كما ينبغي استخدام الطرائق الملائمة لمكافحة الآفات على نحو متكامل، واستخدام المبيدات الحشرية "كلما دعت الحاجة" فقط، وكخيار أخير من خيارات استراتيجية الإدارة المتكاملة للآفات. وفي هذا النوع من الاستراتيجية، يجب النظر بعناية في آثار المبيدات الحشرية على صحة الإنسان والبيئة واستدامة القطاع الزراعي والاقتصاد. وتشير المنظمة إلى أن برامج الإدارة المتكاملة للآفات تصمم لتحقيق استقلالية المزارعين ولزيادة أرباحهم ولمساعدة الحكومات على الاقتصاد في الواردات الأجنبية. كما أنها تمكن المزارعين من اتخاذ قرارات واعية فيما يتعلق بإدارة محاصيلهم.19
وفي بعض الأحيان، يطال النقاش الزراعة العضوية باعتبارها تقانة حديثة لإنتاج الأغذية، وحيث يسعى المزارعون الذين يتبعونها إلى تحقيق أهداف مماثلة لأهداف الإدارة المتكاملة للآفات، لكنهم يركزون بوضوح على النزاهة وتحديد المصير والتطور المشترك.20 وبالرغم من أن الزراعة العضوية ستؤثر لا محالة على استخدام الكيماويات الزراعية، فإن اعتبارات السلامة المرتبطة بالأغذية المتأتية عن هذه الممارسات لن تسهم على نحو إيجابي فقط في المعادلة الصحية الأوسع.
2-1 المخاطر البيئية المرتبطة بإنتاج الأغذية عبر استخدام تقانات التحوير الوراثي
مبادئ تقييم المخاطر البيئية: تشمل عناصر تقييم المخاطر البيئية للكائنات الغذائية المحورة وراثيا في العديد من الأنظمة القطرية، السمات البيولوجية والجزيئية للعنصر الوراثي المدخل، وطبيعة الكائن المتلقي ومضماره البيئي، وأهمية السمات الجديدة للكائن المحور وراثية بالنسبة للبيئة، والمعلومات عن المواصفات الجغرافية والإيكولوجية للبيئة التي سيدخل فيها الكائن المحوّر. ويركز تقييم المخاطر خاصة على النتائج المحتملة المترتبة على استقرار وتنوع النظم الإيكولوجية، بما فيها القدرة المفترضة على الانتشار، والتدفق الجيني العمودي أو الأفقي، وغير ذلك من الآثار الإيكولوجية، والآثار على التنوع البيولوجي والأثر المترتب عن وجود المواد المحورة وراثيا في منتجات أخرى.21
لقد جرى تطوير مفهوم التعود ضمن مفهوم السلامة البيئية للنباتات المحورة وراثيا. ويسهل هذا المفهوم عمليات تقييم المخاطر/السلامة لأن التعود على شيء ما يعني امتلاك ما يكفي من المعلومات للتمكن من إصدار حكم بشأن السلامة أو الخطر (U.S. NAS, 1989). كما يمكن اللجوء إلى مفهوم التعود لتحديد ممارسات الإدارة الملائمة، بما في ذلك الحكم على ملاءمة الممارسات الزراعية الموحدة أم هناك حاجة إلى ممارسات أخرى لإدارة الخطر (منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، 1993). وقد وضعت الجماعة الاستشارية الدولية المعنية بمعالجة الأغذية بالإشعاع موجزا بالترتيب الزمني للعمل الذي قامت به المنظمات الدولية في ميدان السلامة الحيوية.22
إن بروتوكول قرطاجنة بشأن السلامة الحيوية، المرتبط باتفاقية التنوع البيولوجي، هو الصك التنظيمي الدولي الوحيد الذي يعالج، وعلى نحو خاص، الآثار السلبية المحتملة للكائنات المحورة وراثيا (التي يسميها البروتوكول بالكائنات الحية المحوّرة) على البيئة. ويشمل بروتوكول السلامة الحيوية التحركات عبر الحدود لأي من الأغذية المحورة وراثيا التي تطابق تعريف الكائنات الحية المحورة. كما يحدد الملحق الثالث من البروتوكول المبادئ العامة ومنهجية تقييم المخاطر المتأتية عن الكائنات الحية المحورة. ويضع البروتوكول مجموعة متسقة من الأنظمة والتدابير الدولية الرامية إلى ضمان تزويد البلدان بالمعلومات ذات الصالة من خلال نظام تبادل المعلومات المسمى بنظام تنسيق السلامة الحيوية". ويتيح نظام المعلومات هذا المتوفر عبر الانترنت اتخاذ البلدان لقرارات واعية قبل الموافقة على استيراد كائنات حية محورة. كما يضمن إرفاق شحنات الكائنات الحية المحورة بالوثائق اللازمة لتحديد هويتها. وإذ يشكل الاتفاق الأساس التنظيمي الدولي للكائنات الحية المحورة فإنه لا يعالج على نحو خاص الأغذية المحورة وراثيا، كما أن نطاقه لا يشمل الأغذية المحورة وراثيا التي لا تماشي تعريف الكائن الحي المحور. يضاف إلى ذلك أن نطاق معالجته للمسائل المتعلقة بصحة الإنسان محدود لأنه يركز في المقام الأول على السلامة الحيوية، مما يتماشى ونطاق الاتفاقية ذاتها.
الآثار المحتملة وغير المقصودة للكائنات المحورة وراثيا على الكائنات غير المستهدفة والنظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي: تشمل الأخطار المحتملة على البيئة الآثار غير المقصودة على الكائنات غير المستهدفة والنظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي. فعلى سبيل المثال جرى تطوير المحاصيل المحورة وراثيا والمقاومة للحشرات بإبراز تعبير وراثي لأحد أصناف السموم القاتلة للحشرات والمشتقة من البكتريا Bacillus thuringiensis. وقد جرى تدارس الأثر الضار على الحشرات المفيدة أو الظهور السريع لحشرات مقاومة (التعبير الظاهر في غبار الطلع ومناطق الزراعة، وفقا للمواصفات الخاصة لبروتينات هذه البكتريا) ضمن تقييم المخاطر البيئية لعدد من المحاصيل المحورة وراثيا لحمايتها من الحشرات. وتعتبر هذه المواضيع مسألة من مسائل استراتيجيات الرصد وتحسين إدارة مقاومة الآفات التي قد تؤثر بالتالي على سلامة الأغذية خلال أجل طويل (منظمة الصحة العالمية، الوكالة الوطنية الإيطالية لحماية البيئة)23. ويمكن رش جرعات إضافية من مبيدات الأعشاب على المحاصيل المقاومة لها بعد ظهور هذه الأعشاب، وبالتالي تجنب عمليات الرش الوقائية قبل الظهور وتقليل عدد عمليات رش مبيدات الأعشاب اللازمة. وفي بعض الأوضاع الزراعية الإيكولوجية، كالضغط الكبير الناجم عن الأعشاب الضارة، أسفر استخدام المحاصيل المقاومة لمبيدات الأعشاب عن انخفاض كمية مبيدات الأعشاب المستخدمة ، وفي حالات أخرى لم يشر إلى انخفاض في مبيدات الأعشاب، بل ولم يشر إلى بروز الحاج إلى زيادة استخدامات مبيدات الأعشاب24.
التهجين الخارجي: أفيد عن التهجين الخارجي للجينات في حقول النباتات المحورة وراثيا والمزروعة للاستخدام التجاري، بما فيها اللفت ذو البذور المخصصة لاستخراج الزيت والشمندر السكري، كما جرت تبيانه في تجارب لعدد من المحاصيل، من بينها الأرز والذرة. ويمكن أن يسفر التهجين الخارجي عن نقل غير مقصود للجينات، كالجينات المقاومة لمبيدات الأعشاب، إلى محاصيل أو أعشاب ضارة غير مستهدفة، وبالتالي تظهر مشاكل جديدة على صعيد إدارة الحشائش. ويمكن توقع النتائج المترتبة عن التهجين الخارجي في مناطق يتسم المحصول المحور وراثيا فيها بتوزيع تعايشي وبفترات إزهار متزامنة، مما يكسبها توافقا مرتفعا مع أقارب للحشائش أو للأصناف البرية كما هو الحال في الأرز25. وبالنظر إلى النتائج المحتملة لتدفق الجينات من الكائنات المحورة وراثيا، فقد جرى النظر في استخدام التقنيات الجزيئية لمنع تدفق الجينات، وهي قيد التطوير حاليا.
الحيوانات المحورة وراثيا: يهتم تقرير صدر مؤخرا عن دراسة لأكاديمية العلوم في الولايات المتحدة باحتمال فرار بعض الأسماك المحورة وراثيا وغيرها من الحيوانات، وتكاثرها في الطبيعة وإدخالها جينات مركّبة إلى الأصناف البرية26. وتعتبر الحشرات والأصداف والأسماك وغيرها من الحيوانات المحورة وراثيا التي يسهل فرارها هي حيوانات سريعة الحركة وتشكل مجموعات تعود إلى الحياة البرية بسهولة، مصدر قلق، لاسيما إذا كانت تتكاثر بنجاح أكبر مقارنة بنظيراتها من الأصناف البرية. فعلى سبيل المثال يمكن لسمك السلمون المحور وراثيا والحامل لجينات تسرّع النمو أن ينافس الأصناف البرية بنجاح على الطعام وأن يتكاثر بسرعة أكبر من السلمون البري، وأن يشكل بالتالي تهديدا للمجموعات البرية إذا ما أطلق في الطبيعة. ويمكن أن يؤدي استخدام أسماك أنثى محورة وراثيا لتكون عقيمة إلى التقليل من التكاثر بين المجموعات الأصلية والمجموعات المرباة في المزارع، وهي مشكلة تنجم حاليا عن الأسماك غير المحورة وراثيا في تربية الأسماك في البحار ضمن الشباك. فالعقم يلغي احتمال انتشار الجينات المحورة في البيئة، لكنه لا يلغي جميع احتمالات الضرر الإيكولوجي. وتعد التحوير إلى وحيدات الجنس الحاوية على ثلاثة مجموعات من الجينات أفضل الطرائق المتوافرة حاليا لتعقيم الأسماك والأصداف، لكن من الضروري تطبيق تدابير للتحقق من سلامة المجموعات الثلاثية من الجينات.27
الكائنات الدقيقة المحورة وراثيا: جرى تبيان انتقال الجينات بين البكتريا من مختلف الأصناف والأنواع أو السلالات في التربة وغيرها من النظم. ويتم انتقال الجينات هذا بين الكائنات الدقيقة العادية في جميع النظم الإيكولوجية، كما تبين حدوثه بين الكائنات الدقيقة المحورة وراثيا وغيرها من الكائنات الدقيقة الأخرى، وهو حال الجينات المقاومات للمضادات الحيوية على سبيل المثال. وانتقال الجينات المقاومة للمضادات الحيوية إلى الكائنات الدقيقة الموجودة في الأغذية وذات الأهمية السريرية هو حدث غير محبذ من حيث سلامة الأغذية، لكن انخفاض وتيرة هذا الانتقال ستؤدي على الأرجح إلى انخفاض مستوى القلق الناجم عنها أيضا. وقد سمح بإطلاق عدد محدود للغاية من الكائنات الدقيقة المحورة وراثيا ( ومثالها Pseudomonas وRhizobia) لاستكشاف مدى انتشارها وما ستؤول إليه في الطبيعة. وفي بعض الحالات اكتشف أن مجموعات البكتريا المحورة وراثيا والمطلقة في الطبيعة تستمر حية في التربة لسنوات عديدة. وتجري حاليا دراسة النتائج المحتملة لذلك على المجموعات الطبيعية من الكائنات الدقيقة في التربة. لكن تقييم المخاطر في هذه الحقول تعيقه عوامل عديدة، كالمعرفة المحدودة بالكائنات الدقيقة الأصلية الموجودة في البيئة (يتوافر توصيف تصنيفي لقرابة 1 في المائة فقط من البكتريا في التربة) ووجود آليا انتقال طبيعية بين الكائنات الدقيقة، وصعوبة التحكم في انتشارها (مشاورة الخبراء المشتركة بين منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة، الأحياء الدقيقة المحورة وراثيا، 2001)28.
الخصوصيات الإقليمية في عمليات تقييم السلامة: إن تضارب الاستنتاجات فيما يتعلق بمنافع أو مساوئ نفس المحصول المحور وراثيا قد تنشأ عن اختلاف الظروف الزراعية-الإيكولوجية في مناطق مختلفة. فعلى سبيل المثال يمكن أن يكون لاستخدام المحاصيل المقاومة لمبيدات الأعشاب وما ينجم عن ذلك من استخدام لهذه المبيدات أثرا ضارا في المساحات الزراعية الصغيرة التي تكثر فيها الزراعة الدورية ويقل فيها الضغط الناجم عن الآفات. بيد أن الاستخدام المعقول لمبيدات الأعشاب على هذه المحاصيل المحورة وراثيا قد يكون نافعا في ظروف زراعية أخرى، إذ قد يؤدي إلى خفض استخدام مبيدات الأعشاب. ولا توجد حاليا أية قرائن دامغة وقابلة للتعميم عن الميزات أو التكاليف المترتبة على البيئة جراء استخدام المحاصيل المحورة وراثيا. وقد تختلف النتائج اختلافا كبيرا باختلاف السمات المحورة وراثيا وأنواع المحاصيل والظروف المحلية، بما فيها السمات الأيكولوجية والسمات الزراعية-الإيكولوجية.
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى