-
عضو جديد
بحث عن الشرع و العقل
التقرير
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على محمد خاتم النبين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن سار على نهجه الى يوم الدين وبعد :فان اصدق الكلام كلام الله عز وجل, وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
لما ختم الله النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم وختم الرسالة وقبلها لنا وأعلمنا بذلك بقوله عز وجل الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا) فقد أخبرنا انه تام كي لا نبتدع شيء ,لان التام دونه الناقص ومازاد عليه فهو باطل وقد روى ابن جرير رحمه الله عن ابن عباس في تفسير الاية :"اليوم أكملت لكم دينكم"، وهو الإسلام. قال: أخبر الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أنه قد أكمل لهم الإيمان، فلا يحتاجون إلى زيادة أبدًا، وقد أتمه الله عز ذكره فلا ينقصه أبدًا، وقد رضيه الله فلا يَسْخَطه أبدًا.(تفسير ابن جرير (ج9ص518)) وقال ابن كثير رحمه الله : "هذه أكبر نعم الله ، عز وجل، على هذه الأمة حيث أكمل تعالى لهم دينهم ، فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم، صلوات الله وسلامه عليه؛ ولهذا جعله الله خاتم الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما شرعه، وكل شيء أخبر به فهو حق وصدق لا كذب فيه ولا خُلْف، كما قال تعالى: { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا } [ الأنعام : 115 ] أي: صدقا في الأخبار، وعدلا في الأوامر والنواهي، فلما أكمل الدين لهم تمت النعمة عليهم ؛ ولهذا قال [تعالى] { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا } أي: فارضوه أنتم لأنفسكم، فإنه الدين الذي رضيه الله وأحبه وبعث به أفضل رسله الكرام، وأنزل به أشرف كتبه."(تفسير ابن كثير( ج3ص26)) فعلم من ذلك ان النقص ان حصل فانما يحصل بتقصير الناس في اتباع الشرع لا بتقصير الشرع ولا ضياعه فانه لا يرفع من الصدور كما أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْزِعُ الْعِلْمَ بَعْدَ أَنْ أَعْطَاكُمُوهُ انْتِزَاعًا وَلَكِنْ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُمْ مَعَ قَبْضِ الْعُلَمَاءِ بِعِلْمِهِمْ فَيَبْقَى نَاسٌ جُهَّالٌ يُسْتَفْتَوْنَ فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ فَيُضِلُّونَ وَيَضِلُّونَ "(صحيح البخاري (ج22ص279)),وروى أحمد رحمه الله عن ابي هريرة قال:" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَظْهَرُ الْفِتَنُ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ وَيُرْفَعُ الْعِلْمُ.َلَمَّا سَمِعَ عُمَرُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ يُرْفَعُ الْعِلْمُ قَالَ عُمَرُ أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ يُنْزَعُ مِنْ صُدُورِ الْعُلَمَاءِ وَلَكِنْ يَذْهَبُ الْعُلَمَاءُ"(مسند الامام أحمد( ج20ص385)) لأن العلم يجعل الشرع متبوعا والجاهل يجعل هواه شرعا وشتان بين من يتبع الهدى ومن يتبع الهوىقال جل وعلا:" قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ"(الانعام56)وقال عز وجل:"أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ"(محمد14)وهذا ما أحب ان ابينه, كيف يزين للانسان سوء عمله فيراه حسنا ؟ وكيف ينظر الانسان لما يشاهده من حوله وما يسمعه من أخبار لماذا يسهل على انسان تصديق شيء ويسهل على الأخر تكذيب؟ هنا سأركز على اكتساب العلم واثر التعليم واكتساب المعرفة على الانسان وهل ما هو بديهي عند انسان هو كذلك عند الأخر ؟
نبدء من حيث انتهى السؤال ونراجع قول شيخ السلام في كتاب درء تعارض العقل والنقل حيث قال رحمه الله تعالى :" وما يحتج به بعضهم على أن هذا ممكن بأنا لا نعلم امتناعه كما نعلم امتناع الأمور الظاهر امتناعها مثل كون الجسم متحركا ساكنا فهذا كاحتجاج بعضهم على أنها ليست بديهية بأن غيرها من البديهيات أجلى منها وهذه حجة ضعيفة لأن البديهي هو ما إذا تصور طرفاه جزم العقل به والمتصوران قد يكونان خفيين فالقضايا تتفاوت في الجلاء والخفاء لتفاوت تصورها كما تتفاوت لتفاوت الأذهان وذلك لا يقدح في كونها ضرورية ولا يوجب أن ما لم يظهر امتناعه يكون ممكنا بل قول هؤلاء أضعف لأن الشيء قد يكون ممتنعا لأمور خفية لازمة له فما لم يعلم انتفاء تلك اللوازم أو عدم لزومها لا يمكن الجزم بإمكانه والمحال هنا أعم من المحال لذاته أو لغيره والإمكان الذهنى حقيقته عدم العلم بالامتناع وعدم العلم بالامتناع لا يستلزم العلم بالإمكان الخارجى بل يبقى الشىء في الذهن غير معلوم الامتناع ولا معلوم الإمكان الخارجى وهذا هو الإمكان الذهني فإن الله سبحانه وتعالى لم يكتف في بيان إمكان المعاد بهذا إذ يمكن أن يكون الشيء ممتنعا ولو لغيره وإن لم يعلم الذهن إمتناعه بخلاف الإمكان الخارجي فإنه إذا علم بطل أن يكون ممتنعا ، والإنسان يعلم الإمكان الخارجي تارة بعلمه بوجود الشيء وتارة بعلمه بوجود نظيره وتارة بعلمه بوجود ما الشيء أولى بالوجود منه فإن وجود الشيء دليل على أن ما هو دونه أولى بالإمكان منه" فهو رحمه الله يتكلم عن اناس الزموا غيرهم بما يعتبروه حقيقة بديهية فبين ان الامر لو كان كذلك لما نازعه غيره فيه , ومن المعلوم ان النزاع على الحقيقة يعني ان احد الطرفين مخطيء على اقل تقدير وقد تكون الحقيقة بين وبين مختفية عن الطرفين لذا فلا يجوز ان تعتبر بديهية وانما هي ظنيات يجب الرجوع بها الى القطعيات ليرد الامر المختلف فيه الى الامر المتفق عليه . فيُحكم على ما اختلف فيه مما اتفق عليه , وبالطبع ليس ما اتفق عليه بعض الناس دون غيرهم , وانما ما يتفق عليه العقلاء عند سماعهم ويتحد حكمهم عليه من غير تواطؤ منهم . وقد بين شيخ الاسلام الاختلاف بالمسألة فقال رحمه الله عن ما يتناسب مع موضوعنا حيث كان يرد على من يزعم ان العقل مقدم على الشرع او العكس فبين ان كلا القولين غير جائز على اطلاقه وبعد ان بين طرق التعارض وقسم الاخبار و العقل تكلم عن زعم البعض بالتعارض وبين سبب هذا الزعم :"والمسائل التي يقال إنه قد تعارض فيها العقل والشرع جميعها مما اضطرب فيه العقلاء ولم يتفقوا فيها على أن موجب العقل كذا بل كل من العقلاءيقول إن العقل أثبت أو أوجب أو سوغ ما يقول الآخر إن العقل نفاه أو أحاله أو منع منه بل قد آل الأمر بينهم إلى التنازع فيما يقولون إنه من العلوم الضرورية فيقول هذا نحن نعلم بالضرورة العقلية ما يقول الآخر إنه غير معلوم بالضرورة العقلية ، كما يقول أكثر العقلاء نحن نعلم بالضرورة العقلية امتناع رؤية مرئى من غير معاينة ومقابلة ويقول طائفة من العقلاء إن ذلك ممكن ، ويقول أكثر العقلاء إنا نعلم أن حدوث حادث بلا سبب حادث ممتنع ويقول طائفة من العقلاء إن ذلك ممكن ، ويقول أكثر العقلاء إن كون الموصوف عالما بلا علم قادرا بلا قدرة حيا بلا حياة ممتنع في ضرورة العقل وآخرون ينازعون في ذلك ، ويقول أكثر العقلاء إن كون الشيء الواحد أمرا نهيا خبرا ممتنع في ضرورة العقل وآخرون ينازعون في ذلك ، ويقول أكثر العقلاء إن كون العقل والعاقل والمعقول والعشق والعاشق والمعشوق والوجود والموجود والوجوب والعناية أمرا واحدا هو ممتنع في ضرورة العقل وآخرون ينازعون في ذلك ، ويقول جمهور العقلاء إن الوجود ينقسم إلى واجب وممكن وقديم ومحدث وإن لفظ الوجود يعمهما ويتناولها وإن هذا معلوم بضرورة العقل ومن الناس من ينازع في ذلك، ويقول جمهور العقلاء إن حدوث الأصوات المسموعة من العبد بالقرآن أمر معلوم بضرورة العقل ومن الناس من ينازع في ذلك ، وجمهور العقلاء يقولون إثبات موجودين ليس أحدهما مباينا للآخر ولا داخلا فيه أو إثبات موجود ليس بداخل العالم ولا خارجه معلوم الفساد بضرورة العقل ومن الناس من نازع في ذلك ، وجمهور العقلاء يعلمون أن كون نفس الإنسان هي العالمة بالأمور العامة الكلية والأمور الخاصة الجزئية معلوم بضرورة العقل ومن الناس من نازع في ذلك وهذا باب واسع ، فلو قيل بتقديم العقل على الشرع وليست العقول شيئا واحدا بينا بنفسه ولا عليه دليل معلوم للناس بل فيها هذا الإختلاف والإضطراب لوجب أن يحال الناس على شيء لا سبيل إلى ثبوته ومعرفته ولا اتفاق للناس عليه ، وأما الشرع فهو في نفسه قول الصادق وهذه صفة لازمة له لا تختلف باختلاف أحوال الناس والعلم بذلك ممكن ورد الناس إليه ممكن ولهذا جاء التنزيل برد الناس عند التنازع إلى الكتاب والسنة كما قال تعالى يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ، سورة النساء 59 فأمر الله تعالى المؤمنين عند التنازع بالرد إلى الله والرسول".
-
عضو جديد
مشكور وما تقصر الله يزيد من امثالك ^^__^^
-
عضو جديد
مشكور وما تقصر الله يزيد من امثالك ^^__^^
-
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى