أولياء أمور يشتكون صعوبة وكثافة المواد الدراسية

انشغال المعلم بالأنشطة المساندة يجعل المقرر الدراسي طويلاً

تربويون: المناهج الجديدة تنمي شخصية الطالب وتقوده إلى إنتاج المعرفة

تحقيق: وائل نعيم





اشتكى أولياء أمور من صعوبة وكثافة مناهج وزارة التربية والتعليم في معظم المراحل الدراسية، معتبرين أنه ثمة أسئلة تعتمد على استنتاجات الطالب وفهمه للدرس وهذا يتوقف على وجود المعلم القادر على توصيل المعلومة إلى الطالب انسجاما مع المحتوى العلمي للمادة الدراسية، وفي الوقت ذاته هناك آيات قرآنية طويلة يصعب على الطلبة حفظها، إلى جانب كثافة المناهج في مختلف المواد الدراسية، ما يجعل أولياء الأمور يشعرون بصعوبة المنهج الدراسي والتعامل معه أثناء تدريس أبنائهم .

بالمقابل يؤكد موجهو المواد الدراسية أن شكوى أولياء الأمور مرتبطة بمظاهر ثقافة قديمة لا تزال سائدة حتى الآن، وأن المناهج الجديدة تنمي شخصية الطالب وتدربه على مهارة التحدث وتقوده إلى اكتشاف وإنتاج المعرفة، وأن انشغال المعلم بتناول الأنشطة المساندة يجعل المقرر الدراسي طويلا، وفي ما يتعلق بكثافة المواد العلمية فثمة أسئلة تراعي جميع المستويات وتتيح لأي طالب حل التمارين الأساسية التي تتناسب مع مستواه وهذا يزيد من كثافة المنهاج وليس بالضرورة أن يحل الطالب جميع التمارين فالكثافة هنا غير إجبارية وإنما لتنمية ثقافة الاختيار، إلى جانب أن المواد العلمية في مناهج الوزارة تتسم بالعالمية أي أنه لا يوجد معارف علمية ذات خصوصية قطرية أو إقليمية، وأن الإشكالية الحقيقية هي الانتقال من التعليم إلى التعلم بمعنى الانتقال من الاعتماد على المعلم إلى الاعتماد على المتعلم في إنتاج المعرفة وتطويرها وفي الانتقال من أساليب التقويم التقليدي للمعلمين إلى أساليب التقويم الحقيقي “الأدائي” والذي يعد ثقافة جديدة بالنسبة إليهم .

كما روعي في احتساب الزمن المناسب بإعداد الحصص المطلوبة لتنفيذ المحتوى وأن المناهج جاءت لتعزيز البدائل أمام المعلم والمتعلم بما يستجيب لمستويات الطلبة وتنوع أنماط تعلمهم، ولمناهج العلوم المطورة ايجابيات تتمثل في بنائها على الذكاءات المتعددة بمعنى الاستجابة إلى الانماط التعليمية لكل متعلم، وأثبتت المناهج الجديدة من خلال مشاركات طلابنا في الأعوام الأخيرة في المنافسات العالمية، الدور الإيجابي الذي قدمته تلك المناهج من حيث المحتوى العلمي والمهارات، وأسهمت في التقدم المستمر لطلابنا المشاركين في هذه المنافسات .

تقول إيمان عبيد - تدرس ابنتها في الصف الأول - إن مناهج اللغة العربية والتربية الوطنية والتربية الإسلامية تحتوي على صعوبات لا تتناسب مع المرحلة العمرية للطلبة، وخاصة أن ثمة أسئلة تعتمد على استنتاجات الطالب، إلى جانب وجود آيات قرآنية طويلة يصعب على الطلبة حفظها، إلى جانب أن هذه المناهج فيها تكثيف للدروس، ما يجعل ولي الأمر والطالب يشعر بصعوبة المنهج الدراسي لدى تعليم ابنه ومتابعته لدروسه .

مصطلحات صعبة

وترى دلال المطاوعة - لديها ابن في الصف الرابع وابنة في الصف الثاني - أن المناهج الدراسية ثقيلة على الطلبة وخاصة المواد العلمية مثل الرياضيات والعلوم التي تحتوي على تعاريف ومصطلحات صعبة على الطالب ولا تتناسب مع عمره، وثمة مسائل بحاجة إلى شرح ومحتوى الدروس لا يفي بالغرض المطلوب لأنه غير كاف، إلى جانب إشكالية تتعلق بالمعلم نفسه الذي لا يمتلك القدرة المتميزة على شرح الدرس للطالب بالشكل المطلوب، ما يجعل الطالب غير قادر على التفاعل مع الأسئلة والإجابة عنها، وعلى وزارة التربية والتعليم تأهيل المعلمين من خلال إخضاعهم لدورات تدريبية على مدار السنة، وأضافت رغم أنني خريجة دبلوم كمبيوتر فإنني أجد صعوبة في شرح بعض الدروس لأبنائي وأشعر بالحرج أحيانا لأنني لا أستطيع الإجابة عن الأسئلة الاستنتاجية التي لا يتضمن الدرس الإجابة عنها .

بينما يرى الدكتور محمود العلو - يدرس أبناؤه في الحلقة الثانية والمرحلة الثانوية - أن المناهج الدراسية حسب آراء أولاده ليست صعبة ولا يعانون من أية مشكلات مع محتواها العلمي، ويعزو ذلك لأنهم من الطلبة المتفوقين ويجدون المناهج تتناسب مع مقدراتهم ومهاراتهم بشكل إيجابي .

أسئلة استنتاجية

وتقول خلود مزيد - تدرس ابنتها في الصف الثالث - ثمة أسئلة استنتاجية في مادتي العلوم والرياضيات تحتاج إلى استيعاب الطالب من شرح المعلم حتى يستطيع الإجابة عليها لأن الكتاب المدرسي لا يحتوي على الإجابات، وهذا بحد ذاته يعتمد على قدرة المعلم في توصيل المعلومة للطلبة من خلال الشرح الجيد وعدم المرور بشكل سريع على المعلومة، وهو يعرف أنها جواب لسؤال استنتاجي في نهاية الدرس .

من جهته يرى أسامة فوزي مهندس - يدرس أبناؤه في الصفين الرابع والسادس - أنه ومن خلال متابعته اليومية لأبنائه، أن المناهج الدراسية لا تتناسب كما وكيفا مع المرحلة العمرية للطالب وخاصة مناهج الصف السادس، وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن مادة الجغرافيا فيها من المصطلحات والدروس ما يصعب فهمه على الطالب، إلى جانب التركيز على الأسئلة الاستنتاجية في مختلف المواد وهذا بحد ذاته يرهق الطالب، ومن المفترض أن تكون المناهج الدراسية في متناول جميع الطلبة وليس لفئة معينة من الطلبة، ونظرا لأن الامتحانات أصبحت تركز على الأسئلة الاستنتاجية فالمطلوب وجود المعلم الكفء القادر على شرح الدرس وإيصال المعلومة للطلبة حتى يتسنى لهم الإجابة على تلك الأسئلة .

التربية الإسلامية

تقول هدى علي رئيس قسم العلوم في إدارة المناهج إن منهج التربية الإسلامية لا توجد فيه صعوبة وكثافة بالنسبة للمادة الدراسية، وشكوى أولياء الأمور مرتبطة بمظاهر ثقافة قديمة لا تزال سائدة حتى الآن، وعلى سبيل المثال لا الحصر المنهج القديم للتربية الإسلامية للصف السابع كان يتضمن 53 درسا، والمنهج المطور يتضمن 38 درسا، والمنهج القديم للصف التاسع كان يتضمن 54 درسا والمنهج الجديد يتضمن 32 درسا، والمنهج القديم للصف السادس كان يتضمن 47 درسا والجديد يتضمن 38 درسا، وهذا يبين أن عدد الدروس في المناهج المطورة أقل من المناهج السابقة، وطريقة عرض الدرس نفسه اختلفت فلم يعد الدرس يقدم كنص مجرد تقدم فيه الخبرات من دون أي مهارات يكون فيها الطالب متلقي والمعلم متحدث، والآن اختلف الأمر فأصبح تقديم الخبرات مبني على المهارات سواء كانت مهارات حركية أو تطبيقية، وطبيعة بناء الدرس تغيرت بدلا من المحتوى يغطي 3-4 صفحات أصبحت الآن كل خبرة تقدم عن طريق مهارة والكثافة في المناهج باتت نوعية وليست كمية كما في السابق .

اللغة العربية

وتؤكد فاطمة شحود اختصاصية لغة عربية في إدارة المناهج أنه يوجد عدم التزام من المعلمين وتطبيقهم لآليات تنفيذ الدروس، وفي المنهج القديم للغة العربية كان الطالب يدرس ثلاثة كتب هي: لغة عربية، تطبيقات، مطالعة، وجمعت هذه الكتب في المنهج الحديث بكتاب واحد من باب التكاملية في عرض المادة وتمت دراسة متوازنة للكتاب المدرسي بما يخدم العملية التعليمية .

ويشير أحمد عرابي اختصاصي مناهج لغة عربية في إدارة المناهج إلى أن كتاب الطالب يتضمن أنشطة ذات صلة بالناتج المستهدف وأنشطة أخرى مساندة لتحقيق هذا الناتج، ويتناول الموقف الصفي نوعي الأنشطة السابقين بالاهتمام نفسه في حين أن الاهتمام يجب أن ينصب على الأنشطة المتعلقة بالناتج المستهدف، وانشغال المعلم بتناول الأنشطة المساندة يجعل المقرر الدراسي طويلا كما يظن أولياء الأمور والطلبة والمعلمون .

والشكوى من صعوبة المقررات الدراسية الجديدة هي نغمة سنوية تتردد وترافق كل منهج جديد وبعد مرور عام أو عامين على تدريس المقرر يصبح سهلا، ولا أجد إطالة في هذه الكتب ونوعية المادة العلمية هي نفسها في الكتب القديمة، إلى جانب أنه في كل نص شعري أو نثري هناك تفصيلات كثيرة .

المناهج الجديدة تصقل شخصية الطفل ولا تربي فقط وتغرس معلومات في ذهن الطالب وإنما تنمي شخصيته من خلال التدريب على مهارة التحدث، ولا تزال ثقافة التلقين هي السائدة وهذا ما يدفع ولي الأمر ليقول إن الكتاب كثيفا، ظنا منه أن كل ما في الكتاب سيأتي في الامتحان، وعلينا أن نعلم أن الامتحان يقيس امتلاك المهارات المستهدفة في الكتاب المدرسي ونحن نأتي بنصوص من خارج الكتاب في الامتحان لقياس تلك المهارات وهذا ما نؤكده من خلال فلسفة التعلم، وفي ما يخص الإطالة في المناهج فالمعلم يمكنه أن يحول الكثير من الأنشطة إلى واجبات .

الرياضيات

مالك جلاد موجه رياضيات يرى أن تحديد مصدر شكوى الصعوبة والكثافة في المنهج الدراسي غير معلوم قد تكون من طالب ضعيف أو متوسط .

وفي ما يخص مناهج الرياضيات المطورة فإنها مبنية على الفهم والتحليل والتفسير والتبرير وتواكب التطورات العالمية في هذا المجال، بينما الكتب القديمة للمادة كانت مبنية بشكل تقليدي تركز على التذكر أحيانا، والكتب المطورة تراعي جميع المستويات المتميز والمتوسط والضعيف، وفيها تمارين تحاكي جميع مستوياتهم، وقد لا يستطيع طالب ضعيف حل أسئلة طالب متميز هنا سيشتكي من الصعوبة، والكتب المطورة تنمي روح الابداع والتعاون بين الطلاب، وليس من الضروري أن يحل الطالب جميع مسائل الكتاب ولكن يمكن أن يحلها الطالب المتميز .

وبالنسبة لكثافة مناهج الرياضيات فإن المناهج الجديدة تحتوي على أنشطة كثيرة تربط الرياضيات بالعلوم الأخرى وتبين تطبيقاتها العملية، وتربطها بالبيئة، وهنا يعود إلى المعلم اختيار بعض الأنشطة المناسبة للدرس وليس جميعها .

من جانبه يوضح أيمن حسن اليازوري موجه كيمياء أن هذا العام تم اكتمال بنية التطوير في مناهج العلوم بمعنى تم ادماج آخر كتابين للعلوم للصفين الثامن والتاسع، وبذلك الأمر اكتملت سلسلة التطوير من الصف الأول إلى الصف الثاني عشر في مواد العلوم والكيمياء والفيزياء والأحياء، وتم رفع سقف الحصص الدراسية في مادة العلوم إلى أربع حصص لجميع الفصول من الصف الأول إلى الصف التاسع لتعطي المعلم والطالب فرصة لتغطية هذه المناهج بما فيها من أنشطة وأداءات متعددة . ولمناهج العلوم المطورة إيجابيات تتمثل في الاستجابة إلى الانماط التعليمية لكل متعلم، وأصبح لدينا في المناهج أنشطة لفظية وسمعية وأخرى بصرية وحركية وتفاعلية، بهدف الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من المتعلمين، وهناك أنشطة تحاكي المستويات المختلفة للمتعلمين منها الأساسي والعام والمتقدم، إلى جانب أنشطة دمج تعمل على إدماج الطلبة الذين يعانون من صعوبات تعلم بما ينسجم مع فلسفة الوزارة .

وفي ما يخص المناهج الدراسية العلمية فيتم بناؤها وفقا للوثائق الوطنية والتي تعد مسبقا بواسطة خبراء في هذا المجال وتشمل الوثائق على المفاهيم والمهارات التي تراعي خصوصية المجتمع وثقافته وتنسجم مع الحداثة في المحتوى العلمي المقدم . كما أن مناهج العلوم في الوزارة تتسم بالعالمية أي أنه لا يوجد معارف علمية ذات خصوصية قطرية أو اقليمية أي لا يوجد كيمياء لبلد وكيمياء لبلد آخر .

وبالنسبة لكثافة المناهج في المواد العلمية روعي في احتساب الزمن المناسب باعداد الحصص المطلوبة لتنفيذ المحتوى، وأن المناهج الجديدة في أعوامها الأولى تعد ومن وجهة نظر التربويين مناهج قيد التجريب، لذلك فإن إدارة المناهج ترحب بأية تغذية راجعة من الميدان على مستوى التنفيذ أو التقييم أو زمن التنفيذ، ونظرا لعالمية هذه المناهج، فيجب أن تتضمن مفاهيم ومصطلحات علمية قد تبدو بالغريبة أمام أولياء الأمور، لكننا حتما علينا تدريسها لطلابنا لمواكبة المستوى العالمي في معايير العلوم من حيث المحتوى، بما يؤهل طالب الإمارات للمشاركة في المنافسات العلمية العالمية “أولمبياد العلوم الدولي”، واكتشفنا من خلال مشاركات طلابنا في الأعوام الأخيرة في هذه المنافسات الدور الإيجابي الذي قدمته مناهج العلوم المطورة من حيث المحتوى العلمي والمهارات، إذ إنها ساهمت في التقدم المستمر لطلابنا المشاركين في هذه المنافسات، وفي ما يتعلق بكثافة المناهج فإنها جاءت لتعزيز البدائل أمام المعلم والمتعلم بما يستجيب لمستويات الطلبة وتنوع أنماط تعلمهم .

خلود القاسمي: توزيع المقررات الدراسية وفقاً لأيام التمدرس الفعلية

قالت خلود القاسمي مدير إدارة المناهج في وزارة التربية والتعليم ثمة آلية لتوزيع مفردات المقررات الدراسية وفقا لأيام التمدرس الفعلية، وتقوم إدارة المناهج قبل بداية كل عام دراسي جديد بتحديد مفردات المقررات الدراسية في كل مادة دراسية وتوزيعها على الفصلين الدراسيين، وفقا للتقويم المدرسي ومواعيد بدء الدراسة في كل فصل دراسي ومواعيد الامتحانات ومواعيد نهاية الفصلين الدراسيين، ويتم توزيع المفردات مع مراعاة السقف الأعلى لعدد الحصص المطلوبة لتنفيذ كل وحدة أو درس، مع الإشارة الى أهمية الاسترشاد بدليل المعلم في كل مادة الذي يحدد عدد الحصص المطلوبة لتنفيذ الدروس، إلى جانب التنسيق مع الموجهين الأوائل للمواد الدراسية المختلفة، وذلك لدراسة التوزيع المبدئي الذي تضعه إدارة المناهج، ومن ثم إبداء الملحوظات، ليصار بعدها إلى التعديل، ومن ثم التعميم على المناطق التعليمية التي تقوم بدورها بتعميم التوزيع على المدارس والمعلمين .

وإذا كان محتوى الكتاب المدرسي أكبر من أن يستوعبه العام الدراسي تحول بعض الدروس إلى قراءات غير منهجية “قراءات حرة لا تدخل في الامتحانات”، كما تحول بعض الأنشطة إلى أنشطة إثرائية تعزز فهم الطالب ولا تدخل كذلك في الامتحانات .

وإذا كانت أيام أحد الفصلين الدراسيين أكثر من الآخر، فإنه يتم ترحيل بعض الدروس من الفصل الأقل مدة إلى الفصل الأطول مدة، وتكون هذه الدروس مقررة على الطلبة وتدخل ضمن الامتحانات .

أما إلغاء الدروس فنادراً ما يتم، وإذا تم فإنها تلغى لأسباب طارئة وجوهرية، والجدير بالذكر هنا بأننا نستفيد من اقتراحات المعلمين التي ترد في استمارات التغذية الراجعة بشأن توزيع مقررات المواد الدراسية .