كلية فاطمه للعلوم الصحيه ( مقال جريدة الخليج)
حصلت كلية فاطمة للعلوم الصحية، إحدى مؤسسات معاهد التكنولوجيا التطبيقية، مؤخراً على الاعتماد الأكاديمي الأول من هيئة الاعتماد بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي لكل شهاداتها وبرامجها، حيث ساهمت المعايير المطبقة في الكلية، منذ بداية تأسيسها بشكل أساسي، في الحصول على ذلك الاعتماد .
وتهدف الكلية، التي انشئت في العام ،2006 إلى تلبية الحاجة المتزايدة للدولة لمتخصصين في مهارات الرعاية الصحية، وتوفر حالياً برنامجاً يمنح درجة البكالوريوس في التمريض، كما تخطط لتقديم برامج تخصصية أخرى في مجالات الصحة العامة وتقنيات العلوم الصحية في المستقبل القريب .
“الخليج” التقت مدير عام معاهد التكنولوجيا التطبيقية، وعدداً من المعلمين وطلاب وطالبات الكلية، لتسليط الضوء حول هذا الصرح الجامعي الجديد الذي يضاف إلى مؤسسات التعليم العالي بالدولة، وطبيعة الالتحاق بمساق التمريض، وما يمثله من خدمة انسانية تقدم إلى المرضى والمحتاجين للرعاية، كما تعرفت إلى الصعوبات التي يواجهها طلبة الكلية، والمخارج العملية لتذليلها والمشاريع والبرامج المستقبلية للكلية، واهمية هذا المساق في رفد مستشفيات الدولة بالكوادر المواطنة المؤهلة في مجال التمريض .
يقول الدكتور عبداللطيف الشامسي مدير عام معاهد التكنولوجيا التطبيقية، التي تعتبر كلية فاطمة للعلوم الصحية إحدى مؤسساتها، إن إنشاء الكلية التي تحمل اسماً عزيزاً على قلوب أبناء الإمارات، يأتي في إطار التوجيهات الكريمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بتوفير كافة سبل الرعاية والاهتمام لتأهيل العنصر البشري المواطن لخدمة مسيرة التنمية الشاملة، وضمن الرؤية السديدة للفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، رئيس مجلس أبوظبي للتعليم، بالاستفادة من خبرات المؤسسات العالمية المتخصصة في التعليم الصحي، لدعم خطط وبرامج الرعاية الصحية، التي تستفيد منها كافة فئات المجتمع، وبمتابعة من سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة نائب رئيس مجلس أبوظبي للتعليم .
وأضاف الكلية استقطبت هذا العام الأكاديمي، ولأول مرة، حوالي ( 25) طالباً منهم (15) طالباً في العين و(10) في أبوظبي، ويبلغ إجمالي عدد الطلاب والطالبات الملتحقين بالكلية منذ تأسيسها حوالي 530 طالباً وطالبة .
وأشار إلى أن الكلية تمنح شهادة البكالوريوس، اما المعايير والمؤهلات فتقبل الكلية الحاصلين على معدل 70% فما فوق بالقسم العلمي، و80% لطلاب القسم الادبي وما فوق، موضحاً أن الكلية تهتم بالمقاييس والمعايير العلمية والشخصية للطالب الملتحق بدراسة مجال التمريض، حيث إن المواد التمريضية تنمي الصبر والهدوء لديهم، لافتاً إلى أن نسبة الطالبات الملتحقات بحقل التمريض اكثر من الذكور وهذا ليس فقط في الإمارات، بل على مستوى العالم، فمهنة التمريض بشكل عام تحتاج للعنصر النسائي اكثر من الذكور وذلك لقربها إلى الصفات الشخصية لدى المرأة .
وأوضح أن برنامج بكالوريوس التمريض هو أول برنامج يطرح في الكلية، وهو جزء من برنامج العلوم الصحية، حيث سيتم مستقبلاً طرح تخصصات أخرى لخدمة القطاع الصحي في الدولة، مشيراً إلى أن اختيار جامعة جريفث الأسترالية كشريك في هذا البرنامج، جاء بناء على ما تتمتع به هذه الجامعة من خبرة كبيرة في مجال التعليم الصحي، وما حققته من نجاحات في العديد من الدول مثل اليابان، التي أسست فيها برنامج Nissoken للدراسات الجامعية والدراسات العليا لتعليم التمريض، منذ العام 1998م، وبرنامج Cornerston في سنغافورة، المعروف بتميزه في هذا المجال .
وأكد أن المعايير المطبقة في الكلية، منذ بداية تأسيسها، ساهمت بشكل أساسي في الحصول على الاعتماد الأكاديمي، مشيراً إلى أنه سيتم إنشاء مبنى متكامل ومجهز لكلية فاطمة للعلوم الصحية بالقرب من مستشفى المفرق، حيث سيتيح المبنى الجديد إمكانية قبول عدد أكبر من الطالبات للالتحاق في الكلية بهدف زيادة إعداد الكوادر التمريضية المواطنة .
وقال إن البرنامج التكميلي مخصص لحملة دبلوم التمريض من الراغبات في استكمال دراساتهن والحصول على شهادة البكالوريوس في هذا المجال، لافتاً إلى أن مدته سنتان من الدراسة المستمرة أو أربع سنوات بحضور جزئي، ويتناسب مع الممرضات بالمستشفيات الحكومية والخاصة، مؤكداً أن البرنامج الأكاديمي، الذي أقرته الكلية، جاء لرفع مستوى الممرضات في الدولة، وتحسين مجال التمريض في المستشفيات الحكومية والخاصة، وأن الكلية تقدم مستوى رفيعاً للدراسة لما تضمه من معامل متطورة، علاوة على الكادر التعليمي المتميز والتقنيات المتطورة المستخدمة في التدريس والتدريب، وأن المستوى العلمي الذي تقدمه يعد من أهم عوامل الجذب التي دفعت المستشفيات الخاصة والعامة من داخل الدولة وخارجها لتدريب ممرضيها بالكلية .
وتقول الدكتورة نجاح مصطفى مدير الكلية في أبوظبي، إن مهنة التمريض ملازمة ومهمة للشخص المريض أكثر من الطبيب، حيث يقضي المريض وقتاً مع الممرضة أكثر ما يقضيه عند معالجه، وتعتبر الممرضة جهة الاتصال الأولى ما بينه والطبيب، بالإضافة إلى أنها مهنة علمية، فهناك مساقات مساندة لها، وهي أساسية للطالب الملتحق بحقل التمريض، ومن هذه المواد علم التشريح وعلم الأمراض، وعلم الأدوية، أما المواد التمريضية فتشمل أربعة مجالات، باطني جراحي، وأمومة وطفولة، وصحة مجتمع، وصحة نفسية .
وأشارت إلى أن هناك تداخلاً كبيراً بين مواد الطب والتمريض حيث إن معظم المواد التمريضية التي تدرس في الكلية تتشابه مع التي تدرس في كليات الطب، ولعل الفرق الوحيد هو الكمية وسنوات الدراسة، حيث يتم من خلال تلك المواد التركيز على دور الممرضة في العناية بالمريض، لافتة إلى أن الكلية تعتمد اعتماداً كلياً على الجانب التطبيقي لسد أي فجوة تعليمية نظرية .
وأضافت أن مهنة التمريض تنمي في الطلبة روح المسؤولية، حيث ينبع هذا الإحساس من خلال اعطائهم المعلومات الكاملة التي يحتاجونها، لكي يتفادوا اخطاء قد تؤذي النفس، مشيرة إلى أن تنمية هذا الشعور، والذي يأتي كنتيجة طبيعية، يتم من خلال تدريس المواد التمريضية التي تركز على تفادي تلك الاخطاء .
والتقت “الخليج” عدداً من الطالبات الدارسات في السنة الثالثة من الكلية فرع أبوظبي، واللواتي سيتخرجن العام المقبل، حيث تحدثن عن مساقات التدريس في مجال التمريض، ومجمل الصعوبات التي واجهتهن طيلة فترة الدراسة، وبخاصة اللغة الانجليزية التي تتطلب مهارات لمواصلة دراسة المواد العلمية، مشيرات إلى أنهن تغلبهن على تلك الصعوبات بالجد والمثابرة والصبر وهدوء البال، حيث قالت الطالبة مها مصطفى الكسواني، إنها التحقت بالكلية بعد إنهاء الثانوية العامة بمعدل 81% بالقسم العلمي، وقد خضعت للمقابلة الشخصية بعد أن سمعت بافتتاح كلية جديدة تهتم بمجال التمريض، تلك المهنة الإنسانية التي طالما تمنت الخدمة فيها، وتقديم العون والرعاية لكل مريض ومحتاج لها، فيما أشادت زميلتها الطالبة اسماء محمد سليم ببرامج الكلية ومناهجها التي تمنح شهادة البكالوريوس، وبمستوى المعلمين في الكلية الذين بذلوا الجهود في سبيل تذليل الصعوبات التي واجهتها الطالبات وبخاصة في أول عام دراسي، كونهن جئن من مدارس حكومية ومعظم دراستهن باللغة العربية، مشيرة إلى أن الكلية توفر كل ما يحتاجه الطلبة من وسائل تعليمية متطورة ومختبرات وتدريب عملي في المستشفيات الحكومية، بإشراف مدرسات ومدرسين من الكلية، وأطباء متخصصين في المستشفيات .
وقالت الطالبات إيمان رمضان وأحلام بن عمرو وفاطمة أحمد علي وميعاد الجابري، إن طالبات الدفعة الأولى من أمثالهن واجهن صعوبات بسبب ضغط المواد العلمية، مشيرات إلى أن الكلية تشترط في المرحلة التأسيسية سنة واحدة يدرس خلالها الطلاب والطالبات أساسيات اللغة الانجليزية والرياضيات والعلوم، حتى يحصلوا على شهادة ال IELTS الأكاديمي على ان تكون اقل درجة 6 من أصل ،9 الأمر الذي لم يتوفق فيه عدد كبير من الطالبات، لافتات إلى أن عدد المتقدمات في أول سنة من افتتاح الكلية بلغ 160 طالبة في فرع أبوظبي وقد تسرب خلال السنوات الماضية عدد كبير منهن حيث يبلغ حالياً عدد الطالبات اللواتي سيتخرجن العام المقبل كأول دفعة من الكلية 42 طالبة فقط .
وأشارت الطالبة الريم بابكر مجذوب، إلى أن إدارة الكلية تفهمت الصعوبات التي شكت منها طالبات الدفعة الأولى، الأمر الذي ساعد المعنيين في إدارة الكلية على اتخاذ قرارات صائبة في إيجاد الحلول والمخارج العملية وتذليل تلك الصعوبات على طالبات الدفعة التي جاءت بعدنا، وكانت تتمثل تلك الصعوبات في تدريس مواد علمية مكثفة، تسبب ضغطاً شديداً على الطالبات، حيث كانت تدرس اربع مواد في “السمستر” الواحد، ومادتين نظرية ومثلهما عملية في بعض المواد مثل علم الأمراض وعلم الأمومة والطفولة وكان من الافضل ان تقسم على “سمسترين”، منوهة بأن هذه المشكلة تفادتها طالبات الدفعة الثانية بفضل تفهم المعنيين .
وطالبت الدارسات في الكلية بفصول صيفية لإعادة المواد التي لم تنجح فيها الطالبة في امتحانات الدور الأول وبخاصة المواد العلمية مثل مادة صيدلة (1)، وعلم الأدوية وعلم الأمراض التي لا يسمح بأخذها إلا في الجزء الثاني ب”السمستر”، ويضيع عليها عام باكمله بسبب مادة واحدة، حيث ان الطالبة تنتظر إلى العام الثاني لأداء امتحان المادة مع طلبة الدفعة التي تلي دفعتها، بذلك تحرم من الانتقال إلى “الكورس” الذي يليه .
وقالت الطالبة هبة آدم إن المواد النظرية اذا رسب فيها الطالب في الدور الأول تحمل معه إلى العام الذي يليه من دون إعادة “الكورس” بعكس المواد العلمية التي تحرمنا من الانتقال إلى الكورس الثاني، حتى وإن كانت مادة واحدة، مشيرة إلى أن طالبات الكلية مطالبات ب17 ساعة في كل فصل، وفي حالة الرسوب تزيد الساعات من 3 إلى 4 ساعات على الجدول ويصير هناك تضارب في حصص الجدول، ما يسبب ضغطاً عليهن أو عدم حضورهن لبعض الحصص .
وطالبت عدد من طالبات الكلية في أبوظبي بضرورة تعديل جدول الامتحان أو مد أيامه، حيث إنه يشمل في بعض الأحيان امتحانين في نفس اليوم، ما يسبب لهن اجهاداً وضغوطاً نفسية شديدة، عند مذاكرة المواد وبالذات العلمية الدسمة، منوهات بضرورة وجود تنسيق بين معلمي المواد العلمية، كما طالبن بتوفير مواصلات حتى وإن تحملن جزءاً من تكلفة نقلهن من وإلى الكلية، وكذلك بتنظيم رحلات ترويحية أسوة بما تنظمه عدد من الكليات والجامعات الأخرى لطلابها، لكسر روتين الدراسة والضغوط النفسية التي تسببها كثافة المنهاج وكتابة التقارير والبحوث التي يكلفن بها من قبل المعلمين .
وأشاد طلاب الكلية من الذكور، الذين اقتحموا مجال التمريض لأول مرة، بما تقدمه لهم الكلية من برامج علمية متطورة على أيدي معلمين أكفاء، وما توفره من مختبرات للتطبيق العملي على مستوى عالمي، وفصول مريحة ومكتبات شاملة تساعدهم على مواجهة تحديات الالتحاق ببرنامج التمريض، حيث أعرب الطالب مروان علي الجابري - سنة أولى - عن فخره الكبير بالالتحاق بالكلية، مشيراً إلى أن اعادة البسمة إلى وجه المريض تسعده، فهي مهنة سامية وإنسانية بالنسبة له، منوهاً بأن والده قبل وفاته والذي كان يعمل في مجال الطب كان باستمرار ينمي لديه حب هذه المهنة، ويغرس في نفسه واخوانه بذرة الخير، الأمر الذي جعله يقدسها ويهتم بها منذ الصغر، معرباً عن رغبته واصراره في مواصلة دراسته العليا - تخصص جراحة - بعد نيله شهادة البكالوريوس .
ويقول الطالبان محمد عبدالله الحمادي ومسعود الأنصاري، إنهما التحقا بدراسة التمريض رغبة وطواعية، حيث لم يكن توجههما نحو كلية فاطمة للعلوم الصحية هروباً من الدراسة الجامعية في أي كلية أخرى، بالرغم من استطاعتهما دخول اي كلية او جامعة حكومية لحصولهما على معدلات في الثانوية العامة تؤهلهما لدخول أي تخصص علمي، ولكنهما فضلا مجال التمريض لتغيير فكرة المجتمع حول عدم إقبال الذكور عليه، وأنه مقتصر فقط على الإناث .
يبلغ عدد طلاب وطالبات الكلية في العام الأكاديمي الحالي 530 طالباً وطالبة، من بينهم 52 طالباً موزعين على فرعيها بمدينتي أبوظبي والعين، بعد أن كان في العام الماضي 385 طالبة بنسبة زيادة تقدر ب30%، ومن المتوقع أن يصل العدد إلى 590 في العام الدراسي المقبل، فيما يبلغ إجمالي الدارسات في الكلية حالياً بفرعها في أبوظبي 197 طالبة، منهن 146 طالبة في برنامج بكالوريوس التمريض، بواقع 50 طالبة في السنة الأولى، و46 طالبة بالسنة الثانية، و50 طالبة في السنة الثالثة .
أما عدد الملتحقات في البرنامج التكميلي فقد بلغ 51 طالبة، وتم قبول نحو 90 طالبة للالتحاق بالسنة التأسيسية، وذلك من إجمالي 200 طالبة تقدمن للالتحاق بالكلية، وسيتم تخريج الدفعة الأولى من الكلية العام المقبل، ويحصل الخريجون على شهادة بكالوريوس التمريض من جامعة جريفيث الأسترالية، إلى جانب شهادة بكالوريوس التمريض من الكلية، نظراً لتوأمة الجامعة مع الكلية في وقت سابق .
وقد شهد العام الماضي تدريباً عملياً للطالبات في عدد من المستشفيات منها مدينة الشيخ خليفة الطبية في أبوظبي، ومستشفى الكورنيش، ومستشفى الرحبة، بإشراف مدرسات من الكلية وأطباء متخصصين في هذه المستشفيات .
وتجري الكلية حالياً اتصالات لتوقيع اتفاقيات مع عدد من المستشفيات منها مستشفى المفرق، إضافة إلى مستشفيات خاصة ومراكز صحية لتدريب الطالبات خلال المرحلة المقبلة نظراً لأهمية التدريب العملي للطالبات .
