أن الإنسان في العالم في حاجة إلى تعلّم طرق التفكير، والتدرّب على مهاراته، كحاجته لأن يتعلم كيف يتكلم، وكيف يعامل الناس...
فالعاقل يعلم، وينبغي أن يعِّلم من هو في رعايته، إن المرء لا بد أن يخطئ فهو لا يصيب دائماً، لذلك عليه ألا يتعصب لأفكاره، فإذا واجهه إنسان بما يخالف رأيه فعليه أن يحسن الاستماع إليه، بقصد الوصول إلى الصواب لا بقصد نقض كلامه.
وما رواه الديلمي عن ابن عمر رضي الله عنهما: «خذ الحكمة، ولا يضرك من أي وعاءٍ خرجت»
و القبعة هنا لانقصد بها المعنى الحرفي لها , و إنما هي رمز لطريقة تفكير معينة . وأول من اكتشف طرق التفكير باستخدام قبعات التفكير الستة هو إدوارد دوبونو
هذه الطريقة تعطي الانسان وقت قصير .. قدره كبير على أن يكون ناجحاً , متفوقاً في المواقف العملية و الشخصية , في العمل و المنزل .. وهي تساعد بشكل أو بآخر على تحويل المواقف السلبية إلى مواقف مبدعة , فهي تعلمك كيف تنسق العوامل المختلفة للوصول إلى النجاح .
في حال كنت ضمن مجموعة عمل أو ضمن إجتماع أو اذا كنت مع اولادك و تحثهم على التفكير أو إلى ما هنالك اطلب من الحضور أن يبدأوا بالتفكير و فق القبعة التي تختارها لهم –اذكر بأن طريقة التفكير بأحد القبعات هو طريقة بالتفكير و ليست قبعة أو شيء ما تلبسه ... –
تم الاقرار بستة قبعات للتفكير و هي التالية :
1- القبعة البيضاء
2- القبعة الحمراء
3- القبعة السوداء
4- القبعة الصفراء
5- القبعة الخضراء
6- القبعة الزرقاء
القبعة البيضاء :
تعني أن يبدأ الفرد بطلب المعلومات و الحقائق أولا ثم ينتقل إلى النتائج , و ليس العكس .
أي لا يحاول الوصول من النتائج على المعلومات و الحقائق و لكن يجب التنويه هنا أنه لايجب أن تصل المعلومات إلى حد المبالغة.
كما أن طلب المعلومات يحتاج لتوجيه الأسئلة التي لا تتضمن المعلومات غير المفيدة حتى لانغرق في المعلومات , و يجب أن تكون المعلومات مركزة .
على المرء أن يتساءل هل هو يريد الحقائق فعلاً ؟ أم أنه يبحث عن الحقائق و الأفكار التي تدعم قراره سلفاً؟؟
من السهل أن يخرج الانسان عن الدقة في استخدام المعلومات فحينما يقول شخص ما إن هنالك زيادة 25% في عدد الأمريكيين الذين يأكلون ديك الحبش , لأنهم يعتقدون أن هذا الطعام لايزيد الكولسترول , هذه قد تكون تلفيفاً من معلومتين و ليست معلومات دقيقة . فقد يكون مر معه أن هنالك زيادة 25% في مبيع ديك الحبش , كما مر معه أن بعض الناس يعتقدون أن ديك الحبش لايزيد الكولسترول , فجمع المعلومتين في تفسير الحقيقة أو خلط المعلومة مع الاحتمال . ...
كما أننا لايمكن الاعتماد في أمور حياتنا على الحقائق المثبتة فقط فالحياة تسير و تتحرك , و ليس لدينا من الحقائق المثبتة مايكفي لكل شيء . ولذلك فنحن ننشئ طبقتين من الحقائق : حقائق مثبتة , الحقائق المعتقدة .
ونحن بالعادة نخلط بينهما , ولكن اذا أصر على أخذ الحقائق المعتقدة على أنها تفكير القبعة البيضاء , فعليه ان يفهم أن هذه الحقائق المعتقدة هي في أحسن أحوالها من الدرجة الثانية .
ويجب التنويه هنا إلى أن الحقائق إذا كانت من النوع المعتقد يجب التنويه أثناء الحديث إلى ذلك . ويجب ألا تعرض على أنها حقائق مثبتة .
حينما تعرض أمرا فيجب أن تعرضه تحت اسمه الصحيح .
إن تفكير القبعة البيضاء و التفكير بالحقائق الحيادية التي نضعها على الطاولة دون محاولة إعطائها صبغة ودون محاولة استغلالها للانتصار لفكرة أو دفع فكرة .. وبعد الاعتياد على هذه الطريقة تصبح طبيعة لدينا .
قد نجد مشكلة في معظم اجتماعاتنا " الاسرية أو في العمل " أن كل منا عندما يريد أن يناقش في موضوع معين , فهو يحمل رأيا يريد أن يثبته , كما أن همّه من النقاش كلّه أن يثبت أن خصمه " شخص المناقشة الآخر " رأيه خاطئ .
باعتمادنا لطريقة التفكير باستخدام القبعة البيضاء قد يساعدنا في حل المشكلات التي لها هذا الطابع .
انتبه للعبارات التالية :
- إن المتخصصين يتوقعون هبوط نسب الفائدة بحلول نهاية العام
- لقد استمعت إلى أربعة متخصصين و كلهم يتوقعون هبوط نسب الفائدة بحلول نهاية العام
- استمعت إلى السيد X و السيد Y و السيد Z و السيد N و كلهم يتوقعون هبوط نسب الفائدة بحلول نهاية العام
هذه ثلاث درجات من الدقة , و يمكن أن نزيد الدقة بأن نذكر زمن التصريح و كلما كنّا أدق تجنبنا ادخال رغبتنا في نقل المعلومات الموضوعية ....
كان هذا بشكل مختصر طريقة التفكير و فق القبعة البيضاء ...
القبعة الحمراء وهذه القبعة توفر لنا طريقة في التفكير يمكن من خلالها إخراج العواطف و الانطباعات و الحدس حتى نستطيع استخدامها و لكن تحت الملاحظة و الضبط.
بهذه الحالة العواطف تصبح جزءاً من مشروع أو عملية التفكير الكلي .
قد يقول أحدهم بأننا اذا سمحنا لهذا النوع من التفكير أن ينطلق فكثيرا ما يؤدي إلى شجار بين الناس , فبعض الناس ميالون إلى الشجار , فيكون رد أصحاب تفكير القبعة الحمراء , بأن هذه هي أهمية تفكير القبعة الحمراء . اذ لدينا جميعاً عواطف و مشاعر , و نحن نخبئ -عادة - هذه العواطف و نسترها و لا نعترف بها , و عندها تؤثر في تفكيرنا بشكل بعيد عن التحكم .
هذه المشاعر و الإحساسات و الحدس قوية و يجب التعامل معها كشئ مقبول و له مكانته .
وقد يبدوا بأن تفكير القبعة الحمراء معاكسا لتفكير القبعة البيضاء . و كمثال لهذه الحالة حين يقول أحدهم : لاتسألني لماذا , و لكن لاأريد التعامل مع هذا الشخص على الاطلاق !
إن ردود الغعل موجودة لدى كل منا , ولكن يجب قبولها , و عدم ايجاد التبريرات . إنها موجودة و يجب أن نعرف ذلك و نعترف به . إنها تختلف عن التقدم الهادئ الواثق , و تختلف عن التقدم خطوة خطوة .
إن العواطف في وجودنا مهمة وهي جزء منا ولا يجب استبعادها و المقصود بتفكير القبعة الحمراء أن يساعدنا في اخراج هذه العواطف إلى السطح لنراها بوضوح .
ميزة أن نتبنى تفكير القبعة الحمراء عن قصد أن هذا التبني مصطنع . فالعواطف عادة ما تستقر و يصعب نزعها . أما حين نتقمصها عن قصد فيمكن نزعها في ثوان .
حينما تقبل أن تقوم بدور القبعة الحمراء , فإن العواطف يمكن اعطائها دورها و الانتباه إليها أكثر بكثير من عدم العلم بها . و يساعد إدراك الجميع لهذا اثناء المناقشات في اختفاء ظاهرة الذين يقاطعون المناقشات بإظهار عواطفهم مرة بعد مرة .
و يمكن للفرد أن يلبس القبعة الحمراء حينما يمارس عملية التفكير وحيداً . فهو بذلك يجعل مشاعره و أحاسيسه أمرا مقبولا و مشروعا . و يتيح له هذا أن يفرز تلك العواطف عن بقية التفكير .
بالنسبة لما يخص الحدس فهو يختلف عن بقية التفكير بأن مركباته لم تعد معروفة للشخص . و المهم أن نعلم أن الحدس لا يضمن النجاح . و قد يوصل الحدس احيانا إلى قرار خاطئ تماما .
يقول الدكتور دوبونو إن علينا أن نعتبر الحدس كمستشار , فإذا ثبت في الماضي أن توصياته يوثق بها فالأجد بنا أن نصغي لما يقول الآن .
طريقة التفكير باستخدام القبعة الحمراء طريقة مهمة ولا يجوز أن نعتبرها أكثر من طريقة واحدة من الطرق التي تشكل بمجموعها عملية التفكير .
وينبغي القول أن العواطف هي الخلفية التي تحدث في جوها المناقشات المنزلية و مناقشات العمل ومناقشات الخصوم .
فماذا يحدث لو أننا جلبنا هذه الخلفية إلى مجال الوعي و حاولنا التحكم فيها ؟؟
في مناقشة عملية مثلاً يقول أحدهم إن هذا النقاش يحدث في جو من الارتياب و الشك.
فماذا يحدث لو أجرينا نفس النقاش في جو من الثقة ؟ .
فإذا كان هناك حساسية ضد شخص ما , أثناء النقاش , فلنخرج هذه الحساسية إلى انتباهنا , ولنبحث في بقية الأمور مع احتفاظنا بهذا التفكير في مجال القبعة الحمراء , أي كواحد من أصنف التفكير , فلا نلغيه ولا نجعله يستولي على بقية التفكير .
إن هذا يساعد كثيرا في انجاح البحث و المناقشة .
وإلى تفكير القبعة السوداء
تعمل أكثر عقولنا في غالب الأحيان , سواء كنا متدربين على التفكير أم لا , ضمن تفكير القبعة السوداء .
إن التفكير المبدع الخلاق يبقى ضامرا إلى جانب تفكير القبعة السوداء التفكير الناقد
إن تفكير القبعة السوداء ليس هو العواطف لأنه تفكير منطقي .إنه سلبي و لكنه منطقي .
إنه ينظر إلى الجانب الأسود , و لكن يجب أن تكون له أسباب مبررة و مقنعة . أضف إلى ذلك أنه تفكير مطلوب , و ليس لنا أن نحاول التخلص منه .
وعلى عكس ما يعتقد الناس فإن ميزة استخدام القبعة السوداء تكمن في أنها تخفف من ميل الناس الى النقد . فنحن نقول للفرد هنا : الآن جاء دور القبعة السوداء , و ليوجه كل منكم ماشاء من نقد مع دعمه بالحقائق .
وبعد فترة معقولة نكون قد فرغنا من القبعة السوداء فننتقل إلى قبعة أخرى .
وعندئذ يحتاج المشتركون إلى وضع حد للنقد الدائم .
وهذا ينبهنا إلى جانب من الطبيعة الانسانية فالشخص الماهر في النقد لايحب أن يكشف أنه ضعيف في غير هذا التفكير , لذلك فحين نضع بداية بداية و نهاية للبس القبعة السوداء فنحن ندفعه إلى نوع آخر من التفكير .
وهذه ميزة استخدام كل القبعات و الانتقال الواضح المحدد من قبعة إلى أخرى . فنحن نكشف للفرد بجلاء أن التفكير السلبي نوع واحد من أنواع التفكير وليس كل التفكير .
من الأسئلة المهمة التي قد تطرح , هل من المصلحة حينما يكون لدي مشروع مهم أن أتجنب تفكير القبعة السوداء ؟
الجواب يكون لا , ,إن تجنب تفكير القبعة السوداء سيقتل مشروعك . إن هذا التجنب يذهب بقيمة استعمال القبعات الست أصلاً .
إنه من الأفيد لك على المدى الطويل أن تكشف كل جوانب الموضوع المطلوب , السلبي منها و الايجابي .
ومن المفيد في التفكير النقدي أن نجمع نواحي النقد في نقاط متتالية , و نبدأ بالنظر فيها حين الانتقال إلى تفكير آخر .
وكما قلنا : إن التفكير الناقد مبني على الحقائق .
يقول صاحب تفكير القبعة السوداء مثلاً .:
1-إن دراستك مبنية على عينة صغيرة , بحيث أنها ليست ذات دلالات .
2-إن العينات المنتاة كلها من الجنوب , فماذا عن باقي البلاد .
إنك فيما يبدوا تفترض أن الناس سيكونون منطقيين و موضوعيين في نقدهم . ولكن قد يقول لك الطرف الآخر فيما معناه : إنني لا أقتنع بهذا الموضوع , و واجبك أن تقنعني ؟! .
إن التفكير الناقد ليس كل التفكير و لكنه جزء مهم منه , وهو يجعل الصورة المكونة عن الموضوع متكاملة وواقعية .
قد يقول الناقدد :
إن متابعتنا في انتاج هذه السلعة سوف تكلفنا عدد كذا من ساعات العمل , وهي لاتبدو أنها تباع بالمقدار الكافي الذي يبرر متابعة انتاجه .
ويكون الجواب : هذه نقطة جيرة بالاهتمام , و سوف نبقى متذكرين لها حين اتخاذ القرار الأخير .
قد يسأل سائل : هل هناك ضرر في التفكير السلبي الناقد ؟
الجواب إن بالامكان استخدام هذا التفكير بحيث لا يكون ضارا.
ولكن تذكر إن أكثر الناس يميلون إلى هذا التفكير , لأنه يمنح المتحدث تفوقا سريعا بينما التفكير البناء يحتاج إلى أولا أن يقتنع بفكرتك شخص ما .
ثانيا لا بد أن يتحول التفكير إلى عمل حتى تظهر نتائجه , وهذا يستغرق و قتا .
جاء دور القبعة الصفراء
التفكير الايجابي هو تفكير القبعة الصفراء حيث يبحث فيه الفرد عن الجوانب النافعة .
إن دواعي تفكير القبعة السوداء أكثر بكثير من دواعي تفكير القبعة الصفراء .,
تفكير القبعة السوداء يحمينا و يبعدنا عن الأخطار , أما تفكير القبعة الصفراء فنحن نقوم به بدافع الفضول و السرور , لأنه يمكننا من أن نصوغ الأمور وأن نخرجها إلى الوجود.
إننا نشعر بالسرور حين نرى قدرتنا على إحداث الأمور , و ينطبق هذا التفكير أيضا على الحوادث السابقة , أي أن نرى فيها الجانب الحسن .
فمثلا : اذا حدث أمر نبغضه جدا فيمكن حسب تفكير القبعة الصفراء أن نقول مما يسرني أن هذا لأمر المزعج قد حدث ولم يعد أي ريب حوله:
يستخدم الفرد تفكير القبعة الصفراء عادة عندما يكون له مصلحة شخصية في الموضوع .
وقد يكون تفكير القبعة الصفراء لمصلحة عامة كذلك .
نقول للشخص الناقد مثلاً
لقد سمعت كل ما لديك من نواحي تفكير القبعة السوداء , حول هذا الموضوع و الآن ما رأيك أن تلبس القبعة الصفراء ؟
و تقول ماذا تجد من نواحي ايجابية في هذا الانتاج ؟
و قد يكون جوابه مثلا : إن تفكير القبعة الصفراء يدلني على أن انتاجنا لهذه السلعة من البلاستيك بدل المعدن يكلفنا أقل وهو يؤدي نفس الغرض.
الناجحون هم الذين يجدون الجوانب غير الواضحة التي لا ينتبه اليها غيرهم فيرون مصدر النفع و يسبقون غيرهم.
إنه في أغلب الحالات لا يغلق باب إلا و يفتح غيره . و لكن غالبا ما نكون مشغولين بالتندم على الباب الذي أغلق فلا نرى الباب الذي فتح.
إن تفكير القبعة الصفراء ليس مجرد التكلم بإيجابية و إنما يجب أن تكون لك أسباب حقيقية للتفكير الايجابي
يعني هذا ايضا إن تفكير القبعة الصفراء أكثر من مجرد أحكام عقلية و اقتراحات ايجابية إنه موقف عقلي متفائل إيجابي يجعل الفرد يبصر الجوانب الايجابية في فرصة مربحة و يقوم بدراستها .
حيث أن هنالك فرق كبير جدا بين هذا الموقف و بين الاكتفاء بالدراسة الموضوعية .
ويمكن حين نفكر تفكيرا متفائلا حول أمر ما أن يكون سبب تفاؤلنا احتمال حدوث الشيء تحت البنود التالية :
1- ما هو مثبت
2- ما هو محتمل احتمالا قويا في ضوء خبرتنا
3- ما هو محتمل احتمالا لابأس به
4- ما هو محتمل احتمالا متوسطا .
5- ما هو محتمل احتمالا ضئيلا
6- ماهو بعيد الاحتمال
قد يطرح سؤل هل يلزم التفكير بالاحتمال البعيد ؟
الجواب يكون نعم , فحين نذكر الاحتمال البعيد خيار رفضه و لكن ذكره يعطينا فرصة البحث عن تحسين احتمالها و رفعها إلى درجة أعلى .
الواجب هنا أن يحدد المرء الأشياء المطلوبة ولو كانت تبدو بعيدة الاحتمال ثم يبحث عن الطرق الموصلة إليها .
ويمكن اعتبار هذا النوع من التفكير " اختبار الفرص"
فكل منا قد يهتم بدراسة المشكلات التي حدثت فعلا و لكن تفكير القبعة الصفراء يدعونا إلى التحرك لدراسة الفرص التي يمكن أن تحدث .
يمكن اعتبار تفكير القبعة الصفراء بأنه رؤية نافذة للجوانب الايجابية ولو لم تكن مبنية على مؤشرات موضوعية , ثم تأتي دراسة متفائلة لترى الجوانب الطيبة الايجابية ثم يأتي ترتيب الاحتمالات في حدوث الأمر بالشكل المطلوب .
ثم ينتقل المرء إلى نوع آخر من التفكير , أي تفكير القبعة السوداء و ذلك لالقاء بعض الريب على الأمر قبل الاقدم عليه عن اقتناع .
و إلى تفكير القبعة الخضراء
تحسين التفكير باستخدام القبعة الخضراء .
أولا يذكرنا اللون الأخضر بالنباتات و العشب بالنمو , لذلك فهو رمز للابداع و الابتكار .
إنه مثل نمو النبات الكبير من الغرسة الصغيرة ,إنه النمو و التغيير وهو الخروج عن الأفكار القديمة .
هناك أوقات نحتاج فيها أن ندخل في التفكير المبدع عن قصد , تماما كما قلنا عن الدخول في تفكير القبعة الحمراء أو السوداء .
وقد يكون لهذا النوع من التفكير أهمية أكثر من غيره فإننا نستخرج أفكار تتجاوز التفكير الموجود عادة , و نحمي الغرسا تلاصغيرة التي هي الأفكار الجديدة من التفكير الذي يحاول تجفيفها , وهو تفكير القبعة السوداء.
وتفكير القبعة الخضراء يخالف ميولنا الطبيعية التي تدعونا إلى البقاء ضمن الخط المعهود .
فالعقل الإنساني يكون لنفسه نماذج يقيس عليها ما يريد من أشياء واردة من خارجه ,
وهو ينبذ كل مالم يوافق النماذج المستقرة لديه .
ولايعني دخول الفرد في التفكير الابداعي عن قصد أن يغير عقله , لكن ما عنده من القدرات على التفكير سيجري استغلاله بشكل أشمل و أتم بحيث يرى الاحتمالات كلها .
إن تعليق الحكم العقلي هو أن تقرر ماذا لن تفعل , أما تفكير القبعة الخضراء فهو حركة , إنه يخبرك أين تتجه .
في اثناء استثارة الافكار الجديدة و استخراجها يجب ألا يكون هنالك سبب سلفا لقول الشيء , بل يأتي السبب المنطقي فيما بعد . فالكلمة العشوائية التي نجدها في مجلة او قاموس مصادفة تستثير تفكيرا مبدعا . أما التفكير المنطقي فيلزمنا بالتحرك التقليدي من النقطة المعهودة .
ومن الضروري توفير الوقت الكافي للتفكير المبدع .
من الضروري أن نهتم بالبحث بشكل دائم عن حلول و بدائل جديدة ,
وهكذا فإن تفكير القبعة الخضراء هو ايجاد بدائل و الاقرار بأن الحلول التي بنيت ليست الوحيدة .
هذا باختصار كان تفكير القبعة الخضراء .
و مع تفكير القبعة الزرقاء .
اختار الدكتور دوبونو اللون الازرق لهذه القبعة لسببين :
الأول : إن السماء زرقاء , و هي تغطي كل شيء
ثانيا: لأن اللون الأزرق يوحي بالحيادية الهادئة
إننا حينما نلبس القبعة الزرقاء لا نفكر بالموضوع المطروح للبحث , و إنما نفكر في التفكير نفسه , نفكر كيف نوجه التفكير اللازم للوصول إلى أحسن نتيجة .
إن عمل تفكير القبعة الزرقاء يشبه قائد الاركسترا .. إنه يقرر أصناف الآلات التي ستعزف , و متى ستعزف , و متى ستتوقف و أوزان الايقاع لكل منها .
يقوم صاحب القبعة الزرقاء بتقرير أي القبعات يجب أن تنشط , ومتى يكون عملها . إنه يضع الخطة لتفكير القبعات المختلفة , و يتابع إعطاء التعليمات في نسق معين .
إن هذه النظرة تختلف اختلافا شديدا عن النظرة التقليدية , التي تجعل التفكير عملية تلقائية تنساب انسيابا بلا تحكم ... إن دوبو يحاول هنا التقدم تقدما كبيرا على الانطباع القديم .
يقول المسؤول عن الجلسات بعد أن استوعب طريقة القبعات الست : ليس لدينا وقت طويل لنضيعه , فهل لدى أحدكم خطة بوحي من قبعته الزرقاء لنفكر حسبها . و يأتي الجواب من أحد الحاضرين : إنني اضع قبعتي الزرقاء , و أقترح أن نبدأ بقبعاتنا الحمراء لكي نطرح أولا مشاعرنا حول هذا الموضوع .
هنا نلاحظ الفرق عما يجري في الجلسات العادية .
إن ما يجري في الجلسات العادية هو أن عددا كبيرا من الاقتراحات و الانتقادات والانفعالات و المعلومات الموضوعية و غير ذلك تلقى في الحلبة , حتى يصبح الجميع خليطا في التفكير .
إن الطريق الامثل أن يبدأ المجتمعون باستكشاف الارض , و البحث عن الطرق المتاحة , و المقارنة بينها قبل أن يقرروا من أين الطريق , و هذا ما توفره لنا القبعات الست .
التوجيهات التالية ضرورية لامتلاك القدرة على تفكير القبعة الزرقاء .
إن البداية لذلك هي السؤال المحدد .
إن أية مشكلة هي سؤال .
و علينا أن نبدأ من هنا :
هل لدينا مشكلة محددة ؟
هل يهمنا حلها ؟
لماذا نريد حلها ؟
وهكذا فإن تفكير القبعة الزرقاء يوضح الهدف , و يأمر كل واحد بأن يحاول تقديم ما عنده , و يخبر كل واحد كم اقترب من الهدف .
ومن الضروري الانتباه إلى نقطة مهمة , بعد أن تفهم طريقة القبعات الست , فإنك لا تحتاج أن تطبقها بطريقة عسكرية , بل تنتبه إلى الظروف .
فالذي يجلس في جلسة مباحثات هو غير الذي يجلس في جلسة عائلية لحل أمور العائلة , و هو غير الذي يتدخل لحل الخلافات .
يستخدم لابس القبعة الزرقاء مهارة النجار حين يركب خزائن المطبخ , فالنجار لديه مهارة سابقة , و هو يكيف الخزائن لتناسب المطبخ المحدد, و لا يركب الخزائن نفس التركيب و بنفس المقاسات في كل المطابخ .
وهكذا فإن مفكر القبعة الزرقاء يكيف توجيه أنواع التفكير بحسب الظروف المحددة .
فهو الذي يكيف توقيت لبس القبعات المختلفة و مقدار ما يسمح من وقت لكل من القبعات و ضرورة العودة إلى القبعة أكثر من مرة بحسب ما تمليه الظروف الآنية .