مباشر من بيت العصافير ..... بقلم / سيد مصطفى

مباشر من بيت العصافير .............. بقلم / سيد مصطفى

مع باقورة صباح اليوم ، وقبل أن ترسل الشمس سلاسلها الذهبية ، استرق سمعي زقزقة لمجموعة من العصافير تقبع على أحد أغصان شجرة منزلنا التليدة ، وأعتقد أنها أسرة عصفورية كابرا عن كابر ، أصيلة حسيبة نسيبة ، وتخيلت نفسي عصفورا صغيرا خفيف الوزن والظل ، ورفعت أجنحتي الصغيرة ، وحلقت عاليا في السماء ، واستنشقت نسيما طاهرا نقيا خاليا من الشوائب والنفاق والدسائس والضغائن ، سليم السر والسريرة
وهبطت خلسة في عش العصافير
وتجولت فيه
ريشة ريشة

زنقة زنقة
ركنا ركنا
جناحا جناحا
فردا فردا
حجرة حجرة

ما أجمله ! ، وما أنظفه !
وما أصغره ! ، وما أوسعه !
وما أدفأه ! ، وما أبرده !

وصدقا تمنيت أن يكون بيتي ببساطة وجمال هذا البيت
وطبعا بطبيعتي البشرية تخفيت عن أعين العائلة العصفورية بارتدائي طاقية سحرية ، واستمعت واستمتعت بأحاديث العصافير استمتاعا لا أستطيع وصفه
فلم أجد عندهم حسابات البشر أبدا
ولم أجد حسدا ولا غلا لأحد من العصافير
ولم أجد حزنا ولا غما ولا ندما على الأمس
ولم أجد خوفا ولا فزعا ولا رعبا من الغد
ولم أجد كسلا ولا تسويفا لعمل قط
ولم أجد تآمرا من أو على أحد من العصافير
ولم أجد نفاقا ولا رياء ولا تزلفا ولا تتقربا لزعيم العصافير
ولم أجد تكبرا ولا تأففا ولا تفضلا ولا تكرما من الزعيم على المعصفرين
ولم أجد خزينا يكفي سنوات وآلاف العصافير تضور جوعا
ولم أجد بنايات وأعشاشا خاوية على عروشها وآلاف العصافير دون أعشاش
ولم أجد عصفورة دون زواج بسبب عادات وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان في عالم العصافير
ولم أجد عصفورا يظلم زوجته ويترك أولاده ليلهو ويلعب مع صغار العصفورات
ولم أجد عصفورة تهمل زوجها وأولادها ضاربة كل ذلك عرض العش
ولم أجد فسادا إداريا أو اختلاسات وسرقات لأموال العصافير
ولم أجد بزخا ولا ترفا في حفل زفاف العصافير
ولم أجد أزمة في المواصلات ، أو ازدحام الطرق ، أوحوادث السيارات
ولم أجد ديونا للبنوك لأحد أفراد أسرة العصافير
ولم أجد بطالة وتكدس في الأيدي العاملة
وإنما وجدت حياة أخرى
أرقى من حياتنا بكثير
وجدت إيمانا صادقا خالصا لله
ووجدت الثقة وحسن وصدق التوكل على الله
وجدت محبة من وإلى الجميع
وجدت تسامحا وعفوا من وإلى الجميع
وجدت كرما من وإلى الجميع
وجدت تضحية من وإلى الجميع
وجدت تفانيا من وإلى الجميع
وجدت سعادة لا أستطيع وصفها
هنيئا لعالم العصافير
ليتني كنت عصفورا

بقلم
سيد مصطفى
23-4-2011م