امتحانات الثانوية العامة إرث خوف يجب التخلّص منه
http://www.alkhaleej.ae/uploads/gall.../08/150276.jpg
قد يقول البعض إن الوقت لايزال مبكراً على الحديث عن امتحانات نهاية العام الدراسي للصفوف الدراسية على اختلافها، وخاصة الصف الثاني عشر، وفي المقابل فهناك من يرى أن الوقت المتبقي على نهاية العام الدراسي ليس كافياً بالقدر المطلوب لعدد من الطلاب والطالبات الذين لم يواكبوا الدروس التي تلقوها على مدار العام الدراسي، بالحفظ والاستيعاب والتحصيل الواجب، وفي كل الأحوال فالأمر برمته يصب في أن الأسابيع القليلة إلى حد ما، والمتبقية على وضع نقطة الختام للعام الدراسي، تتطلب اليقظة من الجميع، لتقديم أداء امتحاني على المستوى المطلوب، وبالتالي تحقيق معدلات جيدة، تساعد من يتطلع إلى الالتحاق بالجامعة الفلانية ذات الاسم الرفيع، والمكانة المتميزة، إلى القبول فيها .
أمور عدة يفترضها واقع الفترة المتبقية على الامتحانات، لينجزها أبناؤنا الطلاب على الوجه الأكمل، هذه الأمور تفرض على الأسر أولاً وضع خطة تهيئة نفسية واجتماعية وصحية للأبناء لاستقبال وتمرير فترة الامتحانات بهدوء وراحة، وثقة بالنفس وكفاءة صحية وذهنية، وكذلك فهذه الفترة تتطلب من الأبناء الطلاب مراعاة مجموعة من المعايير الخاصة بالمذاكرة، كالتركيز الدقيق خلال حفظ الدروس التي تحتاج إلى ذلك، والتحصيل الشامل والواعي لجوانب المواد الدراسية ككل، ومحاولة الفهم والإلمام بدءاً بالمادة محل المذاكرة وإلى غير ذلك .
لأن الصف الثاني عشر تحديداً يعد بمثابة الفيصل، أو الخطوة الانتقالية للمرحلة الدراسية الجامعية النهائية على المقاعد التعليمية في حياة الأبناء ككل، لذلك ومن باب الحرص على أن يخوض فلذات أكبادنا من طلاب هذا الصف، الامتحانات بإجادة، تحت مظلة من هدوء الأعصاب، والراحة النفسية، ننظر في التحقيق التالي عما يجب أن تكون عليه الأسر في التعامل مع الأبناء، من التهيئة الواجبة للأجواء الاجتماعية والدراسية المحيطة بهم، وأيضاً نطرح بعض النصائح التي على الطلاب الأخذ بها، والتي تدور في إطار بيان الكيفية السليمة لاستذكار بعض المواد العلمية والأدبية التي تشكل مخاوف أمام عدد منهم .
الاتكال على الله
سعيد الكعبي، مدير منطقة الشارقة التعليمية، قال: على كل طالب التوكل بداية على الله، كونه أساس النجاح، فهو المعين والملجأ والسند، وسواء حصل الطالب على درجة مرتفعة أو متدنية، فالأمر اختيار من الله سبحانه وتعالى له طالما توكل عليه المرء، عدا ذلك فهناك أمور واجبة على المدارس، والأسر والأبناء من الطلاب، فعلى الأسرة تهيئة البيئة المناسبة مكانياً ونفسياً واجتماعياً للطالب، مع تخفيف المطالب الكثيرة منه، وتجنب تحديد سقف مرتفع جداً للمعدلات المطلوب منه أن يحققها، في ضوء ضرورة مراعاة الفروق الفردية بين الأبناء، التي يجب على الأسر أن تعيها، كذلك على الأمهات والآباء أن يقتربوا نفسياً من الأبناء الذين على وشك خوض امتحانات الصف الثاني عشر تحديداً، لما لامتحانات هذا الصف من هيبة وخوف يتعاظمان في النفوس كلما اقترب موعد امتحاناته، وعلى الأسر إجمالاً تهدئة روع الأبناء، وتوفير أجواء هادئة مريحة لهم، وترك مساحة لهم للترفيه عن أنفسهم، لأن لكل إنسان طاقة استيعابية لا يمكنه تجاوزها .
وبالنسبة للطالب عليه وضع برنامج زمني يقسم فيه المواد، بحيث يراجع جميع المواد قبيل الامتحانات، ويبرمج أيام المذاكرة حسب صعوبة كل مادة وطولها، وخلال فترة المراجعة سيكتشف الدروس التي تحتاج إلى إعادة نظر ومساعدة خارجية من قبل المعلمين أو الأسر نفسها، وبذلك يكون الطالب قد استوعب جميع المواد بشكل وافٍ قبيل الامتحانات، أما ليلة الامتحان فيجب أن تكون المذاكرة أخف، إذ لا يعقل أن يسهر الطالب طوال الليل ويذهب مبكراً في اليوم التالي لأداء الامتحان، وقد نال منه الإرهاق مناله، كذلك على الطالب الابتعاد تماماً عن المثبطين للعزائم سواء من الأصدقاء أو غيرهم، إذ يجب أن يتفاءل دائماً، وينظر إلى الامتحان على أنه بلورة لما درسه طوال العام، وحتى إن تغير نمط السؤال فعلى الطالب استرجاع الدرس الشبيه بمضمونه، في ضوء وجوب انتباهه إلى الأساليب الحديثة في نمط الأسئلة التي تعتمد على مهارات التفكير العليا، حيث قد يجد أن إجابة سؤال واحد تتضمنها ثلاثة دروس أو أكثر .
البيت أولاً
أما التربوية خوله عبدالرحمن الملا، مديرة إدارة شؤون الفتيات في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، فقالت: كان الهدف من تغيير النظم الامتحانية والمناهج، الخروج بالثانوية العامة من عنق الزجاجة لتكون مرحلة عادية كبقية المراحل، إلا أن الواقع الفعلي لم يتغير، وربما من أهم الأسباب لإيجاد بيئة مريحة وطبيعية لطلاب الصف الثاني عشر، هو أن تبدأ التهيئة الأولى من البيت من حيث تخفيف حالة الاستنفار في المنازل حال وجود طالب في الصف الثاني عشر، حيث تكثر الدروس الخصوصية، والضغوط في ساعات الاستذكار، وهذا يتطلب وعياً أسرياً مجتمعياً بألا يتركز الاهتمام بتدريس الطالب في المنزل فقط أيام الامتحانات وقبلها، بل طوال العام الدراسي بتنظيم ساعات الاستعداد للامتحانات .
ويجب أن تكون هناك مرونة من المدارس، في منح طالب الثانوية العامة الفرصة خلال تقديم أعماله في التقويم المستمر، لتحسين درجاته، في ضوء أن الهدف من التقويم المستمر هو زيادة النمو المعرفي وتعلم مهارات الحياة سواء كانت في البحث أو التحليل، وليس النجاح أو الرسوب، وهذا يتطلب تغييراً في ثقافة التربية والتعليم عند المخططين والمطبقين، والدور الرئيسي في ذلك يرجع إلى مديري المدارس، فعلى الواحد منهم عبء كبير في التنفيذ والتطبيق، مع مراعاة ظروف كل مدرسة على حدة، ولابد كذلك من تغيير نظرة المجتمع إلى الثانوية العامة، بأن تتحول إلى التركيز على مدى تمكن الطالب من المهارات التي تتطلبها الحياة الجامعية، والاجتماعية، فضلاً عن الدور الذي يقع على الطالب نفسه بأن يكون مسؤولاً عن نفسه .
جدول مرن
وألقى التربوي حسن الوتري، مدير مركز الناشئة في دبا الحصن، الدور الأكبر على الأسر في تهيئة الأجواء للأبناء الطلاب للمذاكرة، ومساعدتهم على وضع جدول مرن لتحصيل كل مادة دراسية قبيل بدء فترة الامتحانات بوقت كافٍ، على أن تحرص على توفير الأجواء الهادئة في المنازل، لاستذكار الأبناء الدروس بتركيز، وقال: على الطلاب العمل الجاد من أجل التميز والتفوق الدراسي، عبر الاستذكار منذ الآن استعداداً للامتحانات النهائية، في حين تنظم مراكز الناشئة مجاناً دروس تقوية للطلاب في جميع المواد الدراسية، وقد خصصت لها مجموعة من المعلمين من ذوي الكفاءة والتميز، لذا فعلى كل من يحتاج من الطلاب إلى زيادة جرعة الفهم والتحصيل، الالتحاق بمثل هذه المراكز التي تؤمن احتياجاته كافة من الدروس، وأيضاً على كل طالب نفض مخاوفه من الامتحان، والنظر إليه على أنه بلورة لما ذاكره خلال الفصل الدراسي، واعتبار امتحان الثانوية العامة كغيره من امتحانات المراحل الدراسية الأخرى، وعلى الطالب أداؤه وهو واثق بنفسه وقدراته وإمكاناته على خوضه بنجاح وتفوق .
اللجان الامتحانية
ومن ناحيتها أشارت الاختصاصية النفسية أمل بن جرش إلى أهمية توفير الإدارات المدرسية الأجواء الهادئة للطلاب في اللجان الامتحانية، من خلال تنبيه المراقبين إلى ضرورة تجنب استخدام الصوت المرتفع مع الطلاب الممتحنين، خلال توجيههم إلى الالتزام بعدم الالتفات، أو التركيز في أوراقهم الامتحانية وخلافه، حتى لا تتوتر أعصابهم، وتسوء نفسياتهم، ما ينعكس سلباً على مستوى إجاباتهم، وقالت: لابد أن يبتعد المراقبون عن تحذير الطلاب من قصر الوقت المتبقي على انتهاء الامتحان، أو تحذيرهم من عدم الغش، وتوعد من سيقوم بذلك منهم بكذا وكذا، وإلى غير هذه الأمور التي تؤثر بشكل كبير في تركيز الطالب الممتحن، وتشتته عما هو بصدده، إضافة إلى أهمية استقبال المراقبين للطلاب الممتحنين بابتسامة وترحاب، حتى يمتصوا رهبتهم من الامتحان .
ومن الضروري تهيئة الفصول الدراسية، والقاعات التي يؤدي فيها الطلاب الامتحانات النهائيه، تحسباً للحالات المرضية المفاجئة، أو الإغماءات وخلافه، وأيضاً من الضروري وضع خطة بديلة للطلبة المرضى الذين لا يستطيعون أداء الامتحانات في اللجان المدرسية .
النظام الغذائي المثالي للطلبة
بالنسبة للنظام الغذائي السليم للطلبة قبيل وأثناء فترة الامتحانات، وارتباط ذلك بالنشاط الحركي لهم، قالت ميسون الشاعر، نائب مدير إدارة التثقيف الصحي ومسؤولة التوعية الصحية في وزارة الصحة: يوجد في السيرة النبوية الكثير مما جاء في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم من آداب الأكل، مما له علاقة بالنشاط الحركي، ومما يتماشى مع علم التغذية، ومن ذلك الإقبال على الطعام بشره أي الأكل حتى الشبع تماماً، وهذه من أحد العوامل المؤدية للكسل والخمول، والدليل على ذلك من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم (ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه)، وفي حديث آخر (المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء)، أي أن الشره وكثرة الطعام، والمبالغة في تناول كميات، وأصناف، لا تخدم صحة الإنسان ونشاطه وذاكرته، هي عادة شبيهه بالكفار .
وبخصوص أنواع الطعام التي تساعد على اليقظة والتركيز لدى لطلاب، ففي الغالب أي نوع من الطعام حتى لو كان رديئاً مثل السكريات يعطي طاقة وحرارة، ولكن لوقت محدد، أما بالنسبة للأطعمة التي ينصح بها اختصاصيو التغذية، فيجب الإقبال على البروتينات لأنها مفتاح الذاكرة، والامتناع عن أكل السكريات مع البروتينات لأنها تعوق امتصاص البروتينات في المخ، في حين تساعد النشويات والكربوهيدرات على التركيز، ولكن علينا التمييز بين نوعين من الكربوهيدرات، صنف له سعرات حرارية عالية، وصنف له سعرات حرارية منخفضة .
وبالنسبة لوجبة الإفطار، فيجب أن تحتوي على أجبان قليلة الدسم للكبار والصغار، مع أهمية وجود اللبن الرائب أو الزبادي بالفواكه، إلى جانب أهمية الحصول على الفيتامينات، وعوامل تسهيل الهضم، لأن اللبن الرائب والزبادي يحتويان على مضادات للالتهاب، التي تقتل بكتيريا الفم وترطبه، وتقضي على الرائحة الكريهة للفم والجسم عند التعرق فيما بعد، وأيضاً لابد من تناول البيض (صفاره وبياضه) البروتين، والخبز كامل النخالة، الذي يحتوي على كربوهيدرات معقدة، تأخذ وقتاَ طويلاً في الهضم، وتعطي الإحساس بالشبع إلا لمن يعانون من حساسية جلد من النخالة .
ولا ينصح بتناول الكثير من الخبز كامل النخالة لاحتوائه على مادة تتداخل مع امتصاص الكالسيوم في العظام، في حين لابد من تناول الكعك لاحتوائه على سعرات حرارية معتدلة يحتاج إليها الإنسان للحركة، والنشاط البدني، وكذا حبوب الحليب (مع الحليب البارد أو الحار) لنحصل على ألياف وبروتين معاً .
ومن أصناف الطعام التي يجب أن يمتنع الطالب عنها لإبقاء الجسم في حالة اليقظة والنشاط، الدهون، والمقليات، والكافيين الموجود في الشيكولاته والمشروبات الغازية، لأن تأثير الكافيين قصير، ويتبعه إحساس بالتعب والإجهاد بعد انتهاء مفعوله، فيما هناك من الأطعمة والعادات التي ينصح بها لتنشيط الذاكرة، عدم تغطية الرأس أثناء النوم لأنه عامل مانع للأكسجين، ويعمل على تركيز Co2 في خلايا المخ، وفي المقابل يجب النوم المبكر المريح من دون أرق، ومن الأهمية تناول التمر والموز والمكسرات .
وأيضاً من الأطعمة التي يجب أن يمتنع عن تناولها الأطفال والمراهقون في وجبتي الإفطار والغداء، لتفادي الكسل، الكروسان المدهن، والمعجنات التي تحتوي على زبدة أو جبن كامل الدسم، والأجبان على هيئة كريما أو كاسات، وفي وجبة الغداء يجب الابتعاد عن تناول البطاطا المقلية، والدجاج القطع، والمشروبات الغازية، وينصح بتناول الدجاج والديك الرومي بديلة عن اللحوم الحمراء المدهنة، وفي وجبة العشاء علينا بالكربوهيدرات والنشويات مثل المعكرونة، والبطاطا، والهريس، والجريس، والخضار، والأرز، والبقوليات مثل اللوبيا، والفاصوليا، والحليب قبل النوم .
