دور الشباب في نهضة الأمم
أولا : أهمية الشباب :
للشباب أهمية بالغة و مكانة خاصة لا يعرفها إلا أولوا الألباب ، فالشباب زهرة المجتمع وصفوة المجتمع وقرة عين المجتمع ، وكما نعلم فإنه لا قيمة لمجتمع شبابه منهمك في اللذات لا قدرة له على حمل المسؤوليات والقيام بالواجبات تجاه شعبه ، فأهمية الشباب لا تحتاج إلى إضاعة الوقت من أجل تذكير الناس بها فأهميتهم مما علم عقليا ، ففي التاريخ أمثلة كافية وشواهد كافلة بأن يتذكر ويتعظ من لا يتعظ ممن تأثروا بالغزو الفكري ، ولا مجال هنا للتحدث عن أمر اتفق عليه السلف والخلف،والشر والشرف
ثانيا : شباب أوروبا لا يبرحون المعامل فلماذا ؟
هناك بعيدا في أوروبا ما يكفي لإثارة مشاعرنا وإلهاب صدورنا لكي نشمِّر عن ساعد الجد ونبدأ العمل من جديد فقد سار القطار ولم يبق سوانا في المحطة ، فهناك أمة غير أمتنا وشباب غير شبابنا ، بيننا وبينهم أشواط ، لا يعرفون الكسل ولا الملل ، غير أنهم مصابون بأفتك مرض ألا وهو الكفر ، ويا حبذا لو كانوا مسلمين ليؤدوا للعالم الرسالة المحمدية وليساهموا في نشر وإعلاء راية الإسلام ، فهم دائما يفكرون ويخططون ، بينما شباب الإسلام يشاهدون ويمازحون ويسارعون إلى الفسق والفساد فما السبب في هذا يا ترى ؟!!!
الجواب سهل بسيط وهو ... أنتم ..!! ، لماذا لم تجاهدوا لتكونوا مثلهم ؟ ، لماذا لم تقرأوا فأنتم أولى بها إذ أنكم أمة القراءة ؟ ، لماذا لم تذهبوا إلى المكتبات وهي متوفرة عندكم ؟ ، لماذا لم تقتدوا بسلفكم الصالح فقد سبقوكم بالإقتداء بهم ؟ ، لماذا لم تفعلوا مثلهم؟ ، هم في الكنائس معتصمون وأنتم بمراكز السينما تتزاحمون !!! ، هم في المعامل خاشعون وأنتم أمام التلفاز ساجدون !!! ، وبعد ذلك تتساءلون : مالسر في تقدمهم وتخلفنا ؟ !!! قد عملوا بمقتضى قول القائل : " من نطق في غير خير فقد لغا ، ومن نظر في غير اعتبار فقد لها ، ومن سكت في غير فكر فقد سها .
ثالثا : لا تصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلحت به أولها
في الإقتداء بسلفنا خير لنا وخاصة شبابنا الذي عليه تقع مسؤولياتنا ، وبالتالي تجب عليه قيادتنا بأحسن صورة وأجمل صيغة ، وليتحمل المسؤوليات عليه البحث عن قدوة صالحة يهتدي بها وتنير له الطريق ، وهناك في السلف توجد ضالته المنشودة ، وهنا نورد بعض النماذج الحية لتكون مثالا للتقدم والرقي عند شبابنا ولتأدية الرسالة التي عاشوا من أجلها والتي أثبتت كفاءتها بالتجربة والتي أنتجت الحضارة الغربية التي أصولها تنحدر من الحضارة الإسلامية والدين الإسلامي .
وهاكم النماذج :
- الخليفة عمر بن عبد العزيز : هذه الخليفة كان شابا تقيا ورعا اشتهر بالخلق الحسن وكان تقريبا بضعة و عشرين سنة .
- عبد الرحمن الداخل : كلنا يعرف عبد الرحمن الداخل فهو مؤسس الدولة الأموية في الأندلس وقد سلك كل طريق في سبيل هذا مع أن عمره كان تقريبا 20 سنة
- ربيعة الرأي : هذا الشاب كان شيخ الإمام مالك رحمه الله وكان عمره في الثلاثينيات وكان معروفا بالرأي الحسن والمشورة الصائبة فسمي : ربيعة الرأي
- سيبويه : العالم النحوي الكبير مؤلف كتاب : الكتاب كان شابا وعندما مات كان عمره 33 سنة أو أقل ومع ذلك كان ذلك العالم الكبير
- نور الدين زنكي : ابن عماد الدين زنكي أمير حلب وأستاذ صلاح الدين الأيوبي سماه بعض المؤرخون المسلمون الخليفة السادس للخلفاء الراشدين
- صلاح الدين الأيوبي : فاتح القدس وقاهر الصليبين اشتهر بطموحاته الفريدة وإنجازاته العظيمة ومع ذالك بدأ المسيرة من بداية شبابه
- أحمد ياسين : شيخ المجاهدين في فلسطين كان مصابا بالشلل منذ أن كان عمره عشر سنوات وكان يتيما ومع ذلك لم يتوان في نصرة دينه
وأيضا هناك أمثلة كثيرة ممن ساهموا في إثراء العلوم سواء كانت طبية ، اجتماعية ، فلسفية ، نحوية ، دينية وغير ذلك أمثال ابن رشد وابن سينا وابن خلدون وابن حجر وابن رجب وابن تيمية وابن قيم وابن عبد البر ، أما المتأخرون منهم فكثير مثل ابن باز وابن عثيمين وابن جبرين والألباني وعبد القادر الأرناؤوط وشعيب الأرناؤوط ومحمد فؤاد عبد الباقي وأحمد شاكر ، أما النساء فكثيرات مثل الخنساء و صفية بنت عبد المطلب وأسماء بنت أبي بكر وأمهات المؤمنين وأم أنس بن مالك وأم سليم وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم و غيرهن .
كل هؤلاء الشباب لم يصبحوا هكذا فجأة فقد كانوا يوما ما مثلكم تماما ولكن لا حياة لمن تنادي .
رابعا : مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء
الشباب العربي والإسلامي بات مشتت الأفكار ومسلوب الحقائق والحقوق لا يعرف من ماضيه شيئا ولا من دينه شيئا لا هو كافر فيعلم ولا مسلم فينفذ عليه أحكام الشرع لا يصلى ولا يصوم ولا يزكي ولا يترك المحرمات لا يكاد يؤدي الواجبات فضلا عن المندوبات ، فهو مرة يفرِط ومرة يفرِّط ، فبعضهم يتعلم طرفا من الدين فتأخذه الحماسة والغيرة على الدين فينهض ويأخذ السلاح ويهدد ويتوعد حتى يكاد يمرق من الدين من غلظته على المسلمين وتشدده عليهم واتهامه للعلماء ، وبعضهم يتهاون في الواجبات ويطيل السجود أمام التلفاز لا يكاد يمر وقت إلا وهو يشاهد هذا الشيء الذي سماه العلماء شيخا غبيا فهو مرة يؤيد هذا اللاعب ومرة هذا اللاعب أما صلاته وصيامه فلا يلقي لها بالا ويضرب بها عرض الحائط ، لكن الأمة لا تجتمع على ضلالة فقد كثر في الآونة الأخيرة العلماء والدعاة بفعل الصحوة الإسلامية ولكن هؤلاء أيضا فيهم بعض الملاحظات التي تتهاوى استحياء عند ذكر محاسنهم ومن هذه الملاحظات القول دون الفعل فتراهم يقولون .. ويهددون .. وكأن الأندلس ستفتح بعد قليل ثم بعد قليل ذهب الحزن ولكن المطلوب في هذا هو أن يفعلوا ما يقولون قال تعالى : ( كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون ) فقد كان صلاح الدين قبل فتح القدس كما ترويه الروايات والكتب أنه كان لا يأكل إلا قليلا ولا يضحك وكان يقول كيف أضحك والقدس بيد النصارى ، فهم لم يبلغوا الدرجة التي بلغها الأوروبيون من ناحية العلم ولم يبلغوا الدرجة التى بلغها السلف الصالح من ناحية العلم والتقوى فهم مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء .
خامسا : نصائح للشباب
قبل أن أختم أحببت أن أورد بعض النصائح المتواضعة للشباب الواعي والمستفيد وتلك النصائح لخصتها في تلك النقاط :
- التساءل عن :
لماذا نقتدي بالأوروبيين وحدهم ؟
لماذا تقدموا علينا وتخلفنا نحن ؟
هل نستطيع أن نصبح مثلهم أو أفضل منهم إذا اجتهدنا ؟
- طاعة أهل العلم وعدم معصية الأمراء فهذا سر الأمن أو عدم الأمن
- محاسبة النفس
- الإستفادة من التاريخ فهي التي جعلت الأئمة أئمة والعلماء علماء
- تعلم جزء وافر من الدين
خامسا : الخاتمة
وختاما أدعوا الشباب إلى ضبط النفس وأن يوجهوا غضبهم الشديد والحار نحو أعداء الأمة وأن يعرفوا قدرهم وفضلهم وعزتهم وألا ينساقوا وراء أمة كانت وقتا من الأوقات في غاية الجهل والذل وحتى أنهم كانوا يندهشون باالشيء الذي صنعه المسلمون فعنما أهدى السلطان المسلم للأمير الأوروبي الساعة المنبهة اندهش الأوروبيون بمافيهم الأمير وأطلقوا عليها الجن ، وأسأل الله تعالى أن يجعل شعب الإسلام وشباب الإسلام من دعاته وأن يوردهم الحوض مع الصحابة الكرام البررة ، وبالله التوفيق .
منقول
