كل جمعة : المال والبنون ۩ 1 ۩
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
_________________________________
**
[frame="6 80"]كل جمعة سيكون لي معكم وقفة مع درس جميل نتعلمه[/frame]
**
كل جمعة
۞
۩ المال والبنون ۩
«واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيماً تذروه الرياح وكان الله على كل شيءٍ مقتدراً، المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملاً».
هاتان الآيتان الكريمتان من سورة الكهف تبينان العديد من الأشياء، وهي قصر هذه الحياة الدنيا وشبهها القرآن الكريم بدورة حياة النبات الذي يسقى بالماء وينمو نموا طبيعيا ثم يكبر ويصفر، ويأتي عليه وقت الحصاد فيكون هشيما تذروه الرياح، ثم تأتي الآية الثانية وتبين أن من زينة الحياة الدنيا المتعددة والكثيرة التي يحبها الإنسان ويحيا في الحياة ويسعى للفوز بها نجد المال والبنين، وقد ذكرا في الآية لأهمية كل منهما في حياة الإنسان.
ولكن الإنسان بسعيه الحثيث للوصول إلى جمع المال وإلى الأولاد فإنه من ناحية أخرى يهمل في حفظه لهذه النعمة التي أعطاها الله له ومنحه إياها، وأمره بالحفاظ عليها من الإسراف والتعدي عليها من الآخرين، وفي الأيام الأخيرة قرأنا عن عدد من حالات الإهمال القاتلة من جانب الآباء والأمهات، كانت نتيجتها كارثية بمعنى الكلمة.
فصفحات الجرائد بين يوم وآخر تنشر جرائم وحوادث كان سببها الرئيس الإهمال وأسبابها المساندة عدم وجود الوازع الديني أو الضميري لدى من قام بفعلته، وكلنا قرأنا عن الجريمة التي ارتكبها أحد العمال أخيرا من اغتصاب طفلة لا يتجاوز عمرها خمس سنوات، تركتها والدتها بمفردها مع هذا العامل لشراء بعض مستلزمات صيانة شقتها.
الجريمة تفتح باب النقاش حول مسؤولية الأم في تسهيل وقوع الجريمة، فالإهمال والتساهل وعدم الوعي من جانب الأم يسرا للجاني القيام بفعلته اللاإنسانية، ويأتي في هذا المقام دور المؤسسات المعنية بالتوعية ومنها المؤسسات الاجتماعية ووسائل الإعلام المختلفة، لتقوم بدورها في هذا الجانب، وهناك بعض الزملاء من الكتاب والصحفيين نبهوا إلى هذه المشكلات الناجمة عن إهمال الأم وغفلتها عن متابعة أبنائها وبناتها والتعرف على أصدقائهم وصديقاتهن بدون ضغط نفسي عليهم، وهذا لا يتأتى إلا بزيادة جرعة الوعي الشامل بالمشاكل المحيطة بالأبناء، ويقظة الآباء والأمهات السريعة لتفادي وقوع أبنائهم في هذه المشاكل، فالحل المبكر في الوقاية قبل القيام بالعلاج الذي هو أقسى على النفس من علاج الأمراض بالجراحة أو الأدوية المرة.
فنعمة الله لا يمكن المحافظة عليها إلا بوقايتها وتحصينها ضد كل ما يعترضها من المتربصين، ولقد حثنا الإسلام على المحافظة على الأبناء من جميع الجوانب، ومنها الجوانب التربوية والنفسية والاجتماعية في الصغر وفي الكبر، وفي سورة لقمان نجد بعضا من هذه الوصايا من لقمان لابنه يحثه على ما ينفعه في حياته الدنيا والآخرة، ومنها: «يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور، ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور».
الشيخ : سيد طنطاوي
جريدة البيان
