الحسن والقبيح

مـن مواقـف السلـف فـي تربيـة الأولاد
لنا في تراثنا الإسلامي وتاريخنا العظيم القدوة الحسنة في تربية أبنائنا ، وفيه ما هو غناء لنا عن الاستعانة بتجارب و قصص الآخريـن . فعن عتبة بن أبي سفيان أنه قال لمربي ولده : " ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح بني إصلاح نفسك ،لأن عينه معقودة بعينيك فالحسن عنده ما استحسنت، والقبيح عنده ما استقبحت ،وعلمه سير الخلفاء وأخلاق الأدباء ، وتهدده بي وأدبه دوني ، وكن له كالطبيب الذي لا يعجل بالدواء حتى يعرف الداء ، و لا تتكلـن على عذر مني ،فإني قد اتكلت على كفاية منك" . أما هارون الرشيد فقد دفع بولده الأمين إلى مربيه و قال له : " اعلم أن أمير المؤمنين قد دفع إليك مهجة نفسه وثمرة قلبه ، فصير يدك عليه مبسوطة ، وطاعته لك واجبة ، فكن له بحيث وضعك أمير المؤمنين ، أقرئه القرآن ، وعلمه الأخبار ، و رويه الأشعار ، وعلمه السنن ، و بصره بمواقع الكلام وآدابه ،وامنعه من الضحك إلا في أوقاته، ولا تمرن بك ساعة إلا وأنت مغتنم فائدة أنت تفيده إياها، من غير أن تحزنه فتميت ذهنه، ولا تمعنن في مسامحته فيستحيل الفراغ ويألفه ، وقومه ما استطعت بالقرب والملاينة ، فإن أباهما فعليك بالشدة والغلظة " . هكذا إخوتي وأخواتي كان يحرص السلف على حسن تعليم أبنائهم ، أذلك خير أم استيراد مناهج دخيلة الله أعلم بحال أصحابها ، نعم لا مانع من الإفادة من تجارب الآخرين ولكن بشرط أن يكون ذلك في ضوء شريعتنـا الغـراء و تاريخنـا الثـري.