أنَـا زَعِـيـمٌ بِـبـيـتٍ فـي أعــلـى الجـنّـه لِمَنْ ؟~
أُحييكم بتحية أهل الجنة فـ تحيتهم فيها يوم يلقونه (سلام)
السلام عليكم وَ رحمة الله وَ بركاته
مـاهو أعظم وَ أثـقـل شيء في الميزان عند الله يوم القيامه ؟
في يوم قال الله تعالى فيه : ( فأما من ثقلت موازينه * فهو في عيشة راضية * وَ أمّا مَنْ خَفَّت مَوازِيـنُـهُ فَـأُمُّـه هَـاويَـةٌ * وَ مـآ أدْراك مَاهيه * نـارٌ حَـامِيَـة ) [القارعه]
إنّـها قضيـة مِيزان !!
إذن ماهو العمل الذي يثقل الميزان بالحَسنات يوم القيامة؟
لِنَحرص عليه سَوَياً وَ نَبلغْ أعـالـي الجِنان !
أعظم عمل في الميزان لم يأتي في الحديث أنّـهُ (قيام الليل) !!
وَ لمْ يأتي في الحديث أنّـهُ (صيام النّـهار) !!
مَعَ عِِظَمْ هذه الأعمال وَ السُنن
وَ لَمْ يأتي في الحديث أنّـه ( الدعـاء أو قـراءة القرآن) !!
مَعَ عِظَمْ هذه الأعمال كثيراً !!
دعوني أخبركم بـ الحديث ~
قال الرسول صلى الله عليه وَ سلّمْ : ( مَا مِنْ شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ ، وَ إنّ الله يُبْغِضُ الفـاحش البذيء)
رَواه الترمذي وَ قال : حديث حسن صحيح
*
عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وَ سلم قال : ( إنّ مِنْ أحَبَكُم إلَيَّ ، وَ أقْرَبَكُم مِنِّى مَجْلِساً يَوم القِيامة أحاسِنُكُمْ أخلاقاً) رواه الترمذي
* أي أن تتعامل مع الناس بِـخُلُقٍ حَسَنْ ، وَ رُبَما سَبَقت إبتسامَتُك قِيامَ لَيْلِك وَ صيامَ نَهارك !!
* رُبما ساعد هذا الشاب ذلك العجوز الضعيف في نَقْل المُشتريات إلى باب سيارته فـ بلغ بهذا العمل قيام ليله بأكملها !!
فـ يـالَهُ مِنْ سبيلٍ عظيم إلى جنّـة المأوى ~
وَ قدْ أثنى الله تعالى على نبيه صلوات الله وَ سلامُه عليه
حينما قال : ( وَإنّك لَـعَلى خُلُقٍ عَظيم )
وَ قال الرسول صلوات الله و سلامُه عليه :
( أنا زعيمٌ بِبيتٍ في رَبَضِ الجنّـة لِمَنْ تَرَكَ المِراء و إنْ كان مُحِقاً ، وَ بِبيتٍ
في وَسطِ الجنّـة لِمَنْ تَرَكَ الكَذِب وَ إنْ كانَ مازِحاً ، وَ بِبيتٍ في أَعلـى الجَنّـة
لِمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ) رَواه أبو داود بإسنادٍ صحيح .
زعيم : ضامن ، المِراء : الجِدال وَ كثرته ، رَبَض : فِناء
وَ لِـ حُسْن الخُلُق صُوَر مُتعدِدة مِنَ السُنَنْ :
1- الإحسان إلى الجار
*
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رجلٌ : ( يا رسول الله ، إن فُلانه يُذكر من كثرة صَلاتها ، وَ صِيامِها ، وَ صَدَقَتِها ، غير أنها تؤذي جيرانَها بِلِسانِها ، قال صلى الله عليه وَ سلم : هي في النّار ، قال: يا رسول الله فإن فُلانه يُذكر مِن قِلَةِ صِيامِها ، وَ صَدَقتِها ، وَ صَلاتِها ، وَ إنّها تصدّقُ بالأثوارِ مِن الأقِطِ ، وَ لا تُؤذي جيرانها بِلِسانِها ، قال صلى الله عليه و سلّم : هي في الجنّه ) رَواه أحمد .
*
وَ عن ابنِ عُمر وَ عائِشة رَضي الله عنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وَ سلم : (ما زالَ جبريل يُوصِينِي بِالجار حَتّى ظَنَنْتُ أنّهُ سَيُوَرِّثُهُ)
مُتفقٌ عليه.
سَيُوَرِّثُهُ : أي يدخل في المُشاركه بالميراث !
2- الوَجه الطليق و البَشاشة :
*
عن أبي ذرٍّ رَضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلّم : ( لا تَحْقِرّنَّ مِن المعروف شَيْئاً ، و لو أنْ تَلقى أخاك بِوَجهٍ طَليقٍ)
رَواه مُسلم .
3- إفشاء السلام :
*
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلّم : (لاتدخلوا الجنّة حتى تُؤمنوا ، وَ لا تُؤمنوا حتى تَحابوا ، أَوَ لاَأدلُّكُم على شيءٍ إذا فَعلتموه تَحابَبتُم ؟ أفشوا السَّلام بَينكم) رواه مُسلم.
4 - العَفو وَ الإعراض عن الجاهلين وَ كتم الغيظ :
*
قال تعالى في مُحكم كتابه : (وَ الكاظمين الغيظَ وَ العافين عَنِ الناس و الله يُحِبُ المُحسِنين) [الشورى :43]
وَ هُنا سأذكر لكم قِصص النُبلاء وَ حُسُن خُلُقِهم :
*
كان عمر بن عبد العزيز حليمًا عادلاً قائِماً لِـ الليل وَ صائماً في النهار وَ زاهداً للدُنيا وَ لم يكتفي بهذه الأعمال فقط!! بل أنه حَسُن الخُلُق ، خرج ذات ليلة إلى المسجد ومعه رجل من الحراس، فلما دخل عمر المسجد مرَّ في الظلام برجل نائم، فأخطأ عمر وداس عليه، فرفع الرجل رأسه إليه وقال أمجنون أنت؟ فقال: لا، فتضايق الحارس وهَمَّ أن يضرب الرجل النائم فمنعه عمر، وقال له: إن الرجل لم يصنع شيئًا غير أنه
سألني: أمجنون أنت؟ فقلت: لا .
أخذ الأمر بِبساطه ! ، وَ لم يَغضَب حتى أنه قال سألني سؤال فأجبته بـ لا!! ، أعلم يا أحبتي سـ تقولون و ما هذا العفو وَ التسامح؟ وَ من أين يأتي؟ سأقول لكم يا أحبتي : إن القلب إذا غلبه التَقوى وَ خالطه أصبح كل شيء يسير تافه وَ لا يأخذ الإنسان وَ يحمل في قلبه البُغض وَ الغَضب .
*
في عهد أمير المُؤمنين عُمر بن الخطاب رضي الله عنه ، جاءت إليه جارية أم المُؤمنين السيده صفية رَضي الله عنها وَ كانت ً السيده صفية يهوديه فلما تزوجها الرسول صلى الله عليه وَ سلم حَسُن إسلامُها فقالت الجارية : يا أمير المُومنين ، إن صفية تُعظّمُ السبت وَ ليس الجُمُعة ، فـ
وَشتها و أنتشرت الوِشاية مع أن الـ الكلام الذي نطقت به الجاريه كذباً
فـ سَمِعتْ أم المؤمنين السيدة صفية رضيَ الله عنها الخَبَر فقالت لـ جاريتها : ماحملك أن تقولي هذا الكلام ، فقالت الجارية : الشيطان حملني ، فقالت إنّ لك عُقوبة مِني!!
تتوقعون ماهذه العُقوبة ؟ ، أهو سجن؟ ، أم تنظيف قرية بأكملها؟
أم ماذا؟
فقالت السيدة صفية رضي الله عنها : عقوبتك أنتِ حُرَّة لِوجه الله .
يا الله ، أي عَفو هذا؟ وَ أي إيمان هذا؟ ، وَ أي قلبٌ هذا؟
*
نبي الله يُوسف عليه السلام حينما ألقوه إخوته في غيابة الجُب
فـ أكرمَهُ الله بالنبوة وَ المنصب فأصبحَ عزيز مِصر و حينما حان اللقاء الأخوي وَ تحققت الرؤيا ، قالوا : (قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وَ إن كُنّا لَخاطئين) فماذا قال لهم أخوهم النبي يوسف عليه السلام ؟
قال : (قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وَ هو أرحم الراحمين)
أي لا أحد يمسسكم بسوء و لا يتحدث عليكم بسوء !!
فـ ياله من صفاء نفس وَ طهارة قَلب وَ سلامة صَدر وَ عَفوٌ كبير
سُجن 7 سنوات بُتُهمةٍ هو بريء منها و السبب إخوته!! لماذا؟
لأنهم ألقوه في غيابة الجُب!! ، وَ حُرمَ من حَنان الأب ، لماذا؟ لأن إخوته ألقوه في غيابة الجُب !! ، وَ أبوه نبي الله يعقوب عليه السلام أصابه العمى حينما فقد يُوسف و ضاع منه !! لماذا؟ لإن إخوة يوسف ألقوه في غيابة الجُب ، وَ رغم كُل أنواع الأذى وَ الظُلم عفى عنهم!!
*
أيضاً من صُور حُسْن الخُلُق هُناك عَملٌ أعظم درَجة مِن العفو !
إنّهُ الإحسان إلى من أساء إليك!
قال تعالى : ( و الله يُحبُ المُحسنين)
قال تعالى : (ادفع باللتي هي أحسن فإذا الذي بينك و بينه عداوةٌ كأنه وَلِيٌ حَميم) ، وَ من يصل إلى هذه الدرجه برأيكم؟
( وَ مايُلَقاها إلا الذين صَبَروا وَ ما يُلَقاها إلا ذو حظٍ عظيم)
5 - الحج دون إثم و لا فُسوق و جِدال :
*
قال تعالى : ( الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقونِ يا أولي الألباب )[البقرة:197]
*
وَ عَنه قال : سَمِعت رسول الله صلى الله عَليه وَ سلم يقول : ( مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ ، وَ لَمْ يَفْسُقْ ، رَجَعَ كَيَومَ وَلَدَتْهُ أُمُهُ) مُتفقٌ عليه
اللهم أكرمنا برفقة نبينا مُحمد وَ اجعلنا مِنْ المُحسنين .
وَ أختتم قولي بِـ بيتين :
احفظ لِسانَك أيُّها الإنسان ** لَيَلْدَغَنّك إنّــــــــهُ ثُعبَــــــــان
كَمْ في المَقابر مِن قتيل لِسانهِ ** كانت تَهاب لِقاءهُ الشُجعان
المَصادِرْ :
* القرآن الكريم
* الأحاديث مِنْ كِتاب رِياض الصالحين
* القِصص مما سَمِعتُه مِن الدُعاة الفُضلاء
الثِقات و تأثرت بهم
