مراايم
13-09-2009, 03:43 PM
ندوة بجامعة عجمان توصي بإنشاء هيئة للنهوض باللغة العربية
تغطية: رامي عايش
http://www.alkhaleej.ae/uploads/gallery/2009/09/12/61780.jpg
نظمت جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ندوتها الرمضانية الثالثة بعنوان “النهوض باللغة العربية” في مجلس د . سعيد عبدالله سلمان، الرئيس الأعلى لجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، حضرها عدد من اللسانيين وخبراء اللغة من مدققين لغويين وأعضاء هيئة تدريس اللغة العربية الجامعيين، والإعلاميين، وتحدث فيها الى جانب الرئيس أ . د . عبدالقدوس أبو صالح، رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية رئيس تحرير مجلة الأدب الإسلامي، وأ . د . وليد قصاب، مدير تحرير مجلة الأدب الإسلامي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالسعودية، ود . عبدالعزيز صافي الجيل، ود . رفعت زنجير، عضوا هيئة التدريس بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا . وافتتح الندوة د . سعيد سلمان باستعراض الفعاليات التي نظمتها الجامعة حول اللغة العربية وأهم المحطات التي تناولت فيها هذا الموضوع بالطرح والتحليل ثم ألقى عرضا بعنوان “مشروع للنهوض بالأمة من خلال النهوض باللغة العربية”، استهله بالتذكير بالمادة 7 من دستور دولة الإمارات الذي ينص على أن “لغة الاتحاد الرسمية هي اللغة العربية”، وبتثمين قرار مجلس الوزراء رقم 2/21 لسنة 2008م الذي نص على إلزام جميع الوزارات والهيئات والمؤسسات الاتحادية في جميع إمارات الدولة باعتماد اللغة العربية لغة رسمية في جميع أعمالها ومكاتباتها ومخاطباتها .<o></o>
دعا إلى تطبيق هذا القرار وتفعيله أكثر بدءا من الوزارات والجامعات وانتهاء بباقي المؤسسات والشركات حتى يتطابق التنظير مع الممارسة، ثم ضرب أمثلة لعدد من المصطلحات الإنجليزية العولمية الحديثة وأعطى مقابلاتها العربية لإبراز شمول اللغة العربية وقدرتها على استيعاب كافة أنواع المصطلحات، وقابلية تعدد استخدامها في كل الميادين العلمية والتكنولوجية الحديثة .<o></o>
وبين أن النهوض باللغة العربية يقتضي وضع أهداف قصيرة المدى وأخرى متوسطة وأيضا بعيدة، مع الحرص على حصر جميع التجارب التي خاضتها اللغة العربية في الفترة الماضية لجعل الناجع منها منطلقا للمستقبل .<o></o>
وأوضح د . سلمان أن ضعف اللغة يرجع إلى ضعف منتسبيها، وإلى الخلل في نسيج الأمة، وإلى انسحاق نخبها في إبداعات الآخرين، وأن لغتنا لن تنهض من كبوتها إلا من خلال مشروع نهضوي للأمة يحمل لواءَه الحكماءُ من شرق العالم العربي وغربه ويكون أُسه نظام تعليم إبداعي يعمل على تخريج أجيال من المنافحين عن ثقافتهم وهويتهم ومن مبدعي المستقبل في شتى الميادين .<o></o>
وأضاف “أن اللغة مرآة للفكر والوجدان، وكائن حي يحيا بحياة الأمة ويموت بموتها” .<o></o>
واقترح د . سعيد سلمان تكوين فرق بحث وعمل، والعمل وفق خطة مشتركة متفق عليها لمباشرة العمل والمتابعة تكون بمثابة النواة لهيئة النهوض باللغة العربية، وذلك حتى لا يكون مصير هذه الندوة مماثلا لمصير المؤتمرات والندوات والمحاضرات التي عقدت في العالم العربي حول الموضوع نفسه، ثم ظلت قراراتها وتوصياتها حبيسة الأدراج والرفوف.<o></o>
وتلا هذا العرضَ الافتتاحي مداخلةٌ للدكتور عبدالقدوس أبو صالح حول “لغة المدارس والجامعات بين الفصحى والعامية” بدأ فيها بالتنويه إلى أن تحقيق مسألة التعريب رهينة بتعريب التعليم ومشروطة به .<o></o>
وقال إن إحساس الاستعمار بأن العربية هي التي تجمع العرب والمسلمين هو ما حدا به إلى إطلاق دعوات متكررة لاستبدال العامية بالفصحى أو باللهجات المحلية، معتبرا أن الذين دعوا بعد ذلك من أبناء جِلدتنا إلى القيام بالأمر نفسه وجهوا طعنات شبه قاتلة إلى العربية .<o></o>
وأضاف “أن الحل المباشر لهذه المشكلة هو إصدار قرار رسمي مثل الذي أصدرته دولة الإمارات يُلزِم جميع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية باستخدام العربية في كافة مراسلاتها، أو إصدار قرار رسمي يجعل اللغة العربية الفصحى لغة التدريس بالمدارس والجامعات كتابة ومحادثة” .<o></o>
ويرى د . أبو صالح أن التدريس باللغة العربية الفصحى يتطلب إعداد معلمين أكفاء ومناهج تعليمية متطورة كما وكيفاً، سواء من خلال التأليف أو الترجمة ووضع طرائق جديدة في التدريس، مع التركيز على المرحلة الابتدائية، “فالدول المتقدمة والأمم الراقية تُخصص أحسن المربين وأكثرهم كفاءة للتعليم في المدارس الابتدائية وتعطيهم أحسن الرواتب، إيمانا منها أن المرحلة الابتدائية هي الأخطر والأساس لبناء مبدعي المستقبل، وهو-للأسف الشديد- عكس ما يحدث في الدول العربية” .<o></o>
وختم د . أبو صالح بالقول يجب التعجيل بالقيام بعدة إجراءات، منها إنشاء مركز للغة العربية الفصحى تتكامل اختصاصاته مع اختصاصات المجامع العربية، وتشجيع الأسر العربية لأولادها على التحدث بالفصحى، ومضاعفة الدول العربية لجهودها للقضاء على الأمية، والتزام الأدباء والشعراء بالفصحى .<o></o>
وتناول الكلمةَ بعد ذلك أ . د . وليد قصاب، بعرضٍ حول “موقف الحداثة من اللغة العربية” اعتبر فيها أن العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل، وإنما هي عقيدة وانتماء وثقافة وهوية، “إذ يكفي أن مليارين و300 مليون مسلم يقرأون بها القرآن الكريم” .<o></o>
وبيّن أن العربية تتعرض لغزو فكري خطير متعدد الجبهات، إذ تارة تُطعن باسم الحداثة، وأخرى باسم الواقعية، وتارة باسم العولمة، ودعا إلى التحرر من قواعد اللغة وأحكامها وابتداع صيغ لغوية جديدة، مبرِزا أن هذه الجهود “الحداثية” ما حققت شيئا غير إشاعة الغموض والالتباس في العربية، وأعطى بعض الأمثلة عن دعوات إحلال العامية محل الفصحى التي اعتبرها مؤسفة مثل قول أحدهم إن “لغة أهل مصر الحديثة هي العامية وليست العربية التي فرضها الفاتحون”!<o></o>
أما العرض الثالث في الندوة فكان بعنوان “جهود جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا في النهوض باللغة العربية” قدمه د . عبدالعزيز صافي الجيل، عضو هيئة التدريس بكلية التربية والعلوم الأساسية بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، حيث قسمها إلى جهود داخلية وأخرى خارجية، فالداخلية منها تجلت في استخدام الجامعة للعربية الفصحى كتابةً ومحادثةً في جميع مجالسها ولِجانها، والتزامها بعقد ندوة عن اللغة العربية مرة كل فصل دراسي، وتطوير منهج وطريقة تدريس اللغة العربية بقسم اللغة العربية بكلية التربية والعلوم الأساسية، وفتح تخصصات جديدة باللغة العربية، وإنشاء أول قناة جامعية ناطقة باللغة العربية بإشراف كلية المعلومات والإعلام والعلوم الإنسانية، وإنشاء هيئة للنهوض باللغة العربية والتخطيط لإنشاء قسم الدراسات العليا العربية .<o></o>
أما الجهود الخارجية، فهي المشاركة في عقد عدد من المؤتمرات والفعاليات حول العربية صاحب كلا منها تقديم عدد من المبادرات .<o></o>
وتناول الكلمة تاليا د . محمد رفعت زنجير، عضو هيئة التدريس بمقر الجامعة بالفجيرة، حول موضوع “التحديات التي تواجه العربية وعوامل النهوض بها”، حيث قسمها إلى تحديات أكاديمية وداخلية وخارجية، فالتحديات الأكاديمية تتمثل في المنهج والطالب والمدرس، والداخلية تتجلى في العاميات التي تزاحم الفصحى وكثرة الأخطاء الشائعة في جل وسائل الإعلام .<o></o>
وبعد هذه الصورة القاتمة عن واقع اللغة العربية، رسم د . زنجير صورة أكثر وردية عن الآمال المُبَشرة بمستقبل اللغة العربية منها آمال تعود لطبيعة اللغة باعتبار كمالها وجمالها وعذوبتها على اللسان، ومنها آمال تعود لواقع انبعاث الأمة مثل اليقظة العلمية والحضارية وانتشار الجامعات والمعاهد التي تبشر بالعربية حول العالم وظهور محاولات تعليم العربية عبر البرمجيات والتقنيات الحديثة، ومنها آمال تعود لارتباط اللغة بالدين (إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) باعتبار العربية باقية بقاء الدهر، وبالنظر إلى تزايد الجاليات العربية المهتمة باللغة العربية وتزايد الاهتمام بالإعجاز القرآني والحديثي .<o></o>
ولخص وسائل النهوض بالعربية في تعميمها في التعليم بكافة المراحل الدراسية ووضع مناهج معاصرة ذات نصوص سهلة وميسرة، وتعميم لغة تواصلية للإعلام من المحيط إلى الخليج وإعادة الاعتبار لمعلمي اللغة العربية ونشر المعاهد والمراكز التي تبشر بالعربية حول العالم .<o></o>
وتلا هذه العروض نقاشٌ مستفيض من طرف الحاضرين، حيث قال د . محمد الديباجي، رئيس قسم اللغة العربية بكلية دبي للدراسات الإسلامية والعربية، إن جميع الأمم التي تحترم نفسها تعتبر أن اللغة هي أساس تكوين شخصية الفرد وأنه ليس هناك شيء أغلى من زرع حب العربية في الطفل، وأن القرآن بالإضافة إلى كونه دستورا تشريعيا من درجة عالية هو كتاب أدبي بالغ الروعة والجمال .<o></o>
من جانبه قال د . فاضل السامرائي، أستاذ النحو، ان اللغة العربية جهاز تعبير متطور في غاية التقنية لا يدانيه أي جهاز تعبير آخر في غناه وتنوع خصائصه ومواصفاته مثل التوليد والاشتقاق والنحت والتقديم والتأخير، مبينا من خلال ضرب بعض الأمثلة أن تعبيرا واحدا في العربية له 18 صورة لكل صورة منها معنى مختلف عن الأخرى، وهذا يعود إلى كون كل تركيب وجملة في العربية إذا اختلف نظمها اختلفت دِلالتها، وهو أمر غير متحقق في غيرها من اللغات .<o></o>
وقال د . محمد عبدالحي، أستاذ لغة عربية، إن اللغويين يعرفون أن اللغة تراث من خلال العامل الحضاري والثقافي والعسكري والاقتصادي والسياسي واللساني، وإن اللغة العربية ليست لغة التميز في جميع الدول العربية ورسميتها في الدستور لا قيمة لها ما دامت هذه الرسمية غير متحققة في واقعها اليومي، مضيفا أن العربية هي اللغة الوحيدة بين لغات منظمة الأمم المتحدة الست التي ليس لها معجم حديث شامل .<o></o>
كما عاب على بعض مدرسي اللغة العربية طريقة تدريسهم، واصفا إياها بالموغلة في التقليد باعتبارهم يُدرسون العربية من خلال نصوصها .<o></o>
وقال د . إبراهيم الشامي، عضو هيئة التدريس في قسم الاتصال الجماهيري بجامعة الإمارات، أن المُلاحَظ على طلبة الإعلام هو تركيزهم أكثر على الإملاء والقواعد فقط وهو ما ينتج عنه تكوين طالب يكتب قواعد اللغة من دون إجادة استخدامها إعلاميا .<o>:p></o>:p>
وقال أ . د . رضوان الداية، عضو هيئة التدريس بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، إن العاميات هي في الأصل لغات عربية أصابها ما أصابها، ويمكن تصحيحها، وأنه لا ضرر من الإبداع الشفهي بالعامية .<o>:p></o>:p>
التوصيات<o>:p></o>:p>
خرجت الندوة بعدد من التوصيات أبرزها إنشاء نواة لمجمع لغة عربية في منطقة الخليج مركزها جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، ودعم هيئة النهوض باللغة العربية ماديا ومعنويا، وتفعيل مهمتها والإسهام في تحقيق أهدافها، وتوسيع دائرة الهيئة، وضم المعنيين باللغة العربية في العالم العربي إليها، وتأسيس فروع للهيئة داخل الدولة وخارجها مع التنسيق مع رابطة الأدب الإسلامي العالمية، وعقد فعالية سنوية حول علوم اللغة من دِلالة ونحو نصانية، وفتح آفاق التواصل والتعاون مع مجامع اللغة والهيئات والمؤسسات المهتمة بالعربية، وتفعيل مركز اللغات والترجمة بالجامعة، وإصدار مجلة سنوية عن اللغة العربية بالجامعة، والدعوة إلى تعريب التعليم الجامعي والتشجيع على وضع معاجم المصطلحات العلمية المختلفة، والتشجيع على تحفيظ القرآن لما لذلك من دور في تقوية الملكة اللغوية، وتشجيع الأجيال الناشئة على القراءة بالعربية لتقوية اللغة، والتعاون مع شبكة ترجمة العلوم الطبية (أحسِن)، وتفعيل التعاون مع منظمة اليونسكو لتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها .
تغطية: رامي عايش
http://www.alkhaleej.ae/uploads/gallery/2009/09/12/61780.jpg
نظمت جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ندوتها الرمضانية الثالثة بعنوان “النهوض باللغة العربية” في مجلس د . سعيد عبدالله سلمان، الرئيس الأعلى لجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، حضرها عدد من اللسانيين وخبراء اللغة من مدققين لغويين وأعضاء هيئة تدريس اللغة العربية الجامعيين، والإعلاميين، وتحدث فيها الى جانب الرئيس أ . د . عبدالقدوس أبو صالح، رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية رئيس تحرير مجلة الأدب الإسلامي، وأ . د . وليد قصاب، مدير تحرير مجلة الأدب الإسلامي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالسعودية، ود . عبدالعزيز صافي الجيل، ود . رفعت زنجير، عضوا هيئة التدريس بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا . وافتتح الندوة د . سعيد سلمان باستعراض الفعاليات التي نظمتها الجامعة حول اللغة العربية وأهم المحطات التي تناولت فيها هذا الموضوع بالطرح والتحليل ثم ألقى عرضا بعنوان “مشروع للنهوض بالأمة من خلال النهوض باللغة العربية”، استهله بالتذكير بالمادة 7 من دستور دولة الإمارات الذي ينص على أن “لغة الاتحاد الرسمية هي اللغة العربية”، وبتثمين قرار مجلس الوزراء رقم 2/21 لسنة 2008م الذي نص على إلزام جميع الوزارات والهيئات والمؤسسات الاتحادية في جميع إمارات الدولة باعتماد اللغة العربية لغة رسمية في جميع أعمالها ومكاتباتها ومخاطباتها .<o></o>
دعا إلى تطبيق هذا القرار وتفعيله أكثر بدءا من الوزارات والجامعات وانتهاء بباقي المؤسسات والشركات حتى يتطابق التنظير مع الممارسة، ثم ضرب أمثلة لعدد من المصطلحات الإنجليزية العولمية الحديثة وأعطى مقابلاتها العربية لإبراز شمول اللغة العربية وقدرتها على استيعاب كافة أنواع المصطلحات، وقابلية تعدد استخدامها في كل الميادين العلمية والتكنولوجية الحديثة .<o></o>
وبين أن النهوض باللغة العربية يقتضي وضع أهداف قصيرة المدى وأخرى متوسطة وأيضا بعيدة، مع الحرص على حصر جميع التجارب التي خاضتها اللغة العربية في الفترة الماضية لجعل الناجع منها منطلقا للمستقبل .<o></o>
وأوضح د . سلمان أن ضعف اللغة يرجع إلى ضعف منتسبيها، وإلى الخلل في نسيج الأمة، وإلى انسحاق نخبها في إبداعات الآخرين، وأن لغتنا لن تنهض من كبوتها إلا من خلال مشروع نهضوي للأمة يحمل لواءَه الحكماءُ من شرق العالم العربي وغربه ويكون أُسه نظام تعليم إبداعي يعمل على تخريج أجيال من المنافحين عن ثقافتهم وهويتهم ومن مبدعي المستقبل في شتى الميادين .<o></o>
وأضاف “أن اللغة مرآة للفكر والوجدان، وكائن حي يحيا بحياة الأمة ويموت بموتها” .<o></o>
واقترح د . سعيد سلمان تكوين فرق بحث وعمل، والعمل وفق خطة مشتركة متفق عليها لمباشرة العمل والمتابعة تكون بمثابة النواة لهيئة النهوض باللغة العربية، وذلك حتى لا يكون مصير هذه الندوة مماثلا لمصير المؤتمرات والندوات والمحاضرات التي عقدت في العالم العربي حول الموضوع نفسه، ثم ظلت قراراتها وتوصياتها حبيسة الأدراج والرفوف.<o></o>
وتلا هذا العرضَ الافتتاحي مداخلةٌ للدكتور عبدالقدوس أبو صالح حول “لغة المدارس والجامعات بين الفصحى والعامية” بدأ فيها بالتنويه إلى أن تحقيق مسألة التعريب رهينة بتعريب التعليم ومشروطة به .<o></o>
وقال إن إحساس الاستعمار بأن العربية هي التي تجمع العرب والمسلمين هو ما حدا به إلى إطلاق دعوات متكررة لاستبدال العامية بالفصحى أو باللهجات المحلية، معتبرا أن الذين دعوا بعد ذلك من أبناء جِلدتنا إلى القيام بالأمر نفسه وجهوا طعنات شبه قاتلة إلى العربية .<o></o>
وأضاف “أن الحل المباشر لهذه المشكلة هو إصدار قرار رسمي مثل الذي أصدرته دولة الإمارات يُلزِم جميع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية باستخدام العربية في كافة مراسلاتها، أو إصدار قرار رسمي يجعل اللغة العربية الفصحى لغة التدريس بالمدارس والجامعات كتابة ومحادثة” .<o></o>
ويرى د . أبو صالح أن التدريس باللغة العربية الفصحى يتطلب إعداد معلمين أكفاء ومناهج تعليمية متطورة كما وكيفاً، سواء من خلال التأليف أو الترجمة ووضع طرائق جديدة في التدريس، مع التركيز على المرحلة الابتدائية، “فالدول المتقدمة والأمم الراقية تُخصص أحسن المربين وأكثرهم كفاءة للتعليم في المدارس الابتدائية وتعطيهم أحسن الرواتب، إيمانا منها أن المرحلة الابتدائية هي الأخطر والأساس لبناء مبدعي المستقبل، وهو-للأسف الشديد- عكس ما يحدث في الدول العربية” .<o></o>
وختم د . أبو صالح بالقول يجب التعجيل بالقيام بعدة إجراءات، منها إنشاء مركز للغة العربية الفصحى تتكامل اختصاصاته مع اختصاصات المجامع العربية، وتشجيع الأسر العربية لأولادها على التحدث بالفصحى، ومضاعفة الدول العربية لجهودها للقضاء على الأمية، والتزام الأدباء والشعراء بالفصحى .<o></o>
وتناول الكلمةَ بعد ذلك أ . د . وليد قصاب، بعرضٍ حول “موقف الحداثة من اللغة العربية” اعتبر فيها أن العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل، وإنما هي عقيدة وانتماء وثقافة وهوية، “إذ يكفي أن مليارين و300 مليون مسلم يقرأون بها القرآن الكريم” .<o></o>
وبيّن أن العربية تتعرض لغزو فكري خطير متعدد الجبهات، إذ تارة تُطعن باسم الحداثة، وأخرى باسم الواقعية، وتارة باسم العولمة، ودعا إلى التحرر من قواعد اللغة وأحكامها وابتداع صيغ لغوية جديدة، مبرِزا أن هذه الجهود “الحداثية” ما حققت شيئا غير إشاعة الغموض والالتباس في العربية، وأعطى بعض الأمثلة عن دعوات إحلال العامية محل الفصحى التي اعتبرها مؤسفة مثل قول أحدهم إن “لغة أهل مصر الحديثة هي العامية وليست العربية التي فرضها الفاتحون”!<o></o>
أما العرض الثالث في الندوة فكان بعنوان “جهود جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا في النهوض باللغة العربية” قدمه د . عبدالعزيز صافي الجيل، عضو هيئة التدريس بكلية التربية والعلوم الأساسية بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، حيث قسمها إلى جهود داخلية وأخرى خارجية، فالداخلية منها تجلت في استخدام الجامعة للعربية الفصحى كتابةً ومحادثةً في جميع مجالسها ولِجانها، والتزامها بعقد ندوة عن اللغة العربية مرة كل فصل دراسي، وتطوير منهج وطريقة تدريس اللغة العربية بقسم اللغة العربية بكلية التربية والعلوم الأساسية، وفتح تخصصات جديدة باللغة العربية، وإنشاء أول قناة جامعية ناطقة باللغة العربية بإشراف كلية المعلومات والإعلام والعلوم الإنسانية، وإنشاء هيئة للنهوض باللغة العربية والتخطيط لإنشاء قسم الدراسات العليا العربية .<o></o>
أما الجهود الخارجية، فهي المشاركة في عقد عدد من المؤتمرات والفعاليات حول العربية صاحب كلا منها تقديم عدد من المبادرات .<o></o>
وتناول الكلمة تاليا د . محمد رفعت زنجير، عضو هيئة التدريس بمقر الجامعة بالفجيرة، حول موضوع “التحديات التي تواجه العربية وعوامل النهوض بها”، حيث قسمها إلى تحديات أكاديمية وداخلية وخارجية، فالتحديات الأكاديمية تتمثل في المنهج والطالب والمدرس، والداخلية تتجلى في العاميات التي تزاحم الفصحى وكثرة الأخطاء الشائعة في جل وسائل الإعلام .<o></o>
وبعد هذه الصورة القاتمة عن واقع اللغة العربية، رسم د . زنجير صورة أكثر وردية عن الآمال المُبَشرة بمستقبل اللغة العربية منها آمال تعود لطبيعة اللغة باعتبار كمالها وجمالها وعذوبتها على اللسان، ومنها آمال تعود لواقع انبعاث الأمة مثل اليقظة العلمية والحضارية وانتشار الجامعات والمعاهد التي تبشر بالعربية حول العالم وظهور محاولات تعليم العربية عبر البرمجيات والتقنيات الحديثة، ومنها آمال تعود لارتباط اللغة بالدين (إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) باعتبار العربية باقية بقاء الدهر، وبالنظر إلى تزايد الجاليات العربية المهتمة باللغة العربية وتزايد الاهتمام بالإعجاز القرآني والحديثي .<o></o>
ولخص وسائل النهوض بالعربية في تعميمها في التعليم بكافة المراحل الدراسية ووضع مناهج معاصرة ذات نصوص سهلة وميسرة، وتعميم لغة تواصلية للإعلام من المحيط إلى الخليج وإعادة الاعتبار لمعلمي اللغة العربية ونشر المعاهد والمراكز التي تبشر بالعربية حول العالم .<o></o>
وتلا هذه العروض نقاشٌ مستفيض من طرف الحاضرين، حيث قال د . محمد الديباجي، رئيس قسم اللغة العربية بكلية دبي للدراسات الإسلامية والعربية، إن جميع الأمم التي تحترم نفسها تعتبر أن اللغة هي أساس تكوين شخصية الفرد وأنه ليس هناك شيء أغلى من زرع حب العربية في الطفل، وأن القرآن بالإضافة إلى كونه دستورا تشريعيا من درجة عالية هو كتاب أدبي بالغ الروعة والجمال .<o></o>
من جانبه قال د . فاضل السامرائي، أستاذ النحو، ان اللغة العربية جهاز تعبير متطور في غاية التقنية لا يدانيه أي جهاز تعبير آخر في غناه وتنوع خصائصه ومواصفاته مثل التوليد والاشتقاق والنحت والتقديم والتأخير، مبينا من خلال ضرب بعض الأمثلة أن تعبيرا واحدا في العربية له 18 صورة لكل صورة منها معنى مختلف عن الأخرى، وهذا يعود إلى كون كل تركيب وجملة في العربية إذا اختلف نظمها اختلفت دِلالتها، وهو أمر غير متحقق في غيرها من اللغات .<o></o>
وقال د . محمد عبدالحي، أستاذ لغة عربية، إن اللغويين يعرفون أن اللغة تراث من خلال العامل الحضاري والثقافي والعسكري والاقتصادي والسياسي واللساني، وإن اللغة العربية ليست لغة التميز في جميع الدول العربية ورسميتها في الدستور لا قيمة لها ما دامت هذه الرسمية غير متحققة في واقعها اليومي، مضيفا أن العربية هي اللغة الوحيدة بين لغات منظمة الأمم المتحدة الست التي ليس لها معجم حديث شامل .<o></o>
كما عاب على بعض مدرسي اللغة العربية طريقة تدريسهم، واصفا إياها بالموغلة في التقليد باعتبارهم يُدرسون العربية من خلال نصوصها .<o></o>
وقال د . إبراهيم الشامي، عضو هيئة التدريس في قسم الاتصال الجماهيري بجامعة الإمارات، أن المُلاحَظ على طلبة الإعلام هو تركيزهم أكثر على الإملاء والقواعد فقط وهو ما ينتج عنه تكوين طالب يكتب قواعد اللغة من دون إجادة استخدامها إعلاميا .<o>:p></o>:p>
وقال أ . د . رضوان الداية، عضو هيئة التدريس بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، إن العاميات هي في الأصل لغات عربية أصابها ما أصابها، ويمكن تصحيحها، وأنه لا ضرر من الإبداع الشفهي بالعامية .<o>:p></o>:p>
التوصيات<o>:p></o>:p>
خرجت الندوة بعدد من التوصيات أبرزها إنشاء نواة لمجمع لغة عربية في منطقة الخليج مركزها جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، ودعم هيئة النهوض باللغة العربية ماديا ومعنويا، وتفعيل مهمتها والإسهام في تحقيق أهدافها، وتوسيع دائرة الهيئة، وضم المعنيين باللغة العربية في العالم العربي إليها، وتأسيس فروع للهيئة داخل الدولة وخارجها مع التنسيق مع رابطة الأدب الإسلامي العالمية، وعقد فعالية سنوية حول علوم اللغة من دِلالة ونحو نصانية، وفتح آفاق التواصل والتعاون مع مجامع اللغة والهيئات والمؤسسات المهتمة بالعربية، وتفعيل مركز اللغات والترجمة بالجامعة، وإصدار مجلة سنوية عن اللغة العربية بالجامعة، والدعوة إلى تعريب التعليم الجامعي والتشجيع على وضع معاجم المصطلحات العلمية المختلفة، والتشجيع على تحفيظ القرآن لما لذلك من دور في تقوية الملكة اللغوية، وتشجيع الأجيال الناشئة على القراءة بالعربية لتقوية اللغة، والتعاون مع شبكة ترجمة العلوم الطبية (أحسِن)، وتفعيل التعاون مع منظمة اليونسكو لتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها .