المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [طلب] لو سمحتوا تقرير عن اهمية الدين الاسلامي واللغة العربية في التضامن العربي



اسلامي هو حياتي
26-01-2013, 03:48 PM
اللي عنده لا يبخل و الله محتاجه هالتقرير ضروووورررري :(10):

بو بندر و اشطح
06-02-2013, 05:10 PM
اللغة العربية هي عماد الدِّين ، فالدين باللغة العربية قرآنا وسنة ، ولا يمكن فهم الدِّين والتلذذ بجمال القرآن والبيان الحسن لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بفهم لغة العرب التي بها نزل القرآن الكريم .
لذا إذا تحدثنا عن حقيقة الارتباط الوثيق بين اللغة العربية والإسلام فإن الواقع التاريخي للغة العربية وللدين الإسلامي- خلال أربعة عشر قرناً - يثبت حقيقة التلازم والارتباط بين انتشار كل منهما وازدهاره بمساعدة الآخر .
هذا إلى جانب حقيقة أخرى واضحة وثابتة هي : إن في كل من الدين الإسلامي واللغة العربية من القوة الذاتية والاستعداد الأصيل ما يكفل له الغلبة والانتصار والدوام .
فاللغة العربية - ذاتها - لغة حية أدت رسالتها في الحياة خير أداء ، وعبرت في عصورها الأولى عن حاجات المجتمعات التي تتخذها لغة لها تعبر بها عن مطالبها وآلامها وعلومها وآدابها وفنونها ، وما زالت مستعدة للتعبير عن الحياة وما جد فيها ، ومستعدة أن تتسع أكثر من ذي قبل لكل جديد مبتكر ومخترع حديث .
واللغة العربية أيضا - من أغنى لغات البشر ثروة لفظية تستوعب حاجات الأمة الحسية والمعنوية
والعرب منذ أواخر العصر الجاهلي مهتمون بلغتهم معتزون بتراثها الأدبي ، وقد قيل:«الشعر ديوان العرب» ، ولكن اهتمامهم واعتزازهم بها ازداد مع ظهور الإسلام لأن الله عز وجل اختارها لغة لدينه قرآنا وسنة وعبادة وتشريعاً وتكلم بها تشريفا لها وهي باقية ما بقي الإسلام والقرآن ، ثم تضاعف الاهتمام والاعتزاز باللغة العربية وحفظ التراث اللغوي وتنقيته من الدخيل الأعجمي أثناء الفتوحات الإسلامية وبعدها . وعلى الرغم من أن الاستعمار الغربي كان يعمل لهدم اللغة العربية بحسبانها لسان الدين الإسلامي الذي ما يزال يحاول هدمه بالدعوة إلى استخدام اللهجات العامة والمحلية ، إلا أن هذه الدعوات والمحاولات الاستعمارية قد باءت بالخيبة والفشل والخسران المبين .
وإن كان وللأسف ثمت دعوات لإحياء لهجة كل بلد وتدوينها وتدريسها ؟!
وعن حقيقة التلازم القوي بين انتشار الإسلام بالعربية وانتشار العربية بالإسلام، يقول الأزهري الإمام اللغوي المشهور ، في مقدمة كتابه «تهذيب اللغة» (1/3) : «الحمد لله ، على ما أسبغ علينا من نعمه الظاهرة والباطنة ، وهدانا إليه مِن تدبُّر تنزيله ، والتفكر في آياته ، والإيمان بمحكمه ومتشابه ، والبحث عن معانيه، والفحص عن اللغة العربية التي بها نزل الكتاب ، والاهتداء بما شرع فيه ودعا الخلق إليه ، وأوضح الصراط المستقيم به ، وهداهم إلى ما فضلنا به على كثير من أهل هذا العصر في معرفة لغات العرب التي بها نزل القرآن ، وورَدَت سنَّة المصطفى النبي المرتضى عليه السلام» .
والقرآن نفسه ، قبل كلام الأزهري وأمثاله من علماء اللغة ، يؤكد حقيقة هذا الباعث الأساسي للاهتمام باللغة العربية والاعتزاز بتراثها العلمي والأدبي . فقد منَّ الله تبارك وتعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى العرب الذين بُعِثَ فيهم ومنهم بقوله عز وجل : ﴿ إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقِلون ﴾ ، وقال سبحانه وتعالى : ﴿ لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذِكرُكُمْ أفلا تعقِلون ﴾ [الأنبياء] .
فنزول القرآن الكريم بالعربية دليل أهميتها وأفضليتها وباعث نهضتها ، وصاحب الفضل الأكبر والأثر الأظهر في نشرها وخلودها . ويكفي تدليلا على ذلك اختيار الله لها لسانا لدينه العام والأخير ، وهو الإسلام ومنه بذلك على العرب خاصة والمسلمين عامة . [ «اللغة العربية : لسان وكيان» ، «مجلة البحوث» (1/91) ] .
وقد جاء عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال : «لسانُ العَرَب أوسعُ الألسنة مذهباً ، وأكثرها ألفاظاً ، والعلم بها عند العرب كالعلم بالسنن عند أهل الفقه» [ رواه الأزهري في «تهذيب اللغة» (1/4-5)] .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : «فإن نفس اللغة العربية مِن الدِّين ، ومعرفتها فرضٌ واجِبٌ ، فإنَّ فَهْمَ الكتاب والسنة فرضٌ ، ولا يفهم إلا باللغة العربية ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب » . [«اقتضاء الصراط المستقيم» (1/469) ] .
ويقول الأزهري في مقدمته (1/5) : «إن تعلم العربية التي يُتوصَّل بها إلى تعلم ما به تجري الصلاة من تنزيل وذكر ، فرضٌ على عامَّةِ المسلمين . وأن على الخاصة التي تقوم بكفاية العامة فيما يحتاجون إليه لدينهم الاجتهاد في تعلم لسان العرب ولغاتها التي بها تمام التوصُّل إلى معرفة ما في الكتاب والسنن والآثار ، وأقاويل المفسِّرين من الصحابة والتابعين ، من الألفاظ الغربية والمخاطبات العربية ، فإن من جهل سِعة لسان العرب وكثرة ألفاظها ، وافتِنانها في مذاهبها ، جهل جُمَل علم الكتاب» .
ومما يبين الاهتمام باللغة العربية- لغة القرآن- كراهة السَّلف للرطانة وهي التشبه بالأعاجم في كلامهم ولغتهم ، ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الماتع «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/461-462) : «وأما الرطانة ، وتسمية شهورهم بالأسماء العجمية ، فقال أبو محمد الكرماني - المسمى بحرب -: «باب تسمية الشهور بالفارسية : قلت لأحمد فإن للفرس أياماً وشهوراً ، يسمونها بأسماء لا تعرف ؟ فكره ذلك أشد الكراهة .
وروى فيه عن مجاهد حديثاً أنه كَرِهَ أن يقال : آذرماه ، وذي ماه . قلت : فإن كان اسم رجل أسميه به ؟ فكرهه ...، وكان ابن المبارك يكره الأسماء الفارسية ..
فما قاله أحمد من كراهة هذه الأسماء له وجهان :
أحدهما : إذا لم يعرف معنى الاسم ، جاز أن يكون معنى محرماً ، فلا ينطق المسلم بما لا يعرف معناه ، ولهذا كرهت الرُّقى العجمية ، كالعبرانية ، أو السريانية ، أو غيرها ؛ خوفاً أن يكون فيها معان لا تجوز .
وهذا المعنى هو الذي اعتبره إسحاق ، لكن إن علم أن المعنى مكروه فلا ريب في كراهته وإن جهل معناه فأحمد كرهه ، وكلام إسحاق يحتمل أنه لم يكرهه .
الوجه الثاني : كراهته أن يتعوَّد الرجل النطق بغير العربية فإن اللسان العربي شعار الإسلام وأهله ، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميزون ، ولهذا كان كثير من الفقهاء أو أكثرهم يكرهون في الأدعية ، التي في الصلاة والذكر ، أن يدعى الله ، أو يذكر بغير العربية» .
وقال رحمه الله مبيناً أثر اللغة وتعلمها : «واعتياد اللغة يؤثر في العقل ، والخُلُق ، والدِّين تأثيراً قوياً بيناً ، ويؤثر أيضاً في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين ، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق .
وأيضاً فإن نفس اللغة العربية من الدين ، ومعرفتها فرض واجب ..، ثم منها ما هو واجب على الأعيان ، ومنها ما هو واجب على الكفاية ، وهذا معنى ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن ثور ، عن عمر بن زيد : كتب عمر إلى أبي موسى رضي الله عنهما : «أما بعد . فتفقهوا في السُّنة ، وتفقهوا في العربية ، وأعربوا القرآن ، فإنه عربي ، وتمعددوا فإنكم معدّيّون» [رواه ابن أبي شيبة في «المُصَنَّف» (15/433 رقم 30534)].
وفي حديث آخر عن عمر رضي الله عنه أنه قال : «تعلموا العربية فإنها من دينكم ، وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم» . [رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (13/165 رقم 26164)] .
وهذا الذي أمر به عمر رضي الله عنه مِن فِقهِ العربية وفقه الشريعة ، يجمع ما يحتاج إليه ؛ لأن الدين فيه أقوال وأعمال ، ففقه العربية هو الطريق إلى فقه أقواله ، وفقه السنة هو فقه أعماله» . [«اقتضاء الصراط المستقيم» (1/469-470)] .
إنَّ تعلم العربية وتعليمها ليس من فضول العلوم أو مُلَحِهِ ، بل هو من أسسه وواجباته ، فكما نجتهد في حفظ القرآن وتحفيظه لأبنائنا ليبقى هذا الكتاب غضاً طرياً فكذلك تعلم العربية . فعن أُبَي بن كعب رضي الله عنه قال : «تعلَّموا العربية كما تعلَّمون حفظ القرآن» . [رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (15/433 رقم 30535)] .
إن العربية هي الحصن الحصين دون تغريب المجتمع ورميه في أحضان الغرب ؛ لأن الرطانة بلسان الغرب هي أول درجات التبعية لهم ، ولذلك وُجِدَ في كلام السلف رحمهم الله الكثير من التحذير من الرطانة بلسان العجم ؛ لأن ذلك مُشعر بالتبعية لهم ، واستبدال للأعلى بالأدنى وقد نهينا عن ذلك .
كما جاء عن عمر بن الخطاب الفاروق الملهم رضي الله عنه أنه قال : «ما تَكَلَّم الرجلُ الفَارِسِيَّةَ إلا خَبُثَ ، ولا خَبُث إلاَّ نَقَصَتْ مُروءته» . [رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (13/402 رقم 26805)].
وقال التابعي الجليل عطاء رحمه الله : «لا تعلَّمُوا رطانة الأعاجم» [رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (13/403 رقم 26806)] .
وروى داود بن أبي هند عن محمد بن سعد بن أبي وقاص أنه سمِعَ قوماً يتكلَّمون بالفارسية ، فقال : «ما بالُ المجوسية بعد الحنيفية» ؟! [ رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (13/403 رقم 26807)] .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- : «وأمَّا اعتياد الخِطَاب بغير اللُّغة العربية التي هي شعار الإسلام ، ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة للمِصرِ وأهلهِ ، أو لأهل الدار ، للرجل مع صاحبه ، أو لأهل السوق أو للأمراء ، أو لأهل الديوان ، أو لأهل الفقه ، فلا ريب أن هذا مكروه ، فإنه من التشبه بالأعاجم ، وهو مكروه كما تقدَّم ، ولهذا كان المسلمون المتقدِّمون لمَّا سكنوا أرض الشام ومصر ، ولغة أهلهما رومية ، وأرض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية ، وأهل المغرب ولغة أهلها بربرية ، عوَّدوا أهل هذه البلاد العربية حتى غلبت على أهل هذه الأمصار : مسلمهم وكافرهم ، وهكذا كانت خراسان قديماً .
ثمَّ إنهم تساهلوا في أمر اللغة ، واعتادوا الخطاب بالفارسية ، حتى غلبت عليهم ، وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم ، ولا ريب أنَّ هذا مكروه ، غنما الطريق الحسن اعتياد الخطاب بالعربية ، حتى يتقنها الصغار في المكاتب وفي الدور فيظهر شعار الإسلام وأهله» . [«الاقتضاء» (1/468-469)] .
ومن الخطر المحدق بنا إقحام لغة أُخْرى إلى جانب اللغة الأم في تدريس الصغار ، لا سيما وقد قرر مجمع اللغة العربية بالقاهرة أن تدريس لغة أخرى مع العربية إلى ما قبل تسع سنوات يؤثر تأثيراً بالغاً على اللغة العربية ، كما هو مشاهد الآن ، فأكثر الطلاب يحسن اللغة الأجنبية ولكنه جاهل في لغته العربية التي نزل بها القرآن . بل تستمع إلى مسؤول كبير يقرأ من ورقة كُتِبت له وهو خريج جامعات كبيرة دنيوياً فلا يُحسِن منها إلا القليل وتتأمل في كلامه فتجد اللحن الفاحش والخطأ الواضح .
لا بد من إبعاد كل لغة تؤثر على لغتنا ، لأن العربية عزنا وفخرنا وديننا .

بو بندر و اشطح
06-02-2013, 05:11 PM
اللغة العربية هي عماد الدِّين ، فالدين باللغة العربية قرآنا وسنة ، ولا يمكن فهم الدِّين والتلذذ بجمال القرآن والبيان الحسن لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بفهم لغة العرب التي بها نزل القرآن الكريم .
لذا إذا تحدثنا عن حقيقة الارتباط الوثيق بين اللغة العربية والإسلام فإن الواقع التاريخي للغة العربية وللدين الإسلامي- خلال أربعة عشر قرناً - يثبت حقيقة التلازم والارتباط بين انتشار كل منهما وازدهاره بمساعدة الآخر .
هذا إلى جانب حقيقة أخرى واضحة وثابتة هي : إن في كل من الدين الإسلامي واللغة العربية من القوة الذاتية والاستعداد الأصيل ما يكفل له الغلبة والانتصار والدوام .
فاللغة العربية - ذاتها - لغة حية أدت رسالتها في الحياة خير أداء ، وعبرت في عصورها الأولى عن حاجات المجتمعات التي تتخذها لغة لها تعبر بها عن مطالبها وآلامها وعلومها وآدابها وفنونها ، وما زالت مستعدة للتعبير عن الحياة وما جد فيها ، ومستعدة أن تتسع أكثر من ذي قبل لكل جديد مبتكر ومخترع حديث .
واللغة العربية أيضا - من أغنى لغات البشر ثروة لفظية تستوعب حاجات الأمة الحسية والمعنوية
والعرب منذ أواخر العصر الجاهلي مهتمون بلغتهم معتزون بتراثها الأدبي ، وقد قيل:«الشعر ديوان العرب» ، ولكن اهتمامهم واعتزازهم بها ازداد مع ظهور الإسلام لأن الله عز وجل اختارها لغة لدينه قرآنا وسنة وعبادة وتشريعاً وتكلم بها تشريفا لها وهي باقية ما بقي الإسلام والقرآن ، ثم تضاعف الاهتمام والاعتزاز باللغة العربية وحفظ التراث اللغوي وتنقيته من الدخيل الأعجمي أثناء الفتوحات الإسلامية وبعدها . وعلى الرغم من أن الاستعمار الغربي كان يعمل لهدم اللغة العربية بحسبانها لسان الدين الإسلامي الذي ما يزال يحاول هدمه بالدعوة إلى استخدام اللهجات العامة والمحلية ، إلا أن هذه الدعوات والمحاولات الاستعمارية قد باءت بالخيبة والفشل والخسران المبين .
وإن كان وللأسف ثمت دعوات لإحياء لهجة كل بلد وتدوينها وتدريسها ؟!
وعن حقيقة التلازم القوي بين انتشار الإسلام بالعربية وانتشار العربية بالإسلام، يقول الأزهري الإمام اللغوي المشهور ، في مقدمة كتابه «تهذيب اللغة» (1/3) : «الحمد لله ، على ما أسبغ علينا من نعمه الظاهرة والباطنة ، وهدانا إليه مِن تدبُّر تنزيله ، والتفكر في آياته ، والإيمان بمحكمه ومتشابه ، والبحث عن معانيه، والفحص عن اللغة العربية التي بها نزل الكتاب ، والاهتداء بما شرع فيه ودعا الخلق إليه ، وأوضح الصراط المستقيم به ، وهداهم إلى ما فضلنا به على كثير من أهل هذا العصر في معرفة لغات العرب التي بها نزل القرآن ، وورَدَت سنَّة المصطفى النبي المرتضى عليه السلام» .
والقرآن نفسه ، قبل كلام الأزهري وأمثاله من علماء اللغة ، يؤكد حقيقة هذا الباعث الأساسي للاهتمام باللغة العربية والاعتزاز بتراثها العلمي والأدبي . فقد منَّ الله تبارك وتعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى العرب الذين بُعِثَ فيهم ومنهم بقوله عز وجل : ﴿ إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقِلون ﴾ ، وقال سبحانه وتعالى : ﴿ لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذِكرُكُمْ أفلا تعقِلون ﴾ [الأنبياء] .
فنزول القرآن الكريم بالعربية دليل أهميتها وأفضليتها وباعث نهضتها ، وصاحب الفضل الأكبر والأثر الأظهر في نشرها وخلودها . ويكفي تدليلا على ذلك اختيار الله لها لسانا لدينه العام والأخير ، وهو الإسلام ومنه بذلك على العرب خاصة والمسلمين عامة . [ «اللغة العربية : لسان وكيان» ، «مجلة البحوث» (1/91) ] .
وقد جاء عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال : «لسانُ العَرَب أوسعُ الألسنة مذهباً ، وأكثرها ألفاظاً ، والعلم بها عند العرب كالعلم بالسنن عند أهل الفقه» [ رواه الأزهري في «تهذيب اللغة» (1/4-5)] .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : «فإن نفس اللغة العربية مِن الدِّين ، ومعرفتها فرضٌ واجِبٌ ، فإنَّ فَهْمَ الكتاب والسنة فرضٌ ، ولا يفهم إلا باللغة العربية ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب » . [«اقتضاء الصراط المستقيم» (1/469) ] .
ويقول الأزهري في مقدمته (1/5) : «إن تعلم العربية التي يُتوصَّل بها إلى تعلم ما به تجري الصلاة من تنزيل وذكر ، فرضٌ على عامَّةِ المسلمين . وأن على الخاصة التي تقوم بكفاية العامة فيما يحتاجون إليه لدينهم الاجتهاد في تعلم لسان العرب ولغاتها التي بها تمام التوصُّل إلى معرفة ما في الكتاب والسنن والآثار ، وأقاويل المفسِّرين من الصحابة والتابعين ، من الألفاظ الغربية والمخاطبات العربية ، فإن من جهل سِعة لسان العرب وكثرة ألفاظها ، وافتِنانها في مذاهبها ، جهل جُمَل علم الكتاب» .
ومما يبين الاهتمام باللغة العربية- لغة القرآن- كراهة السَّلف للرطانة وهي التشبه بالأعاجم في كلامهم ولغتهم ، ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الماتع «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/461-462) : «وأما الرطانة ، وتسمية شهورهم بالأسماء العجمية ، فقال أبو محمد الكرماني - المسمى بحرب -: «باب تسمية الشهور بالفارسية : قلت لأحمد فإن للفرس أياماً وشهوراً ، يسمونها بأسماء لا تعرف ؟ فكره ذلك أشد الكراهة .
وروى فيه عن مجاهد حديثاً أنه كَرِهَ أن يقال : آذرماه ، وذي ماه . قلت : فإن كان اسم رجل أسميه به ؟ فكرهه ...، وكان ابن المبارك يكره الأسماء الفارسية ..
فما قاله أحمد من كراهة هذه الأسماء له وجهان :
أحدهما : إذا لم يعرف معنى الاسم ، جاز أن يكون معنى محرماً ، فلا ينطق المسلم بما لا يعرف معناه ، ولهذا كرهت الرُّقى العجمية ، كالعبرانية ، أو السريانية ، أو غيرها ؛ خوفاً أن يكون فيها معان لا تجوز .
وهذا المعنى هو الذي اعتبره إسحاق ، لكن إن علم أن المعنى مكروه فلا ريب في كراهته وإن جهل معناه فأحمد كرهه ، وكلام إسحاق يحتمل أنه لم يكرهه .
الوجه الثاني : كراهته أن يتعوَّد الرجل النطق بغير العربية فإن اللسان العربي شعار الإسلام وأهله ، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميزون ، ولهذا كان كثير من الفقهاء أو أكثرهم يكرهون في الأدعية ، التي في الصلاة والذكر ، أن يدعى الله ، أو يذكر بغير العربية» .
وقال رحمه الله مبيناً أثر اللغة وتعلمها : «واعتياد اللغة يؤثر في العقل ، والخُلُق ، والدِّين تأثيراً قوياً بيناً ، ويؤثر أيضاً في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين ، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق .
وأيضاً فإن نفس اللغة العربية من الدين ، ومعرفتها فرض واجب ..، ثم منها ما هو واجب على الأعيان ، ومنها ما هو واجب على الكفاية ، وهذا معنى ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن ثور ، عن عمر بن زيد : كتب عمر إلى أبي موسى رضي الله عنهما : «أما بعد . فتفقهوا في السُّنة ، وتفقهوا في العربية ، وأعربوا القرآن ، فإنه عربي ، وتمعددوا فإنكم معدّيّون» [رواه ابن أبي شيبة في «المُصَنَّف» (15/433 رقم 30534)].
وفي حديث آخر عن عمر رضي الله عنه أنه قال : «تعلموا العربية فإنها من دينكم ، وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم» . [رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (13/165 رقم 26164)] .
وهذا الذي أمر به عمر رضي الله عنه مِن فِقهِ العربية وفقه الشريعة ، يجمع ما يحتاج إليه ؛ لأن الدين فيه أقوال وأعمال ، ففقه العربية هو الطريق إلى فقه أقواله ، وفقه السنة هو فقه أعماله» . [«اقتضاء الصراط المستقيم» (1/469-470)] .
إنَّ تعلم العربية وتعليمها ليس من فضول العلوم أو مُلَحِهِ ، بل هو من أسسه وواجباته ، فكما نجتهد في حفظ القرآن وتحفيظه لأبنائنا ليبقى هذا الكتاب غضاً طرياً فكذلك تعلم العربية . فعن أُبَي بن كعب رضي الله عنه قال : «تعلَّموا العربية كما تعلَّمون حفظ القرآن» . [رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (15/433 رقم 30535)] .
إن العربية هي الحصن الحصين دون تغريب المجتمع ورميه في أحضان الغرب ؛ لأن الرطانة بلسان الغرب هي أول درجات التبعية لهم ، ولذلك وُجِدَ في كلام السلف رحمهم الله الكثير من التحذير من الرطانة بلسان العجم ؛ لأن ذلك مُشعر بالتبعية لهم ، واستبدال للأعلى بالأدنى وقد نهينا عن ذلك .
كما جاء عن عمر بن الخطاب الفاروق الملهم رضي الله عنه أنه قال : «ما تَكَلَّم الرجلُ الفَارِسِيَّةَ إلا خَبُثَ ، ولا خَبُث إلاَّ نَقَصَتْ مُروءته» . [رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (13/402 رقم 26805)].
وقال التابعي الجليل عطاء رحمه الله : «لا تعلَّمُوا رطانة الأعاجم» [رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (13/403 رقم 26806)] .
وروى داود بن أبي هند عن محمد بن سعد بن أبي وقاص أنه سمِعَ قوماً يتكلَّمون بالفارسية ، فقال : «ما بالُ المجوسية بعد الحنيفية» ؟! [ رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (13/403 رقم 26807)] .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- : «وأمَّا اعتياد الخِطَاب بغير اللُّغة العربية التي هي شعار الإسلام ، ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة للمِصرِ وأهلهِ ، أو لأهل الدار ، للرجل مع صاحبه ، أو لأهل السوق أو للأمراء ، أو لأهل الديوان ، أو لأهل الفقه ، فلا ريب أن هذا مكروه ، فإنه من التشبه بالأعاجم ، وهو مكروه كما تقدَّم ، ولهذا كان المسلمون المتقدِّمون لمَّا سكنوا أرض الشام ومصر ، ولغة أهلهما رومية ، وأرض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية ، وأهل المغرب ولغة أهلها بربرية ، عوَّدوا أهل هذه البلاد العربية حتى غلبت على أهل هذه الأمصار : مسلمهم وكافرهم ، وهكذا كانت خراسان قديماً .
ثمَّ إنهم تساهلوا في أمر اللغة ، واعتادوا الخطاب بالفارسية ، حتى غلبت عليهم ، وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم ، ولا ريب أنَّ هذا مكروه ، غنما الطريق الحسن اعتياد الخطاب بالعربية ، حتى يتقنها الصغار في المكاتب وفي الدور فيظهر شعار الإسلام وأهله» . [«الاقتضاء» (1/468-469)] .
ومن الخطر المحدق بنا إقحام لغة أُخْرى إلى جانب اللغة الأم في تدريس الصغار ، لا سيما وقد قرر مجمع اللغة العربية بالقاهرة أن تدريس لغة أخرى مع العربية إلى ما قبل تسع سنوات يؤثر تأثيراً بالغاً على اللغة العربية ، كما هو مشاهد الآن ، فأكثر الطلاب يحسن اللغة الأجنبية ولكنه جاهل في لغته العربية التي نزل بها القرآن . بل تستمع إلى مسؤول كبير يقرأ من ورقة كُتِبت له وهو خريج جامعات كبيرة دنيوياً فلا يُحسِن منها إلا القليل وتتأمل في كلامه فتجد اللحن الفاحش والخطأ الواضح .
لا بد من إبعاد كل لغة تؤثر على لغتنا ، لأن العربية عزنا وفخرنا وديننا .