المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ساعي البريد



الدكتور سمير المليجى
23-10-2012, 10:32 PM
ساعي البريد



عندما كنت طفلا دائما ما كنت أفكر في ساعي البريد عندما يأتي إلي المنزل ويعطي لأي من والدي خطابات وكنت انظر إلى وجوههم في بعض الأحيان

كانوا يحزنون وفي بعض الأحيان الاخري كانوا يفرحون وكنت دائما في تأمل لهذا الشخص الذي يأتي ويعطينا الخطابات

وعندما كبرت في السن كان أملى أن اقتبس شخصية هذا الشخص أنني في استطاعتي أن اسعد بعض الأشخاص وأعطى لهم خبرا مفرحا وبعض الأوقات أعطي لهم أخبار محزنه

وهذا الحلم ربيا ساعدني على تحقيقه

وأصبحت ساعي بريد

ويوما ما ذهبت إلى مكتب البريد كالمعتاد أتلقى خطاباتي التي سوف أقوم بتوزيعها وكانت المفاجأة إن الخطابات أكثر بكثير عن كل مرة وسألت زميلي

ماذا حدث هذه المرة الخطابات كثيرة ؟

فقال لي - لقد أنشى في المحيط الذي توزع فيها خطاباتك ملجأ للأطفال

وكالعادة ذهبت إلى المنطقة التي أقوم بتوزيع الخطابات بها وفى النهاية ذهبت إلى ملجأ الأطفال وسلمت الخطابات جميعها إلى الساعي المسئول عن الدار ووقفت انظر من بعيد على وجوه الأطفال الأيتام أو على من تركه أبائهم والذين عثر عليهم في أماكن مجهولة الهوية وكذلك الأطفال الذي لا يقدر أبائهم أو أمهاتهم على تربيتهم

فحمدت الله أنني ولدت بين أخواتي ومع أمي وأبي وكل يوم أذهب إلي هذا المكان وأسلم الخطابات للملجأ

ويوما ما رأيت طفلة وطفل يترقبوني عندما احضر ويتابعون ماذا افعل !

وعندما اذهب أرى على وجوههم شيئا من الحزن وهكذا كل يوم حتى بدأت صداقة بيني وبينهم فكانوا دائما سعداء عندما يروني وإنا بالمثل وسألوني عدة مرات ماذا تفعل؟

فقلت لهم أنني احضر الخطابات مرسلة من جهات رسمية أو من أصدقاء أو من احد يستعلم شيئا عن شيئا ما في منزلكم

ويوما ما جئت وتكلمت مع أصدقائي وضحكت لهم وأعطوني ابتسامة ولكن بها شيئا من الحزن يطغوا على وجههم وسألتهم ماذا بكم ؟

فوجدت الطفلة حسناء تبكى وتقول لي

لماذا لا يوجد من يسأل عني ؟

أو يأتي لي خطاب من احد ؟

هل لا يوجد إنسان يسأل عني ؟

وسألني مصطفى الطفل الصغير

ممكن أنت تقول لي ممكن أن يوجد عندك خطابات زائدة وتعطيها لنا !!

فأجبته له - للأسف كل هذه الخطابات مرسلة من شخص إلى شخص أخر بانتظار أخبار عنه فقلت لهم اعذروني أنني مشغول و يجب أن انصرف

وتركتهم و لكنني لاحظت شئ غريب علي وجوههم ولأول مرة شئ من الحزن

وفي الليل تذكرت هؤلاء الأطفال الذين ينتظرون عاطفة أو رسالة أو حتى سلام من احد لكي يكونوا سعداء وبدأت أفكر ماذا افعل ؟

وكتبت خطابين واحد لحسناء والأخر لمصطفى إن هذه الليلة لن استطيع النوم إحساس غريب يملا قلبي انه في أمكاني أن اسعد أطفال ولو بكلمة واحدة

وذهبت في اليوم التالي وسلمت خطاباتي إلى الساعي كالعادة وأمسكت الخطابين الخاصين بمصطفى وحسناء وقولت لهم – كنتم تظنون انه لا يوجد من يسأل عنكم ولكن يوجد من يسال عنكم فسألوني من هو ؟

فقلت لهم - ستعلمون ذلك عندما تكبروا

وهكذا كل يوم أعطيهم خطاب ذو لون وشكل مختلف وفي بعض الأوقات صور وفي بعض الأوقات شخصيات كارتونية فكاهيه وصور لحيوانات

و ذات يوم مرضت بمرض لم اقوي معه علي النهوض من فراشي لكي أعطيهم حبهم وأمالهم وأمانهم وأصدقائهم وخطاباتهم لكنى لن أتوقف يوما ما عن الخطابات كأنني أتي إليهم وأعطيهم

ويوما ما رن جرس باب منزلي وقومت وفتحت الباب ووجدت ساعي الملجأ ومصطفى وحسناء واخذوا يقبلوني ويحتضنوني ويسألون عنى و يقولون

لماذا لم تحضر ألينا فقلت لهم

للأسف أنني مريض ونظروا لي وقالوا أين خطابتنا ؟ فضحكت وقولت لهم وأنا مبتسم صديقكم كان يأتي الي كل يوم ويعطيني خطاباتكم وأنني افتح درج المكتب واخرج لهم الخطابات وكم من السعادة والفرح يملا أوجههم وكأنهم كانوا في الصحراء ولم يشربوا ماء وفجأة وجدوا الماء وأمسكتهم بذراعي واحتضنتهم وقولت لهم نحن لن نفترق أبدا وسوف تقيمون معي طول الحياة إنكم في احتياج إلى وأنا في احتياج لكم

والله يعينني على فعل الخير

و يجب أن لا ننسى أطفالنا وأحبابنا

اطلب منك يا ربي إن توجد في قلوبنا الحب والإخلاص والتقوى حتي يوم الدين



و كل عام و انتم بخير



مع تحياتي

الدكتور / سمير المليجى