المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : « برايل » للمبصرين.. قطر خطت الخطوة الأولى فهل يتبعها العرب ؟



عاشقة البسمة
30-01-2012, 01:03 AM
« برايل » للمبصرين.. قطر خطت الخطوة الأولى فهل يتبعها العرب ؟


تشكل الإعاقة البصرية أحد اكبر الحواجز أمام انتشار المعرفة وسط أعداد كبيرة من سكان الدول النامية بشكل عام وفي المنطقة العربية بصورة أكثر قربا، ولعله يمكن أن نرى منجزات علمية وأدبية وأسفارا تخص كل نواحي الحياة قد خطها يراع كفيف نابغ قوي الإرادة، لكن التساؤل الأكثر إلحاحا يكمن في كيفية نجاح شخص معاق بصريا في دراسة واستيعاب علوم حديثة وقديمة ما لم يجد الدعم والمساندة من مجتمعه؟!

سبل المؤازرة الاجتماعية والدعم النفسي للمكفوفين بهدف إزالة الإعاقة البصرية للحصول على العلم تشكل اكبر تحديات العصر الحديث، وقد مرت مياه كثيرة عبر جسر التطور التكنولوجي منذ أن اخترع الفرنسي «لويس برايل» في القرن السابع عشر-بحسب مصادر وثيقة- طريقة محددة للكتابة البارزة تمكن المكفوفين من القراءة عبر شيفرات تم تحويرها لغويا لتتوافق مع أحرف اللغات وأصبحت معتمدة في معظم دول العالم مما سهل على الباحثين العرب تطويرها ومواءمتها مع اللغة العربية في خطوة اختراقية لعجز المكفوف العربي عن القراءة والاستزادة من المعلومات المطروحة في ثنايا الإسفار العلمية.

في قطر حيث مقر الاتحاد العربي للمكفوفين ورعاية الدولة نجد على مستوى القيادة اهتماما بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة - لكن الوضع يختلف لدى كثير من الدول العربية حيث إننا لا نجد نفس الاهتمام من قيادتها في دمج هذه الفئة في المجتمع.

ففي قطر نجد عبر رؤية مستبصرة رؤية لنقل كل البلاد إلى رحاب النهضة في ظل إستراتيجية مدروسة تصل حدها الأقصى في العام 2030م.


الكتاب الثالث


في الكتاب الثالث لمعهد النور للمكفوفين نجد إشارة واضحة من صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر حول مستقبل هذه الشريحة الاجتماعية في قطر « إن ما يزيد من نبل مقاصدنا، البعد الإنساني والأخلاقي المتمثل في تآزرنا جميعا للاهتمام بهذه الشريحة من أبنائنا وبناتنا ذوي الاحتياجات، وان نوفر لهم كل ما يستحقونه من عناية وتكريم مستلهمين ذلك من قيم ديننا الحنيف».


كسر حاجز المعرفة


بداية نورد بعض الإحصاءات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية والخاصة بأعداد المكفوفين في العالم وتوزيعهم الجغرافي والديمغرافي ليتسنى لنا الانتباه الرقمي الذي يساهم في تحديد أهمية هكذا قضية (كل خمس ثوان يتحول شخص في العالم إلى كفيف. وكل دقيقة يتحول طفل في العالم إلى مكفوف. ويقدر عدد المكفوفين في عام 2020 بنحو 75 مليون شخص بينما يقدر عددهم حاليا بـ 45 مليون نسمة. ويبلغ عدد ضعاف البصر الذين يعانون من محدودية الرؤية 135 مليون شخص.90% من المكفوفين وضعاف البصر يعيشون في البلدان النامية. المكفوفون في العالم العربي 7ملايين شخص)..هذه الإحصائيات تشير إلى أزمات كبيرة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والتنموي إذا لم تتم مجابهتها بما يجب من خطط تسهل حياة هؤلاء الملايين وتدمجهم في الحراك الثقافي والمعرفي والسياسي في المجتمعات حتى يكونوا جزءا من نهضة الأمم لا احد اكبر عوائقها.

منظمة الأمم المتحدة عملت جاهدة على تطوير أوضاع المكفوفين في العالم وربطهم بالتكنولوجيا الحديثة بل ودمجهم في المجتمعات وحدد الثالث من ديسمبر في كل عام يوما للإعاقة حتى ينتبه الغافلون لهذه الشريحة الكبيرة من المجتمع والتي تشكل ما يقارب 10% من سكان الكرة الأرضية وناشدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول الأعضاء إلقاء الضوء على الاحتفال بذلك اليوم بغية زيادة إدماج المعوقين في المجتمع باعتبار إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في التنمية إستراتيجية نحو تحقيق المساواة لهم.

هذا بالإضافة إلى إن اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ومعاهدات حقوق الإنسان تعد أدوات للتنمية تعمل على توفير الفرصة لتعزيز السياسات التنموية ذات الصلة بموضوع الإعاقة في عملية من شأنها تنفيذ الأهداف الإنمائية المتفق عليها دوليا بما فيها الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة، مما يخلق فرصة المساهمة في تحقيق «مجتمع للجميع» في القرن الحادي والعشرين.

والجدير بالذكر ان هناك مساعي لعقد اجتماع رفيع المستوى حول الإعاقة في العام 2012، يهدف إلى تعزيز الجهود الرامية إلى ضمان إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع جوانب جهود التنمية.


التطوع من أجل إجادة لغة المكفوفين


في بداية تقصينا حول الحاجة الملحّة لتعلم المبصرين طريقة برايل، وطبيعة هذا الاحتياج، دفعنا بهذا التساؤل إلى مديرة معهد النور للمكفوفين الدكتورة حياة نظر التي أشارت إلى إن هناك حاجة فعلية لتعلم المبصرين طريقة برايل وخاصة في بعض الحالات التي يعتبر فيها تعلم برايل ضرورياً وذلك لتيسير سبل التواصل مع المكفوفين وخاصة أولياء أمور الطلاب المكفوفين والطلاب ضعاف البصر الذين يحتمل إصابتهم بكف البصر وأيضاً معلمي ومعلمات الطلاب المكفوفين في الدمج في المراحل التعليمية المختلفة (الابتدائية والإعدادية والثانوية) بالإضافة إلى العاملين في مجال التربية الخاصة، وأضافت حجي إنهم في معهد النور يستقبلون جميع المتطوعين الذين يرغبون في تعلم برايل وذلك عن طريق الورش والدورات التي تهدف لتعلم برايل، مشيرة إلى إنهم يأملون بأن يتعلم الجميع طريقة برايل ليتعاونوا مع المكفوفين في كل مكان.


تجربة ربات البيوت اليابانيات


وفي ذات السياق مضى الناشط في مجال تطوير ذوي الإعاقة البصيرة محمد عابدين مؤكدا على حديث الدكتورة حجي، وأشار إلى إن هناك تجربة رائدة وجديرة بالاحتذاء في اليابان أنجزتها «جمعية ربات البيوت اليابانية» التي جمعت أموالا ووفرت متطوعات لترجمة كثير من الكتب الأكاديمية والمخطوطات الثقافية إلى لغة برايل، ويضيف عابدين إن هؤلاء النسوة لم يقفن عند هذا الحد بل ذهبن إلى ابعد من ذلك حيث شكلن هيئة تنسيقية في كل اليابان حتى لا تتكرر ترجمة الكتاب أكثر من مرة، فإذا كنت متطوعا لترجمة كتاب إلى لغة برايل عليك بالتأكد من المنسقة المسئولة حتى يعلم الجميع بذلك ويتحول جهد الآخرين إلى غير كتابك هذا، ويؤكد عابدين المقيم في اليابان منذ خمسة عشر عاما إن هذه الجمعية راكمت إعدادا ضخمة من الكتب المخطوطة بالأحرف البارزة التي يستطيع المكفوفون قراءتها بيسر حتى أنها يمكن أن تتفوق على مجهودات دول مجتمعة في عددية ونوعية الكتابات المنقولة إلى لغة برايل.

ودعا عابدين كل مبصر لديه من الزمن ما يكفي للتطوع أن ينهض بهذه المهمة النبيلة التي تساهم في إزالة الجهل المعرفي عن إخوته المكفوفين وتدعمهم نفسيا وتقربهم من المجتمع بصورة اكبر.

وعن مدى انتشار الكتب المخطوطة عبر لغة برايل تقول حجي ان انتشار الكتاب تطور مع تطور التقنيات والتكنولوجيا الحديثة في الكتابة والطباعة بطريقة برايل، فقد كانت في السابق وسائل الكتابة محدودة جداً أما في السنوات الأخيرة فقد تطورت آلات الطباعة بالخط البارز كطابعات بريلو واندكس وكذلك حواسيب المراجعة بالسطر الإلكتروني مما سهل الطباعة والمراجعة فزاد انتشار المطبوعة بالخط البارز.


التقنية الحديثة..

نقلات كبيرة في تعليم المكفوف


وفي إجابتها على ماهية المجهودات من قبل منظمات طوعية عربية وقطرية في نشر المعرفة وسط المكفوفين عبر لغة برايل يشير حجي إلى إن تحويل الكتب إلى طريقة برايل يتطلب جهدا وعمل فريق متكامل وبالتالي كان للمؤسسات والأفراد مساهماتهم في طباعة الكتب بالخط البارز ولا سيما الكتب: (المدرسية والإثرائية والثقافية وغيرها الكثير) التي تم طباعتها في السنوات الأخيرة، وكان لمعهد النور للمكفوفين بقطر دوره البارز في طباعة الكثير من الكتب بالخط البارز سواء كانت كتبا مدرسية أو إثرائية مثل: (الحلال والحرام في الإسلام) لفضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي وكتب (قطر الأصالة والمعاصرة، كليلة ودمنة، علامات يوم القيامة، أمثال من الشرق والغرب، حكايات وقصص عربية وغيرها)، وقام المعهد أيضا بإصدار ثلاثة أجزاء من سلسلة أطلس النور بطريقة الخط البارز والمكبر ليستفيد منه المكفوفون وضعاف البصر والأجزاء الثلاثة هي: مبادئ الجغرافية، وأطلس قطر، وأطلس الوطن العربي، وكان للمعهد دوره في طباعة بعض القوانين واللوائح بالخط البارز (طريقة برايل) مثل: الدستور الدائم لدولة قطر، قانون الموارد البشرية، نشرات إرشادية وتوعوية للشرطة المجتمعية وجمعية السكري، الاتفاقية الدولية لحماية حقوق الأفراد ذوي الإعاقة وغيرها، كما شاركت العديد من المؤسسات في بلدنا الغالي قطر في دعم طباعة الكتب ببرايل وكان لها دور فعال في إنتاج العديد منها، ولا ننسى فضل الدول العربية في نشر الكثير من الكتب.

من جهته أشار عابدين إلى إن تجربة جمعية ربات البيوت اليابانية تطورت مع الطفرة التكنولوجية التي عمّت إرجاء المعمورة وأصبح لهن موقع على الشبكة العنكبوتية تجد عليه كل الكتب التي يمكن أن تساهم في بحثك العلمي أو تثقيفك الذاتي، وأضاف عابدين إن الإفادة من التكنولوجيا تتطلب إن نهتم أكثر بتخفيض تكاليف البرامج الخاصة بالمكفوفين عند إنتاج إصدارات جديدة من قبل الشركات المنتجة للتكنولوجيا الحديثة حتى لا يتم إلحاق برامج المكفوفين بطريقة أكثر تعقيدا وأكثر تكلفة، مفيدا إن الجميع يعلم إن شريحة المكفوفين في العالم النامي هي الأكثر فقرا في المجتمع بسبب عدم توفر الفرص المناسبة للتعليم والإهمال في دمجهم في عملية الإنتاج عن طريق توظيفهم في القطاعات الحكومية والخاصة.

توظيف التكنولوجيا الحديثة بهدف تخفيض سعر البرامج الناطقة للمكفوفين ذات التكلفة العالية كان آخر محاورنا لدى الدكتورة حجي التي أفادت قائلة «لقد ساعدت التكنولوجيا الحديثة في خفض تكلفة كتب برايل حيث ساهمت هذه الأجهزة مثل -السطر الإلكتروني- على توفير الوقت والجهد وعملت على التخفيف من كمية الأوراق المستهلكة في الطباعة والمراجعة قديماً.


المكفوفون ضمن رؤية قطر «2030م»


النقلات التي تمت في عالم المكفوفين من حيث تمكينهم من الإطلاع على أحدث ما أنتجته العقول البشرية وتم طرحه عبر الكتاب الالكتروني او المطبوع لم يوازيها تطور في توظيف المكفوفين على مستوى المنطقة العربية حيث لا تزال كثير من التحديات تواجه المكفوفين وقد وجدت كثير من النقاط المذكورة سلفا حظها في النقاش عند انعقاد الجمعية العمومية للاتحاد العربي للمكفوفين التي تمت أواخر ديسمبر المنصرم برعاية سمو الشيخ تميم بن حمد ولي العهد، من جهة أخرى نجد إن سعادة ناصر بن عبد الله الحميدي وزير الشؤون الاجتماعية القائم بأعمال وزير العمل بالإنابة قد أشار في كلمته التي ألقاها نيابة عنه في افتتاح الجمعية السيد احمد نصر الناصر إلى إن وضوح الرؤية للمستقبل والتحرك بخطى ثابتة نحو تحقيقها، كان الهدف الدافع نحو انطلاق الإستراتيجية الوطنية لدولة قطر التي تهدف بحلول عام 2030م إلى تحويل دولة قطر إلى دولة متقدمة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة، ولفت الحميدي في ذات الكلمة إلى « إن هذه الرؤية قد تجسدت في مجال الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال قيام الأجهزة الحكومية والمنظمات الأهلية على حد سواء باتخاذ الإجراءات التي تكفل حقوقهم وتضمن إدماجهم ومشاركتهم بصورة كاملة في المجتمع تحت القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة أمير البلاد المفدى وسمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد الأمين».. في ذات الجزئية يشير محمد عابدين إلى مشاركته في العام 2009م في احد مناشط مركز الشفلح للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة التي لمس من خلالها اهتمام دولة قطر على كافة مستوياتها بهذه الشريحة من المجتمع والعمل على دمجها اجتماعيا وتنمويا مضيفا ان الدول العربية تعاني نقصا بائنا في هذا المجال الذي يخص ملايين من مواطنيها، متمنيا ان تحذو حذو قطر حتى يلحق العرب بركب العالم الذي قطع فيه المعاقون بصريا بشكل خاص سنين ضوئية في التغلب على الإعاقة المعرفية.



http://www.al-watan.com/viewnews.asp...atenews1&pge=2 (http://www.al-watan.com/viewnews.aspx?d=20120121&cat=statenews1&pge=2)