المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التعلم وفق أبحاث الدماغ



جميل رسلان
26-11-2011, 06:39 PM
التعلم وفق أبحاث الدماغ

خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وكرمه على سائر المخلوقات وجعله خليفته في أرضه وأعطاه نعما لا تعد ولا تحصى قال تعالى :
( {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً }الإسراء70 )
وميز بين مخلوقاته حكمة منه وابتلاء ، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا التمايز عند وصفه لبعض الصحابة فقال في الزبير : ( إن لكل نبي حوارياً وحواريّ الزبير بن العوام ، وقال في أبي عبيدة : ( إن لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح ) ، وقال: في أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنا مدينة السخاء وأبو بكر بابها ، وقال في علي رضي الله عنه : أنا مدينة العلم وعلي بابها )، فكلاً من هؤلاء الصحابة تميز بخلق إسلامي معين ، وهذا الاختلاف بين البشر من عجائب خلق الله ، فلم نجد إنسانا يتطابق مع إنسان آخر حتى ولوكانا توأمين ، ومن هنا نجد أن الطلاب يتمايزون فيما بينهم بما خص الله تعالى كلا منهم بمزية معينة ، وهذا ما يجعل كل واحد منهم يتعلم بطريقة قد تختلف عن أقرانه وهذا ما يؤكده العلم الحديث القائم على أبحاث الدماغ ، فقد ذكر علماء النفس التربويون أن الذكاءات متعددة ، فكل دماغ حالة فريدة أي لكل شخص خصائص وله كيفية في التعلم حيث أكد ( كاردنر) في نظريته عن الذكاءات المتنوعة فقال لا يوجد إنسان غبي ، كل إنسان يتميز عن غيره بنوع من الذكاءات ، واليوم يتحدث التربويون عن (18 ) نوع من الذكاءات ارتبطت بها أنماط التعلم من بينها ( الذكاء البصري – السمعي – الاجتماعي – الذاتي – الروحي – المنطقي – الأدائي الحركي ... ) .
فأنا كمعلم أقدم مثيراً سمعياً للطالب الذي يغلب عليه نمط التعلم السمعي ، وأقدم مثيراً بصرياً للطالب الذي يغلب عليه نمط التعلم البصري ، ومثيراً أدائياً للطالب الذي يغلب عليه نمط التعلم الأدائي الحركي وهكذا ، وهذا ما يعرف بالتعلم المتمايز ، ويتفق معه (هرمن) في نظريته عن أقسام الدماغ حيث يرى أن الدماغ يتألف من أربعة أقسام :
- العلوي الأيسر ويختص بالعمليات التخطيطية
- السفلي الأيسر ويختص بالعمليات التشغيلية والتنفيذية
- السفلي الأيمن يختص بالعواطف
- العلوي الأيمن يختص بعمليات التفكير الإبداعي
وحسب طبيعة المثير تتحرك عمليات الدماغ بالتخزين – فنوع المثير يحدد الجزء الخاص من الدماغ ليقوم بالمعالجة ومن ثم تخزين المعلومة وبالتالي يزداد عدد التشابكات العصبية في الدماغ .
ولكن كيف أستطيع أن استغل تركيبة دماغ المتعلم في توصيل المعلومة بأقصر الطرق ؟
في الواقع هناك مجموعة من العوامل التي تثير الدماغ وتشد انتباهه أهمها :
• الحركة : أثبتت الدراسات التطبيقية أن أهم عوامل شد الانتباه عند الدماغ النمط الأدائي الحركي فالحركة من أهم عوامل شد الانتباه ، كما قيل لا تعليم مع السكون .
• حفظ القرآن الكريم : ينشط الذاكرة وقد قيل :( من حفظ القرآن الكريم لا يخرف ) .
• الأغذية : ( مثل اللوزيات ) تساعد على تنشيط الذاكرة وتشد الانتباه .
• الموسيقى : تنشط الذاكرة.
• إثارة الحواس : بأي مثير حسي حيث أن توفير المثيرات وتنوعها في سياقاتها المختلفة ، يساعد على استثارة الدماغ واستقبال المعلومة ، فكل شخص يستقبل ما يناسبه من المثيرات لان كل منا يمتاز بجانب معين من الذكاءات وكل منا يستخدم جزء معين من الدماغ .
• العواطف : العواطف ضرورية لعملية التعلم فالقمع والتوتر لا يسمح بالتعلم.
• الوقت الكافي : إتاحة الفرصة اللازمة للطالب تساعده على التعلم .
فأنا كمعلم أعمل على تنويع المثيرات فأقدم للطلاب ( مثير بصري – مثير سمعي – اجتماعي - حركي أدائي .... ) حتى أشمل جميع المتعلمين وعلى هذا يتم تصميم الأنشطة وفقا لأنماط التعلم المختلفة .
مثال : اخترت عنوانا لدرس ( الطقس والمناخ في الوطن العربي ) وأصمم أنواعا من الأنشطة تتنوع فيها المثيرات :
( سمعي – بصري – قرائي – أدائي ) :
- النشاط البصري : مثال : ( صنف حالة الجو من خلال الصور التالية ).
- النشاط السمعي : مثال : ( استمع للنشرة الجوية وسجل مدى ارتفاع المد خلال الأسبوع الجاري) .
- النشاط القرائي : مثال : ( تفحص الأرقام في الجدول التالي ثم أجب عن الأسئلة التالية ) .
- النشاط الأدائي : ( صمم محطة لرصد الطقس في مدرستك ) .

والقاعدة تقول أن كل إنسان يتعلم إذا ما أتيحت له العناصر الأساسية لنمو الدماغ فيقول أصحاب هذه النظرية أعطني من شئت ووفر لي العناصر أعطيك ما تريد ، وعناصر نمو الدماغ نجملها فيما يلي :

1- بيئة غنية : البيئة التي تحتوي على المؤثرات والمساعدات فالتنوع والغنى مصدر الإبداع ، أي تنشيط أكبر عدد ممكن من الحواس .
2- خبرات ذات معنى : لا أقدم للطالب خبرات تافهة بل أقدم له خبرات ذات قيمة .
3- التعاون والتآزر : أقدم للجماعة المتعاونة خبرة فيها تحدي .
4- الحركة : التعلم القائم على الحركة ينشط الدماغ فالحركة من أهم عوامل شد الانتباه ولا تعليم مع السكون.
5- التغذية الراجعة الفورية التأملية : على هيئة سؤال ماذا لو أضفت كذا وكذا ... على الإجابة .
6- الإتقان : أن تصل بالمهمة إلى جميع مكوناتها تحليلا وتركيباً .
7- الأمان وغياب التهديد : لو توفرت جميع عناصر نمو الدماغ ولم يتوفر الأمان لا يكون هناك تعليم .

وهذا ما يؤكد حديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم :
(مَنْ أَصْبَحَ مُعَافَى فِي بَدَنِهِ آمِنًا فِي سِرْبِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا ) .
وختاماً أتمنى على كل صاحب همة عالية أن يبحث عن المفيد و النافع ليقدمه للطلاب ، للوصول بهم إلى الغاية المرجوة فهم أمانة غالية في أعناقنا كمعلمين .
قال تعالى : {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً }الأحزاب72) .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إعداد المدرس : جميل أحمد رسلان
مدرسة المجد النموذجية ح2