المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأبحاث الجاهزة تؤدي بالطالب إلى الاتكالية والاعتماد على غيره



WaLd AlDaR
07-10-2011, 08:49 AM
انتشار ظاهرة الأبحاث المدرسية الجاهزة في المكتبات أو المسحوبة عن طريق الانترنت، أسهمت بشكل كبير إلى ابتعاد الطالب عن السعي في أعداد البحث والاستزادة من المعرفة خلال البحث من عدة مصادر، كما تعتبر هذه الظاهرة محاولة لتغطية ضعف المستوى عند الطالب، إضافة إلى سهولة الحصول على البحث من دون عناء أو مشقة .


http://www.alkhaleej.ae/uploads/photo/2011/10/06/13-1.jpg





وأكد الاختصاصيون الاجتماعيون ضرورة حصول الطالب على المعلومة من الكتب ومراجع توفرها مكتبة المدرسة، لافتين إلى أن المسؤولية تقع على أولياء الأمور والمعلمين في تحفيز الطلاب وتشجيعهم على أن يقوموا بعمل الأبحاث بأنفسهم .

من جانبهم، عبر أولياء أمور الطلبة عن استيائهم من فكرة الأبحاث الجاهزة، لما تحمله من جوانب سلبية كثيرة، مضيفين أنها تثقل كاهلهم ماليا، وأن بعض المكتبات والمواقع على الشبكة العنكبوتية وفرت كل الأساليب والإمكانات المطلوبة التي تمنحهم القدرة على توفير أي بحث مدرسي بأقصى سرعة مهما كان موضوعه أو مضمونه .

وأشاروا إلى أن هذه العملية اصبحت منافسة تجارية بين المكتبات، مبررين مواقفهم بأن بعض أولياء الأمور وبسبب ظروف عملهم ليس لديهم الوقت الكافي لمتابعة الأبحاث مع أبنائهم، متسائلين: هل المعلم يقرأ البحث ويناقش الطالب أم لا؟ .

“الخليج” التقت عدداً من الطلبة في مختلف المراحل العمرية الذين تحدثوا عن الأبحاث الجاهزة والتي تباع في بعض المكتبات مؤكدين أن عدم مناقشة بعض المدرسين الأبحاث التي يسلمها الطلبة مع الطلبة أنفسهم يشجع الطلبة على شراء الأبحاث الجاهزة .

في البداية قال نمر رمزي، طالب في الصف الثاني عشر، إن الأمر يعتمد على المعلم، فبعض المعلمين يطلبون مصادر موثقة، لذلك يقوم الطالب بإعداد البحث من خلال التوجه للمكتبات أو مواقع الإنترنت والبحث عن المصادر، وبعض المعلمين لا يهتم للمصادر فيعتمد الطالب على الأبحاث الجاهزة لأنها تختصر الوقت والجهد، خاصة أن طلاب الصف الثاني عشر ليس لديهم الوقت الكافي بسبب ضغط الدراسة خلال العام الدراسي، كما أنه بعد إغلاق مكتبة المجمع الثقافي ونقلها إلى مكان أبعد أصبح من الصعب على الطلاب التوجه إليها، إضافة إلى أسعار البحوث الجاهزة التي تشجع على اقتنائها .

وأكدت أسماء الكتبي طالبة في الصف الثاني عشر، أن ضيق الوقت مقابل ضغط الدراسة في هذه المرحلة يجعل الطالب يتوجه للبحوث الجاهزة، وقالت يجب أن يتم مساعدة الطالب من خلال تزويده بأسماء المصادر أو توفيرها في مكتبة المدرسة، مضيفه أن أهم أسباب اعتماد الطالب على البحوث الجاهزة هو عدم معرفة المصادر أو الطريقة الصحيحة في جلب المعلومات .

وأوضحت ريم عبدالله، طالبة في الصف الحادي عشر، أنها من الطلاب الذين يعتمدون على الأبحاث الجاهزة من الانترنت، وقالت إنها تعلم أنه فعل خاطئ من الطالب لكن المعلمين لا يراعون ضيق الوقت وضغط المواد الدراسية على الطالب، إضافة إلى تكليفه ببعض الأبحاث بموضوعات يجهلها من دون مساعدته في معرفة طريقة البحث والآلية التي يجب أن يتبعها .

وأضافت أنها لاتقرأ البحث إلا إذا جذبها موضوع البحث ورغبت في معرفة معلومات حوله، أو إذا ناقشت المعلمة البحث معها .

وأشارت سالي سلام إلى أن العديد من الأبحاث تباع من خلال المكتبات، حيث يحدد الطالب عنوان البحث الذي يريده وفي اليوم التالي يحصل عليه وأحيانا بعد ساعات مقابل مبلغ يتراوح من 100 إلى أكثر من 300 درهم تبعا لنوع وطبيعة البحث .

وأضافت ليس هذا فحسب بل ان محال الخطاطين يشاركون في أنشطة الطلبة من خلال اللوحات التي يتم تخطيطها أو طباعتها في هذه المحال مقابل 50 درهما على اللوحة، والتي قد تكون خريطة الوطن العربي أو التضاريس الجبلية وغيرها، وفي الأغلب لا يكون الطالب يعلم ماذا بداخل اللوحة ويحصل على علامات مقابل هذه اللوحة التي يكون في الأصل أعدها محل خطاط وليس الطالب .

مسؤولية الطالب

المعلمون رفضوا هذه الظاهرة مؤكدين أن الطالب يتحمل مسؤلية في الدرجة الأولى وكذلك ولي الأمر والأسرة، التي يجب عليها منع الطالب من شراء الأبحاث من المكتبات، وعليها مساعدة الطالب في إعداد البحث في الوقت المناسب .

وقال فيصل عبدالله الدرمكي، معلم، إنه يرفض هذه الظاهرة بشدة، وإن مثل هذه الأبحاث تهدم جهد المعلمين في تطوير وبناء مخرجات التعليم لدى الطالب، لأن هذا الاسلوب السهل في الحصول على الأبحاث من دون أن يسعى الطالب في قراءة المراجع والتعلم منها لن يفيده عندما يذهب إلى الجامعة، كما أنه سيكون غير مؤهل في تقديم البحوث الجامعية، لذلك يجب على الطالب أن يدخل معترك الدراسة وإعداد البحوث .

وأضاف أن مجلس أبوظبي للتعليم وضع خططاً للحد من هذه الظاهرة، من خلال التقويم الدراسي، وتوفير الانترنت في جميع مكتبات المدارس، موضحا أنه ليس ضد فكرة أن يبحث الطالب على مصادر في الانترنت، ولكن لا أن يتم الاعتماد عليه بشكل كلي .

مقبول أن يدفع الطالب مبلغ 300 درهم من أجل بحث لن يستغرق منه نصف ساعة .

متاجرة في الأبحاث

من جانبه قال سلطان المنصوري، معلم مادة الجيولوجيا، إن الأبحاث تختلف من مواد لأخرى، فالمواد الأدبية تحتاج لبحوث مطبوعة في حين المواد العلمية تعتمد على المشاريع والتي تكون عملاً مشتركاً بين مجموعة من الطلبة .

وأضاف أن عدم تنظيم وقت الطالب هو العامل الأساسي في توجههم إلى الأبحاث الجاهزة، فالطالب يؤجل تسليم البحث حتى تتراكم عليه عدة أبحاث، إضافه إلى الواجبات المدرسية والدراسية، كما أن المكتبات استغلت حاجه الطلاب وأصبحت تتاجر في الأبحاث، وهذا كله بدعم أولياء الأمور الذين يقومون بدفع مبالغ هذه الأبحاث من دون السعي لحث أبنائهم على محاولة إعداد البحث بنفسه .

وقال: يجب على أولياء الأمور أن يقدموا لأبنائهم الدعم المعنوي لا المادي حتى يستفيد الجميع، فأغلب البحوث تكون ضمن المنهج الذي يدرسه الطالب، وقيام الطالب بعمل البحث بنفسه يعزز من فكرة الدرس ويزيد من معلومات الطالب .

المناقشة

وأوضحت صباح نديم، معلمة لغة عربية، أن ازدحام وقت الطالب بالدراسة، إضافة إلى تكليفه بالأبحاث في أغلب المواد، من الطبيعي أن يجعل الطالب يبحث عن طريقة سهلة وسريعة وهي الأبحاث الجاهزة .

وقالت إن المعلم أيضاً يعاني ضغطاً سواء في إعداد المنهج الدراسي أو الأمور الأخرى، فلا يتحرى الدقة في مطالعة الأبحاث ومناقشتها مع الطلاب .

وأضافت أن مكتبات المدارس لاتوجد بها المصادر الكافية للطلاب، كما لم نجد البديل المناسب للمكتبة التي تم إغلاقها في المجمع الثقافي، والمكتبة التي تم توفيرها بعيدة نوعاً ما إضافة إلى أننا نحتاج لعدة أيام لتوفير بعض المصادر منها . واقترحت أن يتم تخصيص منهاج مدرسي متخصص في إعداد الأبحاث، بحيث يتم تعليم الطلاب في المدرسة طريقة البحث العلمي الصحيحة وكيف يمكنهم أن يجمعوا المعلومات .

وأوضحت أنه يجب تزويد المكتبات المدرسية بمصادر مختلفة حتى يستطيع الطلاب الاستعانة بها في إعداد الأبحاث ويستطيع المعلم أن يتابع معهم .

تحفيز الطلاب

ويرى محمد فخر الدين قرنفل، معلم لغة عربية، أن الطالب هو المحور الرئيس للعملية التعليمية، حيث قال إن كل مرحلة تعليمية لها طريقتها الخاصة في إعداد البحث بما يتناسب مع الطلاب، وقال إنه يتم اتباع طريقة مختلفه في مدرستهم من خلال إلزام الطالب بإعداد البحث بنفسه، حيث يتم طلب البحث مكتوباً باليد ثم يقوم المعلم بقراءته والتعديل عليه وإخبار الطالب عن بعض الملاحظات، ثم يطلب منه إعادة طباعته على الحاسب الآلي .

وأكد أن التعليم يتطور كل عام لذلك يجب أن يواكب هذا التطور بآلية جديدة تحفيز الطالب ليقوم بعمل البحث بنفسه، من خلال مناقشته في البحث وتشجيعة وتكريم الأبحاث المتميزة، كما يمكن تقديم هذه البحوث للمشاركة في مسابقات على مستوى المنطقة التعليمية أو على مستوى الدولة، وهذه كلها عوامل تحفز الطالب على البحث والتعب من أجل تقديم شيء مميز .

وقال محمد الرشدان، معلم اللغة الإنجليزية، إنه يعتمد على طريقة “ايكارت” وهي تتم من خلال اختيار موضوع لكل مرحلة تعليمية، ويقوم الطالب باختيار موضوع متفرع من الموضوع الرئيس الذي حدده، مضيفاً أنه تتم عملية البحث على مرحلتين، الأولى وهي البدء في جمع المعلومات والصور والمقالات حول الموضوع، وهذه تحسب ب 25 درجة، ثم تبدأ المرحلة الثانية وهي مناقشة الطالب في البحث ويتم خلال المناقشة تقييم عمله وفق 15 معياراً وتحسب له 25 درجة .

وأوضح أن مثل هذه الطريقة أسهمت في زيادة معلومات الطالب، واستطاع أن يعتمد على نفسه، كما أضافت روح المنافسة بين الطلاب لتقديم أعمال مميزة، وقال ان هذا ايضاً يساعد الطالب لولوج المرحلة الجامعية وهو يملك أساسيات البحث العلمي والذي تعتمد عليه الجامعات .

عوامل عدة

من جانب آخر، يرى الاختصاصيون أن هناك عوامل عدة أدت إلى انتشار هذه الظاهرة، حيث قال خالد خضر الصالحي، اختصاصي اجتماعي، إن أولياء الأمور أحد أسباب هذه الظاهر، وأكد أن الأبحاث مهمة جداً لتقييم الطالب لأنها تحسب ب 30 إلى 35% من إجمالي الدرجات لكل مادة .

وأضاف أنه يعاني بعض أولياء الأمور، حيث يتم الاتصال بأولياء أمور الطلبة الذين لم يقدموا أبحاثهم وإخبارهم بأنه يجب عليهم أن يتعاونوا مع أبنائهم حتى يقدموا البحث المطلوب منهم لكي لا تضيع الدرجات المخصصة، ورغم ذلك لا يوجد أي تفاعل من قبل أولياء الأمور، حتى أصبح لديهم عبء وظيفي آخر فوق الأعمال الإدارية .

وأوضح أن هناك نوعا آخر من أولياء الأمور يحضرون إلينا آخر العام الدراسي ويسألون عن الأبحاث التي يجب أن يقدمها ابنهم، ويقوم بتسليمها لنا في اليوم التالي، من دون أن يشارك الطالب في إعدادها أو حتى قراءتها ومعرفة محتواها، حتى بلغ الأمر أن يتم تسليم بعض البحوث مع امتحانات آخر العام، حتى لاتضيع الدرجات على الطالب، وفي النهاية الطالب لم يستفد ولم يتحمل المسؤولية .

وأكد أن المدرسة لاتستطيع أن تراقب الطالب في بيته، وهل إن كان البحث الذي قدمه جاهزاً أم أعده الطالب بنفسه، وهذه مسؤولية ولي الأمر .

مسؤولية المعلم

ويرى أحمد عبد العزيز، اختصاصي اجتماعي، أن المسؤول الأول هو المعلم، لأنه من يطلب ويستلم البحث من الطالب، مضيفاً أن الأبحاث العلمية يمكن أن تحقق الهدف المرجو منها وهي استفادة الطالب إن تم مراعاة عدة شروط، ومنها شرح آلية البحث العلمي للطالب، ومناقشة الطالب في البحث، وإرشادة لطريقة الحصول على المصادر، إضافة إلى قراءة المعلم للابحاث ومقارنتها بمستوى الطالب وهل إن كانت هذه المعلومات تناسب المرحلة التعليمية التي هو فيها .

وقالت ابتسام الحواني، اختصاصية اجتماعية، إن ظاهرة الأبحاث الجاهزة أدت إلى عدة سلوكيات سلبية لدى الطالب، من خلال الاتكالية والاعتماد على غيره، وعدم السعي للمعرفة والاطلاع على المعلومات، مضيفه أن دخول الطالب عالم الانترنت وحصوله على الأبحاث جاهزة يجعله يقضي أغلب وقته في أشياء لا تفيده بدل أن يقضيها في البحث عن معلومات أو مصادر للبحث المكلف به .

وأضافت: يجب مساعدة الطالب في تحديد المصادر له، خاصة أن بعض المكتبات تستغل هذه الظاهرة وتعرض خدماتها للطالب، ومنهم من يضع إعلاناً عن توفر أبحاث جاهزة لجميع التخصصات والمراحل الدراسية .

وأوضحت أن ضيق الوقت من أهم العوامل التي تجعل الطالب يلجأ إلى الأبحاث الجاهزة، فالدوام المدرسي طويل، إضافة إلى ضغط الواجبات المدرسية والمناهج والامتحانات، لذلك فالطالب يختار الطريقة الأسهل وهي الأبحاث الجاهزة . وأشارت إلى أنه على المعلم أن يوعي الطالب بأهمية البحث العلمي، وكيف أنه يسهم في زيادة المعرفة لديه، ويقوي مخزون المعلومات لديه، كما يجب أن تكون هناك حوافز تشجع الطالب على حب الأبحاث والعمل بها بجد واقبال، وأن لا يتم الاعتماد فقط على الدرجات في تقييم الأبحاث .

عدم الاهتمام

وقال سليمان محمد، ولي أمر، إن الطالب يطبع الأبحاث من الانترنت مباشرة من دون أن يقرأها أو يعلم ما تحتويه من معلومات، ولا يفكر إلا بالدرجة التي سيعطيها إياه المعلم، وأضاف أن بعض أولياء الأمور وبسبب ظروف عملهم وانشغالاتهم ليس لديهم الوقت الكافي لمتابعة الأبحاث مع ابنائهم والتنقل بهم بين المكتبات للبحث عن مصارد .

من جانبها، قالت عائشة سعيد، ولية أمر، إن بعض المعلمين تكون لهم شروط معينة في إعداد البحث من دون مراعاة الضغط الواقع على الطالب سواء من المواد الدراسية أو فترة الدوام المدرسي الطويل، وأضافت أن المعلم إذا أهمل البحث من الطبيعي أن يهمله الطالب، وتساءلت هل المعلم يقرأ البحث؟

ويرى حسن محمد، ولي أمر، أن السبب الرئيس هو المعلم، لأنه يستطيع أن يحبب الطالب ويشجعه في إعداد البحث، وأن الأبحاث جزء من العملية التعليمية والتي مكلف بها المعلم في إيصالها بالطريقة المناسبة إلى طلابه .

وعبرت أمل محمد، ولية أمر، عن انزعاجها من هذه الظاهرة مطالبة أن يتم مراقبة هذه المكتبات، وأضافت أن البحث العلمي مهم جداً للطالب، ولكن مع انتشار الأبحاث الجاهزة فلا فائدة تذكر من هذه الأبحاث .

غموض واستغلال

يقول حسين صديق، يعمل في إحدى المكتبات إن الورقة الواحدة من البحث تحسب ب 3 دراهم، ويتم تقديم البحوث الجاهزة لجميع المراحل الدراسية المختلفة، وإن أغلب المعلومات يتم إحضارها من الانترنت، كما أن بعض البحوث يتم احتسابها وفق المجهود المبذول فيها .

من جانبها، قالت نورة تعمل في إحدى المكتبات، إن البحوث لا تكون جاهزة في المكتبة، ولكن يتم إعدادها بعد أن يطلبها الطالب، وتتراوح الأسعار ما بين 100 إلى 150 درهما، في حين تبلغ أسعار البحوث باللغة الإنجليزية من 180 إلى 200 درهم، والأسعار تحسب وفق الموضوع المطلوب والورق المستخدم .

تحدثنا مع أحد العاملين في إحدى المكتبات، أخبرنا في البداية أنه يقدم البحوث الجاهزة للطلبة، ولكنه أوضح أنهم يقدمونها بشكل مختلف، وعندما حاولنا أن نعرف بعض التفاصيل، تهرب منا وبدأ بالحديث عن أهمية أن يقوم الطالب بإعداد البحث بنفسه، وأن بعض الطلبه لا يريد أن يبذل أي مجهود لذلك يلجأ إلى البحوث الجاهزة .