المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العنف في المدارس يوجع مستقبل التعليم



WaLd AlDaR
28-08-2011, 06:36 AM
يعدّ قطاع التربية والتعليم، من القطاعات المهمة ذات العلاقة المباشرة بالمجتمع، والمهتمة بتنشئة جيل متعلم واع، يقوم على حسن الخلق والتعامل اليومي، وفق سلوكيات محددة مبنية على الاحترام والتواضع، وتلك السلوكيات لا يمكن لها أن تنجح أو تتقدم بين شرائح المجتمع، دون تنشئة جيل واع في مختلف المراحل الدراسية عند الطلبة، ولكن مع تطور الحياة اليومية، على كافة الأصعدة، برزت ظاهرة مقلقة نوعاً ما داخل المدارس، وهي العنف بين الطلاب من جهة أو بين الطالب والمعلم من جهة ثانية .

“الخليج” حاولت رصد تلك المسألة، والوقوف على مدى خطورتها، وهل هي آخذة بالانتشار، ومن الأطراف المسؤولة عنها بصورة مباشرة .
بداية، يقول محمد حسيني المهم، معلم علم النفس، والمنسق الإعلامي ومسئوول الدعم النفسي بمدرسة ابن حزم للتعليم الأساسي والثانوي بمنطقة عجمان التعليمية، إن ظاهرة العنف على مستوى مدارس الدولة انخفضت بنسبة كبيرة خصوصاً في المرحلة الثانوية، مقارنة بالأعوام الماضية، وهذا راجع لجهود وزارة التربية والتعليم، بربط الطالب بالمدرسة من خلال أدوات التقويم المستمر، حيث أصبح الطالب يهاب معلمه ويحترمه ولم نعد نسمع بالصحف عن المشاجرات بين الطلاب والمعلمين، واختفى سلوك إعطاب سيارات المعلمين والشكاوى بين الطلاب والمعلمين داخل أقسام الشرطة .
ورغم أن أغلبية المعلمين في بداية مشروع التقويم المستمر كانوا رافضين له لأعبائه، الإ أنه أسهم في إعادة الاستقرار والطمأنينة بين الطالب والمدرسة، أما العنف بين الطلاب بشكل عام عبر سنوات الدراسة فإنه يتزايد في المراحل الأولى من التعليم خصوصاً الحلقتين الأولى والثانية من التعليم الأساسي، وهذا يرجع لقلة خبرات الطلاب في أصول العلاقات، وكذلك رغبتهم في حب الظهور وميلهم للزعامة، إضافة إلى غياب الرقابة داخل المدرسة، وعدم وعي بعض المعلمين بخصائص تلك المرحلة السنية .
كما أن اختلاف الثقافات بين الأفراد، وطرق التربية واجتماع الطلاب مع بعضهم داخل المدارس كفيل ببزوغ العنف، نظراً لظروف التنشئة الاجتماعية، وما يزيد الأمر تعقيداً محاكاة بعض الطلاب للأفلام العربية والأجنبية، في ظل رغبة كتاب المسلسلات والأفلام في الظهور والتربح بعرض سلوكيات عنيفة داخل المجتمع لأبطال صغار لا تتناسب ومراحلهم العمرية ما يعد فرصة لصغار السن لتقليد أقرانهم، وأيضاً غياب الرقابة الأسرية، ولا ننسى الطفل الذي شنق نفسه عندما حاكى طريقة إعدام أحد الزعماء، ولذا نوصي جميع العاملين بالحقل التعليمي بأن تكون أعينهم عدسات ترصد حركات وتصرفات الطلاب منذ وصولهم المدرسة وحتى مغادرتهم لها، وكذلك أولياء الأمور برعاية أبنائهم وإقامة علاقات حميمة معهم، وتبصيرهم بالسلوكيات الحميدة التي تتفق وتعاليم ديننا وعاداتنا العربية الأصيلة .
ويرى محمد عثمان، مدير مدرسة في منطقة المنامة، أن سبب العنف يرجع لاستخدام بعض المعلمين أساليب بذيئة داخل المجتمع المدرسي، ما ينعكس بالسلب على نفوس الطلاب، وبالتالي قد يتحلل بعض الطلاب من المسؤولية، وينفسون عن غضبهم بأساليب متنوعة، ولذا نوصي بأن يكون المعلم دائماً قدوة حسنة يستوعب الطالب والمكان الذي يعمل فيه، ليحقق رسالته بصورة صحيحة ويكون قدوة للأجيال، وجميع الأطراف العاملة في الحقل التربوي مطالبة بدعم استقرار الطالب داخل المدرسة، وتعزيز علاقته بمعلمه، بهدف بناء جيل متعلم على قدر من الخلق في السلوك والتعامل .
أما راشد المزروعي، الاختصاصي الاجتماعي بمدرسة عمار بن ياسر في منطقة مصفوت، فقال: هل يوجد عنف مدرسي فعلاً؟ وهل هو ظاهرة متكررة الحدوث أم فردية، وما هي مسبباته وطرق علاجه، ويرى أن عنف الطلاب يظهر نتيجة خلل البيت، حيث توجد رغبة عند الطالب في إثبات ذاته وعدم قبوله للآخر والحرمان بأنواعه مسبب للعنف .
أما إذا تحدثنا عن طرق العلاج فهي تأتي من خلال اتباع أساليب تربوية حديثة في المعاملة، وتنمية الوعي لدى أولياء الأمور بضرورة الدعم النفسي الذي يلبي الاحتياجات الفردية للصغار، وضرورة تنمية الوازع الديني في نفوس الطلاب والمعاملة المهنية في نفوس الطلاب، كل هذا من شأنه القضاء على تلك الظاهرة، كما أنه لابد من تفعيل لائحة السلوك تجاه الطلاب، المعتمدة من قبل وزارة التربية والتعليم .
وترى آمنة العليلي، مديرة مدرسة مصعب بن عمير في عجمان، حلقة أولى بنين، أن ظاهرة العنف تعدّ من الظواهر الخطيرة والمنتشرة في المجتمع بجميع شرائحه، وإذا تحدثنا عنها في المجتمع المدرسي، وحاولنا دراستها من واقعنا الحالي فإننا سنجدها في ازدياد، بحكم عملي كمديرة المدرسة، وحاولت أن أتقصى وأبحث في أسباب هذه الظاهرة خاصة مع عدم توفر أخصائية اجتماعية في المدرسة .
وأجد أن حل معضلة هذه الحالة لا يكون بمعاقبة الطالب بل بدراسة حالته وتتبعها خاصة في هذه السن الحرجة، لكي لا تتفاقم ويصبح هذا الفرد نقمة لا نعمة على محيطه .
وهناك أسباب لا تسعفني هذه الصفحات لسردها ولكن أشير إلى أن وجود كادر مدرب ومؤهل في مدارسنا ضرورة حتمية، وما يتوفر الآن من اختصاصيين اجتماعيين لا يقوم في الغالب بهذه الأدوار المهمة، ويقتصر دوره على المهام الإدارية الموكلة له من قبل التوجيه أو مدير المدرسة، ويثقل كاهله الكم الهائل من أوراق حصر الحالات الاقتصادية وما شابه، ولا يجد وقتاً لمتابعة حالة واحدة إلا ما ندر .