المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ادخلو بسرعه



زينب المذحجي
11-01-2011, 05:37 PM
:s4:بليز منكن الحل كتاب التمارين 28و29

الذويبة
11-01-2011, 05:39 PM
الأمنية , الدولة , كاملا

بحث عن الدولة الأموية كاملا

بحث عن الدولة الأموية كاملا

الخلافة الأموية في ميزان الإسلام

لا يعد البحث عن حقيقة التاريخ الأموي ضرورة ثقافية فقط، بل يستمد أهمية تربوية ومعنوية خاصة في ضوء ما نلمسه كبارًا وناشئة من فوارق جمة بين نقاء عهد النبوة وعصر الخلفاء الراشدين ـ كما تصوره صفحات التاريخ ـ وشدة الظُلْمَة في عصر الأمويين كما تصفه تلك الصفحات.

إن هذه النقلة المفتعلة قُصِدَ منها ـ إلى حد كبير ـ تقليص سنوات الأسوة والمجد والوَضَاءَة في التاريخ الإسلامي لأغراض يعرفها من يقدرون دور التاريخ في صياغة الأمم والدفع بها إلى آفاق أرحب.

إن قبول التاريخ الأموي كما يُعرض علينا في جُلِّ كتابات القدماء والمحدثين يضعنا أمام تساؤلات ملحة تفرضها عدة تناقضات حادة:

فنحن أمام دولة حققت إنجازات كبرى في مجال الفتوح ونشر الإسلام، وقدمت شخصيات فذة تركت آثارًا ضخمة في ميادين السياسة والحرب والإدارة، واستمرت تقود المسلمين ـ آنذاك ـ على اختلاف أجناسهم وألوانهم وأديانهم وطموحاتهم أكثر من تسعين عامًا في دولة واحدة، امتدت من حدود الصين إلى جنوبي فرنسا..

غير أن كثيرًا مما وصلنا من تاريخ تلك الدولة لا يتفق مع عظمة منجزاتها سالفة الذكر؛ فقد ذاع عن ذلك العصر أنه كان عصر مؤامرات سياسية، ورِدَّةٍ خُلُقية، واضطراب اجتماعي، وخلل اقتصادي، واستهانة بمقدسات المسلمين... فتولدت عن ذلك ثورات كثيرة، وسالت دماء غزيرة... وهو العصر الذي شهد - كما استقر في أذهان كثير من المسلمين - توارث الحكم بعد أن كان شورى، وتبديد أموال الدولة على هوى حكامها بعد أن كانت مصونة.. وهو العصر الذي شهد قتل الحسين - رضي الله عنه - وصلب ابن الزبير - رضي الله عنهما - وضرب الكعبة بالمنجنيق، وانتهاك حرمة المدينة المنورة، وظلم الموالي..

إلى آخر ما يشيع عن بني أمية، وما أصبح يشكل في وعي الكثيرين صورة عن عصر قاتم..

أما الإنجازات الكبرى التي سبقت الإشارة إليها فيثور حولها لغط كبير وغبش وجدال تصعب معه الرؤية الصافية والنظرة المتسقة..

وبعيدًا عن ذلك التباين والتناقض - غير المبرر - بين المنجزات والمثالب.. كان لزامًا علينا أن نستحضر بعض المسلَّمات الأساسية الواضحة: منها أن تاريخ الدولة الأموية يقع في دائرة خير القرون المشهود لها بذلك من المعصوم صلى الله عليه وسلم في قوله: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" متفق عليه.. ولا يمكن للعقل تصور هذه النقلة الكبيرة التي يتحدث عنها المؤرخون بين صفاء عصر الراشدين وظلام عصر بني أمية، وما كان الثاني إلا امتدادًا طبيعيًّا للأول.. فيه عاش بقية رجاله، ومن تبعهم بإحسان.. وصاغوا تاريخه وأمجاده.. مع التسليم بوجود فارق لابد منه بين العصرين..

كما أن ما خلَّفه الأمويون من آثار تاريخية خالدة - سبق بيان بعضها - لا يمكن أن يصدر عن حقبة تاريخية بكل تلك السوءات التي لا تلبث أن تضخِّمها كثير من كتابات المؤرخين وغيرهم.. كما أن التاريخ لا ينفرد بصياغته في عصر ما حفنة من الرجال ـ ولو كانوا متميزين ـ على امتداد هذه العقود من الزمان التي عمرتها الدولة، وإنما هو نتاج عوامل شتى تتداخل فيها تأثيرات الزمان والمكان والبشر، وتلعب فيها قوى المجتمع وتكويناته الظاهرة والمستترة دورًا كبيرًا.. ومن خلال هذا المنظور ينبغي تفسير التاريخ الأموي فلا يجوز أن يتحمل حكامه من بني أمية كل أوزاره ومثالبه، ولا أن ترد جميعها إلى صنعهم وتأثيرهم.. تمامًا كما ينبغي ألا يُنسب إليهم وحدهم شرف كل أمجاده ومفاخره..

إن هذه الحقائق الثابتة تقودنا إلى البداية الطبيعية للحديث عن حقيقة التاريخ الأموي ألا وهي بحث الظروف التاريخية التي دُوِّن فيها ذلك التاريخ.. والعوامل المتعددة التي حكمت ذلك التدوين أو أثرت فيه.. فقد تمت كتابة التاريخ الأموي في العصر العباسي، وفي أجواء معادية لبني أمية، وعلى أيدي رجال تعددت مذاهبهم واتجاهاهم الفكرية وولاءاتهم السياسية... وقد ترك ذلك كله آثارًا ضخمة على تناولهم لتاريخ هذه الحقبة بالغة الأهمية والحساسية.. ومن هنا تأتي أهمية دراسة مصادر ذلك التاريخ وتحليل موقفها من بني أمية واتجاهات أصحابها ومؤلفيها


الموضوع الأصلي : بحث عن الدولة الأموية كاملا -||- المصدر : الاصدقاء المصريين والعرب -||- الكاتب : مسافر بلاحدود

المصدر: الاصدقاء المصريين والعرب



توقيع مسافر بلاحدود














مسافر بلاحدود

عضو مجلس الادارة


رقم العضوية : 74
الإنتساب : May 2009
الدولة : مصر
العمر : 42
المشاركات : 7,302
بمعدل : 12.25 يوميا
النقاط : 41
المستوى :




مشاركة رقم : 2 كاتب الموضوع : مسافر بلاحدود المنتدى : التاريخ الاسلامي

بتاريخ : 01-15-2010 الساعة : 02:21 PM

دراسة في مصادر التاريخ الأموي

تعرَّضَ التاريخ الأموي إلى كثير من التشويه والتحريف، واتسعت هذه الظاهرة لتشمل جُلَّ مصادر
التاريخ الأموي، وامتدت لتترك بصماتها على بعض كتب التفسير والحديث التي تشكل مصدرًا خصبًا من مصادر التاريخ الإسلامي في تلك الحقبة. وإذا كان الله تعالى قد قيض للحديث الشريف من يكشف صحيحه من ضعيفه وموضوعه، لما له من أهمية تشريعية خاصة فإن طبيعة علم التاريخ واتساع مجاله وتعدد عصوره وفيض رواياته قد وقفت حائلاً دون تتبع كل محاولات التحريف والكذب فيه على اتساع مصادره وتنوعها..

أدلة تحريف التاريخ الأموي:

وتتعدد الأدلة على حدوث الكذب والتحريف في كتابة التاريخ الأموي؛ فقد أثبت بعض المؤرخين القدماء لك وحذروا منه، رغم أنهم لم يجدوا بُدًّا من ذكر هذه الأخبار الموضوعة لشيوعها أحيانًا، ولكيلا يتهمهم أحد بجهل شيء ذكره آخرون.. أو لأنهم كانوا يعتبرون من الأمانة العلمية أن يذكر أحدهم كل ما يُروَى له، واتجه فريق آخر منهم إلى الانتقاء من هذا الركام الكبير فاختار ما صَحَّ عنده، ونبه إلى زيف كثير مما عداه..

فيقول شيخ مؤرخينا القدماء ابن جرير الطبري في مقدمة كتابه "تاريخ الرسل والملوك": "فما في كتابي هذا من خبر يستنكره قارئه، أو يستشنعه سامعه من أجل أنه لم يعرف له وجهًا في الصحة، فليعلم أنه لم يأت ذلك من قبلنا، وإنما أتى من قبل بعض ناقليه إلينا، وإنما أدينا ذلك على نحو ما أُدِّيَ إلينا".. ويروي أبو الفرج الأصفهاني ما يعتبره من أكاذيب بعض الرواة وينبه إليه أحيانًا فيقول:"...
وهذا من أكاذيب ابن الكلبي وإنما ذكرته على ما فيه لئلا يسقط من الكتاب شيء قد رواه الناس وتداولوه"..


هذا بينما ينتقي ابن الأثير بعض الروايات ويهمل بعضها ويقول في سبب ذلك: ".. فإن الناس قد حشدوا تواريخهم بمقتضى الأهواء".. ويشن ابن العربي حملة عنيفة على أهل الأهواء من المؤرخين.. ولا يثق إلا برواية أهل الحديث الذين يتفحصون رواياتهم ويميزون بين غثها وسمينها، ويقول: "وغير ذلك هو الموت الأحمر والخطر الأكبر؛ فإنهم ينشئون أحاديث استحقار الصحابة والسلف والاستخفاف بهم،
واختراع الاسترسال في الأقوال والأفعال عنهم.. فإذا قاطعتم أهل الباطل، واقتصرتم على رواية العدول سلمتم من هذه الحبائل"..

وقد حاول خصوم الأمويين تشويه صورتهم أثناء وجود دولتهم وبعد زوالها.. من ذلك ما رواه أبو الفرج الأصفهاني من أنه لما تزوج خالد بن يزيد بن معاوية رملة بنت الزبير بن العوام أنشد فيها أبياتًا من الشعر، فتلقف بعض خصوم الأمويين هذه الأبيات وزاد فيها:

فإن تسلمي نسلم وإن تتنصري..... يخط رجال بين أعينهم صلبانًا
فلما سمع عبد الملك بن مروان هذا الشعر قال لخالد: تنصرت يا خالد؟ فقال: وما ذاك؟ فأنشده هذا البيت، فقال خالد: على من قاله ومن نحلنيه لعنةُ الله..

وقد يكون الخوف من بني أمية حال أحيانًا دون التمادي في صنع الروايات ضدهم، فلما ذهبت دولتهم اتسع نطاق الكذب ضدهم، حتى أصبح الكذابون يقدِّمون قصصًا مخترعة بكاملها فقد ذكر الأصفهاني - أيضًا - أنه قد وقع فَخَارٌ بين رجل من زنادقة الشعوبية ورجل من ولد الوليد بن عبد الملك ـ وذلك في دولة بني العباس ـ خرجا فيه إلى أن أغلظ المسابة، فوضع الشعوبي عليهم كتابًا زعم فيه أن أم البنين
زوجة الوليد بن عبد الملك عشقت الشاعر وضاح اليمن، فكانت تدخله صندوقًا عندها، إذا خافت عليه أن ينكشف أمره، فوقف على ذلك خادم للوليد فأنهاه إليه، وأراه الصندوق فأخذه الوليد فدفنه، ودفن الشاعر فيه حيًا!!..



توقيع مسافر بلاحدود














مسافر بلاحدود

عضو مجلس الادارة


رقم العضوية : 74
الإنتساب : May 2009
الدولة : مصر
العمر : 42
المشاركات : 7,302
بمعدل : 12.25 يوميا
النقاط : 41
المستوى :




مشاركة رقم : 3 كاتب الموضوع : مسافر بلاحدود المنتدى : التاريخ الاسلامي

بتاريخ : 01-15-2010 الساعة : 02:24 PM

عوامل تحريف التاريخ الأموي:

إن تدوين العلوم لم يصبح ظاهرة واسعة مشتهرة إلا في العصر العباسي، لكن ذلك لم يحدث فجأة، وإنما سبقته مراحل طويلة كانت العلوم تُدَوَّن فيها على استحياء كعامل يساعد الذاكرة والحفظ، الذي ظل يمثل عماد الحركة العلمية الأكثر احترامًا وتقديرًا.. وقد وُجِدَتْ عدة عوامل أحاطت بذلك التدوين التاريخي في طوره التمهيدي الباكر قبل العصر العباسي، وفي طوره النشط الذي أصبح فيه ظاهرة عامة.. وبعض هذه العوامل أثَّر تأثيرًا كبيرًا على تحريف التاريخ الأموي مثل ضياع معظم النتاج التاريخي الباكر، ومن المؤكد أن كثيرًا من ذلك النتاج التاريخي كان سينصف بني أمية، وسيلقي مزيدًا من الضوء على تاريخهم، وسيعطي وجهات نظر محايدة عنهم أو مؤيدة لهم، إذا كُتِبَ معظمُه في عهدهم، وبأيدي بعض رجالهم، أو علمائهم المقربين منهم والخبيرين بهم، لقد حكمت دولة بني أمية المسلمين أكثر من تسعين سنة، وكان لهم في هذه المدة دعاة وأولياء وحواريون من مؤرخين وفقهاء ومتأدبين وشعراء، وعلى ذلك فمن البديهي أن نفترض أنه كان هناك نتاج ضخم من الكتابات لصالح بني أمية ودولتهم، ولم يأخذ حظه من العناية والتدوين، أو من النشر والإذاعة، أو تعرض عمدًا للإضاعة والإخفاء، ويذكر المسعودي ما يعزز هذا الافتراض بقوله: "ورأيت في سنة 324 هـ بمدينة طبرية من بلاد الأردن من أرض الشام عند بعض موالي بني أمية ممن ينتحل العلم والأدب، ويتحيز إلى العثمانية.. كتابًا فيه نحو من ثلاثمائة ورقة بخط مجموع مترجم بكتاب "البراهين في إمامة الأمويين.. ونشر ما طوي من فضائلهم.. أبواب مترجمة، ودلائل مفصلة"..

كما ضاعت جُلُّ الوثائق السياسية لذلك العصر بما تحمل من دلالات قوية على سير الحياة فيه من وجهة نظر حكومية أو إدارية. وقد ساعدت عدة أسباب على ضياع ذلك التاريخ:

منها نظرة العلماء آنذاك إلى الآثار المكتوبة كعامل مساعد فقط على التذكرة والحفظ، دون أن يُعَوَّل عليها بشكل أساسي في التعليم وحلقات الدرس؛ وذلك لتخوُّفهم مما يَعْرِض للكتابة من تغيير وتبديل أو نسخ وإزالة أو تحريف وتصحيف...

ومن هذه الأسباب قيام كثير من الثورات التي أكلت كثيرًا من التراث المعارض لها وسط مظاهر الغضب الجامح، بل إن كثيرًا من هذه الوثائق السياسية الخاصة بالعصر الأموي كان قد لحقها الدمار حين تعرضت بعض الدواوين التي كانت تحفظ فيها للحريق في أيام بني أمية، مثلما حدث في ديوان الكوفة الذي احترق بما كان يضمه من وثائق سنة 82 هـ إبان فتنة ابن الأشعث، ومثلما حدث لديوان الفسطاط الذي تعرَّض للحريق أيضًا في العصر الأموي.. وهكذا لم يبق من مستندات الدولة الأموية إلا ما ندر من أوراق البردي أو بعض المسكوكات التي عُثِرَ عليها أخيرًا، وبعض النصوص الوثائقية التي حفظتها لنا كتب التاريخ المتأخرة مثل ابن سعد والبلاذري والقلقشندي وغيرهم، والتي يجب تناولها بحذر شديد؛ إذ إن معظمها قد نَقَلَ من كتب متقدمة وليس من الأصول، كما أسفرت جهود العلماء حديثًا عن اكتشاف بعض قصور الخلفاء والأمراء الأمويين بالشام، مما يعطي صورة قريبة من واقع التطور المعماري والفني في العصر الأموي، واهتمام الأمويين بهذه النواحي الحضارية، ومدى ما بلغوه في هذا الشأن.. ومن المؤكد أن ضياع هذه الآثار التاريخية عن دولة الأمويين قد أساء كثيرًا إلى تاريخهم حيث انفردت الكتابات المتأخرة والتي تم معظمها في العصر العباسي بالتأثير الأكبر والدور الأعظم في رسم صورة بني أمية، ومعروف عداء العباسيين للأمويين.

ومن أسباب ذلك التشويه الذي أصاب التاريخ الأموي تأثير الحزبية السياسي على عملية تدوينه، فقد شهد العصر الأموي تكوين عدد من التجمعات الإسلامية التي ناصبت الأمويين العداء كالشيعة والخوارج والزبيريين، وبعضها نشأ متأخرًا نتيجة اجتهادات دينية وكلامية مثل المعتزلة، كما كان هناك بعض الموالي الفرس الذين اعتصموا بقوميتهم الفارسية وشكلوا جبهة مناوئة للأمويين في معظم فترات تاريخهم، وقد كان لهذه التجمعات جهود بارزة في تشويه صورة بني أمية كحلقة من حلقات العداء لهم أثناء قيام دولتهم وسيطرتها، كما أسهم بعض تلك التجمعات في تحريف تاريخ الأمويين عندما كُتِبَ ذلك التاريخ بعد ذهاب دولتهم، حيث برز كثير من المؤرخين الذين يدينون بأفكار تلك الاتجاهات المعادية للأمويين، وكان من الطبيعي أن تأتي كتاباتهم عنها متأثرة بذلك العداء.. وكان للشيعة الدور الأبرز في ذلك المجال.. حيث وضعوا الأحاديث في فضائل علي - رضي الله عنه - وبنيه، ووضعوا الأخبار الكاذبة على خصومهم الأمويين، حتى قال مؤرخهم ابن أبي الحديد:"واعلم أن أصل الأكاذيب في أحاديث الفضائل كان من وجهة الشيعة؛ فإنهم وضعوا في مبدأ الأمر أحاديث مختلقة في صاحبهم، حملهم على وضعها عداوة الخصوم".. وكان الإمام الشعبي يقول عنهم: لو أردت أن يعطوني رقابهم عبيدًا وأن يملئوا بيتي ذهبًا على أن أكذب لهم على عليٍّ لفعلوا، ولكن ولله لا كذبت أبدًا.. وكذلك كان بعض الصادقين من آل البيت يبرءون من هؤلاء الكذابين على الملأ، ويحذرون منهم مثل: علي زين العابدين وجعفر الصادق وعمر بن علي بن الحسين..

وإذا كان ذلك الكذب كله قد تم في العصر الأموي، وفي أثناء سيطرة الأمويين، وفي الحديث الشريف والتاريخ معًا، فإنه قد ظهر منهم جماعة في العصر العباسي من كبار المؤرخين الذين ترجموا تلك العداوة المتأصلة إلى تَزَيُّدٍ في روايات التاريخ الأموي، واختلاق لبعض الأخبار التي تسيء إلى بني أمية وتشوه سيرتهم، وتلوين لأخبار ثورات الشيعة ضد بني أمية بألوان البطولة والتعاطف مع الثائرين، والاتهام والتشنيع على الأمويين، ومن هؤلاء المؤرخين البارزين: أبو مخنف لوط بن يحيى وهشام بن الكلبي، وأبوه محمد بن السائب الكلبي ثم الأصفهاني واليعقوبي والمسعودي وغيرهم..

وبرع عديد من المؤرخين الموالي ـ من المسلمين غير العرب ـ في التاريخ وروايته مثل: الواقدي والمدائني وابن إسحاق وأبي معشر السندي وأبي عبيدة والبلاذري والطبري والدينوري وغيرهم.. واحتفظ بعض هؤلاء الموالي بقوميتهم الفارسية وأحقادهم على العرب واستعلائهم عليهم، وشمل ذلك العداء الدولة الأموية التي مثلت عندهم الرفعة العربية والانتصار الإسلامي مما كان له أثره في تلوين كتاباتهم عن الأمويين بألوان التعصب والعنصرية والبغضاء.. وبرع بعض هؤلاء الموالي في تأليف كتب المثالب يجمعون فيها كل ما يشتهون من مساويء العرب وقبائلهم ورجالهم وقد ينسبون بعض هذه الكتب إلى رجال من قادة العرب أنفسهم، ليخفى غرضهم، ويشيع وضعهم ومن أبرز هؤلاء المؤرخين الموالي: أبو عبيدة معمر بن المثنى، وغيلان الشعوبي، والهيثم بن عدي... وقد ضاعت كتب المثالب فلم تصلنا، ولكن وصلتنا روايات أصحابها في كتب التاريخ.. وما أحرانا أن نقف عندها وقفة متريثة وقد عرفنا اتجاهات أصحابها ونواياهم..

وظهرت فرقة المعتزلة في الفترة الأخيرة من عمر الدولة الأموية، وكان موقف المعتزلة من الأمويين سافر العداء؛ إذ يعدونهم فاسقين وفاقدين للعدالة التي يجب توافرها في الخلفاء، وهم يعتبرون أن الفاسق في منزلة بين الإيمان والكفر - وهو ما يعبرون عنه في أحد أصولهم الخمسة بالمنزلة بين المنزلتين - وهو على ذلك في النار، إذ لا توجد في الآخرة إلا الجنة والنار..

ومعروف أن الصلة وثيقة بين التشيع والاعتزال؛ فقد تأثر المعتزلة كثيرًا ببعض آراء الشيعة، مما أدى إلى كراهية مشتركة للأمويين وتحامل عليهم.. وكان جماعة من أبرز المؤرخين والأدباء يدينون بالاعتزال، وقد ظهر ذلك واضحًا في كتاباتهم المعادية للأمويين، والتي يُخرج بعضها الأمويين عن دائرة الإسلام إلى دئرة الكفر - لا الفسوق فحسب!! - ومن أشهر هؤلاء وأشدهم عداًء للأمويين: الجاحظ، وابن أبي الحديد..

وقد مر بنا القول بأن حركة تدوين التاريخ - والعلوم عامةً - إنما نشطت وأصبحت ظاهرة عامة في العصر العباسي.. وقد كان ذلك من سوء حظ بني أمية الذين كُتِبَ تاريخهم في ظل السيطرة العباسية المعادية.. كتاريخ دولة مهزومة، يحيط بتدوين تاريخها مناخ فكري معادٍ لها، ومناخ سياسي متسلط ضدها، وقديمًا قيل: ويل للدولة المهزومة حين يكتب تاريخها المنتصرون..

على أن قوة الأمويين لم تنتهِ بانهيار دولتهم.. بل انبعث أحدهم - عبد الرحمن بن معاوية "الداخل" - عبر البحار والمفاوز ليصل إلى بلاد الأندلس، فيقيم بها دولة ظلت تنافس العباسيين وتهددهم في بعض الأحيان، وظلت ذكراهم عالقة في في نفوس بعض المسلمين الذين صدمهم الواقع بعد ذهاب دولة الأمويين، وتبخُّر الأحلام في تغيير حقيقي ورديء، حتى قال قائلهم:

يا ليت جور بني أمية عاد لنا.... يا ليت عدل بني العباس في النار

ونتيجة لهذا الخوف من الخطر الجاثم في الشمال الغربي الأقصى واحتمالات امتداده عبر ما تبقى من عصبية للأمويين في المشرق، مع ما يغذي هذه المخاوف من ماضٍ مؤلم من الحروب والصراع بين الأمويين وخصومهم إبان حكمهم... نتيجة هذه العوامل جاء الانتقام المريع من الأمويين على يد العباسيين وأعوانهم، وقصص هذا الانتقام تملأ صفحات من التاريخ، ورغم ما قد يكون فيها من تحيز ومبالغة وافتعال فإنها تظل حية الدلالة على مشاعر الكراهية التي حكمت سنوات من خلافة العباسيين ضد الأمويين، فقد أعمل العباسيون القتل الذريع فيمن اشتهر من رجالهم، حتى اضطر كثير منهم إلى الاختفاء عن العيون والتسمي بغير أسمائهم، والانتساب إلى غير جدودهم..

ولم يكن ذلك العداء مقصورًا على الفترة التي تلت نجاح العباسيين في إقامة دولتهم بل ظل يثور ويخبو حينًا بعد حين، حتى إننا نجد الخليفة المعتضد العباسي يصدر منشورًا سنة 284 هـ يُقرَأ على العامة يقول فيه: "اللهم العن أبا سفيان بن حرب ومعاوية ابنه ويزيد بن معاوية ومراون بن الحكم وولده، اللهم العن أئمة الكفر، وقادة الضلال، وأعداء الدين ومجاهدي الرسول ومغيري الأحكام وسفاكي الدم الحرام، اللهم إنا نبرأ إليك من موالاة أعدائك..... " إلخ..

ولما ضعف سلطان الخلفاء وذهبت قوة الخلافة في العصر العباسي الثاني، أصبحت السلطة الكاملة في يد المتغلبين من الجند، وقامت الدويلات المستقلة التي اتخذ بعضها التشيع الغالي مذهبًا، كالفاطميين والبويهيين، ولقد ظهر في ذلك العصر جماعة من أشهر المؤرخين في تاريخ الإسلام كالطبري (ت310هـ) والمسعودي (ت346هـ) وابن الأثير (ت630هـ) ولم يعد توجه الدولة السياسي صوب معاداة بني أمية؛ فقد ذهبت دولتهم وزال خطرهم، وظهرت مستجدات سياسية جديدة.. غير أن عوامل أخرى أسهمت في استمرار النظرة التاريخية المتحاملة على الأمويين:

منها استقرار الرواية التاريخية إلى حد كبير بشأن الدولة الأموية؛ فبعد مضي عقود من الزمان على ذهاب تلك الدولة كانت أجيال من الرواة لأخبارها الذين نشئوا في عصر العداء الشديد لها قد تركوا رواياتهم وكتبهم لتمثل المادة التي سيبني عليها المتأخرون من المؤرخين في العصر العباسي الثاني وما تلاه.

ومنها أنه في غياب السلطة الشرعية المؤثرة للخلافة المقهورة، وشيوع روح الخوف والبطش من الجند المتغلبين على الخلافة، علا شأن طبقة من العوام والغوغاء، تغذوها مشاعر الكراهية التي تأصلت منذ عصور سالفة ضد الأمويين، كما تغذوها اتجاهات بعض الدويلات المستقلة من التشيع والمغالاة والرفض..

كانت هذه أبرز العوامل التي أدت إلى تحريف التاريخ الأموي، وإن وُجدت عوامل أخرى مساعدة قادت إلى نفس النتيجة وإن لم تقصد إليها:

من ذلك ظهور التأثيرات الإقليمية على الكتابات التاريخية، وقد بدا ذلك عندما ظهرت مدارس تاريخية متميزة في عدد من الأمصار الإسلامية.. مثل مدرسة العراق والحجاز ومصر والشام، وقد نشطت حركة التدوين التاريخي في مدرستي العراق والحجاز، وكلا المصرين كان من المعارضين في أحيان كثيرة للأمويين؛ فتأثرت كتابات مؤرخيه بهذا العداء القديم.. ونظرة عجلى في تاريخ الطبري تثبت تغلب الروايات الحجازية والعراقية على ما سواها، والطبري شيخ لكثير ممن تلاه، وعلى ذلك جاءت معظم أخبار أحداث ثورة الحسين وغيرها من ثورات الشيعة وثورات الخوارج، ومعظم أخبار ولاة الأمويين البارزين كزياد والحجاج وخالد القسري من رواة مدرسة العراق، مما لونها بألوان العداء، كذلك جاء معظم أخبار أحداث ثورة الحَرَّة، وثورة ابن الزبير، وأخبار مجتمع الحجاز.. متأثرة برواة مدرسة الحجاز التاريخية، ومن المؤسِف ذلك الضمور الملحوظ في نشاط التدوين في مدرسة الشام آنذاك، والتي كنا نتوقع أن تجيء أكثر إنصافًا للأمويين ودولتهم..




توقيع مسافر بلاحدود














مسافر بلاحدود

عضو مجلس الادارة


رقم العضوية : 74
الإنتساب : May 2009
الدولة : مصر
العمر : 42
المشاركات : 7,302
بمعدل : 12.25 يوميا
النقاط : 41
المستوى :




مشاركة رقم : 4 كاتب الموضوع : مسافر بلاحدود المنتدى : التاريخ الاسلامي

بتاريخ : 01-15-2010 الساعة : 02:25 PM


معاوية بن ابي سفيان


نسبه وإسلامه وروايته للحديث :
من أكابر الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ وأحد كُتَّاب الوحي، العاملين بكتاب ربهم والمحافظين على سنة نبيهم، الذَّابِّين عن شريعته، القائمين بحدوده، المجاهدين في سبيله..


نسبه:
هو معاوية بن أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، خال المسلمين، صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ أمير المؤمنين، ملك الإسلام، أبو عبد الرحمن القرشي الأموي المكي..


وأمه: هي هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي رضي الله عنها..


إسلامه:
قيل: إنه أسلم قبل أبيه وقت عمرة القضاء سنة 7 هـ، وبقي يخاف من اللحاق بالنبي صلى الله عليه وسلم بسبب أبيه، ولكن ما ظهر إسلامه إلا يوم الفتح فيُروى عنه أنه قال: "لما كان عامُ الحديبية وصَدُّوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت، وكتبوا بينهم القضية وقع الإسلام في قلبي، فذكرت لأمي فقالت: إياك أن تخالف أباك، فأخفيتُ إسلامي، فوالله لقد رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية وإني مصدق به، ودخل مكة عام عمرة القضية وأنا مسلم، وعلم أبو سفيان بإسلامي، فقال لي يومًا: لكنَّ أخاك خير منك، وهو على ديني، فقلت: لم آلُ نفسي خيرًا، وأظهرتُ إسلامي يوم الفتح، فرَّحَّبَ بي النبي صلى الله عليه وسلم وكتبتُ له.. (سير أعلام النبلاء)..
روايته للحديث:
حدَّث معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وحدث أيضًا عن أخته أم المؤمنين أم حبيبة، وعن أبي بكر وعمر، روى عنه: ابن عباس وسعيد بن المسيب، وأبو صالح السمان، وأبو إدريس الخولاني، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وعروة بن الزبير، وسعيد المقبري، وخالد بن معدان، وهمام بن منبه، وعبد الله بن عامر المقريء، والقاسم أبو عبد الرحمن، وعمير بن هانيء، وعبادة بن نسيء، وسالم بن عبد الله، ومحمد بن سيرين، ووالد عمرو بن شعيب وخلق سواهم..


وحدث عنه من الصحابة أيضًا: جرير بن عبد الله، وأبو سعيد، والنعمان بن بشير، وابن الزبير..


فمعاوية رضي الله عنه روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما من السنن والمسانيد، وروى عنه جماعة من الصحابة والتابعين..


مسنده في (مسند بقيّ) مائة وثلاثة وستون حديثًا، واتفق البخاري ومسلم على أربعة منها، وانفرد البخاري بأربعة ومسلم بخمسة.. وقد عمل الأهوازي (مسنده) في مجلد.


معاوية رضي الله عنه الخليفة ومكانته

بعد استشهاد الإمام علي كرَّم الله وجهه سنة 40 هـ تم الصلح بين معاوية والحسن بن علي ـ رضي الله عنهم ـ سنة 41 هـ.. تنازل بمقتضاه الحسن عن الخلافة وبويع معاوية، ودخل الكوفة وبايعه الحسن والحسين سنة 41 هـ واستبشر المسلمون بهذه المصالحة التي وضعت حدًا لسفك الدماء والفتن، وسموا هذا العام عام الجماعة، وهذه إشارة واضحة لرضا الناس عن خلافة معاوية رضي الله عنه واستقبالها استقبالاً حسنًا، فقد تولى الخلافة ووراءه تجربة طويلة في الحكم والإدارة وسياسة الناس، فولايته على الشام قبل الخلافة لمدة تزيد عن العشرين عامًا، أكسبته خبرة كبيرة هيأت له النجاح في خلافته، والحقيقة أن معاوية رضي الله عنه كان يتمتع بصفات عالية ترشحه لأن يكون رجل الدولة الأول وتجعله خليقًا بهذا المنصب الخطير..

يقول ابن الطقطقا: وأما معاوية رضي الله عنه كان عاقلاً في دنياه لبيبًا عالمًا حاكمًا ملكًا قويًا جيد السياسة، حسن التدبير لأمور الدنيا عاقلاً حكيمًا فصيحًا بليغًا، يحلم في موضع الحلم، ويشتد في موضع الشدة إلا أن الحلم كان أغلب عليه، وكان كريمًا باذلاً للمال محبًا للرياسة شغوفًا بها، كان يَفْضُلُ على أشراف رعيته كثيرًا، فلا يزال أشراف قريش مثل: عبد الله بن العباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن جعفر الطيار، وعبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وأبان بن عثمان بن عفان، وناس من آل أبي طالب رضي الله عنهم يفدون عليه بدمشق فيكرم مثواهم، ويحسن قِرَاهم ويقضي حوائجهم، ولا يزالون يحدثونه أغلظ الحديث ويجبهونه أقبح الجَبَه، وهو يداعبهم تارة، ويتغافل عنهم أخرى، ولا يعدهم إلا بالجوائز السَّنِيَّة، والصلات الجمَّة... إلى أن يقول: واعلم أن معاوية رضي الله عنه كان مربي دول وسائس أمم، راعي ممالك، ابتكر في الدولة أشياء لم يسبقه إليها أحد..


وأما اليعقوبي والمسعودي فقالا: "وكان لمعاوية حلم ودهاء ومكر ورأي وحزم في أمر دنياه، وجود بالمال"..

وثناء هؤلاء الثلاثة من المؤرخين على معاوية رضي الله عنه وحسن سياسته وإدارته لشئون الدولة، أمر له مغزاه وأهميته لما عُرِف عنهم جميعًا من ميول شيعية ملموسة.. وأما إعجاب ابن خلدون به فيتمثل في قوله:"وأقام في سلطانه وخلافته عشرين سنة ينفق من بضاعة السياسة، التي لم يكن أحد من قومه أوفر فيها منه يدًا، من أهل الترشيح من وَلَدِ فاطمة وبني هاشم، وآل الزبير وأمثالهم"..

ويروي ابن الأثير في أسد الغابة عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال: "ما رأيت أحدًا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسود من معاوية؛ فقيل له: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي؟ فقال: كانوا والله خيرًا من معاوية وأفضل، ومعاوية أسود..

ويروي الطبري مرفوعًا إلى عبد الله بن عباس قوله: "ما رأيت أحدًا أخلق للملك من معاوية، إن كان ليرد الناس منه على أرجاء وادٍ رَحْب"..

ويقول ابن تيمية: "فلم يكن من ملوك المسلمين ملك خيرًا من معاوية، إذا نُسِبَتْ أيامه إلى أيام من بعده، أما إذا نسبت إلى أيام أبا بكر وعمر ظهر التفاضل"..

وذُكِرَ عمر بن عبد العزيز عند الأعمش فقال: فكيف لو أدركتم معاوية؟ قالوا: في حلمه، قال: لاوالله، في عدله"، وإليك شهادة الذهبي له: حيث يقول:"وحَسْبُك بمن يؤمِّره عمر ثم عثمان على إقليم فيضبطه، ويقوم به أتم قيام، ويُرضي الناس بسخائه وحلمه، فهذا الرجل ساد وساس العالم بكمال عقله وفَرْط حلمه وسعة نفسه، وقوه دهائه ورأيه"..

وهكذا يكاد ينعقد إجماع علماء الأمة من الصحابة والتابعين ومن تلاهم على الثناء على معاوية رضي الله عنه وجدارته بالخلافة، وحُسْنِ سياسته وعدله، مما مكَّن له في قلوب الناس، وجعلهم يجمعون على محبته، يقول ابن تيمية رحمه الله:"وكانت سيرة معاوية في رعيته من خيار سير الولاة وكانت رعيته تحبه"، وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتُصلُّون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم"..

وقد ورد كثير من الأخبار بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية رضي الله عنه فقد روى الترمذي في فضائل معاوية رضي الله عنه أنه لما تولى أمر الناس كانت نفوسهم لا تزال مشتعلة عليه؛ فقالوا: كيف يتولى معاوية وفي الناس من هو خير مثل الحسن والحسين؟!! فقال عبد الرحمن بن أبي عميرة ـ هو أحد الصحابة: لا تذكروه إلا بخير فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم اجعله هاديًا مهديًا وَاهْدِ به.. رواه الإمام أحمد في المسند 4/216 وصحَّحه الألباني في صحيح سنن الترمذي 3/236.

وكانت صلاته رضي الله عنه أشبه بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرُوي عن أبي الدرداء أنه قال: "ما رأيت أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من أميركم هذا ـ يعني معاوية..

كما ثبت في الصحيح أنه كان فقيهًا يعتد الصحابة بفقهه واجتهاده؛ فقد روى البخاري في صحيحه في كتاب المناقب عن أبي مليكة قال: "أوتر معاوية بعد العشاء بركعة وعنده مولى لابن عباس؛ فأتى ابن عباس فأخبره، فقال: دعه؛ فإنه قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية أخرى قيل لابن عباس: "هل لك في أمير المؤمنين معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة، قال: أصاب إنه فقيه.

وقد كان لمعاوية ـ رضي الله عنه ـ شرف قيادة أول حملة بحرية، وهي التي شبهها رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم بالملوك على الأَسِرَّة؛ فقد روى البخاري رحمه الله في صحيحه من طريق أنس بن مالك عن خالته أم حرام بنت ملحان قالت: نام النبي صلى الله عليه وسلم يومًا قريبًا مني، ثم استيقظ يبتسم، فقلت: ما أضحك؟ قال: أناس من أمتي عرضوا علي يركبون هذا البحر الأخضر كالملوك على الأسرة، قالت: فادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها، ثم نام الثانية، ففعل مثلها فقالت قولها، فأجابها مثلها، فقالت: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: أنت من الأولين، فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازيًا أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية رضي الله عنه، فلما انصرفوا من غزوتهم قافلين فنزلوا الشام، فَقُرِّبَت إليها دابة لتركبها فصرعتها فماتت.. البخاري مع الفتح (6/22)..

قال ابن حجر معلقًا على رؤيا رسول الله صلى الله عليه سلم قوله: (ناس من أمتي عرضوا عليَّ غزاة...) يشعر بأن ضحكه كان إعجابًا بهم، فرحًا لما رأى لهم من المنزلة الرفيعة.

وأخرج البخاري ـ أيضًا ـ من طريق أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا"..

قالت أم حرام: قلت: يا رسول الله أنا فيهم؟ قال: أنتِ فيهم، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم "أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر ـ أي القسطنطينية ـ مغفور لهم"..

فقلت: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: لا. ومعنى أوجبو: أي فعلوا فعلاً وبجت لهم به الجنة..



قال ابن حجر في الفتح 6/121 ومن المتفق عليه بين المؤرخين أن غزو البحر وفتح جزيرة قبرص كان في سنة 27 هـ في إمارة معاوية رضي الله عنه على الشام أثناء خلافة عثمان رضي الله عنه..

ومن فضائله: ما قاله الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال: قلت: لأحمد بن حنبل: أليس قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل صهر ونسب فيقطع إلا صهري ونسبي"؟ قال: بلى، قلت: وهذه لمعاوية؟ قال: نعم. له صهر ونسب، قال: وسمعت ابن حنبل يقول: ما لهم ومعاوية، نسأل اللهَ العافية.. السنة للخلال برقم 654، وإسناد الحديث حسن..


وكان معاوية رضي الله عنه موضع ثقة النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك جعله من جملة الكتاب بين يديه صلى الله عليه وسلم الذين يكتبون الوحي له، فقد روى هشام بن عروة بن الزبير عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "لما كان يوم أم حبيبة من النبي صلى الله عليه وسلم دقَّ الباب دَاقٌّ؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: انظروا من هذ؟ قالوا: معاوية، قالوا: ائذنوا له، فدخل وعلى أذنه قلم يخط به، فقال: ما هذا القلم على أذنك يا معاوية؟ قال: قلم أعددته لله ولرسوله، فقال: جزاك الله عن نبيك خيرًا، والله ما استكتبتك إلا بوحي من الله، وما أفعل صغيرة ولا كبيرة إلا بوحي من الله"..

وكذلك كان رضي الله عنه موضع ثقة الخلفاء الراشدين من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحق أن معاوية كان أهلاً لهذه الثقة؛ فلذلك ولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشام بعد وفاة أخيه يزيد بن أبي سفيان، ثم جاء بعد عمر عثمان بن عفان رضي الله عنهما فجعل معاوية واليًا على الشام كله، وحسبك بمن ولاه عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهم؛ فقد كان معاوية رضي الله عنه أهلاً للإمارة والخلافة معًا، ومن أجل هذه الأهلية ظل أميرًا على الشام عشرين سنة، وخليفة للمسلمين ما يقرب من عشرين سنة فلم يهجه أحد في دولته بل دانت له الأمم، وحكم على العرب والعجم، وكان ملكه على الحرمين ومصر والشام والعراق وخراسان وفارس والجزيرة واليمن والمغرب وغير ذلك..

وذكر الطبراني في تاريخه والبلاذري في أنساب الأشراف والذهبي في السير..

الذويبة
11-01-2011, 05:40 PM
شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااا اااااااااااااااااا ااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااا

الذويبة
11-01-2011, 05:42 PM
:(42)::(52)::(30)::(6)::(29): لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا