المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحطيئة



خضور
21-11-2010, 06:28 PM
الحطيئة :(الحطيئة هو جرول بن مالك العبسي ينتهي نسبه إلى مضر ويلقب بالحطيئة ويكنى بأبي مليكة ومليكة ابنته. أما تسميته بالحطيئة، فتعود، في الغالب، إلى قصره، إذ كان قريباً من الأرض، ضئيل الجسد، لا تأخذه العين، كما يقول صاحب الأغاني. لا شك أن كثيراً من الفتيان ينشأون، وهم يعانون من قبح منظرهم كالحطيئة، إلا أن هذا النقص كان يبدو يسيراً بالنسبة إلى الشاعر، فيما يقارن بينه وبين سائر مظاهر المنكر التي لم يكن له قبل بدفعها عنه. ولعلنا، إذا واجهنا نمو الشاعر الجسدي والنفسي، يتحقق لنا أن كليهما كانا يتناشآن معاً تحت وطأة ذلك الشعور الحاد بالتشويه والعبث. فقد كان أفقم، أي أن فكه الأسفل كان بارزاً، كما أن الدمامة كانت تغلب على سائر ملامحه. لهذا، كان الاختلال يعتريه في جسده ويجعله يتوهم أنه في حالة تخالف أحوال سائر الناس. فهو لا يشبههم، أو بالأحرى يراهم ينعمون بما يستحيل عليه أن ينعم به من شعور التكافؤ وصحة البدن والظهور بمظهر الرجولة. وكان هذا الضعف الجسدي يتطعم ويتعقد يما يتحدق الشاعر إلى واقعه النفسي والاجتماعي، ويتحقق له أن نفسيته لا تقل تشويهاً ومنكراً عن وجهه وجسده.
ومن يطالع شعر الحطيئة يلمس تأثره بحاله، حيث أن القارئ والدارس لشعره لا يستطيع الفصل بين نفسية الشاعر وبشعره من جهة أخرى. وفي هذا القبيل، فإن شعر الحطيئة يبدو ذا وجهتين متباينين، نراه حيناً، شديد الالتصاق بنفسه، يعبر عن حقيقة واقعها وما يتعقد في أغوارها من تجارب نفسية شديدة البؤس والاختلال، وحيناً آخر نراه يجري فيه وفقاً لسنة الشعر الجاهلي في المدح والاستهلال بالوجد والغزل. لهذا كان الهجاء في شعر الحطيئة -مثله من شعر بشار وابن الرومي والمتنبي فيما بعد- هو التعبير الإيجابي عن نفسيته لأنه خلال هجائه، لا ينظم للنظم ولا يفتعل التجارب، بل يغترف من أعماق الظلمة المدلهة في وجدانه.
ولئن كان هجاء الحطيئة عظيم الفائدة في كشف أغوار نفسيته، فإن مدحه أدل على خصائصه الفنية وعلى القرابة التي كانت تجمع بينه وبين زهير في ذلك الأسلوب الصقيل المهذب الذي يقترب إلى أسلوب أصحاب المدرسة البرناسية المعاصرة في شدة التنخل والتصحيح والتثقيف.
والكتاب الذي بين يدينا يعني بتقديم ترجمة مفصلة للحطيئة في بيئته، حيث يدرس طباعه النفسية والفنية، ومن ثم يقوم بتحليل نماذج مختارة من شعره مع منتخبات مبوبة مذيلة بشروح كاملة للألفاظ والمعاني، وهدف هذه الدراسة هو تقويم بحث شامل يستعين بمتنه الطلاب الثانويين والجامعيين، فضلاً عن الأدباء وسائر القراء، إذ حرص مؤلف الدراسة على أن يحيط بما ورد في المصادر القديمة ليستنير به على فهم نفسية الشاعر الحطيئة وشعره، كما أنه حاول أن يلقي أضواء جديدة على القرآن القديم وفقاً لمفاهيم النقد الحديث، إظهاراً لمواطن الجمال والخلود فيها.
ومن يطالع شعر الحطيئة يلمس تأثره بحاله، حيث أن القارئ والدارس لشعره لا يستطيع الفصل بين نفسية الشاعر وبشعره من جهة أخرى. وفي هذا القبيل، فإن شعر الحطيئة يبدو ذا وجهتين متباينين، نراه حيناً، شديد الالتصاق بنفسه، يعبر عن حقيقة واقعها وما يتعقد في أغوارها من تجارب نفسية شديدة البؤس والاختلال، وحيناً آخر نراه يجري فيه وفقاً لسنة الشعر الجاهلي في المدح والاستهلال بالوجد والغزل. لهذا كان الهجاء في شعر الحطيئة -مثله من شعر بشار وابن الرومي والمتنبي فيما بعد- هو التعبير الإيجابي عن نفسيته لأنه خلال هجائه، لا ينظم للنظم ولا يفتعل التجارب، بل يغترف من أعماق الظلمة المدلهة في وجدانه.
ولئن كان هجاء الحطيئة عظيم الفائدة في كشف أغوار نفسيته، فإن مدحه أدل على خصائصه الفنية وعلى القرابة التي كانت تجمع بينه وبين زهير في ذلك الأسلوب الصقيل المهذب الذي يقترب إلى أسلوب أصحاب المدرسة البرناسية المعاصرة في شدة التنخل والتصحيح والتثقيف.
والكتاب الذي بين يدينا يعني بتقديم ترجمة مفصلة للحطيئة في بيئته، حيث يدرس طباعه النفسية والفنية، ومن ثم يقوم بتحليل نماذج مختارة من شعره مع منتخبات مبوبة مذيلة بشروح كاملة للألفاظ والمعاني، وهدف هذه الدراسة هو تقويم بحث شامل يستعين بمتنه الطلاب الثانويين والجامعيين، فضلاً عن الأدباء وسائر القراء.
28):