المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حواء تبكي يوم العيد .... بقلم أبيها



سيد مصطفى
19-11-2010, 10:22 AM
حواء تبكي

حواء التي أتمت عامها الثاني دون إطفاء شموع فوق التورتة الكبيرة ، بسبب انشغال المطافئ بإطفاء الحرائق في الغابات الاستوائية بفعل جشع بعض أبناء الحياة المادية ، و بعضنا يفعل بعض أمور دون بينة أو دليل علمي أو اجتماعي أو رياضي أو اقتصادي أو حتى مطبخي ، وأنا شخصيا لم أر أمي أو أبي أو جدي أو جدتي احتفلوا بيوم ميلادهم ، وأنا أتعجب من إنسان يحتفل بنقصان عمره عاما ! ،
والغريب أن أحد لا عبي كرة القدم عندما أحرز هدفا رسم علامة الصليب على صدره ! طبعا هو لا يدري معناها ولكنه فهل كما فعل زملاؤه الآخرون ، وهذا حالنا في أمور كثيرة نفعلها دون تبيان لحقيقتها أو مرجعيتها الشرعية أو العلمية ،

نرجع إلى بكاء حواء الأليم
بدأت حواء صباح أجمل يوم عند الكبار والصغار ، إنه يوم العيد الأكبر ، يوم السعادة والسرور والفرح وصلة الأرحام والتضحية والفداء والأضحية والذبح لله ، وليس لغير الله كما يفعل بعضنا حتى الآن !ـ
غريب أمر بعضنا !ـ
بدأت يومها هذا بارتداء فستان العيد الجميل ، ووضعت وردة كبيرة خلف رأسها ، وابتسامة طفولية بريئة لا تقدر بمال ، خالية من النفاق والرياء والمصالح والمكاسب ، تضحك للجميع ، حتى لدميتها الجميلة ، وتجولت حواء في أجواء البيت حجرة حجرة وصعدت السلم لأعلى ، وهبطت لأسفل ، تشاهد أخواتها الكبار ، وتنظر إليهم رافعة رأسها لأعلى ، لأن فارق الطول ما زال كبيرا بينها وبينهم ، والتقت حواء بأبناء العم والعمة والخال والخالة ، وهبطت عليها العيدية وهي عبارة عن أوراق نقدية ، لا تدرك حواء قيمتها الفعلية أو قوتها الشرائية ، أو علاقتها بالدولار العملة الأمريكية ، وظلت حواء في سعادة غامرة وحركاتها اللاإرادية العفوية الخالصة ، وتتفوه بعض كلمات ما أطربها على الأذن ، ونطقها ممتع لحروف العربية الجميلة ، وتصدر أوامر ونواهي ، وتحكم على هذا وذاك ، وتعفو عن هذا وذاك ، كل ذلك في آن واحد ، وتعيش في عالمها الطفولي الرائع الذي أتمنى أن أعود إليه ولو ساعة واحد وأدفع
( عشرة دراهم )
ولكن هيهات يا أنا أن تعود طفلا بريئا سليم الصدر والقلب ، هيهات أيها الشيخ الكهل الذي بلغ من الكبر عتيا واشتعل الرأس شيبا ، والذي ملأ الدنيا في صغره ضجيجا وصخبا ، وكم أذى الجيران يوم العيد بألعابه النارية ، وحركاته البهلوانية آه من تلك الأيام .... ذكريات ... ـ
ولا تدري حواء أن الكثيرين غيرها حرموا متعة ارتداء فستان العيد لأنهم لا يملكون ثمنه
ولا تدري حواء أن الكثيرين يرقدون في المستشفى بسب المرض ، وغيرهم لا يجد ثمن العلاج ، وغيرهم لا يجد ثمن قطعة حلوى
ولا تدري حواء أن الكثيرين كبارا وصغار قد فارقوا الحياة صباح هذا اليوم بسب الموت الذي اختلفت أسبابه
ولا تدري حواء أن الكثيرين هُدمت بيوتهم فوق رؤوسهم بسبب الكوارث الطبيعية والصناعية وما أكثر الصناعية التي بفعل فاعل ، أو حتى دون سبب
ولاتدري حواء شيئا عن المشاكل الاقتصادية والأزمة العالمية ، وهل تعافت أم مازلت تتأوه وتتوجع وتتمسكن حتى تتمكن من سلب ما تبقى من العيدية
ولا تدري حواء شيئا عن مخرجات العملية التعليمية والتي أصبحت تتساوى مع محو الأمية أو أقل
ولا تدري حواء شيئا عن الانتخابات المحلية والبرلمانية والاستفتاءات الدولية دون مظلة دولية أو حتى رعاية أممية وكل تلك الحجج الوهمية
ولا تدري حواء شيئا عن تدني الحالة الإعلامية العالمية والمحلية و الرياضية و الثقافية و المطبخية والثقافية
ولا تدري حواء شيئا عن تدني النواحي الأخلاقية والقيم الإنسانية

ولا تدري حواء شيئا عن كل الأمور الإيجابية وما أكثرها بعيدا عن نظرة أبيها التشاؤمية في كل نواحي حياتنا العملية
وتدري حواء أن هناك أمل في إصلاح كل ما سبق

وطبعا حواء لم تبكِ بسبب كل ما سبق !ـ

ولكنها دخلت المطبخ لتساعد أمها في إعداد الطعام فتأثرت برائحة البصل النفاذة التي أدمعت عينيها الجميلتين !ـ

بقلم
سيد مصطفى
يوم العيد
16-11-2010م