المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ثقرير عن الجهاد في سبيل الله



اميرة المجرات
25-09-2010, 05:37 PM
:(39):قال الله تعالى : "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون ، وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل . ومن أوفى بعهده من الله، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به ، وذلك هو الفوز العظيم " (1)
إن الله ذكر الجهاد في مواضع كثيرة من القرآن الكريم ،، وما هذا إلا دليل على عظم أهميته وأجره ..
فلنعيش معا أجواء هذه القصة ؛ لنستخلص منها فضل الجهاد وعظم أجره عند الله تعالى ..
كان إيمان "أبو جابر" متألقا وثيقا ..
وكان حبه بل شغفه بالموت في سبيل الله منتهى أطماحه وأمانيه ..
ولقد أنبأ رسول الله عنه فيما بعد نبأ عظيم ، يصور شغفه العظيم بالشهادة ..
قال عليه الصلاة والسلام لولده جابر يوما :"يا جابرما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب ..
ولقد كلم أباك كفاحا -أي مواجهة- فقال له الله :يا عبدي سلني أعطك .
فقال: يارب، أسألك أن تردني إلى الدنيا لأقتل في سبيلك ثانية .. فقال الله له :"إنه قد يبق القول مني :أنهم إليك لا يرجعون.
قال: يارب ، فأبلغ من ورائي بما أعطيتنا من نعمة ..
فأنزل الله تعالى قوله :"ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ¤ فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون ¤ يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لايضيع أجر المؤمنين ¤ (2)
وسأذكر لكم قصة أخرى تتحدث عن عظمة الجهاد وأجره ..
عن أنس (رضي الله عنه )أن أم الربيع بنت البراء وهي أم حارثة بن سراقة ، أتت النبي (صلى الله عليه وسلم )
فقالت : يارسول الله ألا تحدثني عن حارثة. وكان قتل يوم بدر؛ فإن كان في الجنة صبرت ، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء ، فقال : " يا أم حارثة إنها جنان في الجنة ، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى " (3)
ما أجمل هذه المكانة وما أعظم ذلك الأجر ..جنات الفردوس الأعلى .. نعيم وخلود في نعيم ..
فلنمض معا في هذه الصفحات لنتعرف على فضل الجهاد من خلال الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة ....

تعريف الجهاد وأنواعه :

الجهاد ذروة سنام الإسلام، فريضة محكمة. وهو ماض إلى يوم القيامة. والجهاد بذل الوسع في دفع ما لا يُرضى. وقيل هو استفراغ الجهد في مدافعة العدو. وقيل: هو الاسم الجامع لمنتهى الطاقة. وقصر الجهاد على القتال في سبيل الله، لم يكن إلا تفريعاً فنياً كما هو في كتب الفقه، لأن الجهاد حسب ورود معانيه في الكتاب والسنة أعم من أن يكون بالقتال.
الجهاد في الإسلام يكون بالنفس وبالمال وبالكلمة وبالقلب. ولكل نوع من هذه الأنواع آلياته وشعبه وأساليبه وأحكامه التي ترجح أسلوباً على أسلوب وآلية على آلية. والجهاد بأنواعه وأساليبه هو الماضي إلى يوم القيامة.




غاية القتال( حتى لا تكون فتنة):

إن غاية القتال في الإسلام ومنتهاه هو أن يصير الناس في حالة من الحرية تنتفي معها الفتنة. (والفتنة لفظ يجمع معنى مرج واضطراب أحوال الإنسان، وتشتت باله بالخطر والخوف على الأنفس والأموال على غير عدل ولا نظام. وهي إلقاء الخوف في قلوب الناس واختلال نظام العيش)(4).
وبالتالي فإن غاية الجهاد ألا يتعرض مؤمن لفتنة مادية أو معنوية تزيله عن دينه، أو عن شعيرة من شعائره، وكذا أن تنتفي الفتنة عن الكافر لئلا يحال بينه وبين الإسلام، إن هو اختاره. قال تعالى: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله." (5) وقال "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله"( 6)
وقال في تفسير المنار: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) عطف على قاتلوا في الآية الأولى. فتلك بينت بداية القتال. وهذه بينت غايته. وهي ألا يوجد شيء من الفتنة في الدين، ولهذا قال الأستاذ الإمام ـ أي محمد عبده ـ أي حتى لا تكون لهم قوة يفتنونكم بها ويؤذونكم لأجل الدين، ويمنعونكم من إظهاره، أو الدعوة إليه. (ويكون الدين لله) (ويكون الدين كله لله) أي يكون دين كل شخص خالصاً لله، لا أثر لخشية غيره فيه، فلا يفتن لصده عنه ولا يؤذى فيه، ولا يحتاج إلى الدهان والمداراة أو الاستخفاء أو المحاباة(7).
ثم إليك ما قرره سيد قطب رحمه الله تعالى حول قوله تعالى: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) (.. إن النص عام الدلالة، مستمر التوجيه، والجهاد ماض إلى يوم القيامة. ففي كل يوم تقوم قوة ظالمة

تصد الناس عن الدين، وتحول بينهم وبين سماع الدعوة إلى الله، والاستجابة لها عند الاقتناع، والاحتفاظ بها في أمان. والجماعة المسلمة مكلفة في كل حين أن تحطم هذه القوة الظالمة، وتطلق الناس أحراراً من قهرها، يستمعون ويختارون ويهتدون إلى الله.
وهذا التكرار في الحديث عن دفع الفتنة بعد تفظيعها، واعتبارها أشر من القتل. هذا التكرار يوحي بأهمية الأمر في اعتبار الإسلام. وينشيء مبدأ عظيماً يعني في حقيقته ميلاداً جديداً للإنسان على يد الإسلام. ميلاداً تتقرر فيه قيمة الإنسان بقيمة عقيدته، وتوضع حياته في كفة وعقيدته في كفة، فترجح كفة العقيدة. كذلك يتقرر في هذا المبدأ من هم أعداء الإنسان.. إنهم أولئك الذي يفتنون مؤمناً عن دينه، ويؤذون مسلماً بسبب إسلامه، أولئك الذين يحرمون البشرية أكبر عنصر للخير، ويحولون بينها وبين منهج الله.
فإذا انتهى الظالمون من ظلمهم وكفوا عن الحيلولة بين الناس وبين ربهم، فلا عدوان عليهم ـ أي لا مناجزة لهم ـ لأن الجهاد إنما يوجه للظلم والظالمين)(8).
وقال الطبري في جامع البيان: [وقال آخرون معنى قوله (فلا عدوان إلا على الظالمين) فلا تقاتل إلا من قاتل] ثم يروي الطبري بإسناد عن مجاهد (لا تقاتلوا إلا من قاتلكم)(9).
لقد كانت غاية الجهاد في الإسلام هو إبطال الفتنة بجميع أشكالها، وتحرير الإنسان من جميع الضغوط المادية والمعنوية، التي تؤثر في إرادته، وتحد من حرياته ليختار طريقه في هذه الحياة. وليس كما يزعم الزاعمون أن غاية الجهاد، هي حمل الناس على الإسلام، وإكراههم عليه. وقوله تعالى: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) وقوله: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر..) على وجه التحذير والإنذار أحكم من أن يفتات عليه أحد. الدين خيار فردي وحرّ، والإسلام يطالب بكسر كل طوق يحول بين الناس وبين دين الله، كما يطالب بإبطال فتنة تنصب على مؤمن ليتخلى عن دينه (إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق).