المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رجعت لكــمـْـْـْ..موضوعي القبلي اي تقرير تبونه قولولي..



امجاد العرب
08-05-2010, 04:55 PM
آسفه لانــي ما رديت عليكم وما عطيتكم التقارير الفترة الاخيره..
بس اعيد لكم اي شي تبونه قولولي..
وانا يبتلكم ..
الاسلام والزراعه
الكسب الطيب
الشفاء بنت عبدالله
الرسول ابا وجدا
الايمان بالقضاء والقدر
ابو ذر الغفاري
اكل الحرام
الزهد في الدنيا
سورة ق4
وأي شي ثاني اطلبو...
ملاحظه:بعض الاعضاء يطلبون مواضيع انا سويتها فالصفحات الاولى بس هم سيده يكتبون شو يبون وما يجوفون شو موجود وشو نزلت ..الموضوع القبلي 6 مرات يطلبون الكسب الطيب وانا ما يخلصني انسخه 6 مرات ..واتمنى ان ما يستوي هالشي..

امجاد العرب
08-05-2010, 04:58 PM
هذا عن الاسلام والزراعه
وزارة أبوظبي التعليميه


التقرير عن:






الاسلام و الزراعة

الإسلام والحث على الزراعة قال تعالى: >وهو الذي أنزل من السماء ماء فاخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضراً نخرج منه حباً متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبهاً وغير متشابه، انظروا الى ثمره إذا أثمر وينعه، إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون< سورة الأنعام الآية 99، وقال تعالى: >وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفاً أكله والزيتون والرمان متشابهاً وغير متشابه، كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا، إنه لا يحب المسرفين< سورة الأنعام الآية 141 . ويقول رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: >إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليفعل< رواه أحمد. لقد حث الإسلام على الزراعة واعتنى بها وحرص عليها ودعا الى الاعتناء بها وزيادة مساحة الأراضي الزراعية، كما حث على حفر وشق الموارد المائية، فقال عليه الصلاة والسلام: >من أحيا أرضاً ميتة فهي له< رواه أحمد وأبو داود والترمذي. ويكفي لبيان أهمية ومنزلة الزراعة في الإسلام أن الله تعالى قدم الحبوب والزروع على غيرها في قوله سبحانه وتعالى: >وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حباً فمنه يأكلون، وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون، ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم، أفلا يشكرون< سورة يس الآيات 33-35 . ففي هذه الآيات الكريمة نقاط أساسية ومهمة تتعلق بالأرض والنبات و الزراعة منها: الاولى : امتنان الله تعالى على عباده بتسخير الارض لهم، وأنه جعل من خصائصها قابليتها للزراعة فتتحول الارض القاحلة الى بساتين نضرة وحدائق غناء. الثانية : فيها توجيه الى ضرورة استصلاح الارض البور. الثالثة : فيها تقديم الاهم على المهم وتنظيم الاوليات في الغذاء، ففي تقديم الحبوب على النخيل والاعناب دليل على أهميتها حيث أن الحبوب هي الغذاء الاساسي اليومي للانسان. الرابعة : في قوله تعالى: >وما عملته أيديهم< توجيه رباني الى ضرورة العمل، فهذا الخير العميم من الحبوب والثمار والفواكه، إنما جاء بعمل الايدي بعد أن وهبهم الله صحة الابدان والقدرة على الانتاج، وذلل لهم الارض، وسهل لهم سبل إحياءها بإرشادهم الى أدوات الزراعة وعلومها ولوازمها. الخامسة : فيها إشارة واضحة الى أهمية الماء في الزراعة ووجوب شق الترع وحفر الآبار. وقد أكد الله تعالى على أهمية الزراعة وقدم الحبوب على غيرها لأهميتها في قوله جل جلاله: >وانزلنا من المعصرات ماء ثجاجاً، لنخرج به حباً ونباتاً، وجنات الفافاً< سورة النبأ الآيات 14-16 . وقد جعل الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه من الأجر والثواب للمزارعين مالايعلمه إلا الله فقال: (ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو انسان إلا كان له به صدقة) رواه البخاري ومسلم. وقال عليه الصلاة والسلام: (سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته: من علم علما، او كرى نهرا، أو حفر بئرا، أو غرس نخلا، أو بنى مسجدا، او ورث مصحفا، أو ترك ولدا يستغفر له بعد موته) اخرجه البزار وابو نعيم. وقد حث رسول الله صلوات الله وسلامه عليه على الغرس والزراعة حتى في أشد المواقف وأصعبها فقال: (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليفعل) رواه أحمد. فالزراعة من موارد الكسب الحلال وفيها يظهر توكل المؤمن على الله تعالى، فما في الصنائع كلها أبرك منها ولا أنجح اذا كانت على وجهها الشرعي، ففيها يحصل الأجر الكبير من الله، اضافة الى ما فيها من رفع لمستوى المعيشة واحياء لحراثة الارض وتشجيع للايدي العاملة واستثمار للقوى الكامنة وتخفيف لوطأة البطالة وانتفاع باصحاب الكفاءات وارباب المؤهلات، والتوجيه لمزاولة الأعمال الحرة ومضاعفة للجهود في سبيل إنماء الثروة، وفي كل هذا تشجيع على الاقتصاد المحلي وزيادة في الدخل القومي ونهوض بالامة الى المستوى اللائق بها بين الامم. ولا شك أن الانسان اذا اطمأن الى رزقه وتيسرت له اسباب عيشه لا يطمع في كسب المال من غير حله فيستتب الأمن وتسود الطمأنينة ويعم السلام، ومن هنا نرى اهتمام الاسلام بالزراعة والدعوة الى مراعاة الزراع والرأفة بهم وعدم تحميلهم ما لا يطيقون، ذكر الكتاني أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خصص ثلث ايراد مصر لعمل الجسور والترع لإرواء الأراضي. جاء رجل الى امير المؤمنين سيدنا علي - فقال: ياأمير المؤمنين اتيت ارضا قد خربت وعجز عنها اهلها فكرست انهاراً وزرعتها، فقال سيدنا علي: (كل هنيئاً وانت مصلح غير مفسد، معمر غير مخرب). وكان يقول لعماله : (ليكن نظركم في عمارة الارض ابلغ من نظركم في استجلاب الخراج، والزراعة عمارة). وقد سلك كثير من خلفاء المسلمين وامرائهم نهج الخلفاء الراشدين في توجيه عنايتهم واهتمامهم الى عمارة الارض واستصلاحها، وأمروا ببناء السدود وحفر الترع. فلما ولي الحجاج أمر العراق في ايام عبد الملك بن مروان وابنه الوليد عمد الى استصلاح المزيد من اراضي الأهوار - فانفق عليها الكثير من الدراهم وأقطع الارض الموات لمن يرغب في إحيائها، وأمد الفلاحين بالقروض المالية رغبة منه في دعمهم ومساعدتهم، وهو اول من قام بتمويل الفلاحين بالقروض الحسنة. واكثر الحجاج من الماشية، وبعث له عامله على السند محمد بن القاسم الثقفي آلاف الجواميس ليستعين بها في إحياء الارض وزراعتها. كذلك نرى الخليفة العادل الراشد عمر بن عبد العزيز يقوم بتقديم القروض الحسنة للعاملين في الارض ولو كانوا من أهل الذمة لما في ذلك من مصلحة للمسلمين وذلك عندما كتب الى واليه عبد الحميد بن عبد الرحمن الذي بعث اليه يستشيره بشأن التصرف في فضول بيت المال - قال: (أنظر من كانت عليه جزية فضعف عن أرضه فأسلفه ما يقوى به على عمل أرضه فإنا لانحتاجهم لعام ولا لعامين). ومن فضل الله تعالى على أهل هذا البلد الخير الطيب أن القيادة الهاشمية الحكيمة أولت الزراعة أهمية خاصة، فقامت بتوجيه المعنيين كافة بضرورة عمل السدود وشق الترع والقنوات، وإعطاء القروض الحسنة الى المزارعين لاستصلاح الأراضي، وجعل هذا البلد بلدا زراعياً أخضر. فهيا بنا الى الأخذ بأسباب القوة، وزراعة مايفيد وينفع الأمة، حتى نكون أمة تأكل مما تزرع وتلبس مما تصنع، وتشرب الماء مما تجمع.

امجاد العرب
08-05-2010, 05:00 PM
الاول عن الاسلام والزراعه

امجاد العرب
08-05-2010, 05:00 PM
وهذا عن الكسب الطيب

دولة الإمارات العربية المتحدة
وزارة التربية والتعليم والشباب
منطقة الفجيرة التعليمية
مدرسة السيجي للتعليم الأساسي والثانوي للبنات


المادة :التربية الإسلامية
تقرير بعنوان :
الكسب الطيب

2009م\2010م




المقدمة :
إنّ الحمد لله، نحمده و نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه.
أما بعد..
فإن الله تبارك وتعالى قد نزّل أحسن الحديث كتابا، " اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ " (الزمر:23). فإذا كان هذا القرآن العظيم هو أحسن الحديث، أقدم لكم تقريري و أرجو أن ينال إعجابكم.
السبب :
لقد اختر هذا لأنه يكسبني الأجر والثواب ولكي أعلم بما هو حلال وحرام ولكي أعلم أنم الله شرعه بما هو خير وشر لكل مسلم .



نبذه عن الموضوع:
أهمية كسب الرزق الحلال وطلب العيش الطيب وفضله, والأمر به. 2- ارتباط نزاهة اليد واللسان والقلب بالإيمان. 3- التحذير من الكسب الخبيث وأثره على الفرد والمجتمع. 4- أهمية الورع وترك المشتبه وحال السلف في ذلك.
أما بعد: فاتقوا الله أيها الناس، اتقوه في أنفسكم وأهليكم، اتقوه في أعمالكم وأموالكم، اتقوه فيما تأكلون وما تدخرون: يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِى ٱلأرْضِ حَلَـٰلاً طَيّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوٰتِ ٱلشَّيْطَـٰنِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ [البقرة:168].
عباد الله، كسب الرزق وطلب العيش شيء مأمور به شرعاً، مندفعة إليه النفوس طبعاً، فالله قد جعل النهار معاشاً، وجعل للناس فيه سبحاً طويلاً. أمرهم بالمشي في مناكب الأرض ليأكلوا من رزقه. وقَرَنَ في كتابه بين المجاهدين في سبيله والذين يضربون في الأرض يبتغون من فضله، يَضْرِبُونَ فِى ٱلأرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَءاخَرُونَ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَٱقْرَءواْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ [المزمل:20]. وأخبر عليه الصلاة والسلام أنه: ((ما أكل أحد طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده)) رواه البخاري[1]، ولقد قال بعض السلف: إن من الذنوب ذنوباً لا يكفرها إلا الهمُّ في طلب المعيشة. وفي أخبار عيسى عليه السلام أنه رأى رجلاً فقال: ما تصنع؟ قال: أتعبد. قال: ومن يعولك؟ قال: أخي. قال: وأين أخوك؟ قال: في مزرعة. قال: أخوك أعبد لله منك.
وعندنا ـ أهلَ الإسلام ـ ليست العبادة أن تَصُفَّ قدميك، وغيرك يسعى في قوتك؛ ولكن ابدأ برغيفيك فأحرزهما ثم تعبد.
والاستغناء عن الناس ـ أيها الإخوة ـ بالكسب الحلال شرفٌ عالٍ وعزٌّ منيفٌ. حتى قال الخليفة المحدَّث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما من موضع يأتيني الموت فيه أحب إلي من موطن أتسوق فيه لأهلي؛ أبيع وأشتري. ومن مأثور حكم لقمان: يا بنيَّ، استغن بالكسب الحلال عن الفقر، فإنه ما افتقر أحدٌ قط إلا أصابه ثلاث خصال: رقةٌ في دينه، وضعفٌ في عقله، وذهاب مروءته.
إن في طيب المكاسب وصلاح الأموال سلامة الدين، وصون العرض، وجمال الوجه، ومقام العز.
ومن المعلوم ـ أيها الأحبة ـ أن المقصود من كل ذلك الكسب الطيب، فالله طيبٌ لا يقبل إلا طيباً، وقد أمر الله به المؤمنين كما أمر به المرسلين؛ فقال عزَّ من قائل: يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيّبَـٰتِ وَٱعْمَلُواْ صَـٰلِحاً [المؤمنون:51] وقال عزَّ شأنه: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رَزَقْنَـٰكُمْ وَٱشْكُرُواْ للَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [البقرة:172].
ومن أعظم ثمار الإيمان طيب القلب، ونزاهة اليد، وسلامة اللسان. والطيبون للطيبات، والطيبات للطيبين. ومن أسمى غايات رسالة محمد أنه يُحلُّ الطيبات، ويحرم الخبائث.
وفي القيامة يكون حسن العاقبة للطيبين ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّـٰهُمُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ طَيّبِينَ يَقُولُونَ سَلَـٰمٌ عَلَيْكُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل:32].
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي : ((من أكل طيباً وعمل في سنَّة، وأمن الناس بوائقه دخل الجنة))[2]. وأخرج أحمد وغيره بأسانيد حسنة عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي أنه قال: ((أربعٌ إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفةٌ في طعمة))[3].
إن طلب الحلال وتحريه أمرٌ واجبٌ وحتمٌ لازمٌ، فلن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه. إن حقاً على كل مسلم ومسلمة أن يتحرى الطيب من الكسب، والنزيه من العمل؛ ليأكل حلالاً وينفق في حلال. انظروا ـ رحمكم الله ـ إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه يجيئه غلامه بشيء فيأكله فيقول الغلام: أتدري ما هو؟ تكهنت في الجاهلية لإنسان وما أُحسن الكهانة: ولكني خدعته، فلقيني فأعطاني بذلك، فهذا الذي أكلت. فأدخل أبو بكر يده في فمه فقاء كل شيء في بطنه[4]، وفي رواية أنه قال: ((لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها. اللهم إني أعتذر إليك مما حملت العروق وخالطه الأمعاء)).
وشرب عمر لبناً فأعجبه، فقال للذي سقاه: من أين لك هذا؟ قال: مررت بإبل الصدقة وهم على ماء، فأخذت من ألبانها، فأدخل عمر يده فاستقاء. وتوصي بعض الصالحات زوجها وتقول: يا هذا اتق الله في رزقنا فإننا نصبر على الجوع، ولا نصبر على النار.








موضوع التقرير:
آثار الكسب الطيب ما ذكر في هذا الحديث أن من كان كسبه حلالا ومطعمه حلالا فإن دعوته تكون مستجابة؛ إذا دعا الله تعالى أجاب دعوته، وأعطاه طلبته؛ وذلك لأنه تغذى بما هو غذاء حلال لا شبهة فيه، وقد دل على ذلك أيضا الحديث المشهور أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين؛ فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك؟ .
ننظر في هذا الحديث أخبر بأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا أي لا يقبل من الأعمال إلا طيبا، ولا يقبل من الكسب إلا طيبا، ولا يقبل من الصدقات ويثيب عليه إلا الكسب الطيب والمال الطيب، وأخبر بأن الله تعالى أمر المؤمنين بالطيبات: كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ معنى ذلك اقتصروا على الطيبات فكلوا منها ولا تأكلوا الخبائث.
وكذلك أمر المرسلين: كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا مع أن المرسلين إنما هم الذين يعلمون الأمة ما هو طيب وما ليس بطيب، فإذا كان كذلك فإن علينا أن نحرص على الكسب الطيب، ونبتعد عن الكسب الخبيث، وقد كثرت الأدلة على ذلك مثل قول الله تعالى: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ فالطيبات هي ما أباحه الله تعالى من المكاسب، والخبائث ما فيه خبث حسي أو خبث معنوي، فالطيبات حلال والخبائث حرام.
وكذلك قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ فالطيبات هاهنا يعم ما كان طيبا من حيث مكسبه، وما كان طيبا من حيث مظهره.
وكذلك الخبائث ظاهرا والخبائث باطنا، كذلك ورد أن أن الله تعالى أنكر على اليهود في القرآن أنكر عليهم الأخذ من الحرام يقول الله تعالى: وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ فجعل هذا من العيوب التي يعابون بها، وذلك دليل على أنهم كفروا بذلك، أو ضلوا وفسقوا بذلك لما أخذوا الربا وتعاملوا به، وكذلك لما أكلوا أموال الناس بالباطل يعني أخذوها ظلما فكان هذا تحذيرا لهذه الأمة أن يفعلوا كفعلهم كما قال عمر رضي الله عنه: مضى القوم ولم يعن به سواكم أي: أن هذا تحذير لكم أن تفعلوا كفعلهم.
كذلك أيضا ورد أن الله تعالى عاب الذين يأكلون السحت فوصف اليهود بقوله: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ السحت هو الحرام بأي نوع كان من أنواع الحرام، وهكذا قال تعالى: وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ السحت هو الحرام كل شيء من المحرم فإنه داخل في السحت فالذين يأكلون السحت داخلون في هذا الوعيد، أو داخلون في هذا الوصف.
نعود إلى الحديث الأول فنقول: إن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين أمرهم جميعا بأن يأكلوا من الطيبات، وأن يقتصروا عليها.
أهمية كسب الرزق الحلال وطلب العيش الطيب وفضله, والأمر به. 2- ارتباط نزاهة اليد واللسان والقلب بالإيمان. 3- التحذير من الكسب الخبيث وأثره على الفرد والمجتمع. 4- أهمية الورع وترك المشتبه وحال السلف في ذلك.


أما بعد: فاتقوا الله أيها الناس، اتقوه في أنفسكم وأهليكم، اتقوه في أعمالكم وأموالكم، اتقوه فيما تأكلون وما تدخرون: يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِى ٱلأرْضِ حَلَـٰلاً طَيّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوٰتِ ٱلشَّيْطَـٰنِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ [البقرة:168].

عباد الله، كسب الرزق وطلب العيش شيء مأمور به شرعاً، مندفعة إليه النفوس طبعاً، فالله قد جعل النهار معاشاً، وجعل للناس فيه سبحاً طويلاً. أمرهم بالمشي في مناكب الأرض ليأكلوا من رزقه. وقَرَنَ في كتابه بين المجاهدين في سبيله والذين يضربون في الأرض يبتغون من فضله، يَضْرِبُونَ فِى ٱلأرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَءاخَرُونَ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَٱقْرَءواْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ [المزمل:20]. وأخبر عليه الصلاة والسلام أنه: ((ما أكل أحد طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده)) رواه البخاري[1]، ولقد قال بعض السلف: إن من الذنوب ذنوباً لا يكفرها إلا الهمُّ في طلب المعيشة. وفي أخبار عيسى عليه السلام أنه رأى رجلاً فقال: ما تصنع؟ قال: أتعبد. قال: ومن يعولك؟ قال: أخي. قال: وأين أخوك؟ قال: في مزرعة. قال: أخوك أعبد لله منك.

وعندنا ـ أهلَ الإسلام ـ ليست العبادة أن تَصُفَّ قدميك، وغيرك يسعى في قوتك؛ ولكن ابدأ برغيفيك فأحرزهما ثم تعبد.

والاستغناء عن الناس ـ أيها الإخوة ـ بالكسب الحلال شرفٌ عالٍ وعزٌّ منيفٌ. حتى قال الخليفة المحدَّث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما من موضع يأتيني الموت فيه أحب إلي من موطن أتسوق فيه لأهلي؛ أبيع وأشتري. ومن مأثور حكم لقمان: يا بنيَّ، استغن بالكسب الحلال عن الفقر، فإنه ما افتقر أحدٌ قط إلا أصابه ثلاث خصال: رقةٌ في دينه، وضعفٌ في عقله، وذهاب مروءته.

إن في طيب المكاسب وصلاح الأموال سلامة الدين، وصون العرض، وجمال الوجه، ومقام العز.

ومن المعلوم ـ أيها الأحبة ـ أن المقصود من كل ذلك الكسب الطيب، فالله طيبٌ لا يقبل إلا طيباً، وقد أمر الله به المؤمنين كما أمر به المرسلين؛ فقال عزَّ من قائل: يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيّبَـٰتِ وَٱعْمَلُواْ صَـٰلِحاً [المؤمنون:51] وقال عزَّ شأنه: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رَزَقْنَـٰكُمْ وَٱشْكُرُواْ للَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [البقرة:172].

ومن أعظم ثمار الإيمان طيب القلب، ونزاهة اليد، وسلامة اللسان. والطيبون للطيبات، والطيبات للطيبين. ومن أسمى غايات رسالة محمد أنه يُحلُّ الطيبات، ويحرم الخبائث.

وفي القيامة يكون حسن العاقبة للطيبين ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّـٰهُمُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ طَيّبِينَ يَقُولُونَ سَلَـٰمٌ عَلَيْكُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل:32].

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي : ((من أكل طيباً وعمل في سنَّة، وأمن الناس بوائقه دخل الجنة))[2]. وأخرج أحمد وغيره بأسانيد حسنة عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي أنه قال: ((أربعٌ إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفةٌ في طعمة))[3].

إن طلب الحلال وتحريه أمرٌ واجبٌ وحتمٌ لازمٌ، فلن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه. إن حقاً على كل مسلم ومسلمة أن يتحرى الطيب من الكسب، والنزيه من العمل؛ ليأكل حلالاً وينفق في حلال. انظروا ـ رحمكم الله ـ إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه يجيئه غلامه بشيء فيأكله فيقول الغلام: أتدري ما هو؟ تكهنت في الجاهلية لإنسان وما أُحسن الكهانة: ولكني خدعته، فلقيني فأعطاني بذلك، فهذا الذي أكلت. فأدخل أبو بكر يده في فمه فقاء كل شيء في بطنه[4]، وفي رواية أنه قال: ((لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها. اللهم إني أعتذر إليك مما حملت العروق وخالطه الأمعاء)).

وشرب عمر لبناً فأعجبه، فقال للذي سقاه: من أين لك هذا؟ قال: مررت بإبل الصدقة وهم على ماء، فأخذت من ألبانها، فأدخل عمر يده فاستقاء. وتوصي بعض الصالحات زوجها وتقول: يا هذا اتق الله في رزقنا فإننا نصبر على الجوع، ولا نصبر على النار.

أولئك هم الصالحون يُخرجون الحرام والمشتبه من أجوافهم، وقد دخل عليهم من غير علمهم. وخَلَفَت من بعدهم خلوف يعمدون إلى الحرام ليملأوا به بطونهم وبطون أهليهم.

أيها المسلمون، أرأيتم الرجل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم : ((يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء؛ يا رب يا رب، ومطعمه حرامٌ، وملبسه حرامٌ، وغُذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك))[5]. لقد استجمع هذا الرجل من صفات الذل والمسكنة والحاجة والفاقة ما يدعو إلى رثاء حاله، ويؤكد شدة افتقاره، تقطعت به السبل، وطال عليه المسير، وتغربت به الديار، وتربت يداه، واشْعَثَّ رأسه، واغبرَّت قدماه، ولكنه قد قطع صلته بربه، وحرم نفسه من مدد مولاه، فحيل بين دعائه والقبول. أكل من حرام، واكتسى من حرام، ونبت لحمه من حرام، فردَّت يداه خائبتين.

بربكم ماذا يبقى للعبد إذا انقطعت صلته بربه، وحُجب دعاؤه، وحيل بينه وبين الرحمة؟! لمثل هذا قال بعض السلف: لو قُمت في العبادة قيام السارية ما نفعك حتى تنظر ما يدخل بطنك.

وإن العجب كل العجب ـ أيها الإخوة ـ ممن يحتمي من الحلال مخافة المرض ولا يحتمي من الحرام مخافة النار.

عباد الله، إن أكل الحرام يُعمي البصيرة، ويوهن الدين، ويقسي القلب، ويُظلم الفكر، ويُقعد الجوارح عن الطاعات، ويوقع في حبائل الدنيا وغوائلها، ويحجب الدعاء، ولا يتقبل الله إلا من المتقين.

إن للمكاسب المحرمة آثاراً سيئة على الفرد والجماعة؛ تُنزع البركات، وتفشو العاهات، وتحل الكوارث. أزمات مالية مستحكمة، وبطالة متفشية، وتظالم وشحناء.

أيها المسلمون، ويل للذين يتغذون بالحرام، ويُربون أولادهم وأهليهم على الحرام، إنهم كشارب ماء البحر كلَّما ازدادوا شرباً ازدادوا عطشاً، شاربون شرب الهيم، لا يقنعون بقليل، ولا يغنيهم كثير. يستمرئون الحرام، ويسلكون المسالك المعوجة؛ رباً وقمارٌ، وغصبٌ وسرقةٌ، تطفيفٌ في الكيل والوزن والذرع، كتمٌ للعيوب، سحرٌ وتنجيمٌ وشعوذة، أكلٌ لأموال اليتامى والقاصرين، أيمان فاجرة، لهو وملاه، مكرٌ وخديعة، زور وخيانة، مسالك معوجة، وطرق مظلمة، في الحديث الصحيح عند البخاري والنسائي: ((يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه، أمن الحلال أم من الحرام))[6]. زاد رزين: ((فإن ذلك لا تجاب لهم دعوة))[7].

أيها العمال والموظفون، أيها التجار والصناع، أيها السماسرة والمقاولون، أيها المسلمون والمسلمات، حقٌ عليكم تحري الحلال والبعد عن المشتبه، احفظوا حقوق الناس، أنجزوا أعمالهم، أوفوا بالعقود والعهود، اجتنبوا الغش والتدليس، والمماطلة والتأخير، اتقوا الله جميعاً، فالحلال هنيء مريء، ينير القلوب، وتنشط به الجوارح، وتصلح به الأحوال، وتصحُّ به الأجسام، ويستجاب معه الدعاء.

اللهم أغننا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا، ونسألك اللهم الغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، وبارك لنا فيما رزقتنا، وقنا عذاب النار، استجب اللهم يا ربنا دعاءنا.




قائمة المصادر والمراجع:
- موقع سماحة الشيخ ابن جبرين
- موسوعة الخطب
- موقع فضيلة الشيخ عبد العزيز عبدالله الراجحي
- الانترنت

الخاتمة:

الحمد لله الذي أتم عليَّ نعمه، ووالى عليَّ مننه، وأعانني فأكملت هذا البحث بهذه الصورة التي أرجو أن أنال بها رضاه،وأن يكون البحث نافعاً محققاً للغرض منه هذه أهم النتائج التي خرجت بها، ولا شك أن هناك فوائد ونتائج أخرى سيلمسها القارئ من خلال مطالعته لهذه الرسـالة، أسأل الله أن يجعلها خالصة لوجهه، سالمة من الأغراض والأهـواء، نافعـة لي ولإخواني المسلمين إنه سميع مجيب، والحمد لله أولاً وآخراً.

امجاد العرب
08-05-2010, 05:02 PM
وهـــــــــــــــــــــــــــــذا عن الشفااااااء
الشفاء بنت عبدالله رضي الله عنها
نسبها

هي الشفاء بنت عبد الله ابن شمس بن خلف القرشية العدوية، من المبايعات، وغلب عليها الشفاء. أمها فاطمة بنت وهب بن عمرو بن مخزوم. أسلمت الشفاء قبل الهجرة فهي من المهاجرات الأوائل وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم".(1)


فضائلها

كانت رضي الله عنها من عقلاء النساء وفضلائهن، أقطعها رسول الله صلى الله عليه وسلم دارا بالحكاكين فنزلتها مع ابنها سليمان فكانت تأتيها نساء المدينة يتعلمن منها الكتابة، وكانت من بينهن أم المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنها. فكانت دارها بحق أول مدرسة بالمدينة المنورة.


مهنتها الطب

وكانت رضي الله عنها تخرج مع رسول الله صلى الله عليه في غزواته فتداوي الجرحى وكان يأتيها الصحابة في بيتها للتطبيب وقد اشتهرت برقية النمِلة وهي قروح تصيب الجنين.

عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة أن الشفاء ابنة عبد الله قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قاعدة مع حفصة بنت عمر فقال ما يمنعك أن تعلمي هذه رقية النملة كما علمتها الكتابة.(2)
كانت من عقلاء النساء وفضلائهن وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيها ويقيل عندها وكانت قد اتخذت له فراشا وإزارا ينام فيه فلم يزل ذلك عند ولدها حتى أخذه منه مروان.


عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة القرشي أن رجلا من الأنصار خرجت به نملة فدل أن الشفاء بنت عبد الله ترقي من النملة فجاءها فسألها أن ترقيه فقالت والله ما رقيت منذ أسلمت فذهب الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبره بالذي قالت الشفاء فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفاء فقال اعرضي علي فعرضتها عليه فقال ارقيه وعلميها حفصة كما علمتها الكتاب هذا حديث صحيح على شرط الشيخين وقد سمعه أبو بكر بن سليمان من جدته.


علمها واهتمامها بالدعوة والسياسة

كان عمر بن الخطاب أمير المؤمنين رضي الله عنه يجلها ويقدرها ويأخذ مشورتها فولاها أمر الحسبة.(3)

روت هذه الصحابية الفاضلة أحاديث عدة ينم معنى هذه الأحاديث عن اهتمامها بالسياسة وبأمر الدعوة إلى الله عز و جل أوردها هنا وان قصرت في تعليقي عنها، فهي وحدها كافية ومعبرة عما كان لهذه الصحابية الجليلة من اهتمام بأمر المسلمين وتبليغ لكلمة الله. فذاكرتها وفطنتها وحنكتها سجلت لها أحاديث عظيمة، استوعبتها وعملت بها ونصحت ووجهت وقومت بها سلوكيات رأتها مخالفة لما عهدت عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه.

عن أبي سلمة بن عبد الرحمان عن الشفاء ابنة عبد الله قالت : " ثم جئت يوما حتى دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فشكوت إليه فجعل يعتذر إلي وجعلت ألومه، قالت ثم حانت الصلاة الأولى فدخلت بيت ابنتي وهي أم شرحبيل ابن حسنة فوجدت زوجها في البيت فجعلت ألومه فقلت: قد حضرت الصلاة وأنت ها هنا؟ فقال: يا عمة لا تلوميني كان لي ثوبان استعار أحدهما النبي صلى الله عليه و سلم. فقلت بأبي أنت وأمي... أنا ألومه وهذا شأنه؟؟ فقال شرحبيل: إنما كان أحدهما درعا فرقعناه".(4)

صحابية جليلة تلوم رسول الله صلى الله عليه وسلم على تقصيره في العطاء وتتعظ حين يبلغها أنه استعار الثوب وتلوم زوج ابنتها على عدم حضور الصلاة في المسجد هل كانت على هامش المجتمع أم في قلبه النابض الحي بل وعت دورها في الوعظ والإرشاد و رد الأمور إلى نصابها؟

أخبرنا عمر بن سليمان عن أبي حتمة عن أبيه قال قالت الشفاء ابنة عبد الله وقد رأت فتيانا يقصدون في المشي و يتكلمون رويدا فقالت: ما هذا؟، فقالوا: نساك، فقالت: كان والله عمر إذا تكلم أسمع وإذا مشى أسرع وإذا ضرب أوجع وهو الناسك حقا.(5)
عن سليمان بن أبي حتمة عن الشفاء بنت عبد الله قالت: دخل على بيتي عمر بن الخطاب فوجد عندي رجلين نائمين فقال: ما شأن هذين ما شهدا معنا الصلاة ؟ قلت يا أمير المؤمنين صليا مع الناس، وكان ذلك في رمضان فلم يزالا يصليان حتى أصبحا وصليا الصبح وناما فقال عمر: لأن أصلي الصبح في جماعة أحب إلي من أن أصلي ليلة حتى أصبح.(6)

عن الشفاء بنت عبد الله عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرسولي كسرى لما بعتهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن ربي عز وجل قد قتل ربكما الليلة في خمس ساعات مضين منها قتله ابنه شيروين، سلطه الله عليه فقولا لصاحبكما إن تسلم أعطيك ما تحت يديك في بلادك وإن لا تفعل يغن الله عنك ارجعا إليه فأخبراه (الديلمي) (7)

من حديث الشفاء بنت عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حداقة السهمي منصرفا من الحديبية إلى كسرى وبعث معه كتابا مختوما فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم الفرس، سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله,وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، أدعوك بداعية الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين، أسلم تسلم، فإن أبيت فإن عليك إثم المجوس "قال عبد الله بن حداقة فانتهيت إلى بابه فطلبت الإذن عليه، حتى وصلت إليه، فدفعت إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرئ عليه، فأخذه ومزقه، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: مزق الله ملكه.(8)

نفس الحديث أخرجه البخاري مختصرا عن ابن عباس، بعث بكتابه مع عبد الله بن حداقة السهمي وأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى، فلما قرأه مزقه، قال: فحسبت أن ابن المسيب قال: فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمزقوا كل ممزق.
لماذا أورد البخاري الحديث مختصرا من رواية ابن عباس وجاء حديث الشفاء مطولا: هل كانت دونته أم هي كاتبته حيث أنها كانت تعلم الكتابة؟ على أي هذا يبين أن الاهتمام بالسياسة كان ضمن اهتماماتها، ويثبت ذلك حديث آخر. رواه الطبراني.

عن ابن شهاب قال: قال عمر ابن عبد العزيز لأبي بكر بن سليمان بن أبي حتمة: من أول من كتب من عبد الله أمير المؤمنين؟ فقال: أخبرتني الشفاء بنت عبد الله وكانت من المهاجرات الأول، أن لبيد بن ربيعة وعدي بن حاتم قدما المدينة فأتيا المسجد فوجدا عمرو بن العاص فقالا يا ابن العاص استأذن لنا على أمير المؤمنين، فقال: أنتما والله أصبتما اسمه فهو الأمير ونحن المؤمنون، فدخل عمرو على عمر فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال عمر: ما هذا؟ فقال: أنت الأمير ونحن المؤمنون. فجرى الكتاب من يومئذ. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحاح.

عن محمد بن سلام قال: أرسل عمر بن الخطاب إلى الشفاء بنت عبد الله العدوية أن أغذي علي قالت: فغدوت عليه فوجدت عاتكة بنت أسيد بن أبي العاص ببابه فدخلنا فتحدثنا ساعة فدعا بنمط فأعطاها إياه ودعا بنمط دونه وأعطانيه قالت فقلت: يا عمر أنا قبلها إسلاما وأنا بنت عمك دونها وأرسلت إلي وأتت من قبل نفسها، قال: ما كنت رفعت ذلك إلا لك فلما اجتمعتما تذكرت أنها أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك.(9)
ففيم تحدثت ساعة مع عمر؟ وكيف تجرأت وناقشته فيما أعطاه لها؟ وكيف أقنعها رده؟ رضي الله عنهم أجمعين.

وأختم بحديث غريب وجدته(10): ومن قال للشفاء علمي حفصة رقية النملة قيل أن هذا من لغز الكلام ومزاحه كقوله للعجوز لا تدخل العجوز الجنة، وذلك أن رقية النملة شيء كانت تستعمله النساء يعلم كل من سمعه أنه كلام لا يضر ولا ينفع. من أين هذه المقولة؟ ومن أي فقه انبثقت؟ هل لأنه ليس للمرأة حق في مهنة الطب؟ عجبا امرأة ناقصة عقل ودين تعرف الطب؟ خلقت من ضلع أعوج وتعالج المرضى؟
وهل تتعلم النساء الكتابة أم أنه كما قال علي القارى في المرقاة "يحتمل أن يكون جائزا للسلف دون الخلف لفساد النسوان في هذا الزمان" ويستدل أصحاب هذا القول بحديث عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسكنوهن الغرف ولا تعلموهن الكتابة" وحديث ابن عباس مرفوعا "لا تعلموا نساءكم الكتابة" مع العلم أن الحديث الأول في سنده محمد بن إبراهيم الشامي منكر الحديث ومن الوضاعين. قال الذهبي: قال الدار قطني كذاب. قال ابن حبان: لا يحل الرواية عنه كان يضع الحديث. والثاني فيه جعفر بن نصر وهو متهم بالكذب قال صاحب الكامل: حدث عن الثقات بالبواطيل.

أما آن لنا أن نزيح غبش قرون العض والجبر عن سنة حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لنرى إشراقة صبح على امرأة تخطو على خطى خير نساء طلعت عليهن الشمس.
--------------
1- الاستيعاب ج4 ص1868.
2- نفس المرجع ص1869 وأيضا في شرح الزرقاني ج1 ص387.
3- مصنف ابن ابي شيبة ج5 ص43.
4- المستدرك عن الصحيحين ج4 ص64.
5- الطبقات الكبرى ج3 ص290.
6- طبقات ابن سعد ج8 رقم 22797.
7- مجلد 12 حديث رقم 35345 مسند عمر.
8- ذكر الواقدي أيضا في الطبقات ج 1 القسم 2 ص16.
9- الإصابة ج8 ص10.
10- النهاية في غريب الحديث ج5 ص119.

امجاد العرب
08-05-2010, 05:03 PM
وهـــــــــــــــــذا عن الرسول ابا وجدا
الرسول (صلى الله عليه وسلم) ابا وجدا





لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أرحم الناس بالأطفال، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالساً، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً. فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: "من لا يرحم لا يُرحم" (متفق عليه).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم ناسٌ من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أتقبلون صبيانكم؟ فقالوا: نعم. قالوا: لكنا - والله - ما نُقبِّل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أو أملك إن كان الله نزع منكم الرحمة" (متفق عليه).
ففي هذين الحديثين بيانٌ عظيم لشفقة النبي صلى الله عليه وسلم بالأطفال، وأن تقبيل الصبي من مظاهر الرحمة والشفقة، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "من لا يرحم لا يُرحم" دليلٌ على أن الجزاء من جنس العمل، فمن حرم الأطفال من الرحمة والشفقة حرمه الله تعالى منها يوم القيامة.


[ومن صور رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالأطفال أنه صلى الله عليه وسلم دخل على ابنه إبراهيم، وهو يجود بنفسه - أي في سياق الموت - فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان وقال: "إن العين تدمع، وإن القلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون" (رواه البخاري).color="deepskyblue"]فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم حق العبودية في الصبر والرضا والتسليم لأمر الله تعالى. وأعطى ابنه حقه في الرحمة والشفقة وذرف الدمع والحزن على فراقه وهذا من أكمل صور العبودية. [/color]ولما مات ابن ابنته فاضت عيناه صلى الله عليه وسلم، فقال له سعد بن عبادة: ما هذا يا رسول الله؟ فقال: "إنها رحمةٌ، جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء" (متفق عليه).


ومن صور رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالأطفال أنه صلى الله عليه وسلم زار غلاماً يهودياً مريضاً كان يخدمه. فقال له: "قل لا إله إلا الله" فنظر الغلام إلى أبيه. فقال له: أطع أبا القاسم. فقالها الغلام. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الحمد لله الذي أنقذه من النار" (رواه البخاري).
ومن ذلك أن غلاماً لأنس بن مالك رضي الله عنه اسمه عُمَيءر، كان له نُغءر - وهو الطائر الصغير - يلعب به، فمات النَّغءرُ، فحزن عليه الصبي، فذهب إليه نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم يزوره ليواسيه ويمازحه، فقال له: "يا أبا عُمَيرء! ما فعل النُّغَيءرُ" (متفق عليه). وعن عبدالله بن شداد عن أبيه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشاء، وهو حامل حسناً أو حسيناً، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه ثم كبر للصلاة، فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها، فرفع شداد رأسه، فإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال الناس: يا رسول الله! إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها، حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يُوحى إليك. قال: "كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتجلني، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته" (رواه النسائي وصححه الألباني).


ومن رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالأطفال أنه كان يزور الأنصار، ويسلم على صبيانهم، ويمسح رؤوسهم (رواه النسائي وصححه الألباني).


ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بالصغار أنه كان يُؤتى بالصبيان فيُبرّكُ عليهم ويحنكهم (رواه مسلم).


ومعنى يُبرّكُ عليهم: يمسحهم بيده الشريفة ويدعو لهم.


وكان صلى الله عليه وسلم يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملهار

امجاد العرب
08-05-2010, 05:05 PM
للإيمان بالقدر أهمية كبرى بين أركان الإيمان عند المسلمين، يدركها كل من له إلمام ولو يسير بقضايا العقيدة الإسلامية وأركان الإيمان ؛ ولذلك ورد التنصيص في السنة النبوية على وجوب الإيمان بالقدر خيره وشره. وترجع أهمية هذا الركن ومنزلته بين بقية أركان الإيمان إلى عدة أمور :

الأول : ارتباطه مباشرة بالإيمان بالله – الله – وكونه مبنياً على المعرفة الصحيحة بذاته – الله – وأسمائه الحسنى، وصفاته الكاملة الواجبة له – الله -، وقد جاء في القدر صفاته سبحانه صفة العلم، والإرادة، والقدرة، والخلق، ومعلوم أن القدر إنما يقوم على هذه الأسس.
الثاني : حين ننظر إلى هذا الكون، ونشأته، وخلق الكائنات فيه، ومنها هذا الإنسان، نجد أن كل ذلك مرتبط بالإيمان بالقدر.
الثالث : الإيمان بالقدر هو المحك الحقيقي لمدى الإيمان بالله – الله – على الوجه الصحيح، وهو الاختبار القوى لمدى معرفته بربه – الله -، وما يترتب على هذه المعرفة من يقين صادق بالله ،وبما يجب له من صفات الجلال والكمال ؛ وذلك لأن القدر فيه من التساؤلات والاستفهامات الكثيرة لمن أطلق لعقله المحدود العنان فيها.
محتويات [أخفِ]
1 مراتب القدر
2 أقوال في القدر
3 مسألة الاحتجاج بالقدر
4 آثار الإيمان بالقدر
5 المؤمن والقدر
6 المصادر


[عدل] مراتب القدر
مراتب القدر أربع هي : العلم، الكتابة، المشيئة، الخلق :

المرتبة الأولى : مرتبة العلم :
يجب الإيمان بعلم الله عز وجل المحيط بكل شيء، وأنه علم ما كان، وما يكون، وما لم يكون كيف يكون، وأنه علم ما الخلق عاملون قبل أن يخلقهم، وعلـم أرزاقهم وآجالهم، وحركاتهم، وسكناتهم، وأعمالهم، ومن منهم من أهل الجنة، ومن منهم من أهل النار، وأنه يعلم كل شيء بعلمه القديم المتصف به أزلاً وأبداً.

المرتبة الثانية : مرتبة الكتابة :
وهي أن الله – الله – كتب مقادير المخلوقات، والمقصود بهذه الكتابة الكتابة في اللوح المحفوظ، وهو الكتاب الذي لم يفرط فيه الله من شيء، فكل ما جرى ويجري وسيجري فهو مكتوب عند الله.

المرتبة الثالثة : مرتبة الإرادة والمشيئة :
أي : أن كل ما يجري في هذا الكون فهو بمشيئة الله – سبحان والله – فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فلا يخرج عن إرادته الكونية شيء.

المرتبة الرابعة : مرتبة الخلق :
أي : أن الله – الله – خالق كل شيء، من ذلك أفعال العباد، فلا يقع في هذا الكون شيء إلا وهو خالقه، وهذه المرتبة هي محل النزاع الطويل بين أهل السنة ومن خالفهم.

[عدل] أقوال في القدر
يقول شيخ المالكية في المغرب ابن أبي زيد القيرواني : ((والإيمان بالقدر خيره وشره، حلوه ومره، وكل ذلك قد قدره الله ربنا، ومقادير الأمور بيده، ومصدرها عن قضائه، علم كل شيء قبل كونه، فجرى على قدره، لا يكون من عباده قول ولا عمل إلا وقد قضاه وسبق علمه به {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }[ الملك : 14 ]، يضل من يشاء فيخذله بعدله، ويهدي من يشاء فيوفقه بفضله، فكل ميسر بتيسيره إلى ما سبق من علمه، وقدره من شقي أو سعيد، الله أن يكون في ملكه ما لا يريد، أو يكون لأحد عنه غنى، خالقاً لكل شيء، ألا هو رب العباد، ورب أعمالهم، والمقدر لحركاتهم وآجالهم)).

ويقول الإمام البغوي في شرح السنة : ((الإيمان بالقدر فرض لازم، وهو أن يعتقد أن الله- الله – خالق أعمال العباد، خيرها وشرها، كتبها عليهم في اللوح المحفوظ قبل أن خلقهم، ذكر القرآن : {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ }[ الصفات : 96 ]، وقال عز وجل : { قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [ الرعد : 16 ]، وقال عز وجل : {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }[ القمر : 49 ]، فالإيمان والكفر، والطاعة والمعصية، كلها بقضاء الله وقدره، وإرادته ومشيئته، غير أنه يرضي الإيمان والطاعة، ووعد عليها الثواب، ولا يرضى الكفر والمعصية، وأوعد عليها العقاب ،والقدر سر من أسرار الله لم يطلع عليه ملكًا مقربًا، ولا نبيًا مرسلاً، لا يجوز الخوض فيه، والبحث عنه بطريق العقل، بل يعتقد أن الله – سبحانه والله – خلق الخلق فجعلهم فريقين : أهل يمين خلقهم للنعيم فضلاً، وأهل شمال خلقهم للجحيم عدلاً)).

[عدل] مسألة الاحتجاج بالقدر
عقيدة الإيمان بالقدر لقيت كثيرًا من الاعتراضات، وأثيرت حولها كثير من الشبهات، ومن المعلوم أن كثيرًا من الكافرين والمشركين الضالين والمقصرين في عبادة الله والمنحرفين عن منهج الله، قد وجدوا في القدر مجالاً للاحتجاج به على كفرهم وفسادهم وتقصيرهم. ولذلك أوردنا الجواب على مسألة الاحتجاج بالقدر بأربع قواعد :

(القاعدة الأولى) : أن علم الله الأزلي محيط بكل شيء مما كان ومما سيكون ومما لم يكن لو كان كيف يكون. والأمور تقع على مقتضى علمه الكامل، لا يخرج شيء عنه.
(القاعدة الثانية) : غنى الله الكامل عن العباد ؛ حيث لا تنفعه طاعة المطيع كما لا تضره معصية العاصي. وغناه الله شامل ومطلق، وهو يفيد في طمأنينة القلب عند المؤمن في هذا الباب، وأن الله ليس بحاجة إلى العباد حتى يجبرهم أو يعذبهم بغير ذنب يستحقون العقاب عليه.
(القاعدة الثالثة) : وهي مبنية على القاعدة السابقة، وهي أن الله لا يظلم، وقد حرم على نفسه الظلم، ونفاه في كتابه، ذكر القرآن : ] إن الله لا يظلم الناس شيئاً [
[ يونس : 44 ]، وفي معنى هذه الآية آيات كثيرة تنفي عن الله ظلم العباد لا في عقوباتهم في الدنيـا ولا في جزائهـم يوم القيامة.

وهذه قاعدة مهمة في باب الاحتجاج بالقدر، فإذا توهم العبد أو وسوس له الشيطان فليتذكر أن الله لا يظلمه مثقال ذرة، حتى يطمئن قلبه.

(القاعدة الرابعة) : قيام الحجة على العباد، وهذه مسألة ينبغي أن يدركها كل مسلم، ومقتضاها أن حجة الله قد قامت على عباده.
وقيام الحجة على العباد بأمور :

1. أن لا يكلف إلا البالغ العاقل ؛ فالصغير والمجنون قد رفع عنه القلم.

2. وجود الإرادة للعبد ؛ ففاقد الإرادة المكره لا يكلف، وحصول هذه الإرادة للعبد مما لا ينكره أي عاقل، وبهذه الإرادة يختار بين الطاعة والمعصية.

3. القدرة ؛ فالعاجز عن فعل الشيء المطلوب لا يكلف ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، والله لم يكلف الناس ما لا يطيقون.

4. قيام الحجة الرسالية، بإرسال الرسل وإنزال الكتب.

وبهذه الأمور نعلم أن الحجة قد قامت على العباد، ولا تعارض بينها وبين القدر.

[عدل] آثار الإيمان بالقدر
وللقدر آثار كبيرة على الفرد وعلى المجتمع نجملها فيما يلي : 1. القدر من أكبر الدواعي التي تدعو إلى العمــل والنشاط والسعي بما يرضي الله في هذه الحياة، والإيمان بالقدر من أقوى الحوافز للمؤمن لكي يعمل ويقدم على عظائم الأمور بثبات وعزم ويقين.

2. ومن آثار الإيمان بالقدر أن يعرف الإنسان قدْر نفسه، فلا يتكبر ولا يبطر ولا يالله أبدًا ؛ لأنه عاجز عن معرفة المقدور، ومستقبل ما هو حادث، ومن ثمّ يقر الإنسان بعجزه وحاجته إلى ربه الله دائمًا. وهذا من أسرار خفاء المقدور.

3. ومن آثار الإيمان بالقدر أنه يطرد القلق والضجر عند فوات المراد أو حصول مكروه، لأن ذلك بقضاء الله الذي له ملك السموات والأرض وهو كائن لا محالة، فيصبر على ذلك ويحتسب الأجر، وإلى هذا يشير الله بقوله : (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ذلك على الله يسير، لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور) [ الحديد : 22، 23 ]

4. الإيمان بالقدر يقضي على كثير من الأمراض التي تعصف بالمجتمعات وتزرع الأحقـاد بين المؤمنين، وذلك مثل رذيلة الحسد، فالمؤمن لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله ؛ لأنه هو الذي رزقهم وقدر لهم ذلك، وهو يعلم أنه حين يحسد غيره إنما يعترض على المقدور. وهكذا فالمؤمن يسعى لعمل الخير، ويحب للناس ما يحــب لنفسه، فإن وصل إلى ما يصبو إليه حمد الله وشكره على نعمه، وإن لم يصل إلى شيء من ذلك صبر ولم يجزع، ولم يحقد على غيره ممن نال من الفضل ما لم ينله ؛ لأن الله هو الذي يقسم الأرزاق.

5. والإيمان بالقدر يبعث في القلوب الشجاعة على مواجهة الشدائد، ويقوي فيها العزائم فتثبت في ساحات الجهاد ولا تخاف الموت، لأنها توقن أن الآجال محدودة لا تتقدم ولا تتأخر لحظة واحدة.

6. والإيمان بالقدر من أكبر العوامل التي تكون سببًا في استقامة المسلم وخاصة في معاملته للآخرين، فحين يقصر في حقه أحد أو يسيء إليه، أو يرد إحسانه بالإساءة، أو ينال من عرضه بغير حق، تجده يعفو ويصفح ؛ لأنه يعلم أن ذلك مقدر، وهذا إنما يحسن إذا كان في حق نفسه، إما في حق الله فلا يجوز العفو ولا التعلل بالقدر ؛ لأن القدر إنما يحتج به في المصائب لا في المعايب.

7. والإيمان بالقدر يغرس في نفس المؤمن حقائق الإيمان المتعددة، فهو دائم الاستعانة بالله، يعتمد على الله ويتوكل عليه مع فعل الأسباب، وهو أيضًا دائم الافتقار إلى ربه – الله – يستمد منه العون على الثبات، ويطلب منه المزيد، وهو أيضًا كريم يحب الإحسان إلى الآخرين، فتجده يعطف عليهم.

8. ومن آثار الإيمان بالقدر أن الداعي إلى الله يصدع بدعوته، ويجهر بها أمام الكافرين والظالمين، لا يخاف في الله لومة لائم، يبين للناس حقيقة الإيمان ويوضح لهم مقتضياته، وواجباتهم تجاه ربهم – تبارك والله -، كما يبين لهم حقائق الكفر والشرك والنفاق ويحذرهم منها، ويكشف الباطل وزيفه.

[عدل] المؤمن والقدر
إن المؤمن الصادق لا يذل إلا لله، ولا يخضع إلا له، ولا يخاف إلا منه، وحين يكون كذلك تجده يسلك الطريق المستقيم، ويثبت عليه، ويدعوا إليه، ويصبر على ما يلقاه في سبيل الدعوة من عداء المعتدين، وحرب الظالمين، ومكر الماكرين، ولا يصده شيء من ذلك ؛ لأن هؤلاء لا يملكون من أمر الحياة ولا أمر الأرزاق شيءًا، وإذا كان الأمر هكذا فكيف يبقي في نفس المؤمن الداعية ذرة من خوف وهو يؤمن بقضاء الله وقدره ؟ ! فما قـدر سيكون، وما لم يقدر لن يكون، وهذا كله مرجعه إلى الله، والعباد لا يملكون من ذلك شيءًا.---

امجاد العرب
08-05-2010, 05:07 PM
هذاك كان عن الايمان بالقضاء والقدر
وهذا عن ابو ذر الغفاري
نسبه ونبذه مختصرة
هو جندب بن جنادة من غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، قبيلة لها باع طويل في قطع الطريق، فأهلها مضرب الأمثال في السطو غير المشروع، انهم حلفاء الليل، والويل لمن يقع في أيدي أحد من غفار, ولكن شاء المولى أن ينير لهذه القبيلة دربها بدأ من أبي ذر، فهو ذو بصيرة، وممن يتألهون في الجاهلية ويتمردون على عبادة الأصنام، ويذهبون إلى الايمان باله خالق عظيم، فما أن سمع عن الدين الجديد حتى شد الرحال إلى مكة.

روي عن سنن الترمذي, الجزء 5 صفحة 669 في :

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ ‏"‏ مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَلاَ أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ ‏"‏ ‏.
وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ ‏.


وروى مثلة أحمد بن حنبل في مسنده.

[عدل] إسلامه
أسلم بمكة قديما وقال كنت في الإسلام رابعا ورجع إلى بلاد قومه فأقام بها حتى مضت بدر وأحد والخندق ثم قدم المدينة.

ويروي أبو ذر قصة إسلامه في الحديث الذي رواه البخاري عن ابن عباس قال: ألا أخبركم بإسلام أبي ذر قال: قلنا بلى. قال: قال أبو ذر كنت رجلا من غفار فبلغنا أن رجلا قد خرج بمكة يزعم أنه نبي فقلت لأخي انطلق إلى هذا الرجل كلمه واتني بخبره فانطلق فلقيه ثم رجع فقلت ما عندك فقال والله لقد رأيت رجلا يأمر بالخير وينهى عن الشر فقلت له: لم تشفني من الخبر فأخذت جرابا وعصا ثم أقبلت إلى مكة فجعلت لا أعرفه وأكره أن أسأل عنه وأشرب من ماء زمزم وأكون في المسجد قال فمر بي علي فقال كأن الرجل غريب قال: قلت: نعم. قال فانطلق إلى المنزل قال فانطلقت معه لا يسألني عن شيء ولا أخبره فلما أصبحت غدوت إلى المسجد لأسأل عنه، وليس أحد يخبرني عنه بشيء.

قال فمر بي علي فقال: أما آن للرجل أن يعرف منزله بعد. قال: قلت لا. قال: انطلق معي قال: فقال ما أمرك وما أقدمك هذه البلدة قال: قلت له إن كتمت علي أخبرتك قال: فإني أفعل، قال: قلت له بلغنا أنه قد خرج ها هنا رجل يزعم أنه نبي فأرسلت أخي ليكلمه فرجع ولم يشفني من الخبر فأردت أن ألقاه. فقال له: أما إنك قد رشدت هذا وجهي إليه فاتبعني ادخل حيث أدخل فإني إن رأيت أحدا أخافه عليك قمت إلى الحائط كأني أصلح نعلي وامض أنت فمضى ومضيت معه حتى دخل ودخلت معه على النبي فقلت له: اعرض علي الإسلام فعرضه فأسلمت مكاني فقال لي يا أبا ذر اكتم هذا الأمر وارجع إلى بلدك فإذا بلغك ظهورنا فأقبل فقلت والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم فجاء إلى المسجد وقريش فيه فقال يا معشر قريش إني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فقالوا قوموا إلى هذا الصابئ فقاموا فضربت لأموت، فأدركني العباس فأكب علي ثم أقبل عليهم فقال: ويلكم تقتلون رجلا من غفار ومتجركم وممركم على غفار فأقلعوا عني فلما أن أصبحت الغد رجعت فقلت مثل ما قلت بالأمس فقالوا قوموا إلى هذا الصابئ فصنع بي مثل ما صنع بالأمس وأدركني العباس فأكب علي وقال مثل مقالته بالأمس قال فكان هذا أول إسلام أبي ذر رحمه الله

[عدل] داعية متفان في سبيل الإسلام
عرض النبي الإسلام عليه فأسلم، وشهد بأنه لا إله إلاّ الله، وأن محمداً رسول الله، وطلب الرسول منه أن ‏يرجع إلى قومه ويدعوهم إلى الإسلام، ويكتم أمره عن قريش، ولكنه ما إن وصل إلى المسجد، حتى صاح بأعلى ‏صوته بالشهادتين، فثار إليه القوم وضربوه، فأنقذه العباس، مبيناً لهم مخاطر ما أقدموا عليه على تجارتهم التي تمر ‏بالقرب من غفار.‏

تركت هذه الحادثة أثراً سلبياً على نفسية أبي ذر، وعاهد نفسه أن يثأر من قريش، فخرج وأقام بـ"عسفان"، ‏وكلما أقبلت عير لقريش يحملون الطعام، يعترضهم ويجبرهم على إلقاء أحمالهم، فيقول أبو ذر لهم: لا يمس أحد حبة ‏حتى تقولوا لا إله إلا الله، فيقولون لا إله إلاّ الله، ويأخذون ما لهم.‏ حين رجع أبو ذر إلى قومه، نفّذ وصيّة رسول الله، فدعاهم إلى الله عز وجل، ونبذ عبادة الأصنام والإيمان ‏برسالة محمد، فكان أول من أسلم منهم أخوه أنيس، ثم أسلمت أمهما، ثم أسلم بعد ذلك نصف قبيلة غفار، ‏وقال نصفهم الباقي، إذا قدم رسول الله إلى المدينة، أسلمنا، وهذا ما تم، وجاؤوا فقالوا يا رسول الله: إخوتنا، ‏نسلم على الذي أسلموا عليه، فأسلموا. وفي ذلك قال رسول الله: "غفّار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله". ‏ مما يلفت له، أن أبا ذر كان من المبادرين الأول لاعتناق الإسلام، حتى قيل إنه رابع من أسلم، وقيل خامسهم.‏ وبقي أبو ذر بين قومه فترة طويلة، لم يحضر في خلالها غزوة بدر ولا أحد ولا الخندق، كما تقول الروايات، وبقي ‏بينهم في الخندق الآخر، حيث كان يفقههم في دينهم، ويعلمهم أحكام الإسلام.‏

وقد ورد أنه خرج مع رسول الله في أحد غزواته وكانت راحلته كبيرة فتأخرت في السير فتركها وحمل متاعه وسار خلف الركب فلما أبصره رسول الله قال : رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويدفن وحده ويبعث وحده. هذا والله أعلم

[عدل] الجهر بإسلامه
كان أبو ذر يحمل طبيعة جريئة، فتوجه للرسول فور إسلامه بسؤال يا رسول الله، بم تأمرني ؟),فأجابه الرسول: (ترجع إلى قومك حتى يبلغك أمري),فقال أبو ذر: (والذي نفسي بيده لا أرجع حتى أصرخ بالإسلام في المسجد), هنالك دخل المسجد الحرام ونادى بأعلى صوته: (أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله), كانت هذه الصيحة أول صيحة تهز قريشا، من رجل غريب ليس له في مكة نسبا ولا حمى، فأحاط به الكافرون وضربوه حتى صرعوه، وأنقذه العباس عم النبي بالحيلة فقد حذر الكافرين من قبيلته إذا علمت، فقد تقطع عليهم طريق تجارتهم، لذا تركه المشركين، ولا يكاد يمضي يوما آخر حتى يرى أبو ذر امرأتين تطوفان بالصنمين (أساف ونائلة) وتدعوانهما، فيقف مسفها مهينا للصنمين، فتصرخ المرأتان، ويهرول الرجال اليهما، فيضربونه حتى يفقد وعيه، ثم يفيق ليصيح مرة أخرى: (أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله).

[عدل] حياته
المجاهر بالحق كان أبو ذر الغفاري من الرجال الذين أحبهم رسول الله ووصفه بصفتين التصقا به وأصبحا يوجهانه في المواقف المختلفة، وهما الصدق والوحدة والتفرد، ولقد دفع الصدق أبا ذر لأن يكون من أكثر الصحابة مجاهرة بالحق مهما عرضه ذلك للأذى فكان من القلائل الذين أعلنوا إسلامهم في قريش، أما الوحدة والتفرد فقد قال عنه رسول الله (رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث يوم القيامة وحده).

[عدل] شهادته
روى البلاذري في كتاب الأنساب : لما أعطى عثمان مروان بن الحكم ما أعطاه، وأعطى الحارث بان الحكم ابن أبي العاص، ثلاثمائة ألف درهم، جعل أبو ذر يقول : بشر الكانزين بعذاب أليم، ويتلو قول الله عز وجل : « والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله، فبشرهم بعذاب أليم ».

فرفع ذلك مروان بن الحكم إلى عثمان. فأرسل إلى أبي ذر، ناتلا مولاه : أن انته عما يبلغني عنك. فقال : أينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله. وعيب من ترك أمر الله ؟ فوالله، لئن أرضي الله بسخط عثمان، أحب الي، وخير لي، من أن أسخط الله برضاه. فاغضب عثمان ذلك، واحفظه، فتصابر، وكف. وقال عثمان يوما : أيجوز للامام أن يأخذ من المال، فاذا أيسر قضى ؟ فقال كعب الأحبار : لا بأس بذلك ! فقال أبو ذر : يا ابن اليهوديين، أتعلمنا ديننا ؟ فقال عثمان : ما أكثر أذاك لي، وأولعك باصحابي ؟ إلحق بمكتبك، وكان مكتبه بالشام، إلا أنه كان يقدم حاجا، ويسال عثمان الإذن له في مجاورة قبر رسول الله فيأذن له في ذلك، وانما صار مكتبه بالشام، لأنه قال لعثمان حين رأى البناء قد بلغ سلعا، أني سمعت رسول الله يقول : إذا بلغ البناء سلعا، فالهرب، فاذن لي أن آتي الشام فأغزو هناك. فأذن له. وكان أبو ذر ينكر على معاوية اشياء يفعلها، وبعث اليه معاوية بثلاث مائة دينار، فقال : إن كانت من عطائي الذي حرمتمونيه عامي هذا ؟ قبلتها ! وان كانت صلة فلا حاجة لي فيها. وبعث اليه مسلمة الفهري بمائتي دينار، فقال : أما وجدت أهون عليك مني، حين تبعث الي بمال ؟ وردَّها. وبنى معاوية الخضراء بدمشق، فقال : يا معاوية، إن كانت هذه الدار من مال الله ؟ فهي الخيانة، وان كانت من مالك ؟ فهذا الاسراف. فسكت معاوية، وكان أبو ذر يقول : والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها، والله ما هي في كتاب الله، ولا سنة نبيه. والله اني لأرى حقا يطفأ، وباطلا يحيى، وصادقا يكذب، وأثرة بغير تقى، وصالحا مستأثرا عليه. فقال حبيب بن مسلمة لمعاوية : ان أبا ذر مفسد عليك الشام، فتدارك أهله إن كانت لكم به حاجة. فكتب معاوية إلى عثمان فيه.

ويروى ابن سعد في الطبقات الجزء 4 صفحة 226

عن أبي ذر قال قال النبي يا أبا ذر كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يستأثرون بالفئ قال قلت إذا والذي بعثك بالحق أضرب بسيفي حتى ألحق به فقال أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك اصبر حتى تلقاني قال أخبرنا هشيم قال أخبرنا حصين عن زيد بن وهب قال مررت بالربذة فإذا أنا بأبي ذر قال فقلت ما أنزلك منزلك هذا قال كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله وقال معاوية نزلت في أهل الكتاب قال فقلت نزلت فينا وفيهم قال فكان بيني وبينه في ذلك كلام فكتب يشكوني إلى عثمان.

<الطبقات الكبرى لأبن سعد=""><http://www.al-eman.com/Islamlib/view...BID=185&CID=51



يروي المسعودي في مروج الذهب الجزء الثاني صفحة340 : وكان في ذلك اليوم قد أتي عثمان بتركة عبد الرحمن بن عوف الزهري من المال، فنثرت البدر، حتى حالت بين عثمان وبين الرجل الواقف، فقال عثمان : إني لأرجو لعبد الرحمن خيرا، لأنه كان يتصدق، ويقري الضيف، وترك ما ترون. فقال كعب الأحبار : صدقت يا أمير المؤمنين. فشال أبو ذر العصا، فضرب بها رأس كعب ولم يشغله ما كان فيه من الألم، وقال : يا ابن اليهودي، تقول لرجل مات وترك هذا المال إن الله أعطاه خير الدنيا وخير الآخرة، وتقطع على الله بذلك، وانا سمعت النبي يقول : ما يسرني أن أموت، وأدَعَ مايزن قيراطاً. فقال له عثمان : وارِ عني وجهك. فقال : أسير إلى مكة. قال : لا والله ؟ قال : فتمنعني من بيت ربي أعبده فيه حتى أموت ؟ قال. إي والله. قال : فالى الشام، قال : لا والله. قال : البصرة. قال : لا والله، فاختر غير هذه البلدان. قال : لا والله ما اختار غير ما ذكرت لك. ولو تركتني في دار هجرتي، ما أردت شيئا من البلدان، فسيرني، حيث شئت من البلاد. قال : فاني مسيرك إلى الربذة. قال : الله أكبر، صدق رسول الله قد أخبرني بكل ما أنا لاق. قال : عثمان : وما قال لك ؟ قال : أخبرني بأني أمنع عن مكة، والمدينة، وأموت بالربذة، ويتولى مواراتي نفر ممن يردون من العراق نحو الحجاز.

[عدل] جهاده بلسانه
ومضى عهد الرسول ومن بعده عهد أبو بكر وعمر، في تفوق كامل على مغريات الحياة وفتنتها، وجاء عصر عثمان وبدأ يظهر التطلع إلى مفاتن الدنيا ومغرياتها، وتصبح السلطة وسيلة للسيطرة والثراء والترف، رأى أبو ذر ذلك فمد يده إلى سيفه ليواجه المجتمع الجديد، لكن سرعان ما فطن إلى وصية رسول الله: (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ)...

فكان لابد هنا من الكلمة الصادقة الأمينة، فليس هناك أصدق من أبي ذر لهجة، وخرج أبو ذر إلى معاقل السلطة والثروة معترضا على ضلالها، وأصبح الراية التي يلتف حولها الجماهير والكادحين، وذاع صيته وهتافه يردده الناس أجمعين: (بشر الكانزين الذين يكنزون الذهب والفضة بمكاو من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم يوم القيامة)...

وبدأ أبو ذر بالشام، أكبر المعاقل سيطرة ورهبة، هناك حيث معاوية بن أبي سفيان وجد أبو ذر فقر وضيق في جانب، وقصور وضياع في الجانب الآخر، فصاح بأعلى صوته: (عجبت لمن لا يجد القوت في بيته، كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه)...

ثم ذكر وصية الرسول بوضع الأناة مكان الانقلاب، فيعود إلى منطق الإقناع والحجة، ويعلم الناس بأنهم جميعا سواسية كأسنان المشط، جميعا شركاء بالرزق، إلى أن وقف أمام معاوية يسائله كما أخبره الرسول في غير خوف ولا مداراة، ويصيح به وبمن معه: (أفأنتم الذين نزل القرآن على الرسول وهو بين ظهرانيهم؟؟)...

ويجيب عنهم: (نعم أنتم الذين نزل فيكم القرآن، وشهدتم مع الرسول المشاهد)، ويعود بالسؤال: أولا تجدون في كتاب الله هذه الآية: {...وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ}...

فيقول معاوية: (لقد أنزلت هذه الآية في أهل الكتاب)... فيصيح أبو ذر: (لا... بل أنزلت لنا ولهم)... ويستشعر معاوية الخطر من أبي ذر فيرسل إلى الخليفة عثمان : (إن أبا ذر قد أفسد الناس بالشام)... فيكتب عثمان إلى أبي ذر يستدعيه، فيودع الشام ويعود إلى المدينة، ويقول للخليفة بعد حوار طويل: (لا حاجة لي في دنياكم)... وطلب الأذن بالخروج إلى (الربذة)... وهناك طالبه البعض برفع راية الثورة ضد الخليفة ولكنه زجرهم قائلا: (والله لو أن عثمان صلبني على أطول خشبة، أو جبل، لسمعت وأطعت، وصبرت واحتسبت، ورأيت ذلك خيرا لي)...

فأبو ذر لا يريد الدنيا، بل لا يتمنى الإمارة لأصحاب رسول الله ليظلوا روادا للهدى... لقيه يوما أبو موسى الأشعري ففتح له ذراعيه يريد ضمه فقال له أبو ذر: (لست أخيك، إنما كنت أخيك قبل أن تكون واليا وأميرا)... كما لقيه يوما أبو هريرة واحتضنه مرحبا، فأزاحه عنه وقال: (إليك عني، ألست الذي وليت الإمارة، فتطاولت في البنيان، واتخذت لك ماشية وزرعا)... وعرضت عليه إمارة العراق فقال: (لا والله... لن تميلوا علي بدنياكم أبدا)...

[عدل] مناقبه
وردت أحاديث في كتب الصحاح في فضل أبي ذر ومناقبه ومنها: عن أبي حرب بن أبي الأسود قال سمعت عبد الله بن عمر قال سمعت رسول الله يقول "ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء من رجل أصدق من أبي ذر" رواه الإمام أحمد وعن الحارث بن يزيد الحضرمي عن ابن حجيرة الأكبر "عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله ألا تستعملني قال فضرب بيده على منكبي ثم قال يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها" (مسلم) وعن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله "إن الله أمرني بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم قيل يا رسول الله سمهم لنا قال علي منهم يقول ذلك ثلاثا وأبو ذر والمقداد وسلمان أمرني بحبهم وأخبرني أنه يحبهم" (رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك)

وعن المعرور بن سويد قال لقيت أبا ذر بالربذة وعليه حلة وعلى غلامه حلة فسألته عن ذلك فقال إني ساببت رجلا فعيرته بأمه فقال لي النبي "يا أبا ذر أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم"(مسلم)

وعن الأحنف بن قيس قال كنت بالمدينة فإذا أنا برجل يفر الناس منه حين يرونه قال قلت من أنت قال أنا أبو ذر صاحب رسول الله قال قلت ما يفر الناس قال إني أنهاهم عن الكنوز بالذي كان ينهاهم عنه رسول الله.

[عدل] اقتدائه بالرسول
عاش أبو ذر مقتديا بالرسول فهو يقول: (أوصاني خليلي بسبع، أمرني بحب المساكين والدنو منهم، وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأمرني ألا أسأل أحدا شيئا، وأمرني أن أصل الرحم، وأمرني أن أقول الحق ولو كان مرا، وأمرني ألا أخاف في الله لومة لائم، وأمرني أن أكثر من: لا حول ولا قوة إلا بالله)... وعاش على هذه الوصية، ويقول الإمام علي: (لم يبق اليوم أحد لا يبالي في الله لومة لائم غير أبي ذر)...

وكان يقول أبو ذر لمانعيه عن الفتوى: (والذي نفسي بيده، لو وضعتم السيف فوق عنقي، ثم ظننت أني منفذ كلمة سمعتها من رسول الله قبل أن تحتزوا لأنفذتها)...

ورآه صاحبه يوما يرتدي جلبابا قديما فقال له: (أليس لك ثوب غير هذا؟... لقد رأيت معك منذ أيام ثوبين جديدين؟)... فأجابه أبو ذر: (يا بن أخي، لقد أعطيتهما من هو أحوج إليهما مني)... قال له: (والله انك لمحتاج إليهما)...

فأجاب أبو ذر: (اللهم غفرا انك لمعظم للدنيا، ألست ترى علي هذه البردة، ولي أخرى لصلاة الجمعة، ولي عنزة أحلبها، وأتان أركبها، فأي نعمة أفضل مما نحن فيه؟)...

[عدل] وفاته
فبقي في (الربذة) جاءت سكرات الموت لأبي ذر الغفاري، وبجواره زوجته تبكي، فيسألها: (فيم البكاء والموت حق؟)... فتجيبه بأنها تبكي: (لأنك تموت، وليس عندي ثوب يسعك كفنا !)... فيبتسم ويطمئنها ويقول لها: لا تبكي، فاني سمعت رسول الله ذات يوم وأنا عنده في نفر من أصحابه يقول: (ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض، تشهده عصابة من المؤمنين)... وكل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية، ولم يبق منهم غيري، وهأنذا بالفلاة أموت، فراقبي الطريق فستطلع علينا عصابة من المؤمنين، فاني والله ما كذبت ولا كذبت)... وفاضت روحه إلى الله، وصدق...

فهذه جماعة مؤمنة تأتي وعلى رأسها عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله فما أن يرى وجه أبي ذر حتى تفيض عيناه بالدمع ويقول: (صدق رسول الله، تمشي وحدك، وتموت وحدك، وتبعث وحدك)... وبدأ يقص على صحبه قصة هذه العبارة التي قيلت في غزوة تبوك كما سبق ذكره...

[عدل] المصادر والمراجع

امجاد العرب
08-05-2010, 05:08 PM
هذا أكــــــــــــــــــــل الحراااااااااام
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أيها المسلمون:
لقد خلق الله -تبارك وتعالى- الخلق ليعبدوه وحده لا شريك له، وأمرهم أن يأكلوا من طيبات ما رزقهم من الأرض، وأن يجتنبوا الحرام والخبيث، قال -تعالى-: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ سورة الأعراف: 157.
عباد الله: إن طلب الحلال واجب على كل مسلم، وإن صار عصياً على العقول فهماً، وثقيلاً على الجوارح فعلاً؛ وذلك بسبب قلة الفقه في الدين والتعلق بالمادة واختلال الموازين.
إن فساد التصور جرّأ أناساً كثيرين على الحرام، ولبَّس على العامة الحلال، فظنوا أن الحلال مفقود، وأن السبيل دون الوصول إليه مسدود، وأنه لم يبق وجهٌ سوى الاتساع في المحرمات.
ومن تركنا على المحجَّة البيضاء يقول: " إن الحلال بيِّن، وإن الحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملكٍ حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة.. الحديث "1.
فما على من يحرص على دينه إذا التبس عليه أمر بيْن حلٍ وحرمةٍ أن يسأل إذا لم يعلم كما أمرنا بذلك المولى -جل وعلا- فقال: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ سورة النحل: 43.
أيها المسلمون:
إن كل معاملةٍ ليست على أصلٍ شرعيٍ واضح فهي من أكل أموال الناس بالباطل الذي حرّمه الله ونهى عنه.
وكم تجرأ الناس على الكسب الحرام: عاملٌ لا يؤدي عمله على وجه صحيح، ورَبُّ عمل يقتطع من حق أجيره، وموظفٌ لا ينهض بمسؤولية وظيفته، وتاجر يغش في سلعته، ومتجرئ على التعامل بالربا، ومتاجر بما يفسد عقول الناس ويدمر حياتهم، ألا ما أشد ضياع من تنكَّب طريق الهداية فباع نفسه للشيطان!.
هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد تمرة في زاوية البيت ساقطة على فراشه فيرفعها ليأكلها ثم يخاف أن تكون صدقة فيلقيها. روى البخاري -رحمه الله- عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " إني لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة على فراشي فأرفعها لآكلها، ثم أخشى أن تكون صدقة فألقيها "، ويعيش صحابته -رضوان الله عليهم- بهذا الحذر من الحرام، فها هو أبو بكر الصديق2 رضي الله عنه كان له غلام يخرج له الخراج وكان أبو بكر يأكل من خراجه فجاء يوماً بشيء فأكل منه أبو بكر فقال له الغلام أتدري ما هذا فقال أبو بكر وما هو قال كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته فلقيني فأعطاني بذلك فهذا الذي أكلت منه فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه"
وعن كعب بن عجرة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعيذك بالله يا كعب بن عجرة من أمراء يكونون من بعدي فمن غشي أبوابهم فصدقهم في كذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ولا يرد علي الحوض ومن غشي أبوابهم أو لم يغش فلم يصدقهم في كذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه وسيرد علي الحوض يا كعب بن عجرة الصلاة برهان والصوم جنة حصينة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار يا كعب بن عجرة إنه لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به" رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب وصححه الألباني 614
، فقال: ويحك يا غلام، كدت أن تهلكني، إني خشيت أن ينبت لحمي على هذا المال الحرام، كيف لي بذلك وقد سمعت رسول الله يقول: " إنه لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به"3. تقول عائشة -رضي الله عنها-: إنكم لتغفلون عن أفضل العبادة: الورع. ويقول عبد الله بن عمر: لو صليتم حتى تكونوا كالحنايا، وصمتم حتى تكونوا كالأوتار، لم يُقبل ذلك منكم إلا بورع حاجز.
ويقول الفاروق عمر: كنا ندع تسعة أعشار الحلال مخافة أن نقع في الحرام. ولقد بلغ الأمر عند السلف أنهم إذا جلس الواعظ للناس قال العلماء: تفقّدوا منه ثلاثاً: فإن كان معتقداً لبدعة فلا تجالسوه فإنه عن لسان الشيطان ينطق، وإن كان سيء الطُعمة فعن الهوى ينطق، فإن لم يكن مكين العقل فإنه يفسد بكلامه أكثر مما يصلح فلا تجالسوه.
ويقول يحيى بن معاذ: الطاعة خزانة من خزائن الله إلا أن مفتاحها الدعاء، وأسنانه لقم الحلال.
عباد الله:
وإن من أخطر الأمور: تهافت الناس على الدنيا وأخذها من حلها ومن غير حلها، وأصبح همّ الواحد الحصول على المال، لا يبالي أمن حلال هو أم من حرام؟! همّه أن يكون من الأثرياء، فضلّ بذلك عن الهدى واتبع الهوى، أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ سورة الملك: 22.
وروي عنه عليه الصلاة والسلام- أنه قال: " إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا من يحب، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه. والذي نفسي بيده لا يُسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه، ولا يؤمن حتى يأمَن جاره بوائقه " قالوا: وما بوائقه يا نبي الله؟ قال: " غشمه وظلمه، ولا يكسب عبد مالاً من حرام فينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتصدّق به فيقبل منه، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار، إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ، ولكن يمحو السيئ بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث " أخرجه الإمام أحمد في المسند وإسناده ضعيف.
وجاء في الصحيحين أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: " إن أكثر ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الأرض " قيل: وما بركات الأرض؟ قال: " زهرة الدنيا "، ثم قال: " إن هذا المال خضرة حلوة، من أخذه بحقه ووضعه في حقه فنعم المعونة هو، وإن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع، ويكون عليه شهيدًا يوم القيامة ".
لقد برهنت الوقائع -يا عباد الله- صدقَ كلام رسول الله ، فها نحن نشاهد من يكتسب المال بالطرق المحرمة، قد ملأ الطمع صدره، وأحرق نفسه، وتلبس بالشح والبخل، أيديهم مملوءة وقلوبهم خاوية، يقول عنهم الناس: أغنياء وهم أشدّ طلبًا للمال من الفقراء؛ لأنهم -كما جاء في الحديث- كالذي يأكل ولا يشبع، فمن وقع في الربا لا تكاد تجده يتوب منه ولا يفتر في طلبه. والذي يأكل أموال الناس بالباطل قد زين له سوء عمله فرآه حسنًا، لا يرعوي عن حيلة ولا يتوانى في مكيدة. نرى من يتعامل بالغش والتغرير والتدليس على عباد الله، نسمع عمن يأخذ الرشوة على واجبات نيطت به، نرى من يربح من وراء الطرق الملتوية في المساهمات العقارية وغيرها، لا يتورعون عن الكسب بهذه الطرق المحرمة، نرى من لا يعطي الأجير أجرته ويبخسه حقه.
فكيف يليق -يا عباد الله- بمن آمن بالله ربًا وبمحمد نبيًا وبالإسلام دينًا أن يأكل الحرام، كيف يليق به وهو يعلم ما يترتب على ذلك من عقوبات ونتائج وخيمة في الدنيا قبل الآخرة؟! كيف يسعى لكسب المال من طريق حرام؟! كيف يرضى أن يخسر دينه ويبيعه بدراهم معدودة؟! أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآَخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ سورة البقرة: 86.
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم..
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، وتوبوا إليه جميعًا، واعلموا أن من يتقي الله يجعل له مخرجًا، ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، واقتدوا بالسلف الكرام؛ بالحذر من أكل الحرام، فلقد كانوا يتركون تسعة أعشار الحلال مخافة الوقوع في الحرام.
فاحذر -يا عبد الله- أن تطعمَ نفسك وأولادك من المال الحرام، سواء كان هذا المال رِبًا أو غِشًا أو سرقةً أو اختلاسًا أو رشوةً أو غير ذلك من المكاسب الأخرى المحرمة،كالمكاسب التي يحصل عليها بعض الناس من بيعهم أشرطة الفيديو التي تنشر الفساد والرذيلة وأشرطة الغناء، أو المجلات التي تهزأ بالفضيلة وتنشر الرذيلة، أو ببيع الدخان، أو بيع الخمور والمخدرات.
فقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لكعب بن عجرة: "إنه لا يربو لحم نبت من سحت، إلا كانت النار أولى به"4.
ذُكِر أن جنيداًٍ البغدادي -رحمه الله- جاء يوماً إلى داره فرأى جارية جاره ترضع ولده، فانتزع ولده منها، وأدخل أصبعه في فيه (أي في فمه) وجعله يتقيأ كل الذي شربه، فلما سئل، قال: جاري يأكل الربا، يأكل الحرام، وجارية جاري تعمل عنده فهي تأكل الحرام، وجارية جاري ترضع ولدي فهي ترضع ولدي الحرام، ورسول الله -عليه الصلاة والسلام- يقول: "إنه لا يربو لحم نبت من سحت، إلا كانت النار أولى به"4.
وأما لماذا الوقوع في الحرام؟ فإن لذلك أسباباً منها:
أولاً: افتقاد العبد الحياء من الله بضعف إيمانه، وبضعف يقينه بوجود النار، يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن"5.
ثانياً: من أسباب الوقوع في الحرام: الرغبة في الربح العاجل فلقد أصبحت أعراض الأمة وأخلاقها ودينها في مهب ريح التجار، والمجال فيها فسيح من أراد أن يتاجر بالحبوب أو الخمر أو المخدرات فليفعل ما دام أن ذلك يدر عليهم أرباحاً كثيرة!.
أيها المسلمون:
وفي الأخير نقول: إن الأمة لابد أن تتربى على مخافة الله عز وجل: أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى سورة العلق: 14. ذُكر أن عمر بن الخطاب مرّ على غلام يرعى غنماً فقال: يا غلام بعني واحدة، فقال الغلام: هي ليست ملكي إنما هي لسيدي، فقال له عمر بن الخطاب مختبراً: يا غلام بعني واحدة وخذ ثمنها وقل لسيدك أكلها الذئب.-يرسم له طريق الحرام مختبراً له- فقال الغلام: فأين الله؟ - أين أكون من الله إن قلت هذا-؟ ويهتز عمر بن الخطاب للكلمة ويشتري العبد من سيده ويعتقه ويقول له: هذه كلمة أعتقتك في الدنيا أسأل الله أن يعتق بها رقبتك يوم القيامة.
وينبغي أن نعلم أن الله -تعالى- قد جعل في الحلال ما يغني عن الحرام: فالنكاح بدل الزنى، والتجارة بدل الربا، والمشروبات اللذيذة المفيدة للبدن بدل الخمر.
ولابد أن نعلم أيضاً كيف يكون حال صاحب المعصية يوم القيامة المتمتع بالحرام يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: " يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط هل مر بك نعيم قط فيقول لا والله يا رب ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط هل مر بك شدة قط فيقول لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط"6.
أيها المسلمون:
إن أكل الحرام موجب لغضب الله ومانع من إجابة الدعاء، فاقنعوا بالحلال عن الحرام، وتوبوا إلى الله من المظالم والآثام، وأحسنوا كما أحسن الله إليكم، ويسِّروا على عباده كما يسر الله عليكم، واجعلوا أموالكم لكم ستراً من النار بكثرة الصدقات ومشروع النفقات، وامتطوها إلى ما يرضي الله توصلكم إلى الدرجات العالية من الجنات..
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، واغننا بفضلك عمن سواك.. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



________________________________________
1 -أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له.
2 -قصة أبي بكر الصديق ذكرها البخاري في كتاب المناقب، 3554.
3 -أخرجه الترمذي .
4 - سبق تخريجه
5 -متفق عليه.
6 -رواه مسلم.

امجاد العرب
08-05-2010, 05:09 PM
هذا عن الزهد ف الدنيا
زهد في الدنيا وإقبال على الآخرة
________________________________________
كان زهد النبي صلى الله عليه وسلم مقرونا بالإيثار والجود والكرم، فهو لا يبقي من متاع الدنيا شيئا لنفسه وإنما يدعه للصحابة وغيرهم من فقراء المسلمين والبدو الرحل الذين كانوا يعانون من الفاقة، فقد كان الزهد من طباعه الكريمة منذ صغره وقبل أن يبعثه الله نبيا، فلم يعرف عنه أنه كان صاحب مال أو أرض أو ثروة سواء في مكة أو في المدينة المنورة، لأنه آثر حياة التقشف في الدنيا التي فضل عليها الآخرة، فقد كان يتوسد فراشا من ليف ورآه عمر بن الخطاب على هذه الحال فبكى. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وما يبكيك؟” فقال عمر: “وما لي لا أبكي وكسرى وقيصر يعيشان فيما يعيشان فيه من الدنيا وأنت على هذه الحال التي أرى”. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا عمر أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟” قال: “بلى”، قال:”هو كذلك”.

وروي عن عبدالله بن مسعود أنه قال: إنه عليه السلام نام على حصير، فأثر الحصير بجلده فجعلت أمسحه وأقول: “ألا آذنتنا فنبسط لك شيئا يقيك تنام عليه”، فقال عليه السلام: “مالي والدنيا. ما أنا والدنيا إلا كراكب استظل تحت ظل شجرة ثم راح وتركها”.

لقد آثر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحيا حياة الفقراء زهدا في الدنيا. فما أيسر أن يدعو الله أن يجعله صاحب مال وثروة لكي يعيش مرفها، ولكنه انشغل بالرسالة والعبادة عن ملذات الدنيا ومباهجها، وانشغل بالعطاء المتواصل عن ادخار بعض المال، وقالت عائشة رضي الله عنها: “ما كان في بيته شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير (أي نصف صاع من الشعير) فقال لي: إني عُرض عليّ أن تجعل لي بطحاء مكة (أي وادي مكة) ذهبا فقلت: لا يا رب أجوع يوما وأشبع يوما. فأما اليوم الذي أجوع فيه فأتضرع إليك، وأدعوك وأما اليوم الذي أشبع فيه فأحمدك وأثني عليك”.

“مالي وللدنيا؟”

وعن عبدالله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما: “ما أمسى لآل محمد كف سوبعه، ولا سفه دقيق” فآتاه إسرافيل عليه السلام فقال: “إن الله سمع ما ذكرت فبعثني إليك بمفاتيح الأرض، وأمرني أن أعرض عليك إن أحببت أن أُسيّر معك جبال تهامة ياقوتا وذهبا وفضة”، فقلت: “إن الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، قد يجمعها من لا عقل له”.

وقيل في حديث آخر إن الذي نزل عليه هو جبريل فقال له: “إن الله تعالى يقرئك السلام ويقول لك: أتحب أن أجعل هذه الجبال ذهبا وتكون معك حيثما كنت، فأطرق ساعة ثم قال: يا جبريل.. إن الدنيا دار من لا دار له” حتى آخر الحديث فقال له جبريل: “ثبتك الله يا محمد بالقول الثابت”.

وقالت عائشة: “ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام تباعا من خبز حتى مضى لسبيله”.

وقالت أيضا: “لم يمتلئ جوف النبي صلى الله عليه وسلم شبعا قط، ولم يبث شكوى إلى أحد. وكأن الفاقة أحب إليه من الغنى، وإن كان ليظل جائعا يتلوى طول ليلته من الجوع فلا يمنعه صيام يومه، ولو شاء سأل ربه جميع كنوز الأرض وثمارها ورغد عيشها. ولقد كنت أبكي له رحمة لما أرى به، وأمسح بيدي على بطنه مما به من الجوع، وأقول: نفسي لك الفداء، لو تبلغت من الدنيا بما يقوتك فيقول: “يا عائشة ما لي وللدنيا، اخواني من أولي العزم من الرسل صبروا على ما هو أشد من هذا فمضوا على حالهم، فقدموا على ربهم فأكرم مآبهم (أي مرجعهم) وأجزل ثوابهم فأجدني أستحيي إن ترفهت في معيشتي أن يقصر بي غدا دونهم (أي أن يكون مقامي دون مقامهم) وما من شيء هو أحب إليّ من اللحوق بإخواني وأخلائي” قالت: “فما أقام بعد إلا شهرا حتى توفي صلى الله عليه وسلم”.

تحذير نبوي

وكان رسول الله يحذر المسلمين من أن يلهيهم حب الدنيا والثراء ويفسد عبادتهم لربهم. فقد روي عن عمرو بن عوف الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه إلى البحرين يأتي بجزيتها، فقدم بمال من البحرين فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة، فوافوا صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف، فتعرضوا له فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث رآهم ثم قال: “أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين” فقالوا: أجل يا رسول الله، فقال: “أبشروا وأمَّلُوا ما يسركم، فوالله ما الفاقة أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم”.

وعن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: “جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس: فقال: ازهد في الدنيا يحبك الله.. وازهد فيما عند الناس يحبك الناس”.

وعن عمرو بن الحارث أخي جويرية بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله عنهما قال: “ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته دينارا أو درهما ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها، وسلاحه وأرضا جعلها لابن السبيل صدقة”.

منقول من جريدة الخليج
الإمارات
10-3-2006

امجاد العرب
08-05-2010, 05:10 PM
وهــــــــــــــــذا عن سورة ق 4
زهد في الدنيا وإقبال على الآخرة
________________________________________
كان زهد النبي صلى الله عليه وسلم مقرونا بالإيثار والجود والكرم، فهو لا يبقي من متاع الدنيا شيئا لنفسه وإنما يدعه للصحابة وغيرهم من فقراء المسلمين والبدو الرحل الذين كانوا يعانون من الفاقة، فقد كان الزهد من طباعه الكريمة منذ صغره وقبل أن يبعثه الله نبيا، فلم يعرف عنه أنه كان صاحب مال أو أرض أو ثروة سواء في مكة أو في المدينة المنورة، لأنه آثر حياة التقشف في الدنيا التي فضل عليها الآخرة، فقد كان يتوسد فراشا من ليف ورآه عمر بن الخطاب على هذه الحال فبكى. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وما يبكيك؟” فقال عمر: “وما لي لا أبكي وكسرى وقيصر يعيشان فيما يعيشان فيه من الدنيا وأنت على هذه الحال التي أرى”. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا عمر أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟” قال: “بلى”، قال:”هو كذلك”.

وروي عن عبدالله بن مسعود أنه قال: إنه عليه السلام نام على حصير، فأثر الحصير بجلده فجعلت أمسحه وأقول: “ألا آذنتنا فنبسط لك شيئا يقيك تنام عليه”، فقال عليه السلام: “مالي والدنيا. ما أنا والدنيا إلا كراكب استظل تحت ظل شجرة ثم راح وتركها”.

لقد آثر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحيا حياة الفقراء زهدا في الدنيا. فما أيسر أن يدعو الله أن يجعله صاحب مال وثروة لكي يعيش مرفها، ولكنه انشغل بالرسالة والعبادة عن ملذات الدنيا ومباهجها، وانشغل بالعطاء المتواصل عن ادخار بعض المال، وقالت عائشة رضي الله عنها: “ما كان في بيته شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير (أي نصف صاع من الشعير) فقال لي: إني عُرض عليّ أن تجعل لي بطحاء مكة (أي وادي مكة) ذهبا فقلت: لا يا رب أجوع يوما وأشبع يوما. فأما اليوم الذي أجوع فيه فأتضرع إليك، وأدعوك وأما اليوم الذي أشبع فيه فأحمدك وأثني عليك”.

“مالي وللدنيا؟”

وعن عبدالله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما: “ما أمسى لآل محمد كف سوبعه، ولا سفه دقيق” فآتاه إسرافيل عليه السلام فقال: “إن الله سمع ما ذكرت فبعثني إليك بمفاتيح الأرض، وأمرني أن أعرض عليك إن أحببت أن أُسيّر معك جبال تهامة ياقوتا وذهبا وفضة”، فقلت: “إن الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، قد يجمعها من لا عقل له”.

وقيل في حديث آخر إن الذي نزل عليه هو جبريل فقال له: “إن الله تعالى يقرئك السلام ويقول لك: أتحب أن أجعل هذه الجبال ذهبا وتكون معك حيثما كنت، فأطرق ساعة ثم قال: يا جبريل.. إن الدنيا دار من لا دار له” حتى آخر الحديث فقال له جبريل: “ثبتك الله يا محمد بالقول الثابت”.

وقالت عائشة: “ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام تباعا من خبز حتى مضى لسبيله”.

وقالت أيضا: “لم يمتلئ جوف النبي صلى الله عليه وسلم شبعا قط، ولم يبث شكوى إلى أحد. وكأن الفاقة أحب إليه من الغنى، وإن كان ليظل جائعا يتلوى طول ليلته من الجوع فلا يمنعه صيام يومه، ولو شاء سأل ربه جميع كنوز الأرض وثمارها ورغد عيشها. ولقد كنت أبكي له رحمة لما أرى به، وأمسح بيدي على بطنه مما به من الجوع، وأقول: نفسي لك الفداء، لو تبلغت من الدنيا بما يقوتك فيقول: “يا عائشة ما لي وللدنيا، اخواني من أولي العزم من الرسل صبروا على ما هو أشد من هذا فمضوا على حالهم، فقدموا على ربهم فأكرم مآبهم (أي مرجعهم) وأجزل ثوابهم فأجدني أستحيي إن ترفهت في معيشتي أن يقصر بي غدا دونهم (أي أن يكون مقامي دون مقامهم) وما من شيء هو أحب إليّ من اللحوق بإخواني وأخلائي” قالت: “فما أقام بعد إلا شهرا حتى توفي صلى الله عليه وسلم”.

تحذير نبوي

وكان رسول الله يحذر المسلمين من أن يلهيهم حب الدنيا والثراء ويفسد عبادتهم لربهم. فقد روي عن عمرو بن عوف الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه إلى البحرين يأتي بجزيتها، فقدم بمال من البحرين فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة، فوافوا صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف، فتعرضوا له فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث رآهم ثم قال: “أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين” فقالوا: أجل يا رسول الله، فقال: “أبشروا وأمَّلُوا ما يسركم، فوالله ما الفاقة أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم”.

وعن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: “جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس: فقال: ازهد في الدنيا يحبك الله.. وازهد فيما عند الناس يحبك الناس”.

وعن عمرو بن الحارث أخي جويرية بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله عنهما قال: “ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته دينارا أو درهما ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها، وسلاحه وأرضا جعلها لابن السبيل صدقة”.

منقول من جريدة الخليج
الإمارات
10-3-2006

امجاد العرب
08-05-2010, 05:12 PM
آآآآه ..تعبت ان شا الله ما يرووح تعبي ع الفاضي يعنــي اتمنى يعجبكمـ...
أبا ردووودكم
اتمنى لكم التوفيق دائما لي ايضا

لوفي10
12-05-2010, 04:05 PM
--------------------------------------------------------------------------------

مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

لوفي10
12-05-2010, 04:23 PM
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

--------------------------------------------------

لوفي10
12-05-2010, 04:26 PM
______________
مشكور

7αуαтι υαє
14-05-2010, 02:03 PM
شكرا على التقرير الرائع
بالتوفيق انشاء اللهــ ..

امجاد العرب
14-05-2010, 05:57 PM
أشــــكركم ع مرووركم

عـيناوية
27-02-2011, 08:07 PM
مشكور والله يعطيك ألفين عافية
أبا عن آداب الضيافة بليييز :)

نو نايم
05-03-2011, 02:41 PM
الله يعطييييييييج الف عافية :(23):