المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصحة المدرسية في قفص الاتهام



WaLd AlDaR
08-05-2010, 04:39 PM
1/1


ألقت قضية وفاة الطالب التي وقعت مؤخراً في مدرسة العروبة للتعليم الثانوي في الشارقة، إثر إصابته بنوبة قلبية مفاجئة داهمته أثناء حصة التربية الرياضية، بظلالها على واقع الصحة والعيادات المدرسية في ظل غياب مجموعة من الإجراءات التي باتت الحاجة إلى اتخاذها ملزمة، وبالأخص مع اعتماد استراتيجية التربية والتعليم، وبعد أن ظهر جليا أن متابعة الحالة الصحية للطالب تقتصر على خارطة صحية تعنى بالسكري والسمنة، فضلا عن ترك مهمة الاشراف على العيادات داخل المدارس لممرضين غالبا لا يتواجدون طيلة أيام الدراسة داخل المدرسة، وإن تواجدوا فإن دورهم التثقيفي والتوعوي متواضع جداً مع تواضع الصلاحيات الممنوحة لهم نظرا لخبراتهم التي لا تخولهم تشخيص الحالات المرضية وكيفية علاجها، ما جعل من “البنادول” وصفتهم الطبية الوحيدة لجميع الامراض .

إذا كنا لسنا بصدد البحث عن سبب وفاة الطالب، إلا أن كثرة وفاة الرياضيين في الملاعب العالمية أثناء ممارستهم اللعبة، وعلى رأسها الساحرة المستديرة، جعلنا نربط بين حادث وفاة الطالب التي جدت مؤخرا، ووفاة بعض اللاعبين جراء حالات الإعياء والتعب، لنسلط الضوء من هذا المنطلق على واقع الصحة المدرسية وعدم توفر خريطة صحية في ظل توكيل ممرضين مهمة الاشراف على العيادات، وبالأخص مع توجه وزارة التربية والتعليم، لزيادة ساعات التربية الرياضية ضمن المدارس، لعدة أسباب يأتي على رأسها مكافحة ظاهرة السمنة التي يشكو منها الطلبة على مستوى الدولة، وتنشيط قدراتهم العقلية، بعد أن ثبت ما للرياضة من دور في تنشيط التفكير لدى الطلبة .

وإذا كانت وزارتا الصحة والتربية معنيين بالصحة المدرسية، إلا أن لكل دوره وواجباته، ففي الوقت الذي يفترض فيه على وزارة الصحة الاعتناء بكامل احتياجات العيادات المدرسية وتجهيزاتها، فإن لوزارة التربية أيضا دوراً لا يقل أهمية عن الأولى، حيث تعتبر ملزمة بالتعاون مع مناطقها التعليمية لتحصين الوضع الصحي للطلبة، وإدخالها المعلومات الصحية ضمن المناهج التعليمية .

وفي الوقت الذي ترتفع فيه نداءات بعض مديري المدارس على استحياء، مؤكدة ضرورة تكامل خدمات الصحة المدرسية مع خدمات الرعاية الصحية الأولية، واعتماد الخدمات الوقائية أساساً ومرتكزاً في تقديم خدمات الصحة المدرسية، ومطالبتهم بإعداد برنامج تدريبي أثناء الخدمة للعاملين في برامج الصحة المدرسية، يطل علينا واقع تبدو ملامحه أقرب إلى المعاناة المتأصلة في مدى كفاية وفعالية البرامج الصحية المدرسية التي تقدم للطلبة، وغياب تتبع حالتهم الصحية .

“الخليج” حاولت بدورها تسليط الضوء على واقع الصحة المدرسية، وسبر آراء عدد من مديري المدارس .

حسن لوتاه، مدير إدارة التربية الرياضية في وزارة التربية والتعليم قال: إن حصر الحالات الصحية في صفوف الطلبة ومتابعتها تعتبر من مسؤوليات وزارة الصحة، فيما يتمثل عملنا في إعداد البرامج التثقيفية للطلبة والمعلمين، وتنفيذ ورش عمل بهدف رفع الوعي الصحي، ومن هنا فإن دور وزارة التربية يعتبر تثقيفياً إلا أن ذلك لا ينفي متابعتنا لحالات الإصابة بمرض السكري والسمنة في صفوف الطلبة فضلا عن إعدادنا لعدد من دورات الإسعافات الأولية للعاملين في المجال التعليمي .

ومسألة الكشف الدوري على صحة الطلبة ضرورة يجب ألا تغفلها الصحة المدرسية، كما يجب على أهل الطلبة الابلاغ في عن المشاكل الصحية، لأولادهم لتفادي أية مضاعفات قد تنتج في حال ممارسة الطفل نوعاً من الرياضة تكون ذا أثر سلبي في صحته .

من جهتها قالت سوسن الأميري، مسؤولة الانشطة الصحية في إدارة التربية الرياضية بوزارة التربية والتعليم، إن الوزارة بصدد إعداد خطة استراتيجية لرفع مستوى الوعي الصحي لدى الطلبة من خلال مجموعة من الإجراءات المتمثلة بالمحاضرات التوعوية والبرامج التثقيفية وورش العمل فضلا عن التركيز على أهمية النشاط البدني كأسلوب حياة وتعزيز الغذاء الصحي .

واتفقت مع لوتاه في ما يتعلق بأن دور الوزارة تثقيفي بالدرجة الأولى وقالت إن الوزارة تعمل جاهدة على محاربة ظاهرة السمنة في صفوف الطلبة حيث ستقوم بتنظيم محاضرات توعية للمناطق التعليمية متمثلة بمدارسها خلال الشهر المقبل لتوضيح أهمية الإعلانات الصحية وتأثيرها في الطلاب والطالبات من حيث خطورة المنتج المعلن عنه، وبيان أضراره على الصحة العامة .

كما ستقوم الوزارة بإطلاق برنامج توعوي لطلبة المدارس والقائمين على رعايتهم بخطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وعوامل الخطورة المسببة له .

وقالت إن هذا البرنامج التوعوي يأتي ضمن جهود الوزارة للاعتناء بالحالة الصحية للطلبة حيث سيعمل البرنامج على تقديم نصائح عملية حول أفضل سبل الوقاية من المرض عن طريق إجراء بعض التغييرات في أسلوب الحياة من خلال النظام الغذائي والنشاط البدني لخلق أسلوب حياة نشط يساعد على الوقاية من هذا المرض .

دون المأمول

الدكتور سلطان عبد الله المؤذن، رئيس اللجنة الصحية والعمل والشؤون الاجتماعية في المجلس الوطني الاتحادي قال إن الوضع الحالي لواقع الصحة المدرسية يعتبر غير مرض ودون المأمول، وان اللجنة ستحرص عند رفع توصياتها على المطالبة بضرورة توفير أطباء بمعدل طبيب واحد لكل مدرسة، وعيادات متكاملة وإن كانت مصغرة على مستوى الدولة .

وأضاف إن الاهتمام بالصحة المدرسية يعتبر وقتياً، حيث يشهد تكثيفا للجهود في حال تسجيل أزمة معينة فيما يتلاشى هذا الاهتمام حين تتبدد الازمة، بما لا يليق بواقع ما توليه الدولة من أهمية للطالب والعملية التعليمية .

وأشار إلى أن لجنة الصحة والعمل والشؤون الاجتماعية خلال جولتها التفقدية الأخيرة سجلت العديد من الملاحظات المتعلقة بواقع العيادات المدرسية التي عرفت تواضعا في الإمكانيات والتجهيزات في الإمارات الشمالية ما يستدعي تدعيمها بالكادر الطبي والتجهيزات، وألا يقتصر دروها على الجانب التثقيفي أو التوعوي، وهو ما ستحرص اللجنة على تبيانه من خلال توصياتها المرفوعة إلى المجلس الوطني الإتحادي .

تعويض الأطباء بالممرضين

محمد الماس، مدير مدرسة المعارف للتعليم الثانوي للبنين، قال إن من أبرز المشاكل التي يصطدم بها واقع الصحة المدرسية، تولي ممرضين مهمة الإشراف على المتابعة الصحية للطلبة، فضلا عن إشرافهم على إدارة دفة العيادات داخل المدارس، مع عدم توفر الاجهزة الطبية، ما يستدعي المدرسة شراؤها على نفقتها الخاصة .

وأضاف: إنه من الضروري تفعيل البطاقة الصحية للطلبة للتمكن مستقبلا من تشخيص حالاتهم ووضع تصور أو خريطة للوضع الصحي للطلبة، تشمل الكشف عن مختلف الأمراض الشائعة .

ودعى الماس إلى ضرورة إدخال المفهوم الصحي ضمن المناهج الدراسية، نظرا لكون معظم المشاكل الصحية الناجمة في أوساط الطلبة تعود إلى ضعف دور الاسرة التي من الواجب عليها توعية أطفالها وتحديد نسق التغذية الخاص بهم منذ طفولتهم .

اما أحمد قاسم، مدير مدرسة الشعراوي للتعليم الثانوي بنين، فقال إن مستوى الخدمات الصحية المقدمة داخل العيادة المدرسية يتوقف على مستوى الممرض المشرف على العيادة، إلا أنه على الرغم من ذلك فإن عمله يقتصر على الفحص الأولي للطالب، ليتم تحويله بعض ذلك إلى إحدى العيادات المدرسية المجاورة .

وأضاف، انه من الملاحظ وجود تقصير لدى الأهالي الذين يعمدون إلى إلقاء كامل الحمل على كاهل المدرسة، حيث يتغاضون عن صحة أطفالهم ويوكلون المهمة للمدرسة التي تتفاجأ بحالات مرضية كان من المفترض بدء التعامل معها داخل المنزل .

وأشار إلى ضرورة تكامل خدمات الصحة المدرسية مع خدمات الرعاية الصحية الاولية وتفعيل دور البطاقة الصحية للطلبة لتتجاوز مرحلة العلاج، للوصول إلى خريطة صحية مدرسية تعتني بمختلف المشكلات الصحية في صفوف الطلبة .

وقال إن المدارس غالبا ما تأخذ على عاتقها توفير النواقص داخل عياداتها وبالأخص حين لا تتوفر هذه النواقص لدى هيئة الصحة، ما يضطرها إلى شرائها على نفقتها الخاصة حرصا منها على توفير كامل التجهيزات الطبية التي قد يحتاجها الطلبة .

من جهته قال علي غريب مدير مدرسة راشد بن سعيد للتعليم الأساسي والثانوي للبنين إنه من غير المعقول أن يتواجد الممرض داخل العيادة يومين أو 3 أيام في الأسبوع فقط ليتولى مهمة الاشراف على عيادة في مدرسة أخرى، وليدع بالتالي مكانه شاغرا .

وأضاف انه من الضروري تعويض الممرضين في العيادات بأطباء وبالاخص في المدارس التي تبعد عن العيادات المدرسية، أو تخصيص طبيب واحد للإشراف على مجموعة من المدارس بمساعدة الممرضين المتواجدين فيها .

وأشار إلى أن الدور الحالي للعيادات رقابي وثقافي ويقتصر على قياس الوزن وأخذ الطول والإشراف على جدول التحصينات، فيما يتم تحويل الحالات الصحية إلى العيادة المدرسية التي تبعد أكثر من 10 كيلومترات عن المدرسة .

فايزة سويلم مديرة مدرسة زعبيل للتعليم الثانوي للبنات قالت إن عدم وجود طبيب في العيادة داخل المدرسة، فتح المجال أمام الطلاب والطالبات للتسرب من الدوام المدرسي بحجة زيارة العيادة المدرسية، وهو ما يضر بدوره بالعملية التعليمية .

وأضافت إنه من الضروري أن توكل مسؤولية تحويل الطلبة إلى العيادات إلى إدارة المدرسة للحيلولة دون تسرب الطلبة، وهنا تجدر الاشارة إلى أن الصلاحيات الممنوحة للممرضين لا تمنحهم حق إعطاء الأدوية، حيث تقتصر وصفتهم الرئيسية على حبوب “البنادول” للتعامل مع جميع الامراض .

من جهتهم نفى عدد من الاهالي إهمالهم متابعة الحالة الصحية لأبنائهم، وقالوا إن الرقابة الغذائية فيما يتعلق بمكافحة ظاهرة السمنة في صفوف الطلبة تعتبر مسؤولية مشتركة بين المدرسة والمنزل، على اعتبار أن الطلبة يقضون يوميا أكثر من 6 ساعات داخلها ما يجعل إدارة المدرسة مسؤولة عن مراقبة وضعهم الغذائي، من خلال فرض الرقابة على نوعية الاطعمة التي تباع داخل المقصف .

واشاروا إلى أنهم لا يفضلون فكرة علاج أبنائهم داخل العيادات المدرسية لافتقادها الكادر الصحي المتمرس، وأنهم يعتمدون عليها في الحالات الطارئة فقط، حيث يلجأون إلى أطباء صحة عامة متخصصين على ضوء تشخيص حالاتهم الصحية .