المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [طلب] تقرير عن الصحة في الإسلام



فارس العلم
25-04-2010, 11:20 PM
الســـــــــــــلام عليكم

سواء كان شــــــــــــــــــــــــباب أو بـــــــــــــــــــنات

بغيــــــــــــــت أي شـــــــــــــــــــــــئ تقـــــــــــــــرير عن الصحة بس يكون متعلق بالإسلام!!!!!!!!


ممكن لأي حد يقدر المساعدة:(46)::(46):

ههههههههههههههههه

أكون شاكر له أو لها

بالتوفيق

خلود جمال
06-10-2010, 09:22 PM
ارجوكم بغيت اي تقرير عن اي شئ بس ضروري اليوم بلييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييز ساعدوني help me please]

الـود طبعـي
07-10-2010, 02:09 AM
http://www.emro.who.int/his/Medica1.gif
كلمة
الدكتور حسين عبد الرزاق الجزائري
المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية
لإقليم شرق المتوسط
في
الندوة الدولية عن أخلاقيات الممارسة الطبية في الإسلام – أوجه التميُّز
بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض
الرياض، المملكة العربية السعودية، 11 - 12 آذار/مارس ‏2003‏

صاحب المعالي،
أيها السادة،
كان الشيخ الجليل محمد الغزالي تغمّده الله برحمته، كثيراً ما يقول: (( إن الأخلاق أهم من العبادات في الإسلام )). ويستدل لذلك بالحديث الصحيح: (( آية المنافق ثلاث، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم،: إذا حدَّث كَذَب، وإذا وَعَد أخلَف، وإذا اؤتُمن خان )) ]رواه البخاري[. والجملة الاعتراضية في الحديث: (( وإن صام وصلى )) تدل على أن عبادة المنافق لم تشفع له في إخراجه من زمرة المنافقين، لما يَعيب شخصيَّته من مفاسد الأخلاق وأخلاق السوء.
فلا عَجَب إذنْ إذا رأينا النبي r يلخِّص الغاية من بعثته المباركة إلى الناس كافةً، بل إلى العالمين قاطبةً، في عبارة واحدة: (( إنما بُعِثْتُ لأتمـِّم مكارمَ الأخلاق ))؛ ولا عَجَبَ إذا أثنى عليه ربُّه عزّ وجل في أوائل ما أنزل عليه من سَُوَر: ]وإنك لعلى خُلُق عظيم[ ]القلم: [4؛ ولا عَجَبَ إذا لخَّصَت أمُّنا السيدة عائشة رضي الله عنها، وهي من أعلم الخَلْق به، خُلُقَه العظيم هذا في عبارة واحدة أيضاً: (( كان خُلُقُه القرآن )) ... وكفي بذلك عَظَمَة !
ولكن لماذا هذا التركيز على الأخلاق في شريعة الإسلام، ولماذا كانت الأخلاق في المقام الأول؟
لأن الله سبحانه يَعُدُّ هذا الدين منظومة من القِيَم، فيقول جل شأنه: ]قُلْ إنَّني هداني ربي إلى صراط مستقيم: ديناً قِيَماً[ ]الأنعام: [161. فجعل القِيَم بَدَلاً من الدين نفسه، ولم يَقُلْ (( دين القِيَم )) بل قال: (ديناً قِيَماً ( ليلفت أنظارنا – والله أعلم – إلى أن الدين نفسه هو القِيَم وهو الأخلاق.
ومكانةُ الإنسان انطلاقاً من هذه القِيَم تحدِّدها المبادئ التالية:
(1) الإنسان مكرّم: ]ولقد كرمنا بني آدم[. ويقتضي تكريمهُ هذا المحافظةَ عليه في صحة تامة ومعافاة كاملة.
(2) (( الشريعة وُضعت للمحافظة على الضروريات الخمس: وهي الدين والنفس والنسل والمال والعقل )) – كما يقول الإمام الشاطبي في (( الموافقات )) -. وواضحٌ أن ثلاثاً من هذه الضروريات الخمس – وهي النفس والنسل والعقل – لا تكتمل المحافظة عليها إلا بحفظ الصحة.
(3) الحياة حقٌ لكل إنسان، وهي مقدسة محترمة مُدافَعٌ عنها. وقيمةُ النفس البشرية الواحدة تَعْدِلُ قيمةَ البشر جميعاً. يقول الله عز وجل: ]ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً[. والاعتداء على حياة أيِّ نفس بشرية، ولو كانت جنيناً أو شيخاً أو معوقاً... عدوانٌ على البشر جميعاً: ]من قتل نفساً – بغير نفس أو فساد في الأرض – فكأنما قتل الناس جميعاً[.
(4) العدلُ والإحسان قيمتان من أهم القِيَم.
وكلمة الإحسانُ تتضمَّن أولاً معنى (( الجودة ))، فالحسن هو الجيِّد، وقد بشّر سبحانه عباده ]الذين يستمعون القول فيتَّبعون أحسنه[، وهذه الجودة مطلوبة في كل شيء.. فالنبي r يقول: (( إن الله كتب الإحسان على كل شيء)).
ولكن كلمة الإحسان تتضمَّن أيضاً تلك اللمسة الرفيقة الحانية التي افتقدناها أو كدنا نفتقدها في ممارسة الطب الحديث.. تتضمَّن نفسية العطاء حيث يحب المرء لأخيه ما يحب لنفسه بل ويؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة.
ويتضمَّن الإحسان كذلك صحوة الضمير ومراقبة الله عز وجل في كل تصرُّف وسلوك كما يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (( الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه )).
وقد تم تطبيق هاتين القيمتَيْن: العدل والإحسان منذ صدر هذه الحضارة التي ننتمي إليها ونعتز بها. وفي ما يلي مثالان أو ثلاثة:
(‌أ) للمرضى حقُّ الرعاية على المجتمع ممثَّلاً في الدولة. ومن الأمثلة على ذلك ما ذكره البلاذُري في (( فتوح البلدان )): (( أن عمر رضي الله عنه مرّ عند مَقْدَمِهِ الجابيةَ من أرض دمشق على قوم مجذّمين lepers من النصارى، فأمر أن يُعْطَوا من الصَدَقات ]الزكاة[، وأن يُجرى عليهم القوت )).
(‌ب) للطفل – أيِّ طفل – حقُّ الرعاية على المجتمع ممثلاً في الدولة؛ كالذي ورد في (( طبقات )) ابن سعد: (( أن عمر رضي الله عنه كان يفرض للمنفوس ] الوليد [ مئة درهم، فإذا ترعرع بلغ به مئتي درهم، فإذا بلغ زاده... وكان إذا أتِيَ باللقيط فرض له مئة درهم، وفرض له رزقاً يأخذه وليُّه كل شهر بما يصلحه، ثم ينقله من سنة إلى سنة، وكان يوصي بهم خيراً ويجعل نفقتهم ورضاعهم من بيت المال )).
(‌ج) للضعيف والمعوق والمسن حقُّ الرعاية على المجتمع ممثلاً في الدولة؛ كما ورد في عقد الذمة بين خالد بن الوليد رضي الله عنه وبين أهل الحيرة: (( وجعلتُ لهم: أيُّما شيخٍ ضعف عن العمل أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنياً فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه: (1) طرحت جزيته ] يعني أعفي من الضرائب [ ، و(2) عِيلَ من بيت مال المسلمين وعيالَه ما أقام بدار الهجرة ودار الإسلام ] أي في الدولة الإسلامية [ )). ذكره الإمام أبو يوسف في كتاب (( الخراج )).
ويتضح من هذه الأمثلة أن الدولة الإسلامية تعتبر حق الصحة هذا حقاً (( للإنسان ))، دون تمييز بسبب اللون أو الجنس أو الدين، وأن رعاية الدولة الإسلامية للإنسان تبدأ منذ الولادة بتأمين الرضاع الصحي، وتستمر حتى الشيخوخة بتأمين ما يكفل العيش الصحي، وأنها بين هذا وذاك لا تغادر مريضاً أو عاجزاً أو مقعداً أو مصاباً إلا غمرته بالرعاية اللازمة.
ومن أجل ذلك وُضعت للطب منذ عهد الرسالة، ضوابطُه ومبادئُه الأخلاقية التي تحكم سلوكيات الأطباء.
فالنبي يقول – في ما رواه أبو نُعَيْم - : (( من تطبَّب ولم يكن بالطب معروفاً، فأصاب نفساً فما دونها فهو ضامن )).
ونظام (( الحِسْبة )) الذي هو من عبقريات ما ابتكرته هذه الأمة، هو نظام (( ضمان الجودة )) بمعناه الواسع الشامل الكامل؛ وقد بدأ تطبيقـه منذ عهد الخلافـة الراشدة، بل إن أوّل محتسب في الإسلام كان سيدة اسمُها الشفاء بنت عبد الله، ولاّها سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه السوق. ثم تَوَاصل نظام الحسبة اكتمالاً واتساعاً؛ وكان من أهم وظائف المحتسبين مراقبة الأطباء؛ وتحرّي انضباطهم في سلوكياتهم والتزامهم للخلق الفاضل الكريم.
ولا تكاد ترى كتاباً في الطب إلا مشتملاً على أخلاقيات هذه المهنة الشريفة. مثال ذلك ما أورده صلاح الدين بن يوسف الكحال الحموي ]الكحال: طبيب العيون[ ، قبل سبعة قرون، في كتابه (( نور العيون وجامع الفنون )) – وهو كتاب في طب العين – يوصي كل تلميذ من تلاميذه يأخذ عنه صناعة الطب: (( ... واعْلَم أنَّ هذه الصناعة منحةٌ من الله تعالى، يعطيها لمستحقها؛ لأنه يصير واسطة بين المريض وبين الحق سبحانه وتعالى في طلب العافية له، حتى تَجري على يديه، فتحصل له الحرمة الجزيلة من الناس، ويَمْثُل عندهم، ويشار إليه في صناعته، ويُطْمَأنّ إليه فيما يعتمده، وفي الآخرة الأجر والمجازاة من رب العالمين، لأن النفع المتعدي لخلق الله عظيم، خصوصاً للفقراء العاجزين، مع ما يحصل لنفسك من كمال الأخلاق، وهو خلق الكرم والرحمة، فيجب عليك حينئذ أن تلبس ثوب الطهارة والعفّة، والنقاء، والرأفة، ومراقبة الله تعالى، وخاصَّة في عبورك على حريم الناس، كتوماً على أسرارهم... محبّاً للخير والدين، مكبّاً على الاشتغال في العلوم، تاركاً للشهوات البدنيّة...، معاشراً للعلماء، مواظباً للمرضى، حريصاً على مداواتهم، متحيّلاً في جلب العافية إليهم. وإن أمكنك أن تُؤْثِرَ الضعفاء من مالك فافعل )).
بل لقد أفرد بعض أطبائنا الكبار كتباً خاصة بأخلاقيات المهنة، كالرازي الذي ألف قبل ألف عام كتاباً خاصاً أسماه (( أخلاق الطبيب ))، وهو رسالة بعث بها إلى بعض تلاميذه وفي ما يلي نبذة منها:
(( ... ينبغي للطبيب أن يكون رفيقاً بالناس، حافظاً لغيبهم، كتوماً لأسرارهم... فإنه ربما يكون ببعض الناس من المرض ما يكتمه عن أخصِّ الناس به، مثل أبيه وأمه وولده، وإنما يكتمونه حواصَّهم ويُفشونه إلى الطبيب ضرورةً. وإذا عالج من نسائه أو جواريه ] الجارية: الفتاة girl [ أو غلمانه ] الغلام: الفتى [boy أحداً، فيجب أن يحفظ طَرْفَهُ ولا يجاوز موضع العلة..
(( ويتَّكل الطبيب في علاجـه على الله تعالى، ويتوقـع البرء منه، ولا يحسب قوته وعمله، ويعتمد في كل أموره عليه )).

* * * *
لماذا لا نعود الآن إلى أخلاقيات الصحة؟
نعود إليها لأن التطورات السريعة التي حدثت في العالم في القرنين الأخيرين ولاسيَّما في العقود الأخيرة من القرن العشرين، قد استطاعت، ولاسيَّما في الغرب الذي تمرّد على المسيحية وقِيَمها ومُثُلها، وتمرّد على ما عاد به معه من الحروب الصليبية من قِيَم الإسلام ومُثُلِه... أقول هذه التطورات استطاعت أن توهن العلاقة الإنسانية بين الطبيب والمريض، وأصبح الطبيب أو غيره من أرباب المهن الصحية – في لهاثة وراء الأمور المادية البحتة – ينسى أنه يتعامل أولاً وقبل كل شيء مع إنسان!
ثم طرأت هذه القَفَزاتُ الجديدة التي أتى بها التقدُّم التكنولوجي المذهل في ركابه، وكان طبيعياً أن يستفيد منها الأطباء، مثل زرع الأعضاء، وعلاج الجينات، ومعالجة العقم، وأجهزة الإنعاش التي تحافظ على المرء – في حياة كحياة النبات – سنين عدداً.. وغير ذلك كثير.
ثم هذه المشكلات الطارئة:
هل نطلق زمام الإخصاب الاصطناعي ولو أدى إلى اختلاط الأنساب؟
هل للطبيب الذي أقسم على المحافظة على الحياة أن يساهم في إنهاء الحياة بحجة ما يقال له: قتل الـمَرْحَمَة mercy killing؟
ما هو موقفنا من مريض الإيدز؟
هل نتخلى عنه.. (( نَخْذُلُه ونُسْلِمُه ))؟ أم (( نَكُفُّ عليه ضَيْعَتَه ونَحُوطُهُ من ورائه )) و(( نفرّج عنه كُرُباته )) كما أمر النبي ؟
هذه القضايا وأمثالها أخذت تعود بالناس حتى في الغرب إلى جادّة الصواب.
أخذت تنبِّههم إلى جَسَامة المشكلة، وإلى ضرورة المبادرة إلى اتِّخاذ إجراء فوري، قبل أن تَسْتَفْحِلَ الأمور ويتَّسع الخَرْق على الراقع.
إنّ علينا أن نفعل شيئاً كلٌّ في إطار وُسْعه، و[لا يكلِّفُ الله نفساً إلا وُسْعَها].
وعلينا أن نبدأ من البداية: من كليات الطب وسائر العلوم الصحية، نجعل من أخلاقيات الطب النابعة من الدين مقرراً رئيسياً من مقرراتها، يَتَلَقَّوْنَ فيها مجدَّداً هذه المبادئ السامية، ويتشرَّبون هذه القِيَم العالية.
وعلينا في مؤسساتنا الطبية ومراكزنا الصحية وعياداتنا أن نلتزم بهذه المبادئ.
وعلى (( الـمُحْتَسِبينَ )) الجُدُد في وزارات الصحة ونقابات المِهَن الصحية أن يتحققوا من السلوك الكريم، ويتأكدوا من هذا الالتزام القويم.
وإنَّه لَوَاجِبٌ – لَوْ تعلمونَ – عظيم!
[وفي ذلك فَلْيَتَنافَسِ الـمُتَنَافِسُون

ELECTRONIC HEALTH ETHICS (http://www.emro.who.int/his/medicalethics-islam.htm)

طارق العفاسي
07-10-2010, 06:02 PM
بحث عن كيف يحقق الاسلام الصحة النفسية

يحقق منهج الاسلام أركان الصحة النفسية في بناء شخصية المسلم بتنمية هذه الصفات الأساسية :

1- قوة الصلة بالله

2- الثبات والتوازن الانفعالي

3- الصبر عند الشدائد

4- المرونة في مواجهة الواقع

5- التفاؤل وعدم اليأس

6- توافق المسلم مع نفسه

7- توافق المسلم مع الآخرين
++++++++++++


1- قوة الصلة بالله:


وهي أمر أساسي في بناء المسلم في المراحل الاولى من عمره حتى تكون حياته خالية من القلق والاضطرابات النفسية .. وتتم تقوية الصلة بالله بتنفيذ ماجاء في وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن عباس :

"يا غُلامُ إني أُعَلِّمُكَ كَلِماتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجاهَكَ ، إذَا سَألْتَ فاسألِ اللَّهَ ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فاسْتَعِنْ باللَّهِ , وَاعْلَمْ أنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ على أنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وَإِنِ اجْتَمَعُوا على أنْ يَضُرُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُوكَ إِلا بِشَيءٍ قد كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ، رُفِعَتِ الأقْلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ " رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح وفي رواية غير الترمذي زيادة "احْفَظِ اللَّهَ تَجدْهُ أمامَكَ ، تَعَرَّفْ إلى اللّه في الرَّخاءِ يَعْرِفْكَ في الشِّدَّةِ ، وَاعْلَمْ أنَّ ما أخْطأكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ ، وَمَا أصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَاعْلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ ، وأنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ ، وأنَّ مَعَ العُسْرِ يُسراً"

++++++++++++*


2- الثبات والتوازن الانفعالي :


الايمان بالله يشيع في القلب الطمأنينة والثبات والاتزان ويقي المسلم من عوامل القلق والخوف والاضطراب ...

قال تعالى :

" يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ "

"فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ "

"هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ"

++++++++++++*


3- الصبر عند الشدائد :


يربي الاسلام في المؤمن روح الصبر عند البلاء عندما يتذكر قوله تعالى :

"وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ"

وقول الرسول صلى الله عليه وسلم :

"عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له"

++++++++++++*


4- المرونة في مواجهة الواقع :


وهي من أهم مايحصن الانسان من القلق او الاضطراب حين يتدبر قوله تعالى:

"وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ"

++++++++++++*


5- التفاؤل وعدم اليأس :


فالمؤمن متفائل دائما لا يتطرق اليأس الى نفسه فقد قال تعالى :

"وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُون"

ويطمئن الله المؤمنين بأنه دائماً معهم , اذا سألوه فإنه قريب منهم ويجيبهم اذا دعوه :

"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"

وهذه قمة الأمن النفسي للانسان .

++++++++++++*


6- توافق المسلم مع نفسه :


حيث انفرد الاسلام بأن جعل سن التكليف هو سن البلوغ للمسلم وهذه السن تأتي في الغالب مبكرة عن سن الرشد الاجتماعي الذي تقرره النظم الوضعية وبذلك يبدأ المسلم حياته العملية وهو يحمل رصيداً مناسباً من الأسس النفسية السليمة التي تمكنه من التحكم والسيطرة على نزعاته وغرائزه وتمنحه درجة عالية من الرضا عن نفسه بفضل الايمان والتربية الدينية الصحيحة التي توقظ ضميره وتقوي صلته بالله .

++++++++++++*


7- توافق المسلم مع الآخرين :


الحياة بين المسلمين حياة تعاون على البر والتقوى ,

والتسامح هو الطريق الذي يزيد المودة بينهم ويبعد البغضاء ,

وكظم الغيظ والعفو عن الناس دليل على تقوى الله وقوة التوازن النفسي :

"وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاّ ذُو حَظٍّ عَظِيم"

طارق العفاسي
07-10-2010, 06:03 PM
الإسلام والصحة النفسية
للأستاذ الدكتور/ عمر شاهين
مصر

الحاجة إلى العقيدة :

الإنسان مخلوق ضعيف وخلق الإنسان ضعيفا ويرتد ضعفه إلى خصائص فيه وإلى خصائص في البيئة التي تؤويه فمهـما تعاظم الإنسان فلن يخرق الأرض ولن يبلغ الجبال طولا.. ومهما تزايدت قوته فلن يكون أقوى من الريح التي تعصف الرعد الذي يبرق أو البحر الذي يزبد أو غيرها من قوى الطبيعة التي تغلبه لا محالة ورغم هذا فهو في حاجة إليها في طعامه وشرابه وملبسه ومسكنه وموطنه وملعبه وغير ذلك مما يميزه عن الطبيعة من حوله . والخلاصة أن الإنسان ضعيف ضعف التكوين… وضعيف ضعف الاحتياج.. وضعيف ضعف المقارنة والمجالدة… وضعيف ضعف الجبل بتسبيب الكون وأسبابه وظواهره وبواطنه موتا وحياة بمستقبله وبعلمه بقواعده وقوانينه... وضعيف بالجهل بالمستقبل وما يجري فيه.

ومن منطلق هذا الضعف بدأ اتجاه الإنسان إلى القوة والسيطرة على الدنيا بمخلوقاتها وبدأت رحلته في بحثه عن القوة إلى الالتجاء إلى غيره من البشر فكانت الجماعات والقبائل غير أن هذه القوة المضافة لم تؤثر كثيرا على قدرته في مواجهة الطبيعة بقسوتها وشراستها.. واستمر ضعفه كما هو فاتجه إلى محاولة استرضاء هذه الطبيعة بما يتصور أنه علاقة بينه وبينها يستطيع أن ينميها فيخضعها... وفشلت هذه المحاولة في الوصول إلى غرضها في الوصول إلى القوة ومن ثم الطمأنينة والأمان.. وفي بحثه الكوني اتجه إلى تصور القوة الأكبر لله التي تسيطر على كل هذه القوى الأصغر المناوئة له والتي تثير خشيته وخوفه.. وكما حدث في رواية القرآن عن إبراهيم (وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين ) (75) . فكانت الملاحظة التي وجهه إليهـا الله. ملاحظة الكون سماء وأرضا ليصل في النهاية إلى اليقين. (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين (76) فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين (77) فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يقوم إني بريء مما تشركون (78) إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين (79) وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به. إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون (80) " سورة الأنعام ".

وأخيرا اهتدي الإنسان بخبرته إلى وجود خالقه وخالق الكون الرازق القادر القاهر المصور لكل ظاهره الباري لأسبابها وهكذا بدأت محاولات الإنسان في البحث عن العقيدة من خلال البحث عن الله أملا في طمأنينة وأمن ، وتحقيقا لاحتياجات ورغبات وهكذا بدا أن الاحتياج إلى العقيدة احتياج أساسي ملازم للحياة .

ومع الإحساس الفطري للإنسان بوجود الله الخالق نزلت الديانات السماوية تترى لتنتهي بالعقيدة الكاملة ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا). سورة المائدة/ 3.

العقيدة والعلوم النفسية

وكما قدمنا فإن العقيدة تشمل البشر جميعا حتى إننا نستطيع أن نعرف الإنسان بأنه الحيوان صاحب العقيدة فلا يوجد إنسان بلا عقيدة بمعنى أنه لا يوجد إنسان بلا مفهوم ينظم العلاقة بينه وبين القوى الحاكمة في الكون والحياة أي قوة الله، وهذه العقيدة نجدها في البشر الذين يؤمنون بالديانات السماوية كما نجدها في غيرهم من البشر الذين لا يؤمون بالديانات السماوية.

ومن هنا فالعقيدة فطرة فطر الله الناس عليها ومن هنا كان الحديث الشريف الذي معناه كل مولود يولد على الفطرة، أي وجود الاستعداد للعقيدة ، وإنما أبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه.

أي أن نوعية العقيدة هي التي تحدد بالظروف الاجتماعية التي تحكم الإنسان أما الأصل والعقيدة والاتجاه إليها ففطرة إنسانية.

والدراسة النفسية للعقيدة لا تضيف إليها شيئا بينما هي تضيف الكثير إلى العلوم النفسية إذ إنها تبحث في أسباب التدين ولزومه وهو حقيقة ثابتة ثبات الشمس لا تحتاج لكثير من جهد لإثبات وجودها. ونلاحظ أن اهتمام العقيدة والعلوم النفسية بالإنسان اهتمام متبادل وقديم، ففي المرحلة الأولى من حياة البشرية كانت ترد بعض الأمراض النفسية إلى أسباب دينية كما كانت ترد أحيانا إلى أسباب طبيعية وهكذا نشأت ، دراسات علم النفس الديني والطب النفسي الديني في محاولة لفهم الإنسان من خلال معطيات الدين فالمرض في ضوء هذه المفاهيم سواء كان جسمانيا أو نفسيا ما هو إلا نتيجة للخطيئة أو التلبس بالشيطان وعلم النفس في علاقته مع العقيدة والدين اتجه اتجاهين الاتجاه الأول إلى دراسة فلسفة الدين والاجتماع البشري للدين وتطبيقاته العملية في مجال الوقاية والعلاج وهذه تعرفنا على تسميته علم النفس الديني . والاتجاه الثاني درس قضية التدين أي انتماء الفرد إلى عقيدة وكيف يتم ذلك وأسباب ذلك الانتماء وتأثيره على سلوك الفرد والجماعة... وهذا الاتجاه أصبح يعرف بعلم نفس التدين .

ويمكن أن يرد ظهور هذين الاتجاهين العلميين إلى أواخر القرن الماضي .

الديناميكيات والوظائف النفسية للدين :

من المؤكد أن الطقوس الدينية تقوى القدرة على التحكم في الغرائز والدوافع وخاصة تلك الدوافع التي تكسر الحدود الاجتماعية للسلوك.

وقد يصل "فرويد" إلى الرأي بأن الدين يقلل من إحساس الفرد بالقلق كما يحمي من القلق الناتج عن الإحساس بعدم القدرة في مواجهة قوى الطبيعة والدين يشبع احتياجات الإنسان. كما إنه يتصور أن مصير الإنسان يحدده سلوكه في الدنيا وعلى هذا الرأي فإننا نستطيع أن نفترض أن الدين يؤكد اختيار الإنسان لسلوكه وبالتالي لمصيره وهكذا يدفع الإنسان إلى تأكيد اجتماعية وتعديل سلوكه الاجتماعي لمزيد من التكيف وذلك من أجل تحقيق المكاسب لذاته سواء في الدنيا أو الآخرة.

كما يعتقد فرويد أن العقيدة تحمي الإنسان من اليأس بإعطائه الفرصة لتأكيد علاقته بالله واعتماده عليه . وإن كان قد صور هذا الاعتماد بأنه اعتمادية الطفل على والديه تعاد إليه في الكبر بشكل اعتمادية الفرد على الله- وبصرف النظر عن هذا الوصف المبين فالحقيقة أن الدين يدعوه إلى مزيد من الاعتماد على الله .

كما أن الدين بتأكيده على الحياة الأخرى يقلل الخوف من الموت كما يقدم الوسائل للتكفير عن الخطيئة كما يعطي الإنسان المهرب التأملي المتسامي من متاعب الحياة.

ومن الواضح أن الدين الإسلامي بالإضافة إلى هذه الميزات التي يحققها الدين للبشر يؤدي إلى نوع من التنظيم الاجتماعي فالمجتمع هو الأصل والأفراد من مكونات المجتمع "مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر" وإذا كان فرويد قد افترض وجود العواطف لتربط المجتمع وأن المجتمع لا يعمل ولا يؤدي وظائفه بمجرد وجوب العواطف وإنما كما يفترض الإسلام لابد من وجود القدوة في شخص القائد الاجتماعي ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الأخر ). سورة الأحزاب/ 21 .

والافتراض بأن الإيثار في الإسلام هو سمة الفرد في مواجهة مجتمعه فإن المجتمع الإسلامي يكون أكثر ترابطا وأقدر على التلاحم والعمل .
ومن المؤكد أن التنظيم الإنساني للمجتمع في الوقت الحاضر قد زاد تعقدا عن التنظيم الذي بدأ به الإسلام غير أن هذه الرؤية لم تكن غائبة عن الإسلام فالرسول المعصوم هو الذي يقول "أنتم أعلم بشئون دنياكم وعلى قاعدة المنافع المرسلة فإن تنظيم المجتمع بصورة أكبر يقبله الإسلام ورسوله.

كما أن عدم الفصل في الإسلام بين الدين والحكم إذ أن الرسول هو أول حاكم مسلم وخلفاؤه أمراء المسلمين- عدم الفصل هذا أكد على قوة التنظيم الذي يدعو إليه الإسلام للمجتمع وأعطاه نوعا من القدسية التي انتشرت في سلوكيات المجتمع .

من تنظيم المجتمع الذي يدعو إليه الإسلام تنظيم الأسرة والزواج والطلاق وحماية المجتمع من الجريمة من خلال الحدود وتطبيقها ليأمن الإنسان على نفسه وعرضه وماله. وهكذا تزداد الطمأنينة النفسية للفرد في المجتمع الإسلامي .

ومن النقاط الأساسية في التنظيم الإسلامي للمجتمع رفضه لمبدأ الرهبانية التي تترك الدنيا بما فيها في تصور أن هذا هو طريق الخلاص فرسول الله يصوم ويفطر ويقوم وينام ويعاشر النساء ويقرر "فمن رغب عن سنتي فليس مني " ورفض الإسلام للرهبانية ينبني على الأسس الآتية:

ا- إن للإنسان دوافع بيولوجية ونفسية واجتماعية والإسلام باعتباره دين الفطرة لا يمكن أن يمنع إشباع هذه الدوافع مادامت في الإطار الاجتماعي الذي وضعه الإسلام لتنظيم المجتمع .

2- أن الرهبانية ابتعاد عن العمل الإيجابي تحت افتراض أنه إيجابية في اتجاه العبادة والإسلام يفترض أن المشاركة في بناء المجتمع أكثر فائدة في غير ترك للاتجاه إلى العبادة "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا .

ولهذا فقد اتخذ الموقف المتوسط (وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) سورة البقرة / 143. لأن التوسط أقرب إلى غالبية البشر من التطرف. والإسلام دين الجميع.

3- إن الرهبانية تطرف في العمل الأخروي وكما قدمنا فإن الإسلام دين الجميع وليس دين التطرف ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) سورة البقرة / 143. وإن كان الإسلام باعتباره دين الأبد أن يتميز وأن يميز أبناءه والتمايز صفة لازمة لكل "جماعة ولكل مجتمع ولكل منظومة، وعدم التميز يفقد المؤسسة الاجتماعية أيا كان مستواها علوا إلى الدين أو انخفاضا إلى الأسرة باعتبارها اللبنة الاجتماعية الأولى بفقد المؤسسة الاجتماعية حقيقيا وكيانها وتكوينها. والتمايز الإسلامي بالعبادة ( سيماهم في وجوههم من أثر السجود) سورة الفتح / 29. والتميز بالتقوى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) سورة الحجرات / 13.

والدين والدولة يطالب كل منهما المنتمون إليهما بالولاء والانتماء فعندما تتعرض الدولة للاعتداء أو للكوارث الكونية فإن المواطنين فيها يتجمعون للدفاع عنها.. أما في حالة حدوث الكوارث الطاغية مقدما تكون الدولة قد أخطأت في حق نفسها وفي حق مواطنيها بصورة أو أخرى أدت إلى الكارثة فإن المواطنين قد يهجرون هذه الدولة بطريقة غير أخلاقية لا يرعون في ذلك حقها عندهم في الدفاع عنها. أما عندما تكون الدولة في حالة رخاء والمواطنون مستريحون فيها فإن سلطانها على المواطنين يقل وكأن انعدام التحدي أو قوة التحدي كذلك تفقد الدولة ولاء مواطنيها لها.. وعند فقد التحدي وانعدام الانتماء والجحود فإن الدولة من جانبها توقف تقديم خدماتها لأبنائها.

والجحود في الجماعة للدولة تتعدد أنماطه ومظاهره. فقد يفقد الفرد اهتمامه بالجماعة ويتجه كلية إلى الاهتمام بمصالحه وحياته الخاصة أي أنه يجري وراء متعه الخاصة وقد يكفر بالمجتمع وقيمه وقوانينه.. وهكذا يأخذ اتجاها مضادا للقانون. وقد يترك جماعته وتنتظم في جماعة أخرى. وقد يشارك في جماعات الرفض التي تهدف الى تغيير نظام الحكم.. ومثل هذه الاتجاهات تساعد على انتشار القلق النفسي في المجتمع وخاصة في أوساط الشباب.

أي إذا اتزن العطاء العاطفي والمادي للأفراد في المجتمع مع العائد الذي يقدمه المجتمع فإن المجتمع يستمر ويقل القلق النفسي بالتالي .

وفي الدين الإسلامي فإن الاتزان بين معطيات الأفراد للدين ومعطيات الدين للفرد يقع تماما بشكل مستمر وكأنه قاعدة مضطردة الأمر الذي يخفض تأثيرات القلق في الجماعة المسلمة. ويحدث ذلك فيما يلي:-

ا- الاتزان في ا العلاقة بين الفرد المسلم والله : (وقال ربكم ادعوني.. أستجب لكم ) سورة غافر/ 60. وفي الصلاة لا يحل الله من الصلة بالإنسان حتى يحل الإنسان نفسه. وفي الآيات الله يساند الإنسان عن قرب (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) غير أن التعامل له جانبيه التقويميين السلبي والإيجابي ( نبىء عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم ) سورة الحجر/ 49.

2- الاتزان بين الفرد والحاكم المسلم هذا الاتزان قائم على أساس أن مسئولية الحاكم عن كل فرد تحتم أن يحقق له حقه ولو كان في أبعد بلاد المسلمين وحتى بدون طلب ولا ننسى العربية التي خلعت قلب عمر بتذكيره مسئوليته (يتولى أمرنا ويغفل عنا" فعلى قدر السلطة يكون البذل والعدل ولنذكر الشعار الإسلامي ( إن رأيتم في اعوجاجا فقوموني) يقوله الحاكم.. فيرد المحكومون " لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا".

3- الاتزان في العلاقة بين المسلم والمسلم: إن تعامل المسلم في مجتمعه يلزم أن يرعى فيه وجه الله سواء كان هذا التعامل في التعامل العملي في المعاملات أو في التعامل الإيثاري "الزكاة.. وغيرها" (فأينما تولوا فثم وجه الله ) سورة البقرة/ 115. والله مطلع على عباده، ولا يرضى من عباده الكفر.

4- الاتزان في العلاقة بين المسلمين وغيرهم من الطوائف : ويعتمد هذا الاتزان على النصوص ( لا إكراه في الدين ) سورة البقرة/ 256، ( ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى) سورة المائدة/82.

كما يعتمد على العدل معهم حتى من المنتسب إلى السلطة ويكفي أن نتذكر قصة عمر مع ابن عمرو بن العاص وموقفه من الذمي وقوله اضرب ابن الأكرمين ، وأمره عندما اشتكى له ذمي عجوز الفاقه فأمر للذمي بما يكفيه من مال المسلمين ويقول ما معناه ما عدلنا إذا أكلنا شبابه ولم نرحم شيخوخته .

الإسلام والصحة النفسية

تعاريف:

1- الإسلام: هو ذلك الدين القيم الذي ينظم العلاقة بين العبد والرب وبين الفرد والفرد مهما اختلفت المستويات، والمفاهيم ولهذا فإننا نجد ركيزتين في الإسلام الركيزة الأولى هي العقائد والركيزة الثانية هي المعاملات التي تنظمها الحدود.

2- الصحة النفسية : ومع وضوح تعريف الإسلام وبساطته فإننا إذا أردنا تعريف الصحة النفسية لوجدنا اختلافا كبيرا.. ونورد هنا بعض التعاريف التي توضح مفهوم الصحة النفسية .

الصحة النفسية

ا- الصحة النفسية هي انعدام المرض النفسي والاتجاه إلى السلوك السوي.

وعلى بساطة هذا التعريف إلا أننا نواجه فيه بعض الصعوبات وهي :
ا- أن السلوك السوي يصعب تحديده فهو يختلف من جماعة لجماعة حسب التقاليد السلوكية السائدة كما تختلف من فرد إلى فرد.

2- إن الأطبباء النفسيين يتدربون على اكتشاف السلوك غير السوي وليس على تقدير السلوك السوي الأمر الذي يصعب معه تحديدهم السلوك السوي نتيجة لقلة التدريب فسلوك شرب الخمر ترفضه بعض الجماعات وتقبله الجماعات الأخرى فأي السلوكين يكون سويا بالنسبة لجماعة وغير عادي بالنسبة لجماعة أخرى. وحتى في الجماعات التي تقبل سلوك شرب الخمر فإنها تميز بين سلوك شرب الخمر الاجتماعي . الذي يقبله المجتمع وسلوك شرب الخمر الذي لا يقبله المجتمع ويعتبره سيئة أو مرضا يعالج.

كل هذا يجعل من الصعب تحديد أنماط السلوك السوي بشكل نهائي ولعل هذا النقص هو الذي دفع الأطباء النفسيين في هذه الآونة إلى محاولة الدراسة المقارنة للسلوك القوي للجماعات المختلفة.

وفي هذا التعريف فإن الصحة النفسية هي أن يكون الإنسان طبيعيا. ويفترض أن الإنسان في العادة يكون سويا وأن السواء بهذا ظاهرة عامة وعلى هذا فإن السلوك يكون في حدود الطبيعي عندما لا توجد مؤشرات على سلوك شاذ والصحة لهذه الصورة هي الممارسة الطبيعية للحياة (رومانو 1950- لودوج 1975- ورومن 1978). ويعتبر المرض هو الانحراف عن مسار الصحة.

2- الصحة النفسية هي التكامل بين الوظائف النفسية إلى حد الكفاءة :

وهكذا فإن هذا التعريف يلزم أن يتم أداء الوظائف النفسية بنوع من المثالية والكفاءة لتحقيق حالة الصحة أو السواء- ونظرا لهذه النظرة المثالية في هذا التعريف فقد افترض فرويد (1937) أن الصحة النفسية أو السواء النفسي نوع من الأسطورة.

وفي هذا التعريف نعتبر الصحة النفسية غاية لا تدرك، ونلاحظ أيضا في هذا التعريف أن هذه الغاية المفترضة ستختلف من مجتمع لمجتمع حسب تصور المجتمع للصورة المثالية للفرد الصحيح.

3- الصحة النفسية هي متوسط سلوك المجموع أو الجماعة:

وهذا التعريف يعتمد بالدرجة الأولى على القيم الإحصائية فالسلوك الذي يقوم به غالبية الناس هو السلوك المتوسط الذي يحدد مجال الصحة النفسية وحدودها ويعتبر المقدم عليه سويا والمقدم على غيره غير صحيح.

ومن هذا التعريف فإن الالتزام بسلوك الغالبية يصبح هو السلوك النفسي السوي الذي يسعى كل الأفراد لتحقيقه لأنفسهم. ويصبح التطرف والبعد عن سلوك الغالبية سلوكا غير سليم. بمقياس الصحة النفسية وهكذا يعتبر هذا التعريف أي سلوك تقويمي أو تعديلي يدعو إليه مصلح سلوكا غير سوي.

4- الصحة النفسية هي التفاعل المتزن والمتكامل بين مكونات الإنسان:

في هذا التعريف يصور السلوك السوي بأنه تفاعل متغير ومتزن على مدى الزمن. والتغير المتطابق مع الزمن أساس في تحديد السلوك السوي.

وبعبارة أخرى ففي هذا المفهوم يهتم الدارس بالتغيرات والعمليات الناشئة عنها والتي تصل بالفرد إلى السواء أكثر من اهتمامه بالتحديد الاستاتيكي الجامد لحالة السواء كما هو الحال في التعريفات الثلاثة السابقة وعلى هذا فلفهم الصحة النفسية لشخص لابد من متابعة المتغيرات المختلفة المؤثرة في سلوكه على أساس التطور الناشيء من خلال مرور الزمن وهذه المتغيرات هي الجوانب البيولوجية والنفسية والاجتماعية. ثم متابعة مدى الاتزان في سلوكه نتيجة لحدوث أي من المتغيرات.

ويرد هذا المفهوم إلى كثير من الباحثين مثل "جرنكر وأنجل ".
وتصوري أن المفهوم الإسلامي للصحة النفسية هو أقرب إلى هذا المفهوم الذي يلزم النظر إلى التفاعل المتزن بين المؤثرات المختلفة فالإسلام يهتم:-

ا- بالصحة الجسمية "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف "، "علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل ".

2- بالصحة الروحية : من خلال تصحيح العقيدة ومن خلال التفاعل من مكونات النفس (النفس الأمارة - النفس اللوامة).

3- بالمجتمع وسلامته فالإسلام يهتم بالتربية بالتركيبات الاجتماعية المختلفة كالأسرة والجماعة.

وبالتالي فالتفاعل بين هذه المكونات هو المفهوم الإسلامي الذي يؤدي في النهاية إلى صحة نفسية للفرد المسلم.

وهكذا يمكن أن نصل إلى تعريف للصحة النفسية بأنها تفاعل متزن بين العوامل الاجتماعية والنفسية بما في ذلك التوجيهات الروحية تؤدي إلى مزيد من القدرة على الوصول إلى المعرفة، والإدراك الصحيح لكل ما يجري داخل الإنسان وخارجه، كما تعطي الإنسان القدرة على تصحيح الأخطاء سواء كانت هذه الأخطاء في المعلومات التي تصل إليه أو في الأفعال والأقوال التي تصدر عنه، كما يساعده في اتخاذ القرارات واستخدام كل هذه المعطيات في العمل والتصرف والتعبير عن الذات والاستجابة للآخرين .

العلاقة بين الإسلام والصحة النفسية :

أ- هي علاقة الكل بالجزء .
2- هي علاقة الثابت بالمتغير.

وعلى هذا
فحدود الإسلام تشمل الصحة النفسية وحدود الصحة النفسية لا تشمل الإسلام.

والإسلام دين خالد باق... والصحة النفسية قواعدها متغيرة تختلف مع تقدم العلم والمعرفة وتختلف مع العمر من مرحلة إلى مرحلة وتختلف مع الزمن من جيل إلى جيل.. ومن مفهوم او مدرسة إلى مفهوم ومدرسة .

الإسلام عقيدة والصحة النفسية علم والعقيدة دين لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والصحة النفسية كعلم معرض للخطأ والصواب تحكيما وطريقا وتعديلا.

الإسلام والنفس :

ابتداء ينبغي أن نقرر أن القرآن كتاب عقيدة وليس كتاب علم وأن ما ورد به من معارف
علمية كانت على سبيل ضرب الأمثال ( ويضرب الله الأمثال للناس ) سورة النور / 35.

وعلى هذا فلا نتصور أن الإسلام بالتالي علم يتصدى للقضايا العلمية. وإنما هو منهج حياة وأنه في هذا المنهج يعتمد على جملة قضايا يحددها سبيلا واضحا. (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ) آخر سورة الأنعام/ 153 . ونورد هنا نظرة الإسلام إلى بعض المفاهيم النفسية كما نتصور... وهي محاولة للاجتهاد فنعرض للصواب والخطأ. ونرجو من الله أن ننال ثواب المجتهد إن أخطأ وإن أصاب.

أ- مفهوم النفس:

النفس كما يتحدث عنها علم النفس مشكلة موضع خلاف فبعض الباحثين يعرفون النفس على أساس تركيبي وبعضهم يعرفها على أساس وظيفي .

ا- الأساس التركيبي :
أكثر التوصيفات التركيبية شيوعا للنفس هي ما أشارت إليه مدرسة التحليل النفسي أن اعتبار النفس تركيب من أجزاء هي :
إلهي ID

الأنا Egg

الأنا الأعلى Superego

وأن هذا التركيب بمكوناته هو ما يمكن أن نعتبره النفس ومن الطبيعي أن يكون لهذا التركيب البسيط جزئيات وتفريعات وتطويرات تشمل الكثير من الأفكار والمدارس.

2- الأساس الوظيفي :

وبعض لباحثين يسقطون الجانب التركيبي للنفس نظرا للاختلاف البين في مجاله حيث أنه يضيف تركيبا مجردا لا جسم له.. ويلجأون إلى تعريف النفس باعتبارها التركيب الذي يؤدي الوظائف النفسية الأساسية وهي:

أ- الوظيفة المعرفية بدءا من الإحساس والانتباه والإدراك والتفكير والتصور والتذكر.
ب- الوظيفة الوجدانية بمكوناتها من المشاعر والانفعالات والعواطف.
ب- الوظيفة النزوعية بمكوناتها من الحركة والكلام والإرادة والقدرات العامة والخاصة والدوافع.

ب- النفس في المفهوم الإسلامي:

إن النفس في القرآن وردت بمفهوم الذات.

(وإذ قال موسى لقومه ياقوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم ). سورة البقرة/ 54.

وقد ورد في القرآن صنوف النفس أتصور أنها جزء من مكونات النفس. وهي:
النفس الأمارة (إن النفس لأمارة بالسوء). سورة يوسف/ 53.
النفس اللوامة: وقد أقسم بها الله (ولا أقسم بالنفس اللوامة). سورة القيامة/ 2.

وفي تصوري أن وجود هذين التكوينين في النفس الإنسانية يتوازى مع مفهوم "اللهو" في التحليل النفسي وتعني الجزء من النفس الذي يشمل الغرائز والرغبات وغيرها "والأنا الأعلى" وهو ما يمثل الضمير الذي يشمل نتاج التربية والتعليم من الوالد للأبناء. ونتاج الاختلاف بين التركيبين النفسيين هو ما تواضع الباحثون على تسميته بالصراع النفسي الذي ينتهي باتخاذ السلوك موقفا إلى جانب أي من الطرفين وهو ما أشار إليه القرآن (وهديناه النجدين ) سورة البلد/ 10. (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) سورة الإنسان / 3.

وبينما أخذت نظرية التحليل النفسي بحتمية السلوك الإنساني، أخذ الإسلام، بمنهج اختيارية السلوك كما "قدمنا ( وهديناه النجدين ) سورة البلد / 10 ، ومن هنا كانت مسئولية الاختيار تقع على عاتق الإنسان الفرد.

وقد ذهب المفهوم الإسلامي خطوة أوسع فاعتبر أن السلوك هو محل الحكم (فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة والسابقون السابقون ) سورة الواقعة/ 8 . وفي تقويمنا لسلوك الآخرين فإن الإسلام اتجه إلى التقدير على ظاهر السلوك "أمرت أن آخذ الناس بالظواهر وعلى الله البواطن " بينما اتجه التحليل النفسي إلى البحث عن الدوافع وتقويمها في اللاوعي الأمر الذي يوقع الإنسان في كثير من الأخطاء لان ما بالداخل ما هو إلا دليل قطعي عليه وما هو إلا رأي الباحث وظنه .

وفي صراع الإنسان النفسي بين النفس الأمارة واللوامة فإنه يصل في النهاية إلى تغليب جانب الخير في نفسه وهنا يصل إلى درجة من الاطمئنان النفسي يؤكدها إيمانه بالله وغيبه وقضائه وقدره واليوم الآخر والملائكة والنبيين.

وهنا تصبح ذاته مطمئنة تستحق أن توصف بلفظ "النفس المطمئنة" فإن النفس المطمئنة هدف يقصده كل إنسان خروجا من الصراع النفسي الذي يعيشه .

وتقويم القرآن للنفس على أساسها أنها الذاتي قد يلزمنا أن نذكر بعض الشيء عن سيكولوجية الذات كمنهج دراسي .

سيكولوجية الذات Ego psychology

تعتمد مدارس سيكولوجية الذات على القواعد الآتية:
ا- الاهتمام بالشعور وشبه الشعور- بدلا من العمق في اللا شعور.
2- إعطاء الاهتمام الأكثر للذات الشعورية - فهي محور التعامل.
3- الإنسان طاقة وقدرة يمكن أن يواجه المواقف.
4- الجانب البيئي له أهمية كبيرة في الدراسة- فإن المشكلة الفردية ما هي إلا نتاج تفاعل الجانب الذاتي والبيئي معا.
5- الاهتمام بالحاضر في المقام الأول على أساس أنه هو المؤثر الأصيل في المستقبل.
وظيفة الذات تنحصر في العمليات الآتية :

ا- المواءمة بين نزعات الذات العليا والذات الدنيا.
2- المواءمة بين الشخصية ككل وبين المجتمع الذي نعيش فيه.

بعض تعريفات سيكولوجية الذات :
الذات: هي الجهاز المنظم للشخصية كما أنها الجزء الواعي منها والذي يمكن أن يوجه إليه الجهد لتستعيد الشخصية قوتها وحيوتها .

تقوية الذات: يعتمد على الممارسة لنصل إلى الإدراك ولنحس بالمشاعر ونقوم بالتصرف بكفاءة عالية.

تقويم الذات: يستند على نموذج لقياس الذات السوية (النموذج المحدد في الإسلام هو شخصية الرسول ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) . سورة الأحزاب/ 21.

المشكلة الإنسانية في سيكولوجية الذات؟

ترجع المشكلة الإنسان في مدارس سيكولوجية الذات إلى الاحتمالات الآتية:

1- عدم إشباع الحاجات الأساسية للفرد وقد عمل الإسلام على تخفيفها بالقواعد العديدة ومنها:
أ- إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه.
ب- الزكاة والطقوس الإسلامية وإشباع الحاجات الأساسية.
ب- مسئولية الحاكم تجاه المحكوم: لو عثرت بغلة بالعراق لوجدتني مسئولا عنها يوم القيامة لمَ لمْ أسو الطريق.

2- الضغوط الخارجية : وعلاجها تخفيف الضغوط التي تؤدي إلى الإحباط وقد اعتمد الإسلام على منطلق وحدة المسلمين وتعاونهم لتخفيف الضغوط الواقعة على الفرد المسلم والجماعة المسلمة .

3- الصراع النفسي بين الرغبات والدوافع: وقد عالج الإسلام هذا العامل بالتوحيد فكل عمل ينبغي أن يتجه إلى الله ويراعى فيه وجهه.

مناهج الإسلام والصحة النفسية

الإسلام يقوم على ركيزتين أساسيتين (1) العبادات والعقائد، (2) المعاملات. وفي التطبيق الحياتي كان لابد من وجود الحدود لضبط المجتمع.

وفي هذه العجالة سنتصدى لشرح العبادات والمعاملات والحدود وآثارها على الصحة النفسية للفرد والجماعة.

العبادات وتأثيرها على الناحية النفسية؟

بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان.. وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا.

ا- الشهادتين : شهادة أن لا إله إلا الله

إنها الإقرار بالوحدانية لله وعلى هذا اعتباره هو القوة الوحيدة الحاكمة ويؤدي هذا الإقرار إلى ما يلي :

أ- الإحساس بالتجانس في الكون واتساق القوانين المنظمة لهذا الكون لأن مصدرها واحد وبالتالي سيؤدي هذا الإحساس بعدم التناقض بين القوى الدنيا في تفاعلها مما يجعل الإنسان يحس بالاستقرار ثم الاطمئنان... وذلك من خلال الاطمئنان إلى حكم الله الواحد والرضى بقضائه "من لم يرض بقضائي فليخرج من تحت سمائي.

2- الإحساس بقدرة الله الواحد في خلق هذا الكون الأمر الذي يؤدي إلى الاطمئنان إلى هذه القدرة والرضى بقضاء الله خيره وشره... مما يؤكد على مزيد من الاطمئنان النفسي..

3- الإحساس بحاكمية الله وما كان الله ليحكم من غير حكمه وعلى هذا نستقبل الإنسان وحياته وقدره مضمون ومحكوم بالحكمة الإلهية... مما يزيد الإنسان ثقة في نفسه وحاضره ومستقبله... مما يقلل من قلقه ويدفع إلى مزيد من الاطمئنان.

شهادة أن محمدا رسول الله

كما سبق أن ذكرنا فإن الإنسان في حاجة دائمة لتقويم ذاته في علاقته المعقدة مع غيره ومع نفسه ومع الله .

ومن هنا كان الإقرار بنبوة محمد هو اختيار للنموذج الذي نقيس إليه أنفسنا.. هذا النموذج الذي اتصف بأنه الرحمة المهداة.. والأسوة الحسنة.. ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) سورة الأنبياء/ 107. ومحاولة الوصول إلى صفات هذا النموذج من خلال الممارسة كان للارتفاع بالأداء الإنساني إلى:

ا- أسمى درجات الكفاءة في العمل.
2- أفضل المناهج الأخلاقية في التعامل مع البشر في التسامح... والإيثار.. والعدل.
3-) أفضل المناهج في تقويم الذات.. بالاعتراف بالخطأ وتربية الذات بالتحكم في رغباتها غير المشروعة.
4- أفضل المناهج في التعامل مع الحياة.. فالتفاؤل هو القاعدة استنادا إلى التوكل على القادر (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتهـا الأنهار). سورة البقرة / 25.

ومن هنا تكون حياة المسلم أكثر كفاءة وتفاؤلا وعلى أكبر اتساق مع القيم.

2- الصلاة ( إن الصلاة كانت عل المؤمنين كتابا موقوتا ) سورة النساء / 103.
الصلاة مخ العبادة وهي بهذا المفهوم تربية سلوكية على جملة خصال :

ا- الانتظام واحترام الزمن.. والتعامل في الحياة عل أساس زمان مقرر فلكل صلاة وقتها .
2- تعود النظافة من خلال عمليات الطهارة والوضوء .
3- تعود الارتباط بالجماعة من خلال صلاة الجماعة .
4- تعود الطاعة في غير المعمية من خلال متابعة الإمام.
5- تعود الاستماع من خلال الاستماع إلى تلاوة القرآن .
6- تعود النظام من خلال الوقوف والركوع والسجود .
7- تعود الخشوع والاتجاه إلى الله الأمر الذي يرفع قدرة الفرد على التسامي .
8- تعود الإحسان في العمل من خلال الأداء المنضبط للصلاة ثم من خلال النوافل تأكيدا للعمل. وازديادا في القرب من الله وهكذا فإن الصلاة تدريب سلوكي يصحح كثيرا من أخطاء البشر في التعامل ويمهد الإنسان لصحة نفسية أسلم .

3- الزكاة :

الزكاة هي تدريب على عادات سلوكية إيجابية محددة ومع تكرارية التدريب تصبح هذه العادات جزءا لا يتجزأ من سلوك الإنسان... هذا السلوك الذي يتصف بجملة من المفاهيم والصفات أهمها : ـ

ا- قيمة المال: قيمة المال ليست قيمة مادية نهائية متناهية وإنما قيمته فيما يؤديه من وظائف وأعمال دنيوية ودينية فالزكاة طهارة للمال بالمعنى الديني .
2- قيمة التكافل الاجتماعي من أفراد المجتمع غنيهم وفقيرهم في مقابل القيمة السلبية للفردية على إطلاقها .
3 - قيمة الإيثار في مقابل قيمة الأثرة.
4- التعود عل الأخذ والعطاء. في حركة ديناميكية إيجابية تمتد لتشمل كل إمكانات الحياة وليس المال فقط .

ومن المفيد أن نقرر أنه رغم تقرير الإسلام لمبدأ الزكاة إلا أنه دفع القيمة السلبية الناتجة عنه وهي الاعتماد على الآخرين من جانب غير القادر. ولذلك قرر الرسول أن اليد العليا خير من اليد السفلى.. كما قرر "لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب خيرا له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه " .
فحق الفقير في الزكاة نظمه شجب المسألة وتفضيل العمل ( فالمسلم القوي خير وأحب إلى الله من المسلم الضعيف . سواء كانت هذه القوة بدنية أو نفسية أو اتحادية أو إيجابية أو غير ذلك .

4- الصوم :

"كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي "
والصوم عبادة حقيقية إذ من العسير على الرائي أن يحدد صدق الفرد في صومه.. ولكن الفرد يعرف حقيقة صومه. ومن هنا كانت قيمة الصوم في أنه يناسب بين المشاعر الداخلية والنية الحقيقية من ناحية والسلوك الخارجي العام. هذا الاتساق يفتقده البشر... وانعدامه هو أساس النفاق في المجتمع. فكانت إحدى القيم الحقيقة للصوم هي البعد عن النفاق كسلوك ونحن نعلم أن النفاق من الناحية النفسية يترك الإنسان في حالة من التفسخ بين ما يراه صحيحا وما ينطق عنه بلسانه الأمر الذي يجعله يحس بعدم التجانس النفسي وعدم الوفاق الداخلي تحقيقا لمنفعة . وانعدام التجانس الداخلي يزيد من توتر الإنسان وقلقه خاصة في انتظاره لثمرات قد لا تأتي من خلال سلوكه الثقافي .

والصوم من الناحية النفسية يضيف سلوكيات جديدة للإنسان مثل:-

ا- الصبر على احتياجات الجسد وإمكانية تأجيلها ونحن نعلم أن تأجيل إشباع الاحتياجات العضوية والنفسية والاجتماعية أحد الميكانيكيات الدفاعية الإيجابية لحل التوتر وتحقيق الاطمئنان النفسي .

2- الإحساس بالانتماء لأفراد الجماعة. وهذا الإحساس بالانتماء تغذيه كل العبادات في الإسلام. فالكل يمارس كل العبادات.

5- الحج :
الحج عبادة. منفردة في أن تركيزها الأصيل على :

أ- تأكيد الإيمان بالله وحده.
ب- التأكيد على وحدة الأمة.

في تعاملها وتحقيقها لمنافعها الدينية والدنيوية على حد سواء.

وتتبين هذه الوحدة في المظاهرة الآتية :

1 - الإجرام...
2 - توحيد الطقوس في الزمان والمكان والمناسك بالنسبة للجميع.
3- توحد زمن انتهاء الحج .
4- تعرف الناس على بعضهم البعض وتعارفهم جماعات وأفرادا.

وكأن الحاج يقول الله واحد وأمته واحدة.. وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون وإذا كان الإيمان بالله الواحد يبدأ مع الشهادة . إلا أن وحدة الأمة تعني من الناحية النفسية:

أ- إشباع دوافع انتماء الفرد للجماعة وأنه فرد واحد في هذه الأمة الكبيرة .
2- إشباع دافع إحساس الفرد بتقدير الجماعة.
3- إشباع دافع العمل الجمعي لتحقيق الأهداف الكلية.

وهكذا فإنه مع إشباع هذه الاحتياجات الاجتماعية يزداد الاطمئنان النفسي والثقة بالنفس في المسلم وفي جماعته.

المعاملات في الإسلام والصحة. النفسية

ا- علاقة الإنسان بالمال في الإسلام:
الإنسان مستخلف من الله على ما يملك في نظر الإسلام .
- إني جاعل في الأرض خليفة.....
- مال الله الذي آتاكم.

والاستخلاف أو التوكيل بالمعنى المتداول لا يلغي ملكية الأصل أو حقه في التصرف. ومن هنا كان التصرف في المال في الإسلام نابعا من أوامر الله ونواهيه.

وفكرة الاستخلاف تضعف بالتالي من العلاقة بين الإنسان والمال الأمر الذي يسهل عليه تقبل تعاليم الله فيه. والإسلام يقر بمبدأ الملكية الفردية ويحدها بالزكاة وهي حق المجتمع.
فالمال وظيفة اجتماعية قبل أن يكون ملكية .
وهذه الفطرة المتوازنة تؤدي إلى جملة مظاهر :

أ- المال للمسلم. ليس رِباً بعد وإنما هو وظيفة يشاركه فيها المجتمع.. الأمر الذي يزيد. من الاتجاه إلى التكافل الاجتماعي .

ب- نظرة الأبناء (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) سورة الحشر/ 9. يؤكد معنى التكافل .

والتكافل الاجتماعي يؤدي إلى وحدة الأمة وجدانيا وبالتالي إلى استقرارها وأمنها... ومن هنا نصل إلى كثير من الطمأنينة النفسية للقادر وغير القادر.

2- التعامل في المال :

حرص الإسلام على تأكيد حرمة المال أي حق الإنسان فيما استخلفه الله فيه ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) . سورة البقرة / 188 .

كم نهى عن غش الناس في التعامل "من غشنا فليس منا " ويل للمطففين ). سورة المطففين/ا

كما أمر بأداء الأمانات ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) سورة النساء / 58. كما أمر بكتابة التعاملات ( إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ) سورة البقرة / 282. كما حرص على احترام التعاقدات ( وأوفوا بالعقود ) ، سورة المائدة / 1. كما حرص على الشهادة لتأكيد الحقوق .

( ولا يـأب الشهداء إذا ما دعوا) سورة البقرة / 282.
( ولا تكتموا الشهادة ) ، سور البقرة /283 .

كما أكد على وجوب التنمية ( فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه ) سورة الملك/ 15، وهكذا يأمن المجتمع فيأمن الفرد وكل هذه التعاليم تساعد على التداول السليم للأموال وبالتالي إلى استقرار المجتمع والفرد .

3 - المواريث :

إن نظرة الإنسان الى المواريث هي امتداد لنظرة الاستخلاف في المال وتوزيع الميراث على الورثة طبقا للقواعد الإسلامية المعروفة يؤكد .

ا- معنى العدل.. في التقسيم على المستحقين .
2- مراعاة الاحتياجات في منح الذكر مثل حظ الأنثيين .

وهكذا يرسي الإسلام مزيدا من القواعد لاستقرار المجتمع الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من الاطمئنان النفسي .

4- قواعد السلوك في المجتمع :

والقواعد التي وضعها الإسلام للسلوك الاجتماعي يطول شرحها إلا أننا من الممكن أن نوجز بعضا منها فيما يلي : ـ

1 - قاعدة العلو والوصول إلى حقيقة المعلومة ويدخل في ذلك المعلومة الاجتماعية التي تؤثر على العلاقات ( إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) . سورة الحجرات /6 .

2- قاعدة التعاون .. ( كمثل الجسد ) ..

3- قاعدة الإيثار والمساحة ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) سورة الحشر / 9 . " رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى " .
4-. قاعدة القدوة الحسنة "مثل الجليس الصالح "... الخ.( ولكم في رسول الله أسوة حسنة)
5-- قاعدة العدالة:( اعدلوا هو أقرب للتقوى". سورة المائدة / 8.
6-- قاعدة التناصح لتصحيح السلوك .

وهذه القواعد السلوكية وغيرها التي تستمد تأثيرها على الفرد من إيمانه بالعقيدة كفيلة بإيجاد المجتمع الفاضل الذي ينتج الإنسان الفاضل.. وهكذا تتحقق سعادة المجتمع فسعادة الفرد.

الحدود والصحة النفسية:

الحدود هي العقوبات التي فرضها الله سبحانه وتعالى على مرتكبي الجرائم في المجتمع الإسلامي. ويلاحظ أن العقوبات في المجتمع الإنساني مرت بفترة كانت فلسفتها هي فلسفة الانتقام للمعتدي عليه. ولذلك كانت تقع أحكام غريبة مثل الحكم بتفتيت الحجر الذي تسبب سقوطه في إصابة شخص... وهكذا ثم مرت فترة كانت فلسفة العقوبات هي إصلاح حال المجرم. وفي هذه الفترة اتجه المشرع إلى تخفيف العقوبات وحتى إلى إلغاء الإعدام على جريمة القتل وتحسين أوضاع المجرمين في السجون وتعليمهم ما ينفعهم، غير أن الإسلام لم يأخذ بأي من الاتجاهين في موضوع الحدود إذ أن الفلسفة التي تحكم الحدود جميعا هي إصلاح المجتمع من خلال ما يلي:

ا- علانية تنفيذ الحد ليتعظ الأفراد. وهكذا يبتعدون عن الجريمة.
2- التشدد في العقوبات البدنية كالرجم والقطع والقص بالسيف وذلك حتى لا يترك لذوي النفوس الضعيفة الذين يطمعون في سماحة المجتمع أي فرصة للتفكير في ارتكاب أي من الجرائم.
3- الربط بين الحدود وإرادة الله (تلك حدود الله فلا تعتدوها ) سورة البقرة/ 229. ونظرا لشدة العقوبات في الإسلام فإن القاعدة الشرعية تنص على درء الحدود بالشبهات. وهكذا لابد من اليقين لتوقيع الحدود. وطبيعي أن التوازن الاجتماعي في الإسلام يقدم مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد وقد كان التطبيق لهذه الحدود صوناً للأمن في المجتمعات الإسلامية وهكذا يتحقق ما يلي :

1- الأمن للمجتمع.
2- الاتعاظ لأفراد المجتمع.
3- استبشاع الجريمة من خلال استبشاع عقوبتها على أساس شرطي.

وهكذا تتحقق مصلحة الفرد من خلال تحقق مصلحة الجماعة والمجتمع.

الإسلام والمرض النفسي
أ- هل يمرض المسلم :؟

المسلم يمرض بالمرض النفسي كغيره من البشر وذلك لجملة أسباب:

ا- أنه إنسان والإنسان معرض للمرض الجسماني والنفسي لأن المرض أحد مخلوقات الله وأسبابه سبحانه وتعالى في تكييف هذا الكون وضبطه..
فكم خلال المرض يموت بعض البشر
ومن خلال وجود المرض يرتزق بعض البشر
ومن خلال وجود المرض يتعب بعض الأفراد
سواء كانوا مرضى أو من أهل المرضى.

2- أن المرض النفسي كغيره من الأمراض له أسبابه الجسمية البيولوجية وأسبابه النفسية وأسبابه الاجتماعية ويتعرض المسلم لهذه الأسباب كغيره من البشر.

3- أن الوسائل الدفاعية التي تقي من المرض ومن بينها الإيمان بالله لا تكفي وحدها للوقاية تماما من المرض النفسي ولذلك يحدث المرض النفسي للمسلم- فلو نجحت وسائل الوقاية تماما لاختفى المرض من الحياة ولتغير قاموس الكون .

4- أن كثير من الأمراض النفسية في المرض النفسي تتعرض للوظائف النفسية المعرفية والوجدانية والسلوكية وهي في هذا تختلط بالعمليات الإيمانية التي تتعرض لنفس الوظائف وعندما تحدث الأعراض النفسية للمؤمن يتصور أنها نتاج العملية الإيمانية ويصعب على الطيب النفسي أن يحكم في مثل هذه المواقف المتداخلة. غير أنه من الممكن أن يعتمد على المؤشرات الآتية للحكم بوجود المرض :

ا- عدم الرضا عن الظاهرة من الفرد نفسه .
2- عدم رضا المجتمع وعدم تقبله لهذه الظاهرة .
3- تأثر إنتاجية الفرد تتجه لحدوث الظاهرة .
4- إن الإيمان عملية قلبية غيبية بالدرجة الأولى (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ) سورة الحجرات/ 14. وباعتباره عملية قلبية غيبية فإنه لا يمكن قياسها أو الحكم على حقيقتها وبالتالي يصعب تحديد ما إذا كان الإيمان كافيا لدفع المرض على أساس واقعي أو تجريبي .

المتدين والمرض النفسي :
التدين كما قدمنا أحد العوامل الدفاعية ضد المرض النفسي . إلا أن التدين قي ذاته عبء نفسي شديد .

مصداقا لقول الحق (إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ) سورة المزمل /5. وباعتباره عبئا فقد لا يحتمل المسلم شدته فتضطرب وظائفه النفسية.

كما أن بعض المرضى قد يلجأون إلى التدين على تصور أنه هو العلاج.. غير أن الدين الصحيح لا يقبل به إلا مسلم صحيح ومن هناك يظهر المرض رغم التدين ومظاهره .

ما هو موقف الدين من العلاج

العلاج فضيلة مندوبة لكل سقم من واقع حديث رسول الله تداووا عباد الله فإن الله ما خلق داء إلا وخلق له دواء. ولا يختلف على هذه القاعدة مسلم أو كافر. ولا يختلف أو يمتنع تناولنا للمرض بالتداوي منه بسبب أن المرض عضوي أو نفسي .

وكما نعلم فإن لكل داء دواء يستطب به والأمراض النفسية لها علاجها الذي يمكن أن نجمله بأنه يقع على ثلاثة محاور:ـ

ا- العلاج العضوي البيولوجي.. ولا غرابة في هذا فمع التقدم العلمي ثبتت العلاقة بين التغيرات البيولوجية والتغيرات النفسية سواء في مرحلة السواء أو مرحلة المرض.

2- العلاج النفسي بأنواعه المختلفة. ومن بينها العلاج المعرفي والسلوكي وأعتقد أن الإسلام يركز في قواعده على هذا الاتجاه لتصحيح مفاهيم البشر وتعديل عاداتهم وسلوكياتهم. وأعتقد أن استخدام هذا الاتجاه يتمشى مع الفلسفة العامة للإسلام. بل إني أقول إن الاتجاه إلى العلاج المعرفي الجماعي بدأ مع الإسلام في حلقات الدرس في المساجد وغيرها. ومن بين أنواع العلاج النفسي العلاج التحليلي والإيحاء الجمعي وغيرها .

3- العلاج الاجتماعي لتطوير الظروف البيئية والاجتماعية لتكون أكثر مناسبة للمريض الأمر الذي يساعد على عودته إلى السواء وأعتقد أن العقيدة الصحيحة لا تمنع أيا من هذه العلاجات .

ثم إننا نلاحظ في قضية العلاج النفسي تطورا جديدا يهتم بتعديل المفاهيم الدينية الخاطئة لدى المرضى وإعدادهم لتقبل قضاء الله وقدره وتحفيزهم على العمل المنتج في الدنيا لتحصيل خير الدنيا والآخرة وهذا ما نسميه العلاج الديني.

والعلاج الديني كغيره من أنواع العلاجات يستخدم مع مرضى معينين ولا يستخدم مع كل المرضى.

ولهذا فإننا في تحقيق العلاج... لأن العلاج في المرض النفسي لا يقوم به فرد واحد وإنما تقوم به مجموعة من الأفراد ذوي تخصصات مختلفة.. في فريق العلاج لا نرى مانعا من وجود الداعية الديني على أن يقوم بدور محدد يعاون على الشفاء. ويحدده له الطبيب النفسي الذي يقوم بقيادة الفريق .

الدور النفسي للداعية المسلم

إن الإسلام دين الجميع والمسلمون كأسنان المشط. وتميز فرد مسلم بالعلم يلقى عليه كمسئولية الخشوع لله وخشيته. ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) ومسئولية نقل العلم "ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها!. والداعية المسلم عليه دوره التعليمي المعرفي إلا أن له دورا نفسيا مؤكدا في كل ما يعلم به ويأتيه من عمل . وهذا الدور يمكن أن نوجزه في دورين دور وقائي ودور علاجي .

أ- الدور الوقائي:
ا- مساعدة المسلم على حل مشاكله الاجتماعية والأسرية ويساعد على ذلك موقف الاحترام الذي يكون من المسلم للعلم والعلماء وخضوعه لهم مهما كان انفعاله وعصبيته .
2- مساعدة المسلم على تقبل الحياة وتحقيق الرضى النفسي من خلال الإيمان بالقضاء والقدر والموقف التفاؤلي الإسلامي للحياة .

3- مساعدة المسلم على تقوية الوازع الديني والقوى الروحية في نفسه وهكذا يساعد على بناء الضمير الفردي الذي يقود معركة الصراع الإنساني ضد غرائز الفرد ورغباته غير المشروعة. التي تهدم الفرد ثم المجتمع... كما يساعد على بناء الضمير الجماعي للمجتمع الذي يشكل قوانين المجتمع وعاداته وتقاليده .

4- مساعدة المسلم على فهم الحياة بنوازعها المختلفة والمؤثرة وتحقيق الاتزان في هذا الفهم مما يعدل المفاهيم والقيم ويصل بالفرد إلى الاطمئنان النفسي.

5- الاهتمام بالمسلم كإنسان في مجتمع ومحاولة التأكيـد على الروابط الاجتماعية للإنسان الأمر الذي يساعد الفرد على الانتماء للمجتمع ويزيد من صلابة المجتمع.

6- التمييز بين التغيرات الوجدانية والنفسية التي تطرأ على الفرد من ناحية وقد يساعد على إعادتها إلى السواء الوسائل الدينية المختلفة وبين الاضطرابات النفسية التي تستدعي تدخل الطبيب النفسي .

وهذه النقاط تستدعي إعادة تدريب الدعاة في المعارف النفسية ليتمكنوا من القيام بكل هذه الواجبات .

ب- ا الدور العلاجي:

المشاركة في فريق العلاج طبقا لخطة مرسومة محددة يحددها الطبيب النفسي.

. الرئيس: الدكتور / علي عبد الفتاح .

شكرا للأخ الأستاذ الدكتور عمر شاهين- وأدعو المتحدثين الأربعة للإجابة على بعض الاستفسارات والأسئلة- أمامنا منحة من الوقت حوالي نصف ساعة للأسئلة حيث يجب أن نغادر القاعة في الثانية وا لربع...

طارق العفاسي
07-10-2010, 06:05 PM
حماية الصحة والمحافظة عليها من المفاهيم الإسلامية الأصيلة، يقول تعالى:
( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) (البقرة: 195).
ومنذ صدر الإسلام ظهر مفهوم حفظ الصحة حيث إنه يعين على العبادة وأداء مهمة الخلافة في الأرض وبذلك تتحقق مصلحة الدين. والوقاية من المرض تحقق مصلحة البدن والعقل والصحة تعين على العمل والكسب والتناسل. فهي بذلك تحفظ مصلحة النسل والمال. وهكذا فإن حفظ صحة الفرد يحقق له الصالح الخمس التي طلب الشرع رعايتها وهي الدين والبدن والعقل والنسل والمال.
حفظ صحة البيئة فيه سلامة المجتمع وحماية لأمة المسلمين من الضرر وإعلاء لكلمة الله، ومن هنا نلاحظ أن الأحاديث الشريفة تتناول جوانب الوقاية والحماية بدرجة تكون أقرب إلى الأمر والإلزام. وكلما كانت الحماية مرتبطة بالمقاصد الخمس التي جاءت بها الشريعة كانت درجة الإلزام أكبر. فالإسلام يأمر الفرد بالابتعاد عن موطن الوباء ولكن وقاية المجتمع المسلم من انتشار الوباء تعلو على مصلحة الفرد الواحد وبذلك تصير التضحية بالنفس في سبيل سلامة المجتمع شهادة في سبيل الله . روى البخاري وأبو داود عن عائشة رضي الله عنها عن النبي r أنه قال : " ليس من أحد يقع الطاعون ، فيمكث في بلده صابرا محتسبا يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر الشهيد ".
عناصر الوقاية في ضوء الإسلام:
ا- الصحة الشخصية. تعاليم الإسلام تدعو إلى السلوك الصحي والنظافة الشخصية. روى البخاري عن رسول الله r " الطهور شطر الإيمان ".
وفي مجال التغذية هناك أحاديث كثيرة تتناول وصايا صحية في الاعتدال في الطعام واختيار الطعام الطيب والحرص على نظافة الطعام والشراب . روى مسلم عن جابر رضي الله عنه عن النبي r أنه قال : " غطوا الإناء وأوكوا السقاء".
وهناك أحاديث تناولت أعضاء الجسم المختلفة كصحة الفم والأسنان وصحة العين وصحة الأنف وغيرها. ويؤكد الرسول عليه الصلاة والسلام أن هذه الإجراءات الوقائية ليست من قبيل النظافة فحسب وإنما هي من قبيل العبادة . روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها عن النبي r أنه قال: " السواك مطهره للفم، مرضاة للرب ". وأخرج أبو نعيم عن سعيد بن المسيب عن النبي r قوله: " العين نطفة فإن مستها رنقت ، وإن أمسكت عنها صفت ".
وإذا كان تحريم الخمر والمخدرات من مقومات الصحة الشخصية فإنه ينعكس على الصحة النفسية والوقاية من الحوادث وحماية الأجنة من التشوهات. روى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي r قال : " كل مسكر خمر وكل خمر حرام ".
ولحماية الصحة الاجتماعية شجع الإسلام الزواج المبكر وحذر من الفاحشة التي هي مصدر الأمراض الاجتماعية روى أحمد وابن ماجه حديث رسول الله r قال : " ما ظهرت الفاحشة في قوم قط يعمل بها فيهم علانية إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم ".
والإسلام لا يفصل بين الصحة الاجتماعية والصحة النفسية وبين الصحة البدنية. فالمجتمع الذي يسوده الرفق والتراحم وحسن الخلق وحسن الجوار تبدو عليه علامات الصحة الإيجابية ممثلة قي طور العمر . روى أحمد عن عائشة رضي الله عنها عن النبي r قال: " أنه من أعطى حظه من الرفق فقد أعطى حظه من خيري الدنيا والآخرة، وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار ". وهذا الحديث الشريف هو أول تسجيل لارتباط العلاقات الاجتماعية بمتوسط عمر الفرد في المجتمع.
2- صحة البيئة : حماية صحة البيئة تطبيق لقاعدة إسلامية رئيسية وهي أن كل مسلم مسئول عن سلامة جماعة المسلمين تطبيق للقاعدة التي وضعها رسول الله r بأنها كالجسد الواحد، وأن من لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم. وهذه الحماية تلزم المسلم ألا يكون مصدر ضرر للبيئة.
روى أبو داود حديث رسول الله r : " اتقوا الملاعن الثلاثة. البراز في الموارد وقارعة الطريق والظل ". وروى الترمذي- عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: " إن الله طيب يحب الطيب، نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم، جواد يحب، الجود، فنظفوا أفنيتكم ولا تشبهوا باليهود ".
وقد دعا الإسلام إلى الوقاية من الأمراض الانتقالية بعزل المريض عن الأصحاء، روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي r قال. " لا يوردن ممرض على مصح ".
3- الوقاية من الحوادث: وضع الإسلام القواعد الأساسية للوقاية من الحوادث قبل أن يظهر علم السعادة ويتبلور في إجراءات محددة في مجالات الصناعة وحوادث الطرق وحوادث المنازل. فالإسلام يكره التواكل ولكنه يأمر باتخاذ الأسباب الدنيوية ثم بعد ذلك بالتوكل على الله. يقول تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم ) (النساء : ا 7). وروى ابن حبان والطبراني أن أعرابيا سأل رسول الله r : هل يترك ناقته دون أن يربطها توكلا على الله تعالى فقال له النبي عليه الصلاة والسلام. " اعقلها وتوكل ".
وعلم السلامة يقوم على مبدأ أساسي وهو أن لكل حادثة سببا وبتجنب الأسباب يمكن تجنب الحوادث. روى الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي r أنه قال. " لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون".
المستوى الثالث: الطب العلاجي والتأهيل
أمر الإسلام بإصلاح البدن مما يصيبه من أمراض وإصابات وذلك بالعلاج والتأهيل فالجسم هو أداة العبادة، وسلامته شرط لأداء وظيفة الخلافة . وقد خلص الإسلام مهنة الطب من الخرافات والكهانة والسحر التي اختلطت بهذه المهنة منذ فجر التاريخ. روى مسلم وأحمد عن عائشة رضي الله عنها عن النبيr قال : " من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد".
وتخليص الطب من الكهانة والسحر يرتبط بمبدأ عام في الإسلام وهو رد الأمر والإرادة والقدرة على النفع والضر لله وحده كجزء من عقيدة التوحيد.
والأحاديث النبوية الشريفة في الأمر بالتداوي صريحة وواضحة وملزمة لكل فرد أن يسعى إلى استعادة الصحة المفقودة. وأوضحت الحد الفاصل بين الإيمان بالقضاء والقدر وبين طلب العلاج. روى ابن السني وأبو نعيم عن ابن عباس رضي الله عنهما : سئل النبي عليه الصلاة والسلام : هل ينفع الدواء من القدر. فقال. " الدواء من القدر، وهو تعالى ينفع من يشاء وبما يشاء ".
فالأمر بالتداوي لا ينافي التوكل وعلى كل مسلم أن يلتمس كافة الأسباب للوقاية والعلاج

و آلسموؤوح’ـهـٍ منكـٍ .,.

بآلتوفييج :)