المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بحث عن ايليا ابو ماظي



غـلا راكـ
17-04-2010, 09:32 PM
دولة الامارات العربيه المتحده
وزارة التربيه والتعليم
منطقة رأس الخيمة التعليمية










...................................




..............................


.............بحث عن الشاعر ايليا ابو ماضى...............





















مقدمة

كثر الشعراء في زمننا هذا وفي الماضي أيضا، لكن قل من يستطيع الناس أن يتذكرونهم، لكن هذا الشاعر أخذ نصيبا لا بأس به بين ذكرياتنا حتى صار شعره يدرس ويقتدى به، هل عرفتم من هو هذا الشاعر؟ نعم؛ أنه إيليا أبو ماضي .وفي هذا التقرير سوف نتعرف إليه أكثر وعلى حياته المليئة بالأحداث وعشقه للطبيعة وعدة جوانب من جوانب حياته, والآن سوف أتركك مع هذه السطور الشيقة.

إيليا أبو ماضي، شاعر الطبيعة والعذوبة
قل المجيدون وكثر المتشاعرون في زمننا الحاضر. سنّة الطبيعة أن يتوالد البعوض بالملايين, وأن لا تلد الصقور إلا عدداً قليلاً. والشاعر المهجري إيليا أبو ماضي ينتسب إلى فصيلة الصقور والى الشعراء المبدعين الكبار.

فلسفة أبي ماضي
جعـل أبو ماضي من شعره منطلقـاً لأفكـاره الفلسفـية التي صاغها ببلاغة وسهولة ومـرونة
بيان. فلسفـته في الكـون, وما وراء الطبيعة,
وفي الوجـود والعدم, وفي الـروح والحقيقة, اعتمـدت عـلى مبـدأ اعتنقه عـدد من الفلاسفة الذين رأوا في البحث عن هذه الأمور مسألة عقيمة لا تؤدي بصاحبها إلى حل تلك الأسئلة التي راودت المفكرين منذ زمن بعيد جداً, فالفكر في نظرهم لا يستطيع أن يتخطى حدوده المادية ليصل إلى اكتشاف حقائق مجهولة تتعدى قواه الفكرية. وكان قد سبق أبي ماضي من الشعراء في هذا المبدأ الشاعر الفارسي عمر الخيام الذي يقول:

"أتى بي لهذا الكون مضطرباً فلم تزد لي إلا حيرة وتعجّب
وعدت على كره ولم أدر إنني لماذا أتيت الكون أو فيم أذهب"

وأبو ماضي يقول في قصيدته الطلاسم:
"جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت وأبغض فيمسي الكون سجناً مظلما
ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت والمرء لولا الحب إلا أعظما
وسأبقى سائراً إن شئت هذا أم أبيت فتألمت من قبل أن تتألما
كيف جئت, كيف أبصرت طريقي الله لم يخلق لنا غير السم"
لست أدري".
أخذت فكرة عدم تلاشي الإنسان بعد الموت تلاشياً كلياً في التراب, تزداد سنة بعد سنة رسوخاً في رأس أبي ماضي, بحيث نجده ينشر في مجلته "السمير" مقالاً جعل موضوعه الإنسان وما يوجد فيه من غرائب. ورأى أن الإنسان مجمع غرائب, وملتقى الأسرار والأحاجي؛ فيه من الحيوان شيء, ومن النبات شيء, ومن الجماد شيء, وأعظم من هذا كلّه فيه شيء من الإله.
وإيمان أبي ماضي بأن الإنسان بعد موته سوف يعود فيولد من جديد إما حيواناً أو نباتاً تدب فيهما الحياة, هو إيمان استقاه من بعض أقوال الفلاسفة القدماء الذين كانوا يقولون إن الإنسان الفاضل سيتحوّل بعد موته عن طريق التناسخ إلى زهرة, فوّاحة العبير, والإنسان الشرير سيتحوّل إلى حيوان.
لقد جاء الإنسان إلى هذه الدنيا مكرهاً, وسيفارقها مكرهاً, فهو لا يعلم لذهابه موعداً, حياته لغز حيّر عقول العلماء والشعراء والمفكرين, وذهابه لغز أيضاً, لا يعرف كنهه إلا خالقه. فكلما أوهمنا أنفسنا باقترابنا من معرفة الحقيقية, حقيقة الوجود, نكون قد ابتعدنا كل الابتعاد عن معرفتها الحقيقّة.

نبذ الطائفية

لقد التفت شاعرنا حوله فإذا الناس على خلاف دائم حول الأديان الكثيرة, وحتى ضمن الدين الواحد, ووجد المذاهب المتعددة والطوائف المختلفة, كل مذهب يمجّد مبادئه ويدحض مبادئ الآخر, والناس في خضم هذه الفوضى الفكرية.
التناحر الطائفي والديني, زرع في أعماق أبي ماضي بذور الشك بالأديان والمتدينين, الأمر الذي جعله يتخطى الطوائف المختلفة فقاده فكره إلى الإله الواحد, واجب الوجود؛ آمن بربّ واحد حكيم, خلق هذا العالم, ورتبه, ونظمه, إنه إله المحبة الشامل, الذي من المفترض أن يكون الإنسان على شاكلته, مفعم بالمحبة. فالمحبة تنير وتجمع الشتات الإنساني, في حين أن الكره والبغض يظلم ويمزّق. يقول شاعرنا:

أحبب فيغدو الكوخ كوناً نيّراً ما الكأس لولا الخمر إلا زجاجة
كم روّعوا بجهنم أرواحنا ليست جهنم غير فكرة تاجر

هذا الطريق المحفوف بالمخاطر والأشواك, بالشك والظنون, ابتعد عنه أبو ماضي وأخذ يسلك دروباً شائكة في الحياة, نظر حوله فإذا العالم كله ينحدر ببطء نحو الزوال, وما الخلود سوى ضرب من الخيال, تراب فتراب, حياة كلها هباء, وجميع العناصر الحية, إلى فناء, فإلى أين المفر؟ إنها المأساة والصراع الذي يمزّق رغبات الإنسان المكبل بهواجس القنوط واليأس والشقاء, والعدمية, ويقوده إلى التشاؤم المرير.

عشق الطبيعة

لا أظـن أن شاعـراً أحـب الطبيعة أكـثر مما أحبـها أبو ماضي. لقد انعـكس جمالهـا في جمـال نفسـه, وصـفاء سمائـها في صفاء ألحانه, وانعكست عذوبة مائـها في عذوبة ألفـاظه ودقـة نواميسها في دقّـة ملاحظاتـه, وكأن الطبيـعة شعـرت بصدق حبـه لها, فباحـت لـه بأسـرار سحرهـا, وأباحـت له صوغها شعـراً.
كان أبــو ماضـي يرى في كائنـات الطبيعة الأصدقـاء الأوفـياء له. إذ كان كلما بثّهم شكـواه يجد عـندهم آذاناً صاغية, وقلوبـاً مفتوحة واعية, وكثيراً ما كان يلتـقي بأصدقـائه هؤلاء إما في أماكنـهم المعتـادة في البرية, أو في منـزل أحـد الرفـاق والأقربـاء. وقد فُجعت عينـاه ذات يوم برؤية زهـرة مسجونـة في إناء في أحـد الصالونـات الفخـمة, فتألم أشد الألـم لدى رؤيتـها, لأنـه لم يكن باستطاعتـه أن يخلّصها من سجنـها وعذابها. فأنشد:

"لعمرك ما حزني لمال فقدته ولا خان عهدي في الحياة حبيب
ولكنني أبكي وأندب زهرة جناها ولوع بالزهور طروب
رآها يحلّ الفجر عقد جنونها ويلقي عليها تبره فيذوب"

كان يـرى في الروابـي جـمالاً ومهابة, وفي خرير الجدول المنسـاب جذلاً وحبوراً, وفي المرج الخطيـب بشاشة وابتسامـة, وفي الوادي العميـق الأغـوار شعـوراً بالحزن والكآبـة, وكلما أرخـى اللـيل سدوله على الكائـنات, كانت عيـناه تبصـران ما فيها من جمـال. وقـد آل على نفـسه أن يكون رسـول الطبيعـة إلى البشـر, ليدلهـم على مواطـن الجمـال فيهـا, وليحبـب إليهـم العيـش في أحضانـها والتـقرّب من كائنـاتها على غـرار ما دعـا إليه الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو.
فشاعرنـا يتأمل الطبيعة, ويـدرس مظاهرهـا, ويتتـبع أسرارهـا, شأنـه شأن كل شعراء الرابطة القلمية, فيخرج من دراسته وتأملاتـه بمقارنـات ومقابـلات وحكـم شتى, أهمـها أن الطبيعة صالحة تنفـع جميع البـشر, وتقدّم النفـع لهـم من دون أن تسأل, وهي لا تفرّق في تقديم نفعها بين إنسـان وآخـر, فيا ليـت الناس يقلدون الطبيعـة في العــطاء. ونجــد عنـد شاعرنــا نزعـة إنسانية خالصة, تسمـو على كل النزعـات, وروحـاً عالياً يفـوق كل الأرواح, إنـه يحـب الناس ويحـب الحياة التي أوجـدت الناس, ويدعوهـم إلى محبتـها ففيـها كل الخـيـر والجـمـال.

أبو ماضي والحب

قبل زواجه اجتاز أبو ماضي عدداً من التجارب العاطفية القاسية, حيث كان يخرج منها في كل مرة صحيحاً سليماً, إلا تجربة واحدة فقط من بينها وهي تجربة كادت تصيب منه مقتلاً, جاعلة منه أحد الشعراء العشاق الكبار الباكين على فراق المحبوبة الظالمة, المتألمين من جراء صدّها المتعمد لهم.
وقد ظل شاعرنا فترة غير قصيرة مصدّقاً ما قالته المحبوبة له. وهو يعيش أسعد أيامه, لأنه كان يقضيها بقربها, وفجأة وجدها تتخلى عنه, تاركة إياه يندب فراقها, فيقول:
"إنما تلك أخلفت قبل ليلين من موعدي
لم تمت لا وإنما أصبحت في سوى يدي".
محبوبته هذه, جعلها عروسة قصيدته "الداليّة" وهي نفسها محبوبته هند التي جعلها عروسة قصيدته "الغابة المفقودة" حيث يحدثنا عن تلك الأيام العذبة الجميلة, والرحلات الخلوية الممتعة التي قام بها ومحبوبته إلى تلك الغابات, قبل أن تصبح "في سوى يده" فيقول:

يا لهفة النفس على غابة كنت وهنداً نلتقي فيها
أنا كما شاء الهوى والصبا وهي كما شاءت أمانيها
نباغت الأزهار عند الضحى متكآت في نواحيها
لله في الغابة أيامنا ما عابها إلا تلاشيها
طوراً علينا ظل أدواحها وتارة عطف دواليها
وتارة نلهو بأعنابها وتارة نحصي أقاحيها
وإن تضاحكنا سمعنا الصدى يضحك معنا في أقاصيه


خصائصه الشعرية

إذا أردنا أن نتـتبع خصائص شعر أبي ماضي منذ ارتبط بالرابطة القلمية, فإننا سنجد الكثير من مميزاتها عنده, فهناك الشعر التأملي الروحي الذي يغلب على مقطوعاته في ديوانه الجداول من مثل: الناسكة, نار القرى, الزمان. وغيرها. وأصبحت المادة لا تعني شاعرنا بكثير أو قليل, فهو شاعر يعيش بالروح ويهتم بالنفس:
تقسم مسيرة أبي ماضي الشعرية إلى قسمين: قسم ما قبل الهجرة, وفيه لم يكن لشعره خصائص مميزة, والقسم الثاني ما بعد الهجرة, وفيه أظهر شاعريته


الناضجة فكرياً, والمتحررة أسلوباً. وأهم ما نلاحظه في شعره هذا, الأسلوب الحواري, إذ نراه يخاطب أناساً يعرفهم ويأخذ منهم ويأخذون منه, كل ذلك في شعر متماسك موسيقي عذب ذي هدف.



خاتمة

وفي نهاية مطافناهذا لا يسع لنا إلا أن نقول أن هذا الشاعر ( إيليا أبو ماضي ) عاش حياةًًً مليئة بالمواقف, السعيدة منها والمحزنة, المبكية منها والمضحكة, لكن ومن جهة أخرى نرى أن هذا الشاعر يعتبر من أبرز الشعراء الذين ساهموا في رقي الشعر وقدم ثروةًً أدبية لا تقدر بثمن.



المراجع

1- كتاب الشعراء
2- د. أمين عصفور- ضرائر الشعر
3- كتاب حياته وشعره4- مقالة في صحيفة البيان عن الشاعر

غـلا راكـ
17-04-2010, 09:33 PM
واتمنى ان يعجبكم بحثي تحياتي غلا راك