المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحمد بن حنبل



زينة الايات
20-03-2010, 08:49 PM
أحمد بن حنبل

مخطوطة تنسب إلى ابن حنب




نشأته

هو الامام ابي عبد الله أحمد بن حنبل بن هلال الذهلي الشيباني المزوزي الوائلي ولد في بغداد سنة 164ه في شهر ربيع الاول/780م وتنقّل بين الحجاز واليمن ودمشق. سمع من كبار المحدثين ونال قسطاً وافراً من العلم والمعرفة، حتى قال فيه الإمام الشافعي: "خرجت من بغداد فما خلّفت بها رجلاً أفضل ولا أعلم ولا أفقَهَ من ابن حنبل".

وعن إبراهيم الحربي، قال: "رأيت أحمد ابن حنبل، فرأيت كأنّ الله جمع له علم الأوّلين والآخرين من كل صنف يقول ما يشاء ويمسك عمّا يشاء". ولم يكن ابن حنبل يخوض في شيء مما يخوض فيه الناس من أمر الدنيا.

مذهبه

مذهب ابن حنبل من أكثر المذاهب السنية محافظة على النصوص وابتعاداً عن الرأي. لذا تمسّك بالنص القرآني ثم بالبيّنة ثم بإجماع الصحابة، ولم يقبل بالقياس إلا في حالات نادرة.

- منهجه العلمي ومميزات فقهه: إشتُهِرَ الإمام أنه محدِّث أكثر من أن يشتهر أنه فقيه مع أنه كان إماماً في كليهما. ومن شدة ورعه ما كان يأخذ من القياس إلا الواضح وعند الضرورة فقط وذلك لأنه كان محدِّث عصره وقد جُمِعَ له من الأحاديث ما لم يجتمع لغيره، فقد كتب مسنده من أصل سبعمائة وخمسين حديث، و كان لا يكتب إلا القرآن والحديث من هنا عُرِفَ فقه الإمام أحمد بأنه الفقه بالمأثور، فكان لا يفتي في مسألة إلا إن وجد لها من أفتى بها من قبل صحابياً كان أو تابعياً أو إماماً. وإذا وجد للصحابة قولين أو أكثر، اختار واحداً من هذه الأقوال وقد لا يترجَّح عنده قول صحابي على الآخر فيكون للإمام أحمد في هذه المسألة قولين.

وهكذا فقد تميز فقهه أنه في العبادات لا يخرج عن الأثر قيد شعرة، فليس من المعقول عنده أن يعبد أحد ربه بالقياس أو بالرأي و كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " صلوا كما رأيتموني أصلي "، ويقول في الحج: " خذوا عني مناسككم ". كان الإمام أحمد شديد الورع فيما يتعلق بالعبادات التي يعتبرها حق لله على عباده وهذا الحق لا يجوز مطلقاً أن يتساهل أو يتهاون فيه.

أما في المعاملات فيتميز فقهه بالسهولة والمرونة و الصلاح لكل بيئة وعصر، فقد تمسَّك أحمد بنصوص الشرع التي غلب عليها التيسير لا التعسير. مثال ذلك: " الأصل في العقود عنده الإباحة ما لم يعارضها نص "، بينما عند بعض الأئمة الأصل في العقود الحظر ما لم يرد على إباحتها نص.

وكان شديد الورع في الفتاوى وكان ينهى تلامذته أن يكتبوا عنه الأحاديث فإذا رأى أحداً يكتب عنه الفتاوى، نهاه وقال له: " لعلي أطلع فيما بعد على ما لم أطلع عليه من المعلوم فأغير فتواي فأين أجدك لأخبرك؟.من شيوخه سفيان بن عيينة والقاضي أبو يوسف ووكيع وعبد الرحمن بن مهدي والشافعي وخلق كثير.وروى عنه من شيوخه عبد الرزاق والشافعي ومن تلاميذه البخاري ومسلم وابو داود .ومن اقرانه علي بن المديني ويحيى بن معين. رحمهم الله

محنته

اعتقد المأمون برأي المعتزلة في مسألة خلق القرآن، وطلب من ولاته في الأمصار عزل القضاة الذين لا يقولون برأيهم.

وقد رأى أحمد بن حنبل ان رأي المعتزلة يحوِّل الله سبحانه وتعالى إلى فكرة مجرّدة لا يمكن تعقُّلُها فدافع ابن حنبل عن الذات الإلهية ورفض قبول رأي المعتزلة، فيما أكثر العلماء والأئمة أظهروا قبولهم برأي المعتزلة خوفاً من المأمون وولاته.

وألقي القبض على الإمام ابن حنبل ليؤخذ إلى الخليفة المأمون. وطلب الإمام من الله أن لا يلقاه ، لأنّ المأمون توعّد بقتل الإمام أحمد.

وفي طريقه إليه، وصل خبر وفاة المأمون، فتم ردّ الإمام أحمد إلى بغداد وحُبس ووَلِيَ الخلافة المعتصم، الذي امتحن الإمام، وتمّ تعرضه للضرب بين يديه.

وقد ظل الإمام محبوساً طيلة ثمانية وعشرين شهراً . ولما تولى الخلافة الواثق، وهو أبو جعفر هارون بن المعتصم، أمر الإمام أن يختفي، فاختفى إلى أن توفّي الواثق .

وحين وصل المتوكّل ابن الواثق إلى السلطة، خالف ما كان عليه المأمون والمعتصم والواثق من الاعتقاد بخلق القرآن، ونهى عن الجدل في ذلك. وأكرم المتوكل الإمام أحمد ابن حنبل، وأرسل إليه العطايا، ولكنّ الإمام رفض قبول عطايا الخليفة.

وفاته

توفي الإمام يوم الجمعة12ربيع الاول سنة إحدى وأربعين ومائتين للهجرة ، وله من العمر سبع وسبعون سنة. وقد اجتمع الناس يوم جنازته حتى ملأوا الشوارع. وحضر جنازته من الرجال مائة ألف ومن النساء ستين ألفاً، غير من كان في الطرق وعلى السطوح. وقيل أكثر من ذلك.

وقد دفن الإمام أحمد بن حنبل في بغداد. وقيل انه أسلم يوم مماته عشرون ألفاً من اليهود والنصارى والمجوس ، وأنّ جميع الطوائف حزنت عليه، وأنه كانت له كرامات كثيرة وواضحة.

فعن ابنه عبد الله، قال: رأيت أبي حرّج على النمل أن تخرج من داره، ثم رأيت النمل قد خرجت نملاً أسود، فلم أرها بعد ذلك.

وعن الإمام أبي الفرج الجوزي ، قال: لما وقع الغريق ببغداد سنة أربع وخمسين وخمسمائة وغرقت كتبي ، سلم لي مجلد فيه ورقات من خط الإمام أحمد بن حنبل .

الإمام ابن حنبل بين فكـّي التاريخ

كانت وقفة الإمام احمد بن حنبل في وجه الظلم وفي وجه حملة تحريف الدين الإسلامي وفي وجه هرطقة المعتزلة وتخبّطهم في علوم وخفايا الدين وقفة عظيمة. وقد صمد الإمام بالرغم من التعذيب والضرب بالسياط والحبس والملاحقة والإغراء.

من أشعاره وهو في السجن :
لعمرك ما يهوى لأحمد نكبـة من الناس إلاّ ناقص العقل مُغْـوِرُ
هو المحنة اليوم الذي يُبتلى بـه فيعتبـر السنِّـي فينـا ويسبُـرُ
شجىً في حلوق الملحدين وقرَّةٌ لأعين أهل النسك عفٌّ مشـمِّـرُ
لريحانة القرَّاء تبغون عـثـرة وكلِّكُمُ من جيفـة الكلب أقـذرُ
فيا أيها الساعي ليدرك شأوه رويدك عـن إدراكـه ستقصِّـرُ

وقال عنه الأمام الشافعي:
أضحى ابن حنبل حجَّةً مبرورةً وبِحُبِّ أحمدَ يُعـرَفُ المـتنسِّكُ
وإذا رأيت لأحمـد متنقِّصـاً فاعلم بـأنَّ سُتـورَهُ ستُهَتَّـكُ


مؤلفاته :

- المسند. ويحوي أكثر من أربعين ألف حديث.

- الناسخ والمنسوخ.وفضائل الصحابة.وتاريخ الاسلام.

- العلل.

- السنن في الفقه.


خلاصة

كان الإمام أحمد عليماً بالأحاديث الأمر الذي وفّر له ثروة هائلة في العلم مكّنته من الاستنباط. وقد وسّع باب القياس مما

جعل الأحكام أقرب إلى مرامي الشارع ومقاصده المستوحاة من أعمال الرسول وأقواله. وكانت هناك حاجة ماسة إلى أحكامه، لأنّ العرب تفرّقوا بين الأمصار التي فتحوها وفيها أمم وشعوب مختلفة. وقد قدّم الإمام أحمد الحديث على الرأي والقياس ولو كان ضعيفاً . كما انه أكمل مشوار الشافعي من ناحية تعظيم دور السنة في البناء الفقهي.

وكانت شخصية الإمام أحمد رمزاً للصمود والثبات على الإيمان الراسخ ورفض الأفكار الدخيلة على الإسلام والعقيدة الإسلامية.