المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فتح القسطنطينية



المجتهد1
29-12-2009, 06:42 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بسم الله الرحمن الرحيم

فتح القسطنطينية:-

من جمادى الأولى 857هـ (20)
محمد الفاتح
انتظر المسلمون أكثر من ثمانية قرون حتىتحققت البشارة النبوية بفتح القسطنطينية، وكان حلمًا غاليا وأملا عزيزا راود القادةوالفاتحين لم يُخب جذوته مر الأيام وكر السنين، وظل هدفا مشبوبا يثير في النفوسرغبة عارمة في تحقيقه حتى يكون صاحب الفتح هو محل ثناء النبي (صلى الله عليه وسلم) في قوله: "لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلكالجيش".

محمد الفاتح

ولد السلطان محمد الفاتح في (27 من رجب 835 هـ= 30 من مارس 1432م)، ونشأ في كنف أبيه السلطان مراد الثاني سابع سلاطين الدولةالعثمانية، الذي تعهده بالرعاية والتعليم؛ ليكون جديرا بالسلطنة والنهوض بتبعاتها؛فحفظ القرآن وقرأ الحديث وتعلم الفقه ودرس الرياضيات والفلك، وأتقن فنون الحربوالقتال، وأجاد العربية والفارسية واللاتينية واليونانية، واشترك في الحروبوالغزوات، وبعد وفاة أبيه في 5 من المحرم 855هـ = 7 من فبراير 1451م تولى الفاتحالسلطنة فتى في الثانية والعشرين من عمره وافر العزم شديد الطموح.

بناءقلعة رومللي حصار

قلعة رومللي حصار

كان السلطان بايزيد الأول قدأنشأ على ضفة البوسفور الآسيوية في أثناء حصاره للقسطنطينية حصنا تجاه أسوارها عُرفباسم قلعة الأناضول، وكانت تقوم على أضيق نقطة من مضيق البوسفور، وعزم محمد الفاتحأن يبني قلعة على الجانب الأوروبي من البوسفور في مواجهة الأسوار القسطنطينية، وقدجلب لها مواد البناء وآلاف العمال، واشترك هو بنفسه مع رجال دولته في أعمال البناء،وهو ما ألهب القلوب وأشعل الحمية في النفوس، وبدأ البناء في الارتفاع شامخ الرأس فيالوقت الذي كان فيه الإمبراطور قسطنطين لا يملك وقف هذا البناء، واكتفى بالنظر حزناوهو يرى أن الخطر الداهم سيحدق به دون أن يملك مندفعه شيئا.

ولم تمض ثلاثةشهور حتى تم بناء القلعة على هيئة مثلث سميك الجدران، في كل زاوية منها برج ضخممغطى بالرصاص، وأمر السلطان بأن ينصب على الشاطئ مجانيق ومدافع ضخمة، وأن تصوبأفواهها إلى الشاطئ، لكي تمنع السفن الرومية والأوروبية من المرور في بوغازالبوسفور، وقد عرفت هذه القلعة باسم "رومللي حصار"، أي قلعةالروم.

بوادر الحرب

توسل الإمبراطور قسطنطين إلى محمد الفاتحبالعدول عن إتمام القلعة التي تشكل خطرًا عليه، لكنه أبي ومضى في بنائه، وبدأالبيزنطيون يحاولون هدم القلعة والإغارة على عمال البناء، وتطورت الأحداث فيمناوشات، ثم لم يلبث أن أعلن السلطان العثماني الحرب رسميا على الدولة البيزنطية،وما كان من الإمبراطور الرومي إلا أن أغلق أبواب مدينته الحصينة، واعتقل جميعالعثمانيين الموجودين داخل المدينة، وبعث إلى السلطان محمد رسالة يخبره أنه سيدافععن المدينة لآخر قطرة من دمه.

المجتهد1
29-12-2009, 06:45 PM
وأخذ الفريقان يتأهب كل منهما للقاء المرتقبفي أثناء ذلك بدأ الإمبراطور قسطنطين في تحصين المدينة وإصلاح أسوارها المتهدمةوإعداد وسائل الدفاع الممكنة، وتجميع المؤن والغلال، وبدأت تردد على المدينة بعضالنجدات خففت من روح الفزع التي سيطرت على الأفئدة، وتسربت بعض السفن تحمل المؤنوالغذاء، ونجح القائد الجنوبي "جون جستنياني" مع 700 مقاتل محملين بالمؤن والذخائرفي الوصول إلى المدينة المحاصرة؛ فاستقبله الإمبراطور قسطنطين استقبالا حسنًا وعينهقائدًا عامًا لقواته، فنظم الجيش وأحسن توزيعهم ودرب الرهبان الذي يجهلون فن الحربتمامًا، وقرر الإمبراطور وضع سلسلة لإغلاق القرن الذهبي أمام السفن القادمة، تبدأمن طرف المدينة الشمالي وتنتهي عند حي غلطة.

استعدادات محمدالفاتح

كان السلطان محمد الثاني يفكر في فتح القسطنطينية ويخطط لما يمكنعمله وساقت له الأقدار مهندس مجري يدعى "أوربان"، عرض على السلطان أن يصنع له مدفعاضخما يقذف قذائف هائلة تكفي لثلم أسوار القسطنطينية؛ فرحب به السلطان وأمر بتزويدهبكل ما يحتاجه من معدات، ولم تمض ثلاثة أشهر حتى تمكن أوربان من صنع مدفع عظيم لميُر مثله قط، فقد كان يزن 700 طن، ويرمي بقذائف زنة الواحدة منها 12 ألف رطل،ويحتاج جره إلى 100 ثور يساعدها مائة من الرجال، وعند تجربته سقطت قذيفته على بعدميل، وسمع دويه على بعد 13 ميلا، وقد قطع هذا المدفع الذي سُمي بالمدفع السلطانيالطريق من أدرنة إلى موضعه أمام أسوار القسطنطينية في شهرين.

بدءالحصار

وصل السلطان العثماني في جيشه الضخم أمام الأسوار الغربيةللقسطنطينية المتصلة بقارة أوروبا يوم الجمعة الموافق (12 من رمضان 805هـ= 5 منإبريل 1453م) ونصب سرادقه ومركز قيادته أمام باب القديس "رومانويس"، ونصبت المدافعالقوية البعيدة المدى، ثم اتجه السلطان إلى القبلة وصلى ركعتين وصلى الجيش كله،وبدأ الحصار الفعلي وتوزيع قواته، ووضع الفرق الأناضولية وهي أكثر الفرق عددًا عنيمينه إلى ناحية بحر مرمرة، ووضع الفرق الأوروبية عن يساره حتى القرن الذهبي، ووضعالحرس السلطاني الذي يضم نخبة الجنود الانكشارية وعددهم نحو 15 ألفًا فيالوسط.

وتحرك الأسطول العثماني الذي يضم 350 سفينة في مدينة "جاليبولي" قاعدة العثمانيين البحرية في ذلك الوقت، وعبر بحر مرمرة إلى البوسفور وألقى مراسيههناك، وهكذا طوقت القسطنطينية من البر والبحر بقوات كثيفة تبلغ 265 ألف مقاتل، لميسبق أن طُوقت بمثلها عدة وعتادًا، وبدأ الحصار الفعلي في الجمعة الموافق (13 منرمضان 805هـ = 6 من إبريل 1453م)، وطلب السلطان من الإمبراطور "قسطنطين" أن يسلمالمدينة إليه وتعهد باحترام سكانها وتأمينهم على أرواحهم ومعتقداتهم وممتلكاتهم،ولكن الإمبراطور رفض؛ معتمدًا على حصون المدينة المنيعة ومساعدة الدول النصرانيةله.

اشتعال القتال

بعد ما أحسن السلطان ترتيب وضع قواته أمام أسوارالقسطنطينية بدأت المدافع العثمانية تطلق قذائفها الهائلة على السور ليل نهار لاتكاد تنقطع، وكان دوي اصطدام القذائف بالأسوار يملأ قلوب أهل المدينة فزعا ورعبا،وكان كلما انهدم جزء من الأسوار بادر المدافعون عن المدينة إلى إصلاحه على الفور،واستمر الحال على هذا الوضع.. هجوم جامح من قبل العثمانيين، ودفاع مستميت يبديهالمدافعون، وعلى رأسهم جون جستنيان، والإمبراطور البيزنطي.

المجتهد1
29-12-2009, 06:49 PM
وفي الوقت الذيكانت تشتد فيه هجمات العثمانيين من ناحية البر حاولت بعض السفن العثمانية تحطيمالسلسلة على مدخل ميناء القرن الذهبي واقتحامه، ولكن السفن البيزنطية والإيطاليةالمكلفة بالحراسة والتي تقف خلف السلسلة نجحت في رد هجمات السفن العثمانية، وصبتعليها قذائفها وأجبرتها على الفرار.

وكانت المدينة المحاصرة تتلقى بعضالإمدادات الخارجية من بلاد المورة وصقلية، وكان الأسطول العثماني مرابطا في مياهالبوسفور الجنوبية منذ (22 من رمضان 805هـ = 15 من إبريل 1453م)، ووقفت قطعة علىهيئة هلال لتحول دون وصول أي مدد ولم يكد يمضي 5 أيام على الحصار البحري حتى ظهرت 5سفن غربية، أربع منها بعث بها البابا في روما لمساعدة المدينة المحاصرة، وحاولالأسطول العثماني أن يحول بينها وبين الوصول إلى الميناء واشتبك معها في معركةهائلة، لكن السفن الخمس تصدت ببراعة للسفن العثمانية وأمطرتها بوابل من السهاموالقذائف النارية، فضلا عن براعة رجالها وخبرتهم التي تفوق العثمانيين في قتالالبحر، الأمر الذي مكنها من أن تشق طريقها وسط السفن العثمانية التي حاولت إغراقهالكن دون جدوى ونجحت في اجتياز السلسلة إلى الداخل.

السفن العثمانية تبحرعلى اليابسة!!

إنزال السفن في الخليج

كان لنجاح السفن في المرورأثره في نفوس أهالي المدينة المحاصرة؛ فانتعشت آمالهم وغمرتهم موجة من الفرح بماأحرزوه من نصر، وقويت عزائمهم على الثبات والصمود، وفي الوقت نفسه أخذ السلطان محمدالثاني يفكِّر في وسيلة لإدخاله القرن الذهبي نفسه وحصار القسطنطينية من أضعفجوانبها وتشتيت قوى المدينة المدافعة.

واهتدى السلطان إلى خطة موفقة اقتضتأن ينقل جزءًا من أسطوله بطريق البر من منطقة غلطة إلى داخل الخليج؛ متفادياالسلسلة، ووضع المهندسون الخطة في الحال وبُدئ العمل تحت جنح الظلام وحشدت جماعاتغفيرة من العمال في تمهيد الطريق الوعر الذي تتخلله بعض المرتفعات، وغُطي بألواح منالخشب المطلي بالدهن والشحم، وفي ليلة واحدة تمكن العثمانيون من نقل سبعين سفينةطُويت أشرعتها تجرها البغال والرجال الأشداء، وذلك في ليلة (29 من رمضان 805هـ = 22من إبريل 1453م).

المجتهد1
29-12-2009, 06:50 PM
وكانت المدافع العثمانية تواصل قذائفها حتى تشغلالبيزنطيين عن عملية نقل السفن، وما كاد الصبح يسفر حتى نشرت السفن العثمانيةقلوعها ودقت الطبول وكانت مفاجأة مروعة لأهل المدينة المحاصرة.
وبعد نقلالسفن أمر السلطان محمد بإنشاء جسر ضخم داخل الميناء، عرضه خمسون قدما، وطوله مائة،وصُفَّت عليه المدافع، وزودت السفن المنقولة بالمقاتلين والسلالم، وتقدمت إلى أقربمكان من الأسوار، وحاول البيزنطيون إحراق السفن العثمانية في الليل، ولكنالعثمانيين علموا بهذه الخطة فأحبطوها، وتكررت المحاولة وفي كل مرة يكون نصيبهاالفشل والإخفاق.
الهجوم الكاسح وسقوط المدينة

وفي فجر يوم الثلاثاء (20 من جمادى الأولى 857هـ= 29 من مايو 1453م)، وكان السلطان العثماني قد أعد أهبتهالأخيرة، ووزَّع قواته وحشد زهاء 100 ألف مقاتل أمام الباب الذهبي، وحشدفي الميسرة 50 ألفًا، ورابط السلطان في القلب مع الجند الإنكشارية، واحتشدت في الميناء 70سفينة _بدأ الهجوم برًا وبحرًا، واشتد لهيب المعركة وقذائف المدافع يشق دويها عنانالسماء ويثير الفزع في النفوس، وتكبيرات الجند ترج المكان فيُسمع صداها من أميالبعيدة، والمدافعون عن المدينة يبذلون كل ما يملكون دفاعا عن المدينة، وما هي إلاساعة حتى امتلأ الخندق الكبير الذي يقع أمام السور الخارجي بآلافالقتلى.

وفي أثناء هذا الهجوم المحموم جرح "جستنيان" في ذراعه وفخذه، وسالتدماؤه بغزارة فانسحب للعلاج رغم توسلات الإمبراطور له بالبقاء لشجاعته ومهارتهالفائقة في الدفاع عن المدينة، وضاعف العثمانيون جهدهم واندفعوا بسلالمهم نحوالأسوار غير مبالين بالموت الذي يحصدهم حصدا، حتى وثب جماعة من الانكشارية إلى أعلىالسور، وتبعهم المقاتلون وسهام العدو تنفذ إليهم، ولكن ذلك كان دون جدوى، فقداستطاع العثمانيون أن يتدفقوا نحو المدينة، ونجح الأسطول العثماني في رفع السلاسلالحديدية التي وُضعت في مدخل الخليج، وتدفق العثمانيون إلى المدينة التي سادهاالذعر، وفر المدافعون عنها من كل ناحية، وما هي إلا ثلاث ساعات من بدء الهجوم حتىكانت المدينة العتيدة تحت أقدام الفاتحين.
وصدق الرسول الكريم عندما قال :
لتفتحن قسطنطينية لنعم الامير اميرها ولنعم الجيش ذالك الجيش صدق رسول الله صلى الله علية وسلم

~ولد الزعابي~
29-12-2009, 06:51 PM
مشكور ماقصرت مجتهد

ღ سـمـو الغلآ ღ
09-07-2010, 06:01 PM
للرفع:(24):

جزاكـ الله خير الجزاء اخي الكريم...
موضوعكـ رائع ان شاء الله يستفيد الجميع...
لا تنقطع وارجو ان ارى تفاعلكـ في باقي الاقسـام^_^...