المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة القلب الجريح .. ج3



J1CHANCE
20-11-2009, 08:43 PM
اتسعت ابتسامة الأب وامتلئت بالحنان وهو يقول:
غادة ابنتي الحبيبة.

غمغمت ، محاولة التغلب على اعيائها :

تعال أبي .. اجلس الى جانبي.

جلس على طرف سريرها وأحاط رأسها بذراعه في رفق وحنان ، وراح يربت على يدها بيده الأخرى وهو يقول:
لقد أخبرني الطبيب أنك قد اجتزت الأزمة ، وأنك الآن على مايرام .... لايمكنك تصور مدى قلقي ، عندما أخبروني بما أصابك .. ولقد أتخذت كل ما يلزم ، لنقلك الى مستشفى الدكتور صادق الخاص ، بمجرد تحسن حالتك، و..

بدا كأنها لم تكن تنصت له ، وهي تسأله :

ألم تتعرف ذلك الطبيب يا أبي أحرجه سؤالها المباغت ، فغمغم مرتبكا :

اه .. نعم .. يبدو أنه....
قاطعته وهي تقول، ضاغطة على كل حرف من حروف كلماتها :

انه نبيل يا أبي .. ألا تذكره ؟ نبيل سالم
.
.

غمغم الأب :

لقد عرفني على نفسه.

ثم استطرد في سرعة ، وكأنما يحاول الفرار من الحديث في هذا الشأن:

حمد الله أنك بخير .. لقد طلب مني طبيبك ألا أرهقك بزيارتي الآن ، وأعود فيما بعد، و....

قالت في لهفة ، تشف عن مدى شعورها بالوحدة :

متى؟

ابتسم ابتسامة فاترة، وهو يقول:
لن أغادر المستشفى على أي حال .. ثم أنني أتبع تعليمات الأطباء ، بشأن الزيارة.

سألته فجأة:
ألم تتصل بعادل وتخبره بأمري؟

غمغم في حرج :
لا داعي لأن نقلقه بشأنك .. أنت تدركين أعباء دراسته ، ولقد مرت أزمتك في سلام

سألته في لهجة أقرب الى الأستعطاف :

قد ابدو لك أنانية ياابي ، ولكنني أريد منك أن تبلغ عادل بحالتي .. أرسل برقية .. أرجوك افعل ذلك من أجلي

أريد أن أعرف حقيقة موقفه تجاهي ، بعد أن علم بحقيقة مرضي.. أرجوك.

أليس من الأجدى أن تهتمي بصحتك ، وتتركين الأمور للمستقبل.

قالت في انفعال لا يتناسب مع ضعفها:

أرجوك يا أبي .. افعلها من أجلي.

أشفق الأب عليها من ذلك الأنفعال ، فربت على يديها وهو يقول مهدئا:
سأفعل يا بنيتي .. سأفعل.. اهدئي..

استرخت غادة في فراشها ، وكانما ملأتها عبارته بالأرتياح حتى أنها ذهبت في نوم عميق ، قبل أن يغادر والدها الحجرة ، فاكتفى هو بمنحها نظرة حزينة ، ثم غادر الحجرة في هدوء..

استيقظت غادة بعد ساعات ، وحضرت ممرضة القسم لمنحها جرعة العلاج، وتغير زجاجة الجلكوز المتصلة بذراعها فقالت لها غادة وهي تبسم:

أنك تبدين لطيفة للغاية .. أتعلمين ؟ كنت أرهب الحقن دائما ، منذ طفولتي ، وعلى الرغم من فهأنذا أستجيب لك دون خوف أو رهبة.

بادلتها الممرضة الأبتسام ، وهي تقول:

يسعدني أن ألقى منك هذا التقدير ، والواقع أنني أشعر بتقارب نحوك يتجاوز حدود العمل ، ربما لجمالك ورقتك

بالمنلسبة أ سمي سناء ، ولقد أوصاني بك الدكتور نبيل على نحو خاص.
هتفت غادة من أعماقها : نبي؟! حقا ؟!

أدهش سناء أنها نطقت اسمه مجردا .. دون ألقاب .. فقالت:

اذن أنتما متعارفان مسبقا .. هذا يبرر اهتمامه الشدي بك.

قالت غادة في اهتمام:

انها معرفة قديمة وقوية.. أخبريبي ، منذ متى وهو يعمل هنا ؟

أجابتها سناء:

أنه لا يعمل هنا ، فهو أخصائي في احد أكبر مستشفيات لندن، حيث استقر بصفة نهائية، وهو هنا كطبيب زائر ، بناء على طلب مدير المستشفى ، لعلاج بعض الحالات المستعصية ، وأجراء بعض العمليات الجراحية الدقيقة.

بدا الأحباط على وجه غادة، وهي تقول:

أيعني هذا أنه سيسافر ثانية؟
نعم .. خلال اليومين القادمين .. أتصدقين أن هذا الشاب الوسيم ، الذي لم يتجاوز الحادية و الثلاثين من عمره يعد واحدا من أشهر المتخصصين في جراحات القلب في العالم ، وأن الهيئات الدولية تتنافس عليه .. أننا نفخر به حقا؟
ثم عادت تسأل غادة:
ولكن متى تعارفتما؟

حدقت غادة في سقف الحجرة ، وكأنها تستعيد ذكرى قديمة، وقالت:

منذ سنوات طويلة

ثم التفتت الى الممرضة تسألها في خجل:

ولكن لاريب أنه قد تزوج .. أليس كذلك ؟ أنها زوجة انكليزية على الأرجح

ضحكت الممرضة ، وقد أنبأتها غزيرتها الأنثوية بغرض السؤال ، وقالت:


أن أحد لم يلق عليه هذا السؤال الشخصي ، ولكنك تعرفين أن أول ماتتطلع أليه الفتيات ، بعد وسامة الرجل،
هو أصابعه ، ليتأكدن من حقيقة موقفه الأجتماعي، ولكن أصابعه كانت خالية من دبلتي الزواج والخطبة ،
مما يؤكد أن أحداهن لم توقعه بعد

شعرت غادة ببالسعادة ، فعادت تسترخي فوق وسادتها ، ووجهها يحمل ابتسامة هادئة ، جعلت سناء تسألها في خبث:
هل من أسئلة أخرى؟

لا.... شكرا

حسنا .. سأعود بعد ساعتين ، فأذا ما احتجت الي قبل ذلك ، فقط اضغطي ذلك الزر الأحمر الى جوارك.

ومنحتها ابتسامة مودة ، وغادرت الحجرة ، وتركتها تسبح مع ذكريات حبها الأول ... مع نبيل..


كانت تتساءل عما اذا كان من الئق أن تستعيد في ذهنها ذكريات تلك الأيام السعيدة التي جمعتا مع نبيل
بعد أن أصبحت مرتبطة بخطبة مع عادل ، ولكن ذلك الصمت المطبق الذي يحتويها داخل الحجرة وعودة نبيل الى حياتها بعد ست سنوات من الفراق ، وحديث الممرضة عنه ، كلها عوامل جعلتها تسبح على الرغم منها في نهر الذكريات ، وتستسلم لتياره بحلوه ومره.
.
.

لقد كان نبيل جارهم في بيتهم القديم ، أيام كان والدها موظفا بسيطا بشركة النقل البحري ، وكانت والدتها حية ، ولقد تعلقت به منذ طفولتها ؛ لما رأته فيه من شهامة ورجولة ، تميزه عن الأخرين.. ولقد صارحته هي بحبها، عندما كانت طالبة في المتوسط، وكان هو طالب في السنة الثانية بكلية الطب ، ويومها سخر منها ، واتهمها بأنها ما تزال طفلة ، مما منحها _ آنذاك_ شعورا بالمهانة والغضب، والندمعلى أنها قد صرحت له بحبها ، وزاد من غضبها أنه عندما شعر بخطئه ، حاول أن يسترضيها ببعض الحلوى والشكولاته، فألقتها في وجهه هاتفة في عصبيةوغضب :

احتفظ بالحلوى لنفسك ، وكف عن معاملتي كطفلة ، والأفضل أن يكف كل منا عن رؤية الأخر

وكم ندمت على عبارتها هذه أشد الندم ؛ اذ كان نبيل من ذلك النوع الشديد الأعتزاز بالنفس

فتوقف من يومها عن زيارتهم ، وعن اعطائها دروس اللغة الأنجليزية ، التي كانت تتلهف على انتظارها ...

وعندما أصبحت في المرحلة الثانوية ، تبدلت نظرة نبيل لها ، وأصبحت تلمح في عينيه كلما التقيا ، مزيجا من الأعجاب والحب...

وربما كانت هذه العاطفة في نفسه منذ البداية ؛ وأن عجز عن التعبير عنها لعدة اعتبارات ، منها ما يتميز به من شهامة منعته من خيانة ثقة أب سمح له بدخول بيته ، وأعطاء ابنته الدروس الخصوصية من دون رقابة أو شكوك ، واعتبره ابنا له ، مما جعل مجرد التفكير عن عواطفه خيانة لا تغتفر

فراح يطرد الفكة من أعماقه ويحاربها ، ويحاول أقناع نفسه بأن غادة مجرد طفلة ، وأن عاطفته نحوها لاتتجاوز العواطف الأخوية..

ثم جاءت وفاة أمها ، التي كانت صدمة هائلة لها ، كادت تسلمها الى أنهيار تام..


وهنا كشف نبيل عن عواطفه تجاهها ، وأحاطها بكل حنانه ورعايته ، وعندما ألقت رأسها على كتفه باكية ذات يوم أ انسبت كلمات الحب والحنان من شفتيه ، وأفصح لسانه عن مكنونات قلبه وعواطفه الجياشة

ومع مرور الأيام ، راح حبهما يعلن عن نفسه ، وينمو وينسج الأحلام الوردية عن المستقبلا والنجاح في ثوب طاهر نقي ، لم يحاولا أخفاءه من أحد، حتى أن والدها كان يعلم ويباركه.

عندما تقدم نبيل طالبا يدها وجد ترحيبا وقبولا ، الا أن الأب اكتفى بقراءة الفاتحة فحسب على أن يؤجل الأجراءات الى مابعد تخرج نبيل في كلية الطب ةالذي تبقى له عام واحد فقط

ثم حدث ذلك التحول في حياة الأب الذي كان له تأثيرا عظيما على تغير مسار حبها ، فقد سافر الأب وغادة الى أمريكيا ، مع وعد بأتمان أجراءات الخطبة والزواج في أول اجازة...
ولكن هذه الأجازة لم تأت أبدا..

لقد مرت السنوات دون أن يعود الأب وابنته الا أن رسائل غادة ونبيل كانت تحمل نفس العاطفة القوية والأصرار على التمسك والحب، ولكن الرسائل بين نبيل والأب كانت تختلف ، كانت مبهمة باردة .. مبتورة

وتخرج نبيل في كليته ومارس عمله كطبيب في أحد المستشفيات العامة ، وحاول أن يهزم لوعة الفراق بالأستغراق في العمل والأنكباب على مزيد من الدراسة والتحصيل حتى صار محل تقدير واعجاب أساتذته ، لتفوقه الملحوظ ومثابرته.

وعاد الأب والأبنة من الخارج ، ولكن في ثوب جديد ورؤية مختلفة..

وانتقلا من حولي الى فيلا فاخرة في الجابرية ، وترك الأب وظيفته ، ليعمل مع شريك في الأعمال الحرة ، وانعكس هذا على طموحاته ، ونظرته الى مستقبله ، ومستقبل ابنته ، وراح يشير الى ضرورة ارتباط ابنته بشاب ثري ليكون ارتباطها بمثابة دفعة قوية لطموحاته ، ومصاهرة لشريك قوي متمرس ومضا عفة لتلك الثروة التي عاد بها من أمريكيا...

وهكذا عندما توجه نبيل الى الوالد _ بعد عودته_ فوجىء به يستقبله قائلا:

لست أنكر أنك كنت دومت محا تقديري وأعجابي ، وعندما قرأت معك الفاتحة كنت أتصور أنك الزوج المناسب لابنتي ، ولكن كل شيء يختلف بمرور الوقت .. صحيح أن ثقتي في روجلتك وشهامتك لم يتغير واعجابي وتقديري لشخصيتك لم يتبدل ولكن هذا يدفعني فقط للتحدث أليك في صراحة ، مقدرا قدرتك على تفهم الأمور
والنظر اليها بنظرة واقعية ، فأنا لم ابراهيم المنصور الموظف البسيط بشركة النقل البحري ..

لقد بذلت الكثير من الجهد والعرق ؛ لأ ختياره حياة جديد ، وتأمين مستقبل
أفضل لي ولابنتي الوحيدة غادة، وأنا أخوض الآن عالم الأعمال الحرة ، وأخطو فيه أولى خطواتي، وهو عالم قاس لا يرحم كما تعلم ، وينطوي على مخاطر شتى قد يحتملها آخرون تمرسوا على مثل هذا النوع من الحياة ، وجمعوا من الثروات ما يمكنهم من مواجهة الصدمات المالية ، الا انني لست كذلك وأي خطأ صغير قد يطيح بكل ما جمعته من أجل ابنتي ؛ لذا فأنا أحتاج الى رجل قوي يعضدني في هذا المجال ويكون لي أكثر من شريك .. بل صهر .. ولقد تأكدت من أن مستقبلي ومستقبل ابنتي في اتمام هذه المصاهرة


قال نبيل محاولا اخفاء انفعاله:
أيعني هذا انك تحل نفسك من ارتباطنا؟

كما قلبت لك ، الأمور تتغير وعلينا أن نتغير معها وننظر الى الأمور بواقعية ولو انه كان من المناسب ان تتزوج ابنة ابراهيم منصور الموظف البسيط بشركة النقل البحري من طبيب شاب حديث التخرج الا أن ابنة ابراهيم منصور رجل الأعمال الطموح لا تناسبها هذه الزيجة
.
.

قال نبيل في سخرية تشوبها المرارة :

وهل جعلت ابنتك المشروع الأول الذي تقتحم به عالم الأعمال ؟؟ أأصبحت جزءا من صفقاتك؟

احتقن وجه الأب وهو يقول في غضب:

أظن الأمور اصبحت واضحة بيننا الأن ولقد انتهت المقابلة

ولكن نبيل لم يتحرك من مكانه وهو يسأله :

أتوافق غادة على هذا الأ ختيار ؟

أجابه انها ابنتي وأنا اعرف صالحها ثم ان اختياري هو اختيارها.


ولكن غادة اندفعت من حجرتها بغته وهي تقول في تصميم:

لا يا أبي .. لن أرتبط سوى بنبيل الذي أعطيته كلمتك والذي ظل وفيا امينا على ارتباطنا والذي كان دوما موضع اعجابك وثقتك

احتقن وجه الأب وهو ينهرها في غضب قائلا:

كيف تتصرفين على هذا النحو؟.. عودي الى حجرتك .

ولكنها ظلت متشبت بموقفها وهي تقول في عناد:
لو أنك لست مستعدا للحفاظ على ارتباطك مع نبيل فأنا متمسكة به ، ومن حقي اختيار الرجل الذي أتزوجه.د
فاجأها والدها بصفعة قوية علي وجهها وهو يقول في حدة:

قلت لك عودي الى حجرتك.
ولكن الصفعة لم تحطم عزيمتها وهي تقول من خلال دموعها:

يمكنك أن تظربني ، وأن تفعل بي ما يحلو لك، ولكن ذلك لن يجعلني أحيد عن أختيار الأنسان الذي أحببته.

هم الأب بصفعها مرة أخرى ، ولكن نبيل أمسك يده، قائلا بهدوء:

أطيعي أباك يا غادة ، وادخلي حجرتك.

ثم التفت الى الأب مستطردا بمرارة:

لم أكن أتصور أن النقود يمكنها أن تغير البشر على هذا النحو.

وغادر المنزل ، دون ان يضيف حرفا واحدا..

وبعد يوميت من هذا الموقف ذهبت الى نبيل في المستشفى وقالت له:

لن أتزوج سواك يا نبيل .. لن تقف أطماع أبي في طريق أحلامنا وسعادتنا.

أجابها والمرارة لم تفارق صوته بعد :

وما السبيل ال ذلك ؟.. لقد اختلف والدك تماما وأصبح ينظر الى كل الأمور من منظور شخصي مادي ولم تعد لغة العواطف والمشاعر تجدي معه


قالت في تصميم وعزم:

فلندافع اذن عن حبنا وحياتنا.

ماذا تعنين؟

أما زلت ترغب في الزواج مني

أهذا سؤال ؟؟ أنه حلم حياتي بالطبع.

فلنتزوج اذن اليوم قبل الغد.

أتعنين أن نتزوج ضد رغبته ؟

انه لم يمنحنا سوى هذا الأختيار.

لا ياغادة .. هذا يتعارض مع أخلاقي ومبادئي

اننا لانرتكب ذنبا عندما نتمسك بحقوقنا

لا يا غادة ... لست أوافق عل ذلك، على الرغم من اختلافي مع والدك ، فلقد نشأت أول ما نشئت ان الحق الشرعي لا يؤخذ باغصب والا انه يفقد شرعيته ويصبح أشبه بجريمة.

ليس من حقك أن تصف شرعا حلله الله بأنه جريمة فالوضعان يتعارضان الا اذا أردت أن تضحي بحبنا وارتباطنا من أجل قيم بالية ، ليس من المنطقي أن تحملها عقليته طبيب متفتح.

بدا التردد على نبيل وهو يقول :

هناك نقطة أخرى حجبتها عنا أحلامنا يا غادة فالفارق شاسع بين الحلم والواقع ولم أتبن ذلك الا عندما تحدث والدك عنه .. فأنا مازلت طبيبا حديث التخرج امكاناتي محدودة في أول الطريق لاتكفي لتوفير حياة كريمة لزوجتي ثم انني لست مستعدا للا عتماد على ثروة والدك

تطلعت اليه مستنكرة وهي تقول:

أنت شخص آخر بخلاف نبيل الذي عرفته والذي كان يمتلىء بالثقة والأيمان بان الحب يهزم كل العقبات .. لقد ناقشنا تلك الأمور من قبل ، ولم يهمنا الثراء ... كل ما ربطنا هو الحب والحلم بمسكن متواضع ينمو مع الأيامو...


قاطعها قائلا :

كنا نتصور أن أحلامنا وعواطفنا ستذلل لنا كل العقبات ولكن الواقع هو أنها ستتحطم على صخرة الواقع فحتى هذا المنزل المتواضع لست أملك الأمكانات لتحقيقه على الرغم من أنني ألهث وراء عواطفي .. لقد كان والدك محقا عندما قال أن كل شىء يتغير مع الوقت حتى الأحلام

قالت وملامحها تحمل خيبة الأمل:

لم تعد تختلف عنه كثيرا .. كلاكما تخلى عن مشاعره بحجة الواقعية وان اختلفت المبررات فهي بالنسبة له القوة وبالنسبة لك الضعف كلاكما ةجد حجة لعدم مواجهة ارتباطاته

حاول أن يغمغن :
هتفت بازدراء :

كفى .. أنت تعلم أنه من أجلك أنت.

ثم اندفعت مغادرة المكان وهو يهتف مناديا اياها دون أن تجيبه ، با دون أن تلتفت لتلقي عليه نظرة واحدة

لقد شعرت أنها قد فقدته ... فقدته الى الأ بد ..

سافر نبيل الى لندن بعد ان احتار العلم بديلا عن عواطفه ومشاعره وقد رسخ لديه أنهما اختياران متعارضان تماما وأصبح لديه طموحه أيضا يختلف.

أما غادة فقد رضخت لمشيئة والدها وقبلت خطبة سامي ابن شريكه ولكن أربعة شهور فقط من الخطبة كانت تكفي لت}كد استحالة زواجهما ، بعد أن ثبت لها ولوالدها أنه من أسوأ أنواع الرجال .. سكير .. مقامر ..أناني .. لايقيم وزنا للمبادىء أو المشاعر..

ولم يكن هناك بد من فسخ الخطبة ، خاصة أن الأب لم يعد يعتمد على شريكه ، بعد ان اكتسب خبرته اللازمة للعمل ، وأن ظل الحزن في عيون ابنته يؤنب ضميره كلما تطلع اليها ورأى فيها نتاج مقامرته الخاسرة وطموح فاشل



ولم تحاول هي معاتبته يوما على ما فعل ؛ اذ كانت ترى أن نبيل يشاركه جزءا من هذا لافشل وكذلك هي عندما وافقت على الأرتباط بشخص تبغضه ولا تحمل له في نفسها سوى الأشمئزاز والأحتقار

ولكن ظل الأب يعد نفسه مسؤلا عن الأمر فبذل أقصى مايملك ليستطيع تحقيق كل ما تصبو اليه ابنته ماديا وأقسم ألا يتدخل في حياتها أو يفرض عليها أمرا قط

ثم ظهر عادل في حياتها..




لا تظلميني يا غادة انما أفعل هذا من أجلك

.
.

كان والده ذلك القاول الأشهر جمال الغانم، ولقد تعارف مه والدها في النادي عندما دار بينهما عمل بالمصادفة واعجب الأب بها منذ اللقاء الأول وفاتح والدها برغبته في تزويجها لأبنه في اللقاء الثاني.

اخبره والدها أن الموافقة تعود اليها وأنه لايسطيع اتخاذ قرار بشأن حياتها وحده.

فأتفق الوالدان على تدبير لقاء يجمع بينهما ليتم تعارفهما ، على رغم من ميلها الدائم الى الوحدة والى قراءة الروايات الرومانسية وعدم اختلاطها بزملاء وزميلات النادي بحكم طبيعتها الهادئة الساكنة الحالمة التي اتخذت من الروايات الرومانسية وسيلة للتحليق في عالم الخيال والسباحة في نهر الأمل الوردي.

وذات يوم فاجأها عادل بوسلمته وشعره الكستنائي بعد أن عرفها والدها اياه بيوم واحد وجذب مقعدا ليجلس الى جوارها وهو يجمل على شفتيه تلك الأبتسامة الجذابة قائلا:

أوجدت فارس أحلامك في تلك الروايةز

غمغمت في حرج: ألديك موعد مع أبي؟

أجابها ببساطة:
لا الواقع أنني جئت لقضاء بعض الوقت في النادي، وعندما رأيتك وحدك، فكرت أن نجلس معا.. أيضايقك هذا؟

بدا الضيق على وجهها بالفعل وهي تغمغم:

لست أجلس وحدي في الحقيقة ... فهذه الرواية صديقتي ، وأكره أن يشغلني أحد عنها.

اتسعت ابتسامته ، وقال دون أدنى حرج:

انني أحسدها على صداقتك ، وأتمنى لو كنت رواية تنال اهتمامك وبعض اعجابك.

انفرجت أساريرها ، على الرغم منها ، وهي تقول:
أستاذ عادل .. انك تثير دهشتي فمن يراك صامتا طيلة الوقت أمس ، لايتصور حديثك المنمق اليوم !! أكان هذا بسبب والدك؟

أجابها في مرح:

ربما .. ولكنه لم يمنعني من أن أختلس النظر أليك ، ولقد كانت تلك النظرات المختلسة كافية لأنجذابي أليك ، ولحضوري اليوم مصطنعا أكذوبة كبيرة ، لقضاء بعض الوقت معك في النادي ، ولكن لو أن هذا يسببب لك الضيق .. ولو أنك تجديني رفيقا ثقيا الظل ، فلن يسعني سوى الأنسحاب ، وتركك برفقة روايتك.

قالها وهم بالنهوض ، مورثا اياها شعورا بالخجل ، وانبهارا بلباقته ، مما جعلها تعتذر قائلة:

لم أقصد هذا قطعا ، ولكننا تعارفنا أمس وهأنتذا اليوم...

عاد يجلس في سرعة ، قائلا بنفس المرح:

اذن هناك مكان لي.. شكرا لك ، لأنك ام نحرميني الفرصة.

تأملته لحظة في دهشة ثم ما تلبث أن أطلقت ضحكة مرحة وهي تقول:

أنت أنسان غريب حقا.

تناول الكتاب من يدها قائلا:
أتسمحين لي؟

وألقى نظرة على العنوان ، قبل أن يقول في مزيج من السخرية والدهشة::

غادة الكامليا ؟! انها رواية كلاسيك عفا عليها الدهر!!

أجابته في ضيق:

ولكنها خالدة ، تصلح لكل الأزمنة .

أتصدقين ما ورد فيها عن التضحية والوفاء وانكار الذات؟... ان تلك القيم النبيلة لم تعد تتفق مع العصر الذي نحياه.

ليست المشكلة في العصر ، وأنما فينا نحن ، فكلما طغت المادية على مبادئنا وأفكارنا ، مع مزيج من حب الذات والأنانية والأنتهازية ، بدت لنا تلك القيم النبيلة غير مواكبة للعصر، أما لو سمت نفوسنا ، وتمسكنا بالمبادئ الأنسانية الصحيحة ، فستبدو لنا تلك القيم هي الحياة.

رمقها بنظرة أعجاب ، امتدت لبرهة من الوقت ، قبل أن يقول :

قد لا أتفق مع أرائك ، ولكنني لا أملك سوى الأعجاب بها وبك.

أطرقت في حياء ،دون أن تنبس بنبت شفة فأستطرد:

وتعبيرا عن أعجابي سوف أاهدي لك مجموعة أختفظ بها من الروايات الرومانسية القديمة.

رفعت عينيها اليه ، تسأله في دهشة:

أتحتفظ في مكتبتك بروايات رومانسية ؟

أجابها والحزن في ملامحه ، وصوته يشف عن حنين جارف:

أنها تخص أمي _ رحمها الله _ فقد كانت تهوي قراء تها

رفعت عينيها اليه ، تسأله في دهشة:

أتحتفظ في مكتبتك بروايات رومانسية ؟

أجابها والحزن في ملامحه ، وصوته يشف عن حنين جارف:

أنها تخص أمي _ رحمها الله _ فقد كانت تهوي قراء تها

ثم استطرد مبتسما :

وأراهن أنها لو كانت علي قيد الحياة كانت ستعجب بك أيضا، فأنت تذكرينني بها.
مست عبارته الحزينة بكل ما يسري فيها من حزن ، شغاف قلبها ،وذكرتها [مها التي فقدتها في سن مبكر وبكل ملكانت تمنحها أياه منعطف وحنان وحب، وجمعت تلك المشاعر بينهما وقربت بينهما بشدة ، وأن لم تبلغ بها شاطئ الحب طويلا ، على الرغم من أنه عادل شابا وسيما مثقفا ميسور الحال مهذبل رقيقا يتمتع بكل الصفات التي تميل اليها الفتيات ، فيما ضعف شخصيته وانقياديته الشديدة لأبيه وتشبعه بأفكاره ورضوخه لكل ما يحطط له..

حتى اختياره لغادة تم بناء على ترشيح والده وطبيعته كمقاول وقوله الشهير:

البناية التي ترسم على الأوراق تتمزق معها ، أما التي تنتقل الى الواقع فوق أساسيات متينة فأنها تبقى دهرا وتتحدى مع الزمن.

وفي كل تعاملاته كان يبحث عن هذا الأساس المتين المال.. والمركز الأجتماعي ، والمركز العلمي..

وعلى الرغم من تعارض ذلك المبدا مع طبيعة غادة ألا أنها وافقت على الأرتباط بعادل عندما تقدم لخطبتها على أمل في أن يتطور التقارب بينهما مع تلك اللمسة الأنسانية في شخصيته فيزول تأثير والده عنه .

ولكن بقي تأثير والده قويا يحدث فجوة فيما بينها

هل هي تحب عادل حقا ومع تأثير المهدئ القوي توقف نهر الذكريات عن الجريان في عقلها وراح جسدها الواهن يسترخي قبل أن تغوص في بئر النوم العميق وعقلها يرسم صورتين متداخلتين ..

صورتي عادل ونبيل والحيرة
.
.

كان الصباح يرسل تباشيره الأولى ،عندما وقف نبيل الى جوار فراش غادة ، يتأملها في صمت وهي نائمة وأنفاسها تتردد في هدوء وانتظام ودون صعوبة كالسابق في حين غرقت الحجرة في صمت عميق ولم يشعر بدخول الدكتور منير اليها حتى سمعه يقول:

أنك لم تحصل على قدر وافر من النوم أمس دكتور فلقد أخذت حالاتك كل ليلتك تقريبا وخصوصا هذه الحالة,

وابتسم مستطردا :

يبدو أنهم يحاولون استنزاف أكبر قدر ممكن منك ، قبل رحيلك الى لندن

لم يبادله نبيل الحديث بل ظلت عيناه مسلطتين على وجه غادة ، فعاد منير يقول:

اسمع .. لقد أنهيت عملي ، ما رأيك لو تذهب لتنال قسطا من الراحة فب حجرتي ، ريثما أتابع هذه الحالة ؟ لقد كانت مريضتي في البداية.

أجابه نبيل في خفوت ، ودون أن يرفع عينيه عن وجه غادة :

أنها ليست مجرد مريضة يا دكتور منير .. لقد كادت تصبح زوجتي يوما.

هتف منير في دهشة:

هذا هو سر اهتمامك بها اذن!

أجابه نبيل في هدوء:

يمكنك أن تستفيد من وقتك ، فسأتابع هذه الحالة بنفسي؟

ربت منير على كتفه قائلا:

انني أقدر لك ذلك .. عموما لو احتجت الي فستجدني في الدور العلوي.

وغادر منير الحجرة في هدوء تاركا نبيل وسط عواطفه الجياشة ينعم النظر في وجه غادة حتى حضرت الممرضة وهمست :

عفوا دكتور نبيل .. أنه موعد حقنتها

قال في حنان وكأنما يشفق على غادة حرمانها من النوم الذي يضفي عليها جمالا ملائكيا :

فلنمنحها نصف ساعة أخرى من النوم

أنوار الخليج
25-11-2009, 06:56 PM
روعههههههههههههههههههههههـههههههههههههههههههههههــ ـــــــــ÷هههههههههههههههههههه ما تقصر .........

J1CHANCE
28-11-2009, 03:30 PM
تسلمين والله هذا من ذوقك ...