الصقر المصري
18-10-2009, 08:07 PM
يستمد العدل أهميته من كونه صفة من صفات الله تعالى فهو سبحانه العدل وانه احد القيم الاساسية التى يقوم عليه الاسلام وانه ما من فضيلة الا وهى بين رذيلتين فالشجاعة خلق بين الجبن والتهور الا العدل فهو قيمة عليا كلما زاد فيه الانسان كلما كان أجدى له ولوطنه ولامته.
كلمة العدل لغويا تعني (القصد في الأمور، أو عبارة عن الأمر المتوسط بين الإفراط و التفريط) و مقابلها الظلم و الجور ويقول ابن قيم الجوزية (إن الله سبحانه وتعالى أرسل رسله ، وأنزل كتبه ليقوم الناس بالقسط ، وهو العدل الذي قامت به الأرض والسماوات ، فإذا ظهرت إمارات العدل وأسفر وجهه بأي طريق كان ، فثم شرع الله ودينه ))
العدل فى القرآن
قال الله تعالى: “إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل” (سورة النساء، آية 58). كما يقول: “و لا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى” (سورة المائدة، آية 8).وقال تعالى (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس) الحديد: 25 و فقال تعالى: وما ربك بظلام للعبيد {فصلت: 46
يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا {النساء: 135}، وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا {الأنعام: 152}.قال تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون}… (النحل :90).
العدل فى السنه
قال الله في الحديث القدسي: “يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا”. {رواه مسلم، ك البر والصلة 2577
قوله صلى الله عليه وسلم : “سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل”. متفق عليه، وقوله صلى الله عليه وسلم : “المقسطون عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا“. {مسلم 1827} وقال صلى الله عليه وسلم : “إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأقربهم منه مجلسًا إمام عادل، وإن أبغض الناس إلى الله يوم القيامة وأشدهم عذابًا إمام جائر”. {الترمذي 1329، والبغوي في شرح السنة (ج10 ص65)، وقال: حسن غريب}.
بعث النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة إلى أهل خيبر يخرص عليهم ثمارهم وزروعهم، فأرادوا أن يقدموا إليه رشوة ليرفق بهم، فقال لهم: والله لقد جئتكم من عند أحب الخلق إليَّ، ولأنتم أبغض إليَّ من أعدادكم من القردة والخنازير، وما يحملني حبي إياه، وبغضي لكم على ألا أعدل فيكم، فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض. {أبو داود وابن ماجه بسند حسن، ورواه مالك في الموطأ مرسلاً}.
ويقول عليه الصلاة والسلام : “من ابتلي بالقضاء بين الناس فليعدل بينهم في لفظه وإشارته ومقعده ومجلسه ولايرفعن صوته على أحد الخصمين ما لايرفعه على الآخر) بلوغ المرام مع حاشيته للإمام الدهلوي 2 / 34
وجاء جعدة بن هبيرة إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين، يأتيك الرجلان أنت أحب إلى أحدهما من أهله وماله، والآخر لو يستطيع أن يذبحك لذبحك فتقضي لهذا على هذا؟ فقال علي: إن هذا شيء لو كان لي فعلتُ، ولكن إنما ذا شيء لله. {ذكره ابن كثير في البداية والنهاية في ترجمة علي ج8 ص6}.
وفي أول خطبة لعمر بن عبد العزيز بعد توليه الخلافة حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد: فإنه ليس بعد نبيكم نبي ولا بعد الكتاب الذي أنزل عليه كتاب، ألا إن ما أحل الله حلال إلى يوم القيامة، وما حرم الله حرام إلى يوم القيامة، ألا إني لست بقاضٍ ولكني منفذ، ألا إني لست بمبتدع ولكني متبع، ألا إنه ليس لأحدٍ أن يُطاع في معصية الله، ألا إني لست بخيركم ولكني رجلٌ منكم، غير أن الله جعلني أثقلكم حملاً، ثم ذكر حاجته. {ابن سعد في الطبقات ج5 ص250}.
من مواقف العدل فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم
عن عائشة رضى الله عنها: أن قريش أهمهم شأن المرأة المخزومية التى سرقت فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالوا: من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فكلمه أسامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أتشفع فى حد من حدود الله) ثم قام، فاختطب، ثم قال: [إنما أهلك الذين قبلكم إنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت، لقطعت يدها] (رواه البخارى
جاء في الحديث أن صحابياً جاء إلىرسول الله -صلى الله عليه وسلم – ليشهد على إعطائه ابنه بستانا ، فقال له رسول الله –صلى الله عليه وسلم !!أأعطيت كل أولادك مثله ؟ قال الصحابي : لا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني لا أشهد على ظلم
مجالات العدل
العدل مع الزوجة وبين الزوجات
امرنا الله تعالى بالعدل مع الزوجة وعدم ظلمها وغبنها كما امرنا الله تعالى بالعدل بين الزوجات والله عزَّ وجل يقول: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} وعن أم سلمة أنها أتت بطعام فى صحفة أى إناء واسع لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فجاءت عائشة متزرة بكساء ومعها فهّر أى حجر ففلقت به الصحفة، فجمع النبى صلى الله عليه وسلم بين فلقتى الصفحة ويقول: (كلوا غارت أمكم) مرتين ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم صفحة عائشة فبعث بها إلى أم سلمة وأعطى صفحة أم سلمة عائشة. (رواه النسائى).
العدل بين الاولاد
لا يقر الاسلام ظلم الابناء وامرنا بالعدل بينهم والعدل مع الابن يكون فى اختيار امه وتسيمته اسما حسنا والاحسان اليه كما اشار الفاروق ابن الخطاب للاعرابىوقال له عققت ولدك قبل ان يعقك عن النعمان بن بشير قال : (( تصدق عليّ أبي ببعض ماله فقالت أمي عمرة بنت رواحة : لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأنطلق أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهد على صدقتي فقال له رسول الله عليه وسلم : أفعلت هذا بولدك كلهم ؟ قال لا قال : اتقوا الله واعدلوا في أولادكم فرجع أبي فرد تلك الصدقة )) رواه مسلم ، ( جـ 11 ، ص 67 ) .
العدل مع النفس
هو كفها عن الظلم وعن المعاصى وان تعطها حقها فى الراحة والبعد عن الخطأ قال تعالى ياايها الذين آمنوا قو انفسكم وأهليكم نارا
العدل فى الكلمة
قال تعالى (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى) (الأنعام 152)
فليس في القول من عدل إلا الحق. يعززه تعبير “ولو كان ذا قربى“. فالقول هنا هو بمثابة الإدلاء بالحق ولو كان على ذوي القربى.
العدل فى الشهادة
والشهادة في الإسلام حق واجب الأداء.. فكل مسلم أو مسلمة مطالب بأداء الشهادة وعدم كتمها، لقول الله تعالى: (ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون).
العدل مع المجتمع
وهو العدل بين اطراف المجتمع منهم الاقارب والجيران والضيوف والخصوم وانت تعطى كل ذى حق حقه أورد ابن الأثير في جامع الأصول الواقعة التالية عن عمر بن الخطاب ( ت 606 هـ ) : (( عن سعيد بن المسيب يرحمه الله (( أن مسلماً ويهودياً اختصما إلى عمر ، فرأى الحق لليهودي ، فقضى له عمر به ، فقال له اليهودي : والله لقد قضيت بالحق ، فضربه عمر بالدرة ، وقال : وما يدريك ؟ فقال اليهودي : والله إنا نجد في التوراة أنه ليس من قاضٍ يقضي بالحق إلا كان عن يمينه ملك وعن شماله ملك يسددانه ، ويوفقانه للحق ، ويوفقانه للحق ما دام مع الحق ، فإذا ترك الحق عرجاء وتركاه )) جامع الأصول ، ( جـ 10 ، ص 170 ) .
العدل فى بين الرعية
وهو اساس الملك حيث لايأمن الانسان ولا يطمئن ولا يهدا الا اذا عاش فى مجتمع اساسه العدلوتخيل نفسك فى مجتمع جائر ظالم فماذا يكون حال البلاد والعباد يقول ابن تيميه ان الله لينصر الدولة العادلة وان كانت كافرة وقد أوجب رسول الله على القاضي حين يقضي أن يكون حاضر الذهن هادئ البال، غير منفعل ولا غضبان، حتى يأمن الخطأ في قضائه، فقال (ص): لا يقضين حاكم بين اثنين وهو غضبان)).
شرع رسول الله مبدأ البينة على إقامة الحق والعدل، فقال: ((البيّنة على المدعي واليمين على مَن أنكر)).
العدل فى القضاء
وهو مناط العدل الرئيسى عند الحكم بين الاطراف المتنازعان قال تعالىإِنَّا أنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيما وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً
يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحكمُ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ
عاقبة الظلم
إن الظلم هو انتقاص الشيء ووضعه في غير موضعه الصحيح . ولقد جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم نصوصٌ عظيمة , وتحذيرات بليغة من الظلم وأحوال الظالمين , وما توعدوا به من الوعيد الشديد , والعذاب الأكيد , وذلك بما قدمت أيديهم وما ربك بظلام للعبيد . قال تعالى: { وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}. وقال تعالى: {وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا}. وقال سبحانه: {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ}. وقال عزَّ من قائل: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا}. يشوي الوجوه إذا قرب منها , فكيف بالحُلوق والبطون التي تتجرَّعه نعوذ بالله من غضبه وأليم عقابه, وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه : ((يا عبَادي إنِّي حرَّمت الظُّلم على نفسي وجعلتُه بينَكم محرَّماً فلا تَظَالموا)) والمعنى أنَّه منع نفسه من الظلم لعباده كما قال سبحانه وتعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ}. وقال عز وجل: { وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ}. وقال تبارك وتعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}. وقال: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ }.
وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له: ((اتَّق دعوة المظلومِ فإنَّه ليس بينها وبينَ الله حِجاب)). روي أن يحيى البرمكي لما نُكب وصُودرت أمواله وسُجن هو وابنه قال الابن : يا أبت بعد العزِّ أصبحنا في هذه القيود والسجن . فقال له يا بنيّ : هذا بدعوة مظلوم سَرَتْ بليلٍ غفلنا عنها ولم يغفل الله عنها.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((مَن ظَلَمَ من الأرضِ شيئاً طوَّقه من سبعِ أَرضين)). [رواه البخاري]. قال العلماء في معنى (( طوَّقه )) أما أنه يكلف نقل ما ظلم منها في يوم القيامة إلى أرض المحشر فهوى الطوق في عنقه , وأما أن يكون المعنى أنه يُعاقب بالخسف إلى سبع أرضين .وقال تعالى {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء * وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ * وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ}.
ثمرات العدل
نذكر قصة واحدة هنا لنبين للناس ثمرات العدل
(( روى أن قيصراً أرسل إلى عمر بن الخطاب رسولاً لينظر أحواله ويشاهد أفعاله ، فلما دخل المدينة سأل عن عمر وقال : أين ملككم ؟ فقالوا : مالنا ملك بل لنا أمير قد خرج إلى ظاهر المدينة ، فخرج في طلبه فرآه نائماً فوق الرمل ، وقد توسد درته ، وهي عصاً صغيرة كانت دائماً بيده يغير بها المنكر ، فلما رآه على هذه الحال وقع الخشوع في قلبه وقال : رجل يكون جميع الملوك لا يقر لهم قرار من هيبته ، وتكون هذه حالته ، ولكنك يا عمر عدلت فنمت وملكنا يجور ، فلا جرم أنه لا يزال ساهراً خائفاً
كلمة العدل لغويا تعني (القصد في الأمور، أو عبارة عن الأمر المتوسط بين الإفراط و التفريط) و مقابلها الظلم و الجور ويقول ابن قيم الجوزية (إن الله سبحانه وتعالى أرسل رسله ، وأنزل كتبه ليقوم الناس بالقسط ، وهو العدل الذي قامت به الأرض والسماوات ، فإذا ظهرت إمارات العدل وأسفر وجهه بأي طريق كان ، فثم شرع الله ودينه ))
العدل فى القرآن
قال الله تعالى: “إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل” (سورة النساء، آية 58). كما يقول: “و لا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى” (سورة المائدة، آية 8).وقال تعالى (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس) الحديد: 25 و فقال تعالى: وما ربك بظلام للعبيد {فصلت: 46
يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا {النساء: 135}، وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا {الأنعام: 152}.قال تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون}… (النحل :90).
العدل فى السنه
قال الله في الحديث القدسي: “يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا”. {رواه مسلم، ك البر والصلة 2577
قوله صلى الله عليه وسلم : “سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل”. متفق عليه، وقوله صلى الله عليه وسلم : “المقسطون عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا“. {مسلم 1827} وقال صلى الله عليه وسلم : “إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأقربهم منه مجلسًا إمام عادل، وإن أبغض الناس إلى الله يوم القيامة وأشدهم عذابًا إمام جائر”. {الترمذي 1329، والبغوي في شرح السنة (ج10 ص65)، وقال: حسن غريب}.
بعث النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة إلى أهل خيبر يخرص عليهم ثمارهم وزروعهم، فأرادوا أن يقدموا إليه رشوة ليرفق بهم، فقال لهم: والله لقد جئتكم من عند أحب الخلق إليَّ، ولأنتم أبغض إليَّ من أعدادكم من القردة والخنازير، وما يحملني حبي إياه، وبغضي لكم على ألا أعدل فيكم، فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض. {أبو داود وابن ماجه بسند حسن، ورواه مالك في الموطأ مرسلاً}.
ويقول عليه الصلاة والسلام : “من ابتلي بالقضاء بين الناس فليعدل بينهم في لفظه وإشارته ومقعده ومجلسه ولايرفعن صوته على أحد الخصمين ما لايرفعه على الآخر) بلوغ المرام مع حاشيته للإمام الدهلوي 2 / 34
وجاء جعدة بن هبيرة إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين، يأتيك الرجلان أنت أحب إلى أحدهما من أهله وماله، والآخر لو يستطيع أن يذبحك لذبحك فتقضي لهذا على هذا؟ فقال علي: إن هذا شيء لو كان لي فعلتُ، ولكن إنما ذا شيء لله. {ذكره ابن كثير في البداية والنهاية في ترجمة علي ج8 ص6}.
وفي أول خطبة لعمر بن عبد العزيز بعد توليه الخلافة حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد: فإنه ليس بعد نبيكم نبي ولا بعد الكتاب الذي أنزل عليه كتاب، ألا إن ما أحل الله حلال إلى يوم القيامة، وما حرم الله حرام إلى يوم القيامة، ألا إني لست بقاضٍ ولكني منفذ، ألا إني لست بمبتدع ولكني متبع، ألا إنه ليس لأحدٍ أن يُطاع في معصية الله، ألا إني لست بخيركم ولكني رجلٌ منكم، غير أن الله جعلني أثقلكم حملاً، ثم ذكر حاجته. {ابن سعد في الطبقات ج5 ص250}.
من مواقف العدل فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم
عن عائشة رضى الله عنها: أن قريش أهمهم شأن المرأة المخزومية التى سرقت فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالوا: من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فكلمه أسامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أتشفع فى حد من حدود الله) ثم قام، فاختطب، ثم قال: [إنما أهلك الذين قبلكم إنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت، لقطعت يدها] (رواه البخارى
جاء في الحديث أن صحابياً جاء إلىرسول الله -صلى الله عليه وسلم – ليشهد على إعطائه ابنه بستانا ، فقال له رسول الله –صلى الله عليه وسلم !!أأعطيت كل أولادك مثله ؟ قال الصحابي : لا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني لا أشهد على ظلم
مجالات العدل
العدل مع الزوجة وبين الزوجات
امرنا الله تعالى بالعدل مع الزوجة وعدم ظلمها وغبنها كما امرنا الله تعالى بالعدل بين الزوجات والله عزَّ وجل يقول: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} وعن أم سلمة أنها أتت بطعام فى صحفة أى إناء واسع لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فجاءت عائشة متزرة بكساء ومعها فهّر أى حجر ففلقت به الصحفة، فجمع النبى صلى الله عليه وسلم بين فلقتى الصفحة ويقول: (كلوا غارت أمكم) مرتين ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم صفحة عائشة فبعث بها إلى أم سلمة وأعطى صفحة أم سلمة عائشة. (رواه النسائى).
العدل بين الاولاد
لا يقر الاسلام ظلم الابناء وامرنا بالعدل بينهم والعدل مع الابن يكون فى اختيار امه وتسيمته اسما حسنا والاحسان اليه كما اشار الفاروق ابن الخطاب للاعرابىوقال له عققت ولدك قبل ان يعقك عن النعمان بن بشير قال : (( تصدق عليّ أبي ببعض ماله فقالت أمي عمرة بنت رواحة : لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأنطلق أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهد على صدقتي فقال له رسول الله عليه وسلم : أفعلت هذا بولدك كلهم ؟ قال لا قال : اتقوا الله واعدلوا في أولادكم فرجع أبي فرد تلك الصدقة )) رواه مسلم ، ( جـ 11 ، ص 67 ) .
العدل مع النفس
هو كفها عن الظلم وعن المعاصى وان تعطها حقها فى الراحة والبعد عن الخطأ قال تعالى ياايها الذين آمنوا قو انفسكم وأهليكم نارا
العدل فى الكلمة
قال تعالى (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى) (الأنعام 152)
فليس في القول من عدل إلا الحق. يعززه تعبير “ولو كان ذا قربى“. فالقول هنا هو بمثابة الإدلاء بالحق ولو كان على ذوي القربى.
العدل فى الشهادة
والشهادة في الإسلام حق واجب الأداء.. فكل مسلم أو مسلمة مطالب بأداء الشهادة وعدم كتمها، لقول الله تعالى: (ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون).
العدل مع المجتمع
وهو العدل بين اطراف المجتمع منهم الاقارب والجيران والضيوف والخصوم وانت تعطى كل ذى حق حقه أورد ابن الأثير في جامع الأصول الواقعة التالية عن عمر بن الخطاب ( ت 606 هـ ) : (( عن سعيد بن المسيب يرحمه الله (( أن مسلماً ويهودياً اختصما إلى عمر ، فرأى الحق لليهودي ، فقضى له عمر به ، فقال له اليهودي : والله لقد قضيت بالحق ، فضربه عمر بالدرة ، وقال : وما يدريك ؟ فقال اليهودي : والله إنا نجد في التوراة أنه ليس من قاضٍ يقضي بالحق إلا كان عن يمينه ملك وعن شماله ملك يسددانه ، ويوفقانه للحق ، ويوفقانه للحق ما دام مع الحق ، فإذا ترك الحق عرجاء وتركاه )) جامع الأصول ، ( جـ 10 ، ص 170 ) .
العدل فى بين الرعية
وهو اساس الملك حيث لايأمن الانسان ولا يطمئن ولا يهدا الا اذا عاش فى مجتمع اساسه العدلوتخيل نفسك فى مجتمع جائر ظالم فماذا يكون حال البلاد والعباد يقول ابن تيميه ان الله لينصر الدولة العادلة وان كانت كافرة وقد أوجب رسول الله على القاضي حين يقضي أن يكون حاضر الذهن هادئ البال، غير منفعل ولا غضبان، حتى يأمن الخطأ في قضائه، فقال (ص): لا يقضين حاكم بين اثنين وهو غضبان)).
شرع رسول الله مبدأ البينة على إقامة الحق والعدل، فقال: ((البيّنة على المدعي واليمين على مَن أنكر)).
العدل فى القضاء
وهو مناط العدل الرئيسى عند الحكم بين الاطراف المتنازعان قال تعالىإِنَّا أنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيما وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً
يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحكمُ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ
عاقبة الظلم
إن الظلم هو انتقاص الشيء ووضعه في غير موضعه الصحيح . ولقد جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم نصوصٌ عظيمة , وتحذيرات بليغة من الظلم وأحوال الظالمين , وما توعدوا به من الوعيد الشديد , والعذاب الأكيد , وذلك بما قدمت أيديهم وما ربك بظلام للعبيد . قال تعالى: { وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}. وقال تعالى: {وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا}. وقال سبحانه: {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ}. وقال عزَّ من قائل: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا}. يشوي الوجوه إذا قرب منها , فكيف بالحُلوق والبطون التي تتجرَّعه نعوذ بالله من غضبه وأليم عقابه, وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه : ((يا عبَادي إنِّي حرَّمت الظُّلم على نفسي وجعلتُه بينَكم محرَّماً فلا تَظَالموا)) والمعنى أنَّه منع نفسه من الظلم لعباده كما قال سبحانه وتعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ}. وقال عز وجل: { وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ}. وقال تبارك وتعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}. وقال: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ }.
وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له: ((اتَّق دعوة المظلومِ فإنَّه ليس بينها وبينَ الله حِجاب)). روي أن يحيى البرمكي لما نُكب وصُودرت أمواله وسُجن هو وابنه قال الابن : يا أبت بعد العزِّ أصبحنا في هذه القيود والسجن . فقال له يا بنيّ : هذا بدعوة مظلوم سَرَتْ بليلٍ غفلنا عنها ولم يغفل الله عنها.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((مَن ظَلَمَ من الأرضِ شيئاً طوَّقه من سبعِ أَرضين)). [رواه البخاري]. قال العلماء في معنى (( طوَّقه )) أما أنه يكلف نقل ما ظلم منها في يوم القيامة إلى أرض المحشر فهوى الطوق في عنقه , وأما أن يكون المعنى أنه يُعاقب بالخسف إلى سبع أرضين .وقال تعالى {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء * وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ * وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ}.
ثمرات العدل
نذكر قصة واحدة هنا لنبين للناس ثمرات العدل
(( روى أن قيصراً أرسل إلى عمر بن الخطاب رسولاً لينظر أحواله ويشاهد أفعاله ، فلما دخل المدينة سأل عن عمر وقال : أين ملككم ؟ فقالوا : مالنا ملك بل لنا أمير قد خرج إلى ظاهر المدينة ، فخرج في طلبه فرآه نائماً فوق الرمل ، وقد توسد درته ، وهي عصاً صغيرة كانت دائماً بيده يغير بها المنكر ، فلما رآه على هذه الحال وقع الخشوع في قلبه وقال : رجل يكون جميع الملوك لا يقر لهم قرار من هيبته ، وتكون هذه حالته ، ولكنك يا عمر عدلت فنمت وملكنا يجور ، فلا جرم أنه لا يزال ساهراً خائفاً